عبد الرزاق السويراوي
الحوار المتمدن-العدد: 3773 - 2012 / 6 / 29 - 16:33
المحور:
الادب والفن
إنْدماج
تثاقلها في سيرها كان يوحي أنّها تعدّتْ الخمسين وربما حتى الستين , فيما هو ما زال في مقتبل العمر .. لم يكونا , في تلك اللحظة , على موعد , فقط , جَمَعَتْهُما حاجة التبضّع من السوق المزدحم كالعادة في ضحى كل صباح .. قرّر عبور الشارع ثمّ تريّث قليلاً , كانت هي الإخرى تهمّ بالعبورنحو الجهة الإخرى , خمّنَ , بل أيْقن , أنّها سوف لا تتمكّن من العبور بسهولة , فشدة الزحام تبتلع كل الفراغات .أمْسكَ بيدها وسارا ببطء بضع خطوات .. قبيل وصولهما منتصف الشارع أصْبحتْ رغبتهما في عبور الشارع حيث الجهة الإخرى , مستحيلة تماماً , فالمكان بأسْره هزّهُ إنفجار عنيف لم يبْقِ من جسديهما سوى بضع قطع متناثرة من اللحم المتفحّم ..
رغبة
الأهل وبعض الأقارب والمزيد من ألمٍ مزمنٍ , أحاطوا بها حيث تتمدّدُ الآن فوق سريرها . وما كان لأحدٍ , من جميع الموجودين , يعرف كيف هي تتوّسل بذاكرتها التي أنهكتها سنوات المرض , بأن تسْتحْضر أمامها , صورة إبنها . كانت تلك الليلة البعيدة , باردة جدا ومظلمة , لحظة القبض عليه في البيت . لكنّ توسّلها ورغبتها فشلا في تحقيق ذلك , فجسدها المتعب سكن كليّاً وما عاد فيه أيّ نبض يحقق لها هذه الرغبة فقد خاصم الحياة في اللحظة الأخيرة ....
#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟