|
التنويرُ الاجتماعي
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 3784 - 2012 / 7 / 10 - 09:22
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
انتصرتْ التشكيلةُ الرأسمالية رغم كل الأحلام والوعود والخروج إلى الماضي والقفز على الحاضر نحو مستقبل موهوم.
انتصر الغربُ على الشرق، انتصرتْ الرأسمالية على الاشتراكية، انتصرتْ العولمةُ على القوميات والمذاهب، انتصر الذهبُ على الأوراق المالية المتبخرة.
ذهبت كل الأحلام بالعدالة السريعة وتحطمت قصورُ الرمال الكادحة تحت ضرباتِ موجات المنفعة والاستغلال، والقبائلُ التي رفضتْ التفكك جُرتْ إلى حومة الاختلاف والصراعات الاجتماعية الضارية، والمذاهب التي تحولت لمظلات واقية من الرصاص الرأسمالي أُدخلتْ حومات الأسواق حيث أسعار الذهب والدولار تتحكم في الموضات والأجور والأخلاق والقيم.
أحلامُ الشرقيين خلال قرن كامل من الاشتراكيات القومية تبددت، محافظاتُهم على التكوينات القديمة تحت مظلات الدول لم تجدهم نفعاً والشمسُ الحارقةُ للسلع والنقود والشركات تحددُ المصائرَ وخطوطَ الطول والعرض والدول.
الاشتراكية الثورية القافزة كانت معركتها الأولى مع الغرب الرأسمالية ملحمية سحرية رفضت القوانين الموضوعية للتطور فكانت الإنجازات كبيرة والخسائر جسيمة، هي تلتقي مع المذاهب والأديان في رفض تلك القوانين، فخسارة تلك مكسب لهذه، والجميع يتضرر من تغليب الأيديولوجيا على البحث.
قفزة الشرق المحافظ السحري القومي للقرن العشرين لم تنجح، فيعود لموقعه الحقيقي في القرن السابع عشر، بل أن يحدد موقعه التاريخي ليعرف مهماته.
من المهام الأولى الفكرية العودة لقراءة الاقتصاد التقليدي للقرون الغربية الحديثة الأولى، اقتصاد آدم سميث وريكاردو وسيسموندي وغيرهم، أي معرفة تكون السلع وآليات الاقتصاد الرأسمالي الحر.
عودتنا وفهمنا للأبجديات قضية هامة. لابد من مسح ذاكرتنا من الكثير مما تعلمناه من شموليات في الأحزاب القومية والدينية فالتحولات تعتمد على قوانين بسيطة جوهرية، ومما يقوله آدم سميث:
(قد آمن سميث بأن قوانين السوق- خصوصاً قانون العرض والطلب- ستنسق بين حرية المنتج ومصلحة المستهلك؛ ذلك أنه لو حقق المنتج أرباحاً باهظة لدخل غيره الميدان نفسه، ولأبقى التنافس المتبادل بينهما الأسعار والأرباح في نطاق حدود معقولة. ثم إن المستهلك سيتمتع بضرب من الديمقراطية الاقتصادية. ذلك أنه بالشراء أو برفض الشراء سيقرر إلى حد كبير أي السلع تنتج، وأي الخدمات تقدم وبأي مقدار وثمن، بدلاً من أن تملي الحكومة كل هذه الأمور.).
يقدم آدم سميث برنامجاً سياسياً اقتصادياً تجاوزهُ الغربُ لكن لم تتجاوزهُ بلدانُنَا التي أُثقلتْ بالاقتصاديات الشمولية والأفكار الشمولية التي خنقتْ المجتمعات والأحزاب.
الجماعات الوطنية الشمولية لعبتْ دوراً في خنق التطور السياسي الاقتصادي الديمقراطي لكونها كرست الشموليات داخلها وخارجها، مع أصدقائها وأعدائها على السواء، فاللغةُ المركزيةُ خنقت الأسواق، ثم خنقتْ الإبداع الديمقراطي التقدمي، وجعلتْ الحكوماتَ هي كل شيء، تحددُ الأسواقَ والأفكارَ والأسعارَ والتقاليدَ وتخرمُ الدولَ من ميزانياتها لتشكلَ برجوازيات حكومية مهدرة للمال العام.
بطبيعة الحال العودة لآليات السوق يتطلب إصلاحات سياسية واقتصادية وتعليمية كبيرة، عبر تفكيك الصلات بين رأس المال الوطني والقوى السياسية، وتحويله لبضائع محدّدة ومقيّمة، وتابعة للخطط المنبثقة عن البرلمانات، والوزارت القائمة على هذا الحراك التداولي الاقتصادي السياسي، بحيث يغدو رأسُ المال العام جدلاً اقتصادياً بين القطاعين الخاص والعام، تنظمهُ قوانينُ السوق لا أوامر الحكومات، ولابد أن تظهرَ قوانينُ القيمة اقتصادياً وتزول التأثيراتُ السياسية الكابحة عليها.
المشروعاتُ العامة، والأجورُ والأسعار والعمالة وأوضاع الشركات تُنظّمُ عبر السوق، وهي خطوة تحولية كبرى لابد لها من تغييرات في وعي القوى السياسية المختلفة، بأن تبدأ بكشط الصدأ السياسي الكثيف الذي تشكل على طبقات عقولها، لتعيد تشكيل المجتمعات حسب قوانين التطور الموضوعية لا حسب البرامج السياسية القديمة.
الأبنية الاقتصادية الاجتماعية الشمولية سوف تتعرض لمشكلات كبرى خلال السنوات القادمة، فهناك المزيد من الانهيارات الاقتصادية الاجتماعية، وتبدو قارتا آسيا وإفريقيا أكثر عرضة لهذه الانهيارات وغدت السياسات الاصلاحية الليبرالية والديمقراطية الشعبية مهمة لهذه البلدان بحيث لا تلتهم من قبل الرأسماليات الكبرى الغربية أو تُحرق عبر الرأسماليات الشرقية العسكرية، ومن هنا تأتي أهمية توافق اليسار واليمين الديمقراطيين لتغيير الاقتصاديات نحو الحريات والإصلاح الشعبي بدلاً من الجمود والسقوط تحت ضربات العواصف.
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشكلاتُ الفوائضِ الاقتصادية في الدول الخليجية
-
تداخلُ الاشتراكياتِ الخيالية
-
التثقيفُ الذاتي والحقيقة
-
تفكيكُ وحدةِ العمال
-
تدويرُ رأسِ المال الوطني
-
اشتراكيةُ الفقرِ واشتراكيةُ الغنى
-
التحركات الاجتماعية والاقتصاد
-
الثورةُ السوريةُ.. بطولةُ شعبٍ
-
تحولاتُ العاملين بأجرٍ في الخليج (٣-٣)
-
تحولاتُ العاملين بأجر في الخليج (٢ - ٣)
-
تحولاتُ العاملين بأجرٍ في الخليج (١)
-
القرنُ السادس عشر والسابعُ عشر العربيان
-
انتقالُ الصراعِ المصري داخل الدولة
-
النشأة المبكرة للتحديث
-
الدولةُ والدكتاتوريةُ الروسية( ٢-٢)
-
الدولةُ والدكتاتوريةُ الروسية (١-٢)
-
الصراعُ بين التقليديين في ذروتهِ بمصر
-
تطور مشترك للديمقراطية في المنطقة
-
مناضلون بلا قواعد
-
الزلزالُ السوفيتي والانهيارُ العربي
المزيد.....
-
السوريون، نحو لملمة الجراح في ظل الحكم الإسلامي
-
شكرا فؤاد زكريا… 1927-2010
-
تحويل اغتصاب الصغيرات والتحرش بهن من جريمة الى قانون
-
مثقفو السلطة والطائفة…. مؤيد ال صوينت نموذجا
-
حق الإضراب مكسب تاريخي للطبقة العاملة فوق الحسابات
-
تمرير مشروع القانون التكبيلي للإضراب في ظل اختلال موازين الق
...
-
مصر تتجه لإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة.. ومصدر
...
-
الخلفيات النيوليبرالية للقانون التنظيمي للإضراب
-
الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تعبر عن اعتزازها
...
-
فرنسا: هل انهار تحالف اليسار؟
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|