جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3781 - 2012 / 7 / 7 - 23:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أي مستمع لأي درس ديني إسلامي عن خلق الكون العجيب والمثير للدهشة وعن الدقة المتناهية في عملية الخلق التي يقف وراءها مهندس عظيم هو الله تجعل هذه المسألة بعض الوعاظ الإسلاميين والمدعين أنهم علماء أن يعتبروا القرآن منزلا من عند الله فقط لأن الكون بديع جدا في عملية خلقه وكأنه بدون هذا الكون العجيب لا يمكن أن يكون القرآن منزلا, وأنا هنا لست بصدد البحث عن القرآن بأنه منزل من عند الله أو غير منزل ولكن على الأقل يجب أن يكون دقيقا بمنتهى الدقة التي في الكون وبمستوى قدرات الخالق العظيمة التي نعرفها عنه,ويجب أن لا يكون في القرآن أخطاء سطحية وعميقة الجذور وبرأيي أن هذا الموضوع فيه تشابك كبير وشائك فعملية نزول القرآن بغض النظر عن إيماننا فيها تُعتبرُ شيئا آخر ليس لخلق الكون علاقة بها ولستُ أدري ما هو الرابط الحقيقي بين المسألتين!! وأي رجل مسلم يتحدث عن إعجاز الكون يربط فورا بين المسألتين فيعتبر القرآن كتابا منزلا من عند الله فقط لأن نظام الكون نظامٌ دقيق والغريب في الموضوع أن الغالبية تبالغ في الموضوع بحيث يتبادر إلى ذهنهم بأن القرآن هو الذي خلق الكون وبدون مبالغة أحيانا أشعر حين استمع لدرس ديني إسلامي فعلا أشعرُ بأن القرآن هو الذي خلق الكون من شدة ما يوصف من قدرات هائلة في القرآن تفوق الخيال, وأحيانا أقول:دخيل العذرى مين اللي خلق مين؟ فكل الذين يتحدثون عن الإعجاز العلمي في القرآن في النهاية يخلصون إلى توصيل أو إلى إيصال رسالة واحدة وهي أن القرآن كلامٌ مُنزل من عند الله ولا مجال للشك بذلك لأن هذا الكون مُعجز في عملية خلقه,طيب أوكي ماشي الحال,الكون آمنا بأن الذي خلقه هو الله ولكن لا توجد دقة في القرآن لكي نقارنها بالكون ونقول بأن هذه الدقة في القرآن هي نفس الدقة الموجودة في خلق الكون عِلما أنه لا يوجد أي وجه تشابه بين القرآن وبين الكون وما به من دقة هندسية في تكوينه ويتكلم أصحاب الكلام كلاما عن الدقة في خلق الإنسان لكي نصدق بأن هذه الدقة نفسها متواجدة في سور القرآن وآياته فأي استخفاف بعقول الناس هذا!!!! يا سادة يا كرام خلق الكون شيء عظيم والقرآن شيء آخر لا مجال هنا للربط بين الموضوعين فكل موضوع من هذين الموضوعين يجب أن نفصلهما عن بعض..ومن ثم يقولون بأن الدقة الهندسية في خلق الكون هي نفس الدقة الهندسية في آيات القرآن ومن ثم يأت عالم آخر ويضع يديه أمام المشاهدين على الطاولة ليقول :هذا الكون العجيب في خلقه والذي خلقه هو نفسه الذي أنزل القرآن, علما كما قلت أن كلا الموضوعين مختلفين عن بعضهما,ولست أدري أين هي الدقة الهندسية في القرآن الذي لا يمكن أن يكون كتابا جغرافيا أو فيزيائيا والذي دونه أكثر من شخص وانتظر ميلاد شخص آخر لكي يضع له النقاط على الحروف ومن ثم انتظرَ ميلاد شخص آخر لكي يضع له علامات الإعراب,أفلا توجد لهم عيون يرون بها أو آذان يسمعون بها؟, وكثيرا ما أجلس مستمعا لبعض الأساتذة الذين يتحدثون عن خلق الكون وفي النهاية يقولون للمشاهد :...هذا القرآن إذا كتبه الله وهو كلام الله المعجز,ويرفع أحدهم يده أو يفتح يديه الاثنتين بالعرض وكأنه يريد احتضانك ويقول لك أنظر إلى هذا الكون البديع وإلى هذا القرآن المنزل,طبعا وحجتهم أن نظام الكون موضوع بدقة هندسية عالية وحرفية متناهية,والسؤال الذي أود أن أطرحه أو الكلمة التي أريد أن أقولها هي أنه لا مجال للمقارنة بين القرآن وبين نظام العد الشمسي أو القمري,فما دخل القرآن بكل هذه الأمور وكأن القرآن هو الذي خلق الكون.
افهموها يا مسلمين, القرآن شيء والكرة الأرضية شيء آخر,ومحمد شخص وكوكب الزهرة كوكبٌ آخر,ما تقولونه عن الكون وعملية خلقه ليست له علاقة بالقرآن وهذا لا يعني أن القرآن كتاب منزل لمجرد أن نظام الكون نظام دقيق من عند الله يجب أن نعرف بأن القرآن مر بمراحل كثيرة حتى وصل إلينا بهذه الصورة وقام (سيبويه) و(أبو الأسود الدؤلي) بتدقيقه إملائيا وإضافة علامات الإعراب عليه,فلو أن الله أنزله بما هو عليه اليوم لكان مثله مثل الشمس في دقتها الهندسية ولكنه ليس مخلوقا بنظام يشبه نظام الكون ولأنزله الله جملة كاملة دون أن يكون بحاجة إلى مهرة لغويين يدققونه إملائيا وينقطون أحرفه ثم يأت عالم آخر ليضع له علامات التشكيل, ولو أن القرآن منزل من عند الله لكان مثله مثل الكون العجيب أو المخلوقات المُدهشة ولََما احتاج محمد إلى توظيف كُتاب وحي يدونوه له على جلود الحيوانات ,إن آياته عبارة عن إيحاءات وتصورات,فهذا الإله الذي خلق الكون كله بهذه الدقة أفلا يستطيع أن يخلق ألف ورقة من أوراق الصين العظيمة؟ لينزله دفعة واحدة؟ ما لكم؟ أجيبوني يا فطاحلة المسلمين...ثم إنه لا توجد أي عملية تشابه بين كتاب نزل من السماء وبين هذا الكون العظيم في صورته ونظام خلقه الدقيق.
فكل هذا الكلام هراء وفيه تشابك كبير وخلط أوراق وهذه مغالطة علمية كبيرة يقع فيها كبار العلماء المسلمين الذين يتحدثون عن القرآن وعن خلق الله,علما أن مثل هذه المقارنة بين القرآن والكون وخلق الإنسان يجب أن لا يقع فيها طالب مدرسة ابتدائي.. ولو وضعنا القرآن في كفة والكون بكل ما به في كفة أخرى أو لو عملنا مقارنة بين هذا الكون المتناهي في خلقه ودقته الهندسية بغاية الدقة وبين القرآن المليء بالأخطاء النحوية ومُختلفٌ في تأويله وفي تلاوته وفي شروحاته المختلف عليها بين كل العلماء والقُراء سنجد هذه المفارقة العجيبة وهي أن في القرآن أخطاء كثيرة وقرارات على شكل آيات تراجع عنها الخالق كما ورد في الناسخ والمنسوخ مما يدلل على أن القرآن دونه مجموعة أشخاص وبنفس الوقت سنجد أن الكون في غاية الدقة وليس فيه أي خطأ واحد ومن الممكن أن الذي خلقه هو الله أو لا مجال للشك بأن الله قد خلقه,فها خلق الرب واضح لنا وهذه أعماله أمامنا وهل من الممكن أن نقارن بالشبه العظيم بين آيات القرآن وبين آيات خلق الله؟,والقرآن من المستحيل أن يكون مجالا للمناقشة وللمقارنة بينه وبين خلق الكون والدقة الهندسية في خلق الكون كدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس حتى أنه لم يساهم في حل المشاكل الاجتماعية وتحسين صورة المرأة ولم يأمر بمساعدة الضعفاء إلا حبرا على ورق دون تنفيذ والقرآن بنفس الوقت ليس كتابا جغرافيا أو فيزيائيا حتى نستدل بواسطته على وجود الله وعلى ثبات النظريات العلمية وبعض السور والآيات التي به تدل دلالة واضحة على أن الذي دونه كان رجلا أو رجالا عاديين جدا,والقرآن بالنسبة للكون هو بمثابة المقارنة بين الرياضيات الإقليدية ورياضيات نيوتن,وكلما اكتشف عالم غربي أوروبي ظاهرة جديدة يطلع علينا شيخ مسلم ليقول لنا:إنها موجودة في القرآن من 1400,فلماذا يا أخي لم يكتشفها العلماء العرب المسلمين؟.
وهل هنالك شبه بين القرآن والكون؟وإذا كان القرآن منزلٌ من عند الله وهذا ليس موضوع بحثنا فلماذا لا يكون بمنتهى الدقة التي في هذا الكون؟ تليق بمستوى الله؟؟؟ ليس هنالك أي وجه تشابه بين القرآن وبين الكون,فالله خَلقُهُ ظاهر لنا لِما فيه من معجزات وتعقيدات وأهمها خلق الإنسان والنظام الشمسي, والإنسان الذي خلقه الله من المستحيل أن يخلق كتابا بهذا المستوى المتدني ,يعني الذي خلقني من المستحيل أن يكون نفس الشخص الذي أنزل القرآن أو خلقه وكثيرا ما أسمع الناس وهم يقولون بأن هذا الكون لا بد له من خالق لِما به من دقة حقيقية في عملية خلقه المعقدة ولكن هنالك خطأ يرتكبه الذين يسقطون عملية خلق الكون على القرآن إذ أنهم يقولون:أنظروا إلى هذه الدقة في خلق الله للكون هذا معناه أن القرآن فعلا كلاما مُنزلا من الله, وأنا أقول بأن هذا موضوع وذاك موضوع آخر وهنا مغالطة كبيرة جدا إذ لا يوجد وجه شبه واحد بين النظام الشمسي والقرآن أو بين كوكب المريخ وسنة محمد,أو لا يمكن أن تجد شبها بين خلق الأرض وبين المذاهب السُنية الأربعة فهذا موضوع وذاك موضوع,ولا يمكن إسقاط عملية الخلق على القرآن وكأن القرآن هو الذي خلق الأرض والسموات العُلى.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟