|
الدولة الدينية بدعة
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 14:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حين كلف علي ابن ابي طالب العباس مفاوضة الخوارج ، قال له : لا تجادلهم بالقران فهو حمال اوجه ، وبمتابعة الحراك الجاري للاسلام السياسي في البلدان التي حصلوا فيها على السلطة نجد تضارب بالمفاهيم ، ما بين تونس ومصر وليبيا وحتى السعودية ، رغم ان الكافة ينتهون الى اعادة الخلافة ، كاساس مقصود على طريق توحيد الامة الاسلامية ! لتواصل طريقها لاحتلال العالم وفرض عقيدتها ، لتنهي رسالتها التي تقول انها بها مكلفة ، من الله والرسول ، فما زالت الاجتهادات والقراءات حمالة اوجه ، فالدكتور محمد بديع المرشد العام للاخوان المسلمين في مصر صرح في اخر رسائله الاسبوعية لعام 2011 ، ان اعادة الخلافة هي الهدف الاعظم لجماعة الاخوان المسلمين ، التي تؤهل المسلمين لاستاذية العالم ، معتبرا ان ثورات الربيع العربي قد جعلت المهمة العظمى اقرب الى التحقيق !!، في حين صرح راشد الغنوشي| تونس | في 4 فيراير 2012 ، ان حركة النهضة اكدت فيما يتعلق بعلاقة الدولة بالدبن التزامها بمقومات الدولة المدنية الديمقراطية التي لا سند لشرعيتها ، غير ما تستمده من قبول شعبي تفصح عنه صناديق الاقتراع ، والسيد يسري حماد المتحدث باسم حزب النور السلفي المصري اكد في تصريح لاذاعة الجيش الاسرائيلي : ان الحزب يحرص على الحفاظ على الاتفاقيات الدولية مع اسرائيل ، وترحيبه بالسياح الاسرائيلين في مصر ، والمادة 13 من برنامج حزب العدالة والتنمية تقول : ان الحركة تعمل على قيام مجتمع مدني منظم مستقل يسعى الى تحرير الافراد واشراكهم في الشان العام ...، . واضح ان المتغيرات الموضوعية في العالم لم تعد تسمح بقيام انظمة خارج نمط العلاقات التي تم ارسائها ، بعد حروب وكوارث وتجارب يشرية طويلة ، وما كان العالم لينتظر حتى تستعد ديانة معينة للتوحد على عداء الفكر البشري وتجربته الطويلة ، وما كان كان يمكن ان تقراء تجارب الشعوب خارج الفكر البشري ، والا اصبحنا مثل ذلك المفكر اليوناني القديم | ديوجين > يمحل قنديلا للبحث عن الحقيقة ، الموجودة امام الجميع ، واذا كان القران حمال اوجه ، وان الاديان السماوية الثلاث ، تعارض بعضها وتتصارع ، على ايهما اصوب ، بل واقرب الى جنة الله ، فان العالم يبحث اليوم عن الجنة في الارض ليعيش باحترام وحرية كريما عزيزا بلا وصاية من احد . لقد تحركت الجماهير العريضة هادرة ، مسقطة لحكام الانظمة الاستبدادية ،لنيل حريتها وتحسين شروط حياتها ، ومحاربة البطالة ، والفقر ، وقد وصل معدل البطالة في العلم العربي الى 12 بالمئة وهو من اعلى المعدلات في العالم ، وبلغت البطالة بين الفئات العمرية من 15 الى 24 الى 25 بالمئة، بمعنى انها قنبلة موقوته ، وبلغت نسبة من يقعون تحت خط الفقر في مصر 42 بالمئة من السكان- حسب بيانات البنك الدولي - ، وبالتاكيد في حالة الثورات تزايدت الازمة ، مما يضع امام السلطات المنتخبة ، وبغض النظر عن عقيدتها ، مسؤلية مواجهة هذه المعطيات ليس فقط من حيث هي اهم حوافز انطلاق الشباب للثورة ، بل لان مهمة النظام العدل محاربة الفساد والفقر والبطالة ، فكيف يمكن لنظام يجعل او يهتم بالمسائل العقائدية اولا وتطبيق الشريعة ، ان يحقق النمو الاقتصادي المطلوب ليستطيع تنفيذ هذه المهام . لقد استبط علماء الشريعة من القران والسنه النبوية ما اطلقوا عليه مقاصد الشريعة ، وهي حماية النفس والدين ، والنسل ، والعقل والمال ، وتحقيق هذا يتفق ويتوافق مع دولة مدنية عصرية حضارية ، تتعامل مع المجتمع الداخلي والاقليمي والدولي ، بقيم العصر محافظة على مقاصد الشريعة ، اما مواجهة الناس بقيصر جديد على راي امل دنقل حيث يقول : لا تحلموا بعالم سعيد ، فخلف كل قيصر يموت، قيصر جديد ، وخلف كل ثاءر يموت احزان بلا جدوى ، ودمعة سدى !!. ويبدو ان الليبين انتبهوا للامر فرغم قوة الحركات الاسلامية ، صوت الليبين للقوى اليبيرالية ، فقد انتبهوا لما امامهم وما ينتظرهم ، وهذا ما سيكون سبيل الاسلام السياسي في كل المواقع التي فاز بها ، بحكم الامر الواقع وطبيعة توازنات القوى ، لكنه لن يستطيع الفوز مرة اخرى ، وهذا ما تنبهت له حركة حماس فاستقر قرارها على امارة غزة ،وترفض في الواقع الانتخابات وتحالفت مع اخوان مصر !! ، وعموما تجربة الجزائر حاضرة والسودان وسواها ، ليس عداء للدين الذي يدعون الوصاية عليه ، بل لانهم لا يستطسعوا اكل الكعكة والاحتفاظ بها . لقد واجهت العقائد الدينية والعقائد الوضعية ، تفسيرات تتلائم مع واقع كل بلد وكل قومية ، فالمسيحية تصارعت منذ القرن الثالث ، وتشتت افكارها وتفسيراتها ،ووصلت الى ان الاقضل لها ان تبتعد عن الدولة ، فكانت للدولة كيانها المتطور وانطلقت نحو الابداع والرخاء ، الشيوعية كان لها تفسيرات ، حسب الظروف الموضوعية للبلد ، والاسلام يحمل اكثر من سبعون مذهب وطريقة ، وبهذا لا يستطيع ان يكون دولة ، فهو لايستطيع القبول بدولة مدنية ، ولا يمكن ان ينعزل عن العالم ، فالافضل ان يظل دينا دون دولة كما كانت الحياة ايام الرسول دون مللك ، ويتخذ لذاته مكان الموجه والرقيب والناصح فتللك حدود العصر، وقيم البشرية وحركة التاريخ . الم يقول الرسول لمن ساْله عن زراعة النخيل : انتم اعلم بشؤون دنياكم ، لقد دعى الناس للدين الجديد وللاسلام ، داعيا الا ان لا اكراه في الدين ، والذي يجري في مصر مجرد فوز الاخوان بالانتخابات تشكلت مجموعات الامر بالمعروف ... المنقولة عن التجربة السعودية البائسة ، وهذه بدايات نموذج حكم الاسلام السياسي، ولن يكون فزاعة لاحد لانه بحكم المنطق والواقع والدين ايضا ، سيفشل في ادارة الدولة ، خاصة حين لا يتمكن من تحقيق تنمية وحرية ورخاء للشعب ، لانه لا يملك القاعدة المؤهلة ولا الكادر الذي يفهم ماهية الدولة ، التي يرونها كيانا مثل يثرب قبل 1450 عاما ، فمن يضع نفسه خاج الواقع سيظل خارج حركة الحياة والتاريخ ، ومرحلة عابرة .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اغتيال ابو عمار
-
الاممية والقومية الروسية
-
الاسلام السياسي الى اين ؟!
-
حول الخلافة الاسلامية
-
وجوه فلسطينية قلقة
-
الديمقراطية هي الحل !!
-
مصر ..اين السبيل ؟
-
اليد الخفية في الثورة العربية
-
نحو عولمة اسلامية
-
شرق اوسط برعاية تركية
-
على درب ايار
-
الدين والثورة والواقع
-
مسيحيو الشرق والمواطنة
-
ماذا بعد اوسلو الان ؟
-
الامن القومي العربي
-
قراءة تاريخية لواقع معاصر
-
قمة بغداد
-
الاممية الاسلامية
-
ربيع الشعوب ام اعدائها
-
عن اذار المراءة والثورة
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|