|
نظام الدولة ... وضياع الموارد
هاشم محمد عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 3775 - 2012 / 7 / 1 - 12:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبقى هاجس الارتقاء بسمعة الدولة ومكانتها بين الدول من اولويات الحكومات ، حيث أن جميع الامم والشعوب تصبو الى ما هو أفضل ، والى وضع يحقق لها الرفاهية والمكانة المرموقة بين بقية الشعوب، وذلك بأستخدام الموارد المتاحة في البلد من ثروة وموارد طبيعية والاهم من كل ذلك هي الموارد البشرية ،هذه الموارد التي لاتؤخذ بنظر الاعتبار في عراقنا الجديد ، ولا يتم تأهيل هذه الموارد علمياً وأجتماعياً وفق تخطيط على درجة عالية من الاحترافية تهدف الى الغور في اسبار هذه الموارد واستخلاص جميع القدرات التي تكتنفها للوصول الى قمة الانتاجية والابداع والتي بواسطتها تدار بقية الموارد الطبيعية منها والصناعية والزراعية والمائية .الانسان العراقي هو محور هذه الثروة ، وتعزيز قدرات البلد يتأتى عبر تثقيف الفرد وجعله منتجاً لامستهلكاً .. وجعله يدير العملية الاقتصادية لا أن تكون العملية الاقتصادية خصوصاً ( في مرحلة الركود) تدير الفرد العراقي وتحتم عليه صيغة معينة من العيش يكون فيها مستنزفاً لجميع طاقاته البدنية والعلمية والفكرية من اجل لقمة العيش الكفاف ، هذه الصيغة حتمت ان يكون الفرد فيها طرفاً هامشياً وليس محوراً رئيسياً في معادلة ( التخطيط والانتاج وصنع المستقبل ) ، لقد دابت جميع الحكومات العراقية المتعاقبة على جعل الفرد العراقي متلقياً ليس له دور في بناء الاقتصاد او عملية تطور البلد حتى وأن كان ضمن الهيكل الاداري والوظيفي للدولة ‘ فكل المطلوب منه ان يقضي عدد الساعات المطلوبة منه خلال الدوام في انتظار نهاية الشهر ليقبض مرتبه بغض النظر عن جدوى عمله ، ونظام الدولة يطلب من جميع الافراد الارتباط به والعيش على ( كرمه) لذا لم تنسى الدولة بقية الفئات التي هي خارج النظام الوظيفي ، وذلك بأن استحدثت (رواتب الرعاية الاجتماعية ، ورواتب العاطلين عن العمل ، ورواتب لجميع اصناف المرأة من مطلقات وأرامل اضافة الى اصحاب العوق البدني والعقلي ..) . بهذا الاجراء فان نظام الدولة قتل الابداع لدى جميع افراد الشعب العراقي ، حطم مفهوم العمل والانتاج والمنفعة الاجتماعية وتدوير رأس المال وهمش بشكل كبير دور القطاع الخاص الذي يمثل نسبة 70% من الموارد البشرية في العراق .لقد تحول المجتمع العراقي من مجتمع ابداعي انتاجي يعرف كيف يستثمر جميع الطاقات المتوفرة الى مجتمع استهلاكي خارج معادلة النمو الاقتصادي ، يعتمد على الايراد المادي والذي يتأتى بالعديد من صور ( البطالة المقنعة ) لينفقها على كل شيء مستورد بدءاً بالغذاء وأنتهاءاً بالملبس والخدمات الترفيهية . وأذا لم يستدرك الامر فان هذا النظام سوف يقضى على أهم ركيزة من ركائز الاقتصاد الرصين الا وهي الموارد البشرية ، عبر الوسائل البدائية في اساليب الادارة والعشوائية في مناهج التعليم والفردانية في تقنيات التخطيط للاعداد الهائلة من الخريجين في الكليات العلمية والتخبط وغياب التوزيع للمؤهلات في مفاصل الدولة ، وهذا يتلخص في التناقض التام مع القول المشهور " الرجل المناسب في المكان المناسب" ، ولو عرجنا قليلاً الى سوء استغلال بقية الموارد المتاحة في البلد ومنها الموارد المائية ، فيكفي الحديث عن كلمة (سوء) لتنطبع على جباهنا علامة ( اسوء ادارة للموارد المائية في العالم ) وذلك ببساطة لوجود اعظم نهرين في العراق مع عشرات الروافد والتفرعات والبحيرات والمياه الجوفية والمشاريع العملاقة كالسدود والنواظم وغيرها التي من المفروض ان تغطي وتصل الى اي بقعة يابسة ، لكن بلدنا يشكو الجفاف وزحف التصحر الذي يهدد مساحات شاسعة من الاراضي الخضراء في وطننا وأنخفاض الناتج الزراعي وعزوف الفلاحين عن مهنة الزراعة والوقوف في طوابير التقديم الى الوظائف الحكومية .وي تبع ذلك انقراض الثروة الحيوانية ومشاريع الثروة السمكيةواندثار الالاف من فرص العمل والاكتفاء الذاتي . بينما "حكومتنا " منشغلة في كيفية احكام قبضتها على البلد واستفرادها بالقرار السياسي وكيفية احباط مخططات معارضيها وتوظيف جل ميزانية الدولة على شراء الذمم واستمالة المعارضين من أجل البقاء اطول فترة ممكنة في الحكم ، ترى هل هذه هي الوظيفة الرئيسية للحكومة ، في الوقت الذي يتطلب منها القيام بحملات وكنية من اجل اصلاح النظام الاداري وأستغلال الكفاءات العلمية والاكاديمية للموارد البشرية العراقية ، وأصلاح نظم الري والنهوض بالواقع الزراعي والقيام بنهضة صناعوية وفق أحدث الابتكارات والنظم العلمية حتى لو تطلب الامر استقدام خبراء أجانب لفترة محدودة على ان تنقل خبرتهم للطاقات المحلية . وهذا يقلل الاعتماد على المصدر الاحادي للاقتصاد والذي هو النفط ... الذي لن بساعد على النمو الاقتصادي في مثل حالتنا ( الشاذة) .
#هاشم_محمد_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كثر الرعاة ... والقطيع واحد
-
العراق فوق صفيح ساخن
-
دستور عند الطلب
المزيد.....
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
-
مقتل نحو 30 شخصا بحادث -مروع- بين حافلة ركاب وشاحنة في البرا
...
-
السفارة الروسية في البرتغال: السفارة البرتغالية في كييف تضرر
...
-
النرويج تشدد الإجراءات الأمنية بعد هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. السيسي يكشف حجم الأموال التي تحتاج الدولة في السنة إلى
...
-
رئيس الوزراء الإسباني يجدد دعوته للاعتراف بدولة فلسطين
-
-كتائب القسام- تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري
-
السلطات في شرق ليبيا تدعو لإخلاء المنازل القريبة من مجاري ال
...
-
علامة غير عادية لأمراض القلب والأوعية الدموية
-
دراسة جديدة تظهر قدرة الحليب الخام على نقل فيروسات الإنفلونز
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|