يقولون لا تبعد وهم يدفنونني!!

سالم اسماعيل نوركه

الحوار المتمدن-العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 14:08
المحور: الادب والفن
    

قبل أيام جاءتني رسالة عن طريق إميلي الشخصي من الفنان المبدع جعفر الكاكي العائد إلى الوطن تاركا ورائه في إسبانيا وأوربا ودول أخرى سيل متدفق من النجاحات الباهرة في مجال اختصاصه والحاصل على أرقى الجوائز العالمية في مجال الرسم والكرافيك وقبل أن أحلل هذه الرسالة أنقلها لكم كما وردت لي (نص الرسالة) :
عزيزي سالم
تحياتي
تلقيت دعوة من متحف

Salvador Victoria
سالفادور فيكتوريا
- للفن الحديث لإلقاء محاضرة
عن سيرة-حياتي و تجربتي
الفنية في مجال الرسم والكرافيك يليها دروس عملية لطلبة الجامعات والمعاهد للفنون الجميلة
علما إن المتحف المذكور يعمل التحضيرات اللازمة لإقامة معرض شامل لأعمالي تتضمن ثلاثة عقود للمراحل التطورية على أعمالي

هذا وأتمنى لك كل النجاح يا عزيزي سالم.انتهت نص الرسالة

وبدوري تمنيت له رحلة موفقة وعودة ممنونة لأرض الوطن ،ثم اتصلت به لأحاوره فقلت له مازحا أخشى أن تستقر هناك ثانية !وهل خشيتك في محلها أم إنك تمزح ؟وما تظن أنت ؟قال حتما تمزح ،قلت له حقيقة أسأل لم عدت للوطن ؟قال في كل لحظة كنت أتخيل بأني في يوم ما أعود للوطن ،ما أن زالت الأسباب حتى عدت مسرعا دون أن أضع الاحتمالات ،كان قرار العودة عمره عمر حضارة العراق وراسخا مثل جبال كوردستان وأصيلا مثل آثار العراق .
أنت بعد أيام تذهب إلى أسبانيا وهناك أعدوا لك برنامجا حافلا من سيرة الحياة والتجربة الفنية ودروس عملية لطلبة الجامعات والمعاهد للفنون الجميلة ومعرض شامل لأعمالك تتضمن إبداعات عقود الثلاثة ،ألم تكن تتمنى برنامجا مشابها لك في عاصمة العراق الفدرالي أو في إقليم كوردستان ؟طبعا فطلاب بلادي أولى و لم يسفح لي مثل هذا الظروف وأنا حاضر لتطوير الطلبة العراقيين والطالبات ولكن السؤال موجه للقائمين على الفن العراقي وبالمناسبة وعرفانا بالجميل حظيت في إقليم بالدعم من توفير وظيفة لي ودعوني لمعارض الإقليم الفنية ودعمي لاسترجاع نشاطاتي ولوحاتي طوال وجودي في إسبانيا وهي مكلفة شخصيا لي تبنت مشكورا الجهات المختصة في هه ولير دعمي لاسترجاعها .قلت له إن أعمالك وأعمال كل العراقيين المبدعين في الخارج هي ثروة وطنية وثروة إنسانية لابد من الحفاظ عليها حالها حال الآثار والأمة التي تريد الصمود والأصالة تحافظ على آثارها وتراثها وتاريخها.
قلت بيني وبين نفسي إن أسباب جديدة ظهرت في العراق تخلق مناخا لهجرة مبدعين جدد ومبدعين عائدين مرة أخرى إذا لم نضع حلول جذرية لتلك الأسباب القائمة كتجاهل المبدعين وعدم توفير لهم فرص الاستمرار في إبداعهم والفساد المالي والإداري وعدم الاستقرار السياسي وعدم تحقيق النمو الاقتصادي رغم التدفق المالي من تصدير النفط وعدم السيطرة الكاملة على الوضع الأمني رغم التخصيص المالي الهائل بهذا الخصوص فالقوم يتصورون إن الوضع الأمني يستقر بزرع شرطي وجندي في كل مكان وبكثرة المسيطرات المزعجة في الشوارع .
أما سوء تقديم الخدمات فحدث ولا حرج .
ثم عدت للأستاذ جعفر الكاكي ماذا تتمنى إن عدت للعراق بعد زيارتك لإسبانيا ؟قال أمنيتي عامة هو الحصول على الدعم اللازم لتطوير العمل في مجال اختصاصي خدمة لفناني العراق من خلال حصول على مكان مناسب لتطوير الفن والكرافيك بصورة خاصة والتصوير الفوتوغرافي وبناء علاقات سليمة بين أسبانيا والعراق وعموم أوربا والدول الأخرى في المجال المذكور وكل المجالات.
يا سادة يا سياسي اليوم ورجال الحكم ليطرح كل منكم سؤالا مفاده هل نحن ناجحون أم فاشلون والطلب الوحيد منكم وأنتم تجيبون أن أنظروا إلى الواقع ولا تستنتجوا الجواب من مخيلتكم البعيدة كل البعد عن الواقع وبالأمس كنا ندخل المعارك الخاسرة الواحدة تلو الأخرى ولسان حال (القائد الرمز) يا محلى النصر بعون الله.
لماذا الجهات المختصة في إسبانيا تتبنى رحلة وتكاليف إقامة الفنان جعفر الكاكي من العراق وإلى إسبانيا ذهابا وإيابا مع كل متطلبات نجاح الرحلة ؟وهل لدى الأسبان مبالغ فائضة عن الحاجة ؟
بلا شك هم المستفيدون من هذه الرحلة القيمة وإلا ما أقدموا على هذا الأمر وهم يقيمون عاليا إبداعات المبدعين ،بعكس ما نفعل نحن حيث نطارد المبدعين إلى خارج الوطن وكذلك الكفاءات من حيث نعلم أو لا نعلم .
كم من مبدعي العراق مات خارج الوطن؟من ألجواهري وغيره ،ولو دخل العراق لألقي القبض عليه وأودع السجن إن لم يقتل فورا في الوقت الذي ألجواهري كان ينتقل بين دول العالم بكل احترام وتقدير جواز سفره الوحيد إبداعه ،وصدق الشاعر حين قال:يقولون لا تبعد وهم يدفنونني فما مكان البعد إلا مكانيا.

#سالم_اسماعيل_نوركه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات