|
إبهامات لفقرات متقطعة (1)
محمد هالي
الحوار المتمدن-العدد: 3781 - 2012 / 7 / 7 - 05:11
المحور:
كتابات ساخرة
- 1 - لنحدد النهايات قبل البدايات، و لندعم الأشياء بنقائضها، و نمشي إربا، إربا، لأن التاريخ يدور في حلبة اللازمان، و نحن في حلبة لا نحدد تاريخنا، لأننا جاهلون، و مجهولون، و مازلنا كذلك، مادام صوتنا ينبع نفطا، و خرافة، و أساطير، و تقديس البشر، فكنا كذلك، و حاولنا بأن لا نكون، و مازلنا نحاول، حتى سقط القناع – الساقط – على رؤوسنا، و لم يندثر جرحنا بأصوات دؤوبة على الكلام، ثرثرة في ثرثرة، أعطوها أسماء لا تنتهي، و جعلنا ذاتنا لولب مقلوب، فاستعرنا أسماءنا منا، فبقينا بلا أسماء، و استعرناها من غيرنا، فتعددت الأسماء، و اختلطت العبارات، و بقينا كذلك، إلى أن انهار الطوفان علينا.
- 2 – إنك حاضرة في كل مكان، بل في كل زمان، حاضرة في شرايين من ذهب، متجلية في ذاكرة لا تنسى، خيالات من صور شتى، واقعية في الرؤيا، و طبيعية في الحياة، و خارج الواقع، إن دخلت زمن العوائق، و عندما تكونين خيالات و صورا، لا تتحققين، افتراضات متعددة تتباين، لأننا كلما تأملنا ذواتنا لا نجد سوى الفوارق و البعد، و لكن عندما نتأملك، نشعر بالاستئناس، و القرب.
- 3 - صفعة في وجه الخليج، صفعة لمكة التي بنت السكة طويلة، صفعة للماضي، و حكم للحاضر، و نكت للمستقبل، ليقهقه التاريخ عليهم، بل علينا، و نمشي صفرا أمام الآخرين. أرأيتم قوما، يعشق أكل لحم صاحبه، أو رأيتم قوما متعاليا تنخره رياح الصحراء، ليصنع من جوف الرمل الطماطم، و من جلد الأفاعي الموز، و من اللاشيء الإجهاد، ... إنه القتل، و الفتك، و البتر، و الشر، و الحق بلا حق، و الحوار بلا حوار، و السؤال بلا جواب. أرأيتم قوما تنهشه بطنه، ليموت بالتخمة، أو الشبع، أو سمعتم بقوم قتلهم اللحم، أو اللحم يقتل آكله، و قوما آخر ينحث بطنه للجراد.
- 4 - و دبت الروح لتنطفئ كجمرة، و تشتعل شرارة عليهم، لتنقلب نارا علينا، و كان الكل يتألم، و كنا أكثر المنعرجات ألما، بل أكثر مرارة من الحنظل، و بقينا نشكو، و نتألم، حتى ذابت المسامير، فما بالك من الشوك الأخضر، و ما بالك من الحياة بلا حياة، و ما بالك من حوت غرسته الأجرفة لينفجر، فانحنى زبدا للمطر. هكذا تدور القافلة في صحرائنا، تحمل أعلاما من كل الألوان، لأننا الذهب، و البنزين، فنصنع الشوارع، و نزين الأزقة، و نشيد العمارات، لأننا مهندسون بلا هندسة، و تظهر الطائرات، و السفن، و الشاحنات، لأننا صناع بلا صناعة، و نملأ الأواني، و الصحون، و الأسواق، بأجمل الأطعمة، و أجود المأكولات، لأننا سهول بلا صحراء، كلنا ذهب، و نعلنا ذهب المذلة، و كلنا بنزين، و شتمنا بنزين المرارة. و اشتكينا فأجاب: أنتم أناس بلا أدمغة. و قبلنا السب، و الشتم، و استمرنا نقهقه أمام الجميع.
- 5 – و عادت ألف ليلة و ليلة، تحاصرنا بسندبادها التائه في الرمل، يصطاد أرنبا هنا، و أقحوانه هناك، ليلسع بشوك النحل، السلم الذي هو حرب، و ليتذكر شهرزاده، التي بنت بشعرها زخرفة قزح، و بأسنانها العدالة، كان الكل يتكئ على عصا الأمن، و الاستقرار فانقلب الأمن إلى اذكى محارب. عدنا مع رحلتنا السندبادية المجهولة، و تهنا وسط فضاءاته البطوطية(1)، كان لينين(2) بطلا، و الطبيعة كلها ملحمة للأبطال، هذا ما قاله هوميروس تائه هذا الكون، فأصبح تمثال فلادمير(3) أبكما، و انغمسنا في جولتنا لنستقبل أسماء من هناك، فحاصرتنا الأقنعة الواقية من شر الذئاب، و خرير الضفادع، و موسيقى الصرصار، و نهيق الحمير، لنختبئ، في هذا الذل الأبدي، و نجدد أسلحتنا القديمة، لعل الواثق (4)يكون واثقا من نفسه، ليتمم مشوار الذين انتزعوا من أسنان القطط الفئران، و من سعادة المتعالين شقاء الأسفلين.
- 6 – "لا حياة لفاقد الحياة، فإن ألح استحالت عنده الحياة توقا إلى ما مات"(5)، هذا ما قاله الراوي في زماننا المنطفئ، أو في زمانهم المحترق، لأننا كنا نبحث عن شعاع لينشطر الداخل، فانشطر الخارج، فاندثرت حكمنا المرعوبة، و خرجنا بلا مواهب، فضربنا الأعرج بعكازه، فسقطنا، و لم يكن النخيل ثمارا، و لا البنزين ماء، و لا الحر مطرا، و تأكدنا من ذواتنا بعد أن تدخل غيرنا ليحسم في الرمل، و الهواء، و النفطـ و الفضاء، و الماء، و استمرنا نتلذذ بالماضي، من عاد و سيفه مقطوع، فليدفن رأسه في الرمل، و من تحالف ف"تحالفات(ه) هي فيها مع الموت على موعد يتأجل"(6)، لنرتجف ثانية لحكمنا "لا حياة لفاقد الحياة"(7)، لنتمعن في الدولاب الذي أيقظ التاريخ مرة عليهم، و مرات علينا، ل"ليستبدل دياليكتيكية عصر الثورات بصفر كلي يغمر سطح الأشياء، فتحتجب الأعماق، و نحتجب الحركة ... فيضطرب (التاريخ) و يتعثر و "يسقط في الصفر حتى القاع"(8)، لنستمر واحد، مثنى، ثلاثة،...نشعل شمعة هنا، و مصباحا هناك، لعل أبا الهول يوقظ دينصوره ليبني من عالمنا الجديد، عالمهم القديم، هذا ما تعلمناه من حكمنا الجديدة"فالحياة صراع، لا ينتصر فيه إلا من ينتصر لها"(9).
هوامش: (1) – ابن يطوطة: احد الرحالة المرموقين اشتهر بما دونه اثناء تلك الرحلات. (2) (3) - لينين قائد ثورة اكتوبر 1917 الاشتراكية في روسيا (4) - الواثق : خليفة عباسي يعتبر من مدعمي الفكر العقلاني و خاصة الخط الاعتزالي. (5) (6) (7) (8) (9) - مهدي عامل: نقد الفكر اليومي ، الطبعة: 2 دار الفارابي، بيروت ، ص ( 16 – 28 ).
#محمد_هالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صور من واقع مضى ! الصورة : 10
-
اشتراكية العالم العربي أم ليبراليته؟
-
صور من واقع مضى ! الصورة : 9
-
صور من واقع مضى ! الصورة : 8
-
صور لواقع مضى ! الصورة: 7
-
صور من واقع مضى ! الصورة: 6
-
صور من واقع مضى ! الصورة: 5
-
صور من واقع مضى ! الصورة: 4
-
صور من واقع مضى ! الصورة:3
-
صور من واقع مضى ! الصورة:2
-
قشرتا موز
-
صور من واقع مضى ! الصورة:1
-
من سمح لهم بذلك ؟ !
-
سياسة الإعداد أم اعتدال السياسة؟
-
عدالة المساواة، لا عدالة الإنصاف
-
وجهة نظر في -الربيع العربي-
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|