عامر هشام الصفّار
الحوار المتمدن-العدد: 3784 - 2012 / 7 / 10 - 15:58
المحور:
الادب والفن
لم يصدّق الحاج قيس ما يسمع..أخذته قشعريرة لفّت جسمه من رأسه حتى أخمص قدميه عندما علم أن أطباء مدينته قد هاجروا جميعهم على شكل مجاميع صغيرة وكأنه شكل من أشكال النزوح الجماعي..
المستشفيات ستغلق..والعيادات ستّسد أبوابها وكذلك مراكز الصحة والمختبرات والصيدليات ، فلا وصفات دواء ..ولا هم يحزنون..يسأل نفسه..هل سيعود مرة ثانية أهل السحر والتعاويذ والجن والشعوذة..يطبّبون الناس كما كانوا يفعلون قبل أكثر من 100 سنة.؟
مَنْ سيجري له عملية صمام القلب أذن..فكر مليّا..وقرّر أن يسأل مختار المحلة التي يسكن عن مَنْ الذي سيعالج كسر عظم الفخذ عنده..وهو النائم حاليا في بيته منتظرا الرحمة..في لحظة من الزمن أحسّ الحاج قيس في نفسه جرأة على ان يقول لزوجته أنه سيهاجر مع الأطباء أيضا..بل هذه هي نصيحته لكل الناس!!.
لماذا
صورته، أستاذه في الطب خالد ناجي، بعينيه اللتين بدتا وكأنهما ستخرجان من محجريهما، لا زالت معلّقة على جدار عيادته المسائية..ينظر أليها كلّما جاءه مريض فلا ينسى أن يسأل لماذا هذا المرض أولا، ولا يحابي ولا يكسر ظهر مرضاه بأجور عالية..هُجّر هذا الطبيب من عيادته بعد أن أرسل أليه جاهل رسالة تهديد..ظلّت الصورة وحدها معلّقة على الجدار، تملأ الدنيا بسؤال اللماذا.. العابر للخلجان والبحار..؟.
شيء من التاريخ
سأل مسعود المؤرخ بعد أن فتح كتابه الثمين وقرأ بعضا من صفحات مشرقة تخص أطباء العراق في القرن الماضي..سأل الحضور: تُرى ماذا سيكتب التاريخ عن حال الطب والأطباء في العراق الحالي..؟ سكت الجميع ..وساد القاعة صمت رهيب..في حين راح مسعود المؤرخ يلملم أوراق كتابه، وصوره تبلّلها دموعه الباردة..
#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟