مصعب الفياض
الحوار المتمدن-العدد: 3777 - 2012 / 7 / 3 - 01:06
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
نظرية نهاية التاريخ للمنظر الياباني الاصل الامريكي المولد, المنشأ, الهوى والجنسية فرانسيس
فوكاياما اثارت جدلا واسعا واسالت الكثير من الحبر بين مؤيد ومعارض للنظرية المنشورة في
مقالة تحمل نفس الاسم ( نهاية التاريخ ) والتي نشرها في عام 89 بعد ان اقتربت بشدة ساعات
الحسم للحرب الباردة... ثم بعد سنوات طور النظرية وقدمها في كتاب يحمل اسم ( نهاية التاريخ
والانسان الاخير ) صدر عام 92 وله كتاب اخر بنفس الاتجاه وبعنوان لافت ايضا ( الانهيار او
التصدع العظيم )... فكرة النظرية تقوم ( حسب ويكيبديا ) على ثلاث عناصر اساسية... العنصر
الاول هو أن الديمقراطية المعاصرة قد بدأت في النمو منذ بداية القرن التاسع عشر... وانتشرت
بالتدرج كبديل حضاري في مختلف أنحاء العالم للأنظمة الديكتاتورية... العنصر الثاني في نظرية
نهاية التاريخ هو فكرة الصراع التاريخي المتكرر بين " السادة" و"العبيد" لا يمكن أن يجد له نهاية
واقعية سوى في الديمقراطيات الغربية واقتصاد السوق الحر... العنصر الثالث في نظرية فوكوياما
هو أن الاشتراكية الراديكالية او الشيوعية لا يمكنها لأسباب عدة أن تتنافس مع الديمقراطية الحديثة...
وبالتالي فالمستقبل سيكون للرأسمالية أو الاشتراكية الديمقراطية... وطبقا لنظرية فوكوياما ان
الديمقراطية قد اثبتت في تجارب متكررة منذ الثورة الفرنسية وحتى وقتنا هذا أنها أفضل النظم التي
عرفها الإنسان اخلاقيا وسياسيا واقتصاديا... ولا يعني فوكوياما أن نهاية أحداث الظلم والاضطهاد في
التاريخ قد انتهت... وأنما التاريخ هو الذي انتهى... حتى وإن عادت نظم استبدادية للحكم في مكان ما...
فإن الديمقراطية كنظام وفلسفة ستقوى أكثر من قبل... في نفس التوقيت تقريبا نشر الباحث الامريكي
الاصل والجنسية صامويل هنتنغتون مقال في مجلة الشؤون الخارجية (فورن ايفرز) عام 93 بعنوان
( صدام الحضارات )... اشعلت نقاشا اكبر من نظيرتها لفوكوياما طورها فيما بعد الى كتاب يحمل اسم
( صدام الحضارات واعادة صياغة النظام العالمي ) نشر عام 96 وله كتاب اخر اثار نفس الجدل ويحمل
نفس المضمون وبعنوان له دلالته هو ( من نحن؟ تحديات للهوية القومية الامريكية ) على عكس نظرية
فوكياما تقوم فكرة الكتاب او النظرية لهنتنغتون ( حسب ويكبيديا ) على اساس ان الصراعات العالمية
( صراعات مابعد الحرب الباردة ) ستزداد وبشكل اعنف من السابق وعلى اسس حضارية وثقافية وليس
اسس اديولوجية وعقائدية كما في الحرب الباردة ومعظم القرن العشرين... يخلص هنتنغتون للقول لكي نفهم
الصراعات في عصرنا وفي المستقبل... يجب ان نفهم ان الثقافات وليس الدول هم اطراف النزاعات
القادمة... ويرى الباحث الامريكي هنتنغتون في اطروحته ان الحضارات السبع ( الغربية, الاسلامية,
الصينية, اليابانية, الهندية, الافريقية واللاتينية ) هم اقطاب الصراع وان كان يرى دائما ان الخطر على
الحضارة الغربية غالبا قادم وبقوة من الحضارتين الاسلامية والصينية على وجه الخصوص ... كلتا
الحضارتين تعيش على الرز ولم تستلم للهمبرغر والكوكاكولا بشكل نهائي بعد... كلتا النظريتين تحمل
في طياتها كم من التناقضات وان صحت في بعض من جوانبها وكلتاهما تتقاطع مع الاخرى ايضا... ففي
نظرية نهاية التاريخ لفرانسيس يقول منتقدوها ان الراسمالية تواجه هي الاخرى خطرالافلاس لا بل انها
افلست اخلاقيا ونتج عنها مجتمعات متفككه اسريا ومتوحشة ماديا تزداد فيها الفروق الطبقيه ويسحق فيها
الفقراء... ويضيفون منتقدوا النظرية ان النظم الديمقراطية والتي هي افضل النظم اخلاقيا وسياسيا واقتصاديا
شنت حروب غير اخلاقية وبدون شرعية قانونية او سياسية على دول ضعيفة وقادتها لمجازر وكوارث
انسانية... ان نظرية فوكوياميا بعد 20 سنة من ولادتها لم تثبت جدارتها حتى هذه اللحظة لابل ان النظام
الاقتصادي العالمي ذو الصبغة الامريكية قاد العالم الى اكبر الازمات الاقتصادية التي عرفها التاريخ... واذا
كانت نظرية نهاية التاريخ والانسان الاخير هي رد فوكياما على نظرية كارل ماركس ( المادية التاريخية )
والتي يرى فيها ماركس ان التاريخ سينتهي عندما يتنهي الصراع الطبقي بالنصر لصالح العمال وتنعدم
الطبقية... ففي المقابل لم يفوت رجل روسيا الصلب ( بوتين) الفرصة ورد في مؤتمر دافوس الاخير على
رجال الاقتصاد الامريكي بقوله ان النظام الراسمالي الحالي القائم على على اساس الدولار والهيمنة المالية
للولايات المتحدة قد فشل فشلا ذريعا وان بنوك الاستثمارفخر وول ستريت تكبدت خسائر في سنة واحدة ما
يعادل ماجنته من ارباح في 25 عام ماضية ... اما نظرية صدام الحضارات فقد فندها الكاتب الفلسطيني الاصل
امريكي الجنسية ادوارد سعيد استاذ الادب المقارن بجامعة كولمبيا بمقاله الشهير صراع الجهل وقال ان كتاب
صراع الحضارات لهنتغتون لايساوي حتى قيمة المداد الذي كتب به لان النظرية قائمة على كم من الافتراضات
غير المثبتة والتي تعتبر الغرب كل الغرب حضارة واحدة وهذا غير صحيح وتعتبر الاسلام كل الاسلام حضارة
واحدة وهذا غير صحيح ايضا وتعتبر الحضارة الصينية هي حضارة كونفشيوس وهذا ما لايقبله ادوارد ايضا...
الدول وليس الحضارات من يتصادم... العقائد والايدولوجيات وليس الحضارات من يتعارض ويتقاتل... المصالح
وليس الثقافات من تتقاطع... الحضارات منبعها واحد وتكمل بعضها بعض ... الحضارات تستوطن وتهاجر...
الحضارات تتعارف وتتحاور... الحضارات تتعانق وتتزواج وتتلاقح... الحضارات تتنافس وتتسابق فيما بينها
سباق اطول بكثير من سباق المسافات الطويلة لعبد الرحمن منيف
مع الود
والله من وراء القصد
للمقالات والنظريات بقية
مصعب الفياض
13-5-2012
#مصعب_الفياض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟