|
لقاء ( قصة قصيرة )
سامي فؤاد74
الحوار المتمدن-العدد: 3775 - 2012 / 7 / 1 - 22:20
المحور:
الادب والفن
أقترب من المنزل وهو يحمل حقيبته لا يدري إن كانت تحمل أغراضه أم ذكرياته فلقد مر عامان لأخر زيارة له يبدو علي المنزل علامات الشيخوخة والقي الزمان علي جدرانه بالشيب تري هل فقد المنزل بريقه وشبابه عندما أنقطع عنه سعال الجد وصوته ينتهر الأبناء والأحفاد ، يلقي سيجارته بعد أن التهم أخر أنفاسها قبل أن يخطو ويدق الباب ، نعم لقد أصبح شاب ورسمت الأيام تحت انفه شارب زاده وسامه وقربه شبها بوالده لكن كل هذا لن يعطيه الحق في أن يكون زفيره دخان أمامهم إنها تقاليد باليه يمقتها كما يمقت قبلاتهم عندما يرونه وكثيراً ما تساءل إن كانت قبلات حب وشوق لماذا لا يتذكروه إلا في المناسبات ولماذا كان لهم الحق أن تجمعهم تلك الجدران ويعيش مثل أبية غريباً وبعيداً ، كانت الضوضاء والصخب تملئ أرجاء المنزل وكان شارداً وهو يطلق يداه تاركاً خذيه للتحية والقبلات ولم يهتم كثيراً من يقبله ومن يطبق علي يديه ويهز رأسه عند سؤالهم عن أمه المريضة . كل ما كان يشغله هو قدره النسوة علي إطلاق الزغاريد ويتذكر صرخاتهم وتخيله أنهن لن يعشن بعد جده كثيراً وبصدره صرخات هامسة صرخاتهن تشبه قبلاتهن وزغاريدهن نعم إنها كأدوار مسرحية تتغير بتغير أحداث الرواية وفي النهاية تمثيل يشبه الحقيقة أو حقيقة تشبه التمثيل ، نعم فعندما صرخن من قبل لم يمر علي صرخاتهن أيام حتى تقاسموا وتنازعوا وقتها شعر أنهم اختلفوا في كل شيء واتفقوا علي شيء واحد هو حرمانه وأمه من ميراث الجد كادت تقتله همساتهم وصمتهم في وجوده وكاد أن يصرخ في وجوههم لا نريد شيئاً أموالكم لن تعوضني عن حنان أبي وعن وجود جدي حتى وأن قسي ، ولكنه صمت وذهب يردد بداخله وكأنه كان الأمس ما حدث ، يبدد صمته وشروده صوت أحدهم ينصحه بأن يستريح فالليلة سهر تداعبه أحدي المتطفلات عقبالك يبتسم ذاهباً في حين ترد أحداهن إنه صغير السن لم يتم عامه العشرين بعد لكن رزانته ومظهره يعطيه أكثر من سنه مثل أبيه ، تتردد روايتها عن أبية في أذنه وهو يذهب حيث يستريح ، وتذكره الكلمات بأمه كما تسعدها وتثير خوفها عليه في ذات الوقت ، ترتسم علي وجه علامات السعادة وكأنه تذكر شيء مفرح نعم إنه أجمل ما جاء به اليوم إنها رفيقة الصبا وفتاة الأحلام سيراها اليوم فهي صديقة عروس اليوم وستأتي ، أتي المساء محملاً بنسمات صيفية داعبت ذكراه بأيام مرعليها سنوات لم يبعدها إلا الزحام والتصفيق والضحكات ولكن تبرق عينيها وسط الزحام كنور نجم يضيء ويميز في ظلام صحراء هي إنها هي كملاك سعادة جاء ليخفف عنه الشقاء ، يسابق الزمان يشعر وكأن الخطوات بينهم أميال فقد طال الوقت دون أن يراها يشعر ببطء قدميه رغم طيرانه ، يقترب منها عينيه تحييها قبل يديه تراه وتمد له يد بالسلام وتدفع الأخرى تحت ذراع شاب بجوارها لم يراه إلا الآن ، وتقول للشاب ابن عم العروس وتقول له خطيبي وتبتسم ابتسامه تشبه قبلاتهن وصرخاتهن ينسحب كطائر يرقص علي الأشواك تميد الأرض من تحت قدميه وتتصارع الصور أمامه ، وسط الزحام تقترب يد من يديه تلامسه تسبح علي ظهره إنها يد تختلسه تطرده حتى من وحدته يلتفت لمن يضن عليه بتركه لنفسه يجدها تبتسم إنه يتذكر هذا الوجه وهذه المرأة التي تتوشح بالسواد منذ سنوات الأرملة التي تسكن الحارة تبتسم مرة أخري وتجذبه من يديه وتدخل به إلي منزلها وهو مستسلم لها تماماً كطفل ضل طريقة تشعل سيجارة وتلقيها في فمه تلقي بردائها الأسود بعيداً وتطلق عنان شعرها الأسود الطويل التي تتخلله خصلة بيضاء كنور مصباح في ليلة غير قمرية ، تبدو وكأنها عروس البحر أو إلهة جمال خرجت من مصباح مسحور كما في الأساطير ، وكيف اخفي الرداء كل هذا الجمال من خلفه . تقترب منه بخطوات راقصه وبصوت أمتلئ بالنعومة والدلال لماذا لم تأتي لمنزل جدك منذ زمن طويل ، يقول لها كان قدر أبي الاغتراب والموت بعيد عن دياره وكان ميراثي أيام أقضيها هنا وأعوام في قدر أبي وغربته ، تضحك ضحكات تزيد لهيب الصيف لهيباً وهي تسأله ألا تحب مدينتنا متلعثما مرتعشا أحبها ولكني أحب مدينة اغتراب أبي ، مدينتي كالزوجة هناك الدار والأم وكل الأيام ومدينتكم كالعشيقة ذكريات ولهفة وحرمان يزيد شوقي لها وانتظر كلما جاد بها الزمان ، تلتقطه بين أحضانها وهي تصرخ أنا الذي زاد شوقي بقدر حرماني وهو كغريق بين أحضانها ترميه بأمواجها العاتية علي أي شاطئ تريده ، وقد أختلط صوت تأوهاتها في أذنه مع أصوات صرخاتهن وزغاريدهن .
#سامي_فؤاد74 (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|