أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هشام صالح - كيف نفهم الأدب ؟ ( نقد النظرة اللينينية نحو الأدب )















المزيد.....

كيف نفهم الأدب ؟ ( نقد النظرة اللينينية نحو الأدب )


هشام صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3772 - 2012 / 6 / 28 - 08:57
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في كل ظرف أو مشكلة أو حالة سياسية أو أجتماعية معينة نجد الأدب يتغلغل ليطرح حلولاً أو أسئلة حول تلك المشكلة أو الحالة . لا يمكن فصل الأدب عن الظرف السياسي و الإجتماعي , فالظروف هي التي توجد الأدب , و لكننا لا يمكننا أن نحصر هذا المفهوم للأدب على أنه المفهوم الصحيح و المطلق و إذا أردنا أن نحصر هذا المفهوم للأدب فنستطيع أن نتحدث عن الأدب ساعات و صفحات , بحروف و كلمات فارغة , بأن الأدب مرآة المجتمع ألخ ..
و لكن لا بد منا أن نصدم القارئ , القارئ المتفتح الذهن طبعاً , بأن الأدب ليس مرآة المجتمع , ليس من واجبه أن يكون مرآة المجتمع , ليس من واجبه أن ينقل المجتمع بحروف جافه و مباشرة جداً . و بهذا , ما هو الأدب إذن ؟ أو كيف نفهم ما هو الأدب ؟ , ليست هناك إجابات صحيحة مطلقة لمفهوم معين , تماماً مثل الثقافة أو سايكولوجية الإنسان , ليس هناك تشخيص أو معنى محدد لحالة معينة و محددة , و لابد منا أن نتحدث بكوننا – سابقاً - من قدمنا تأييدنا للأدب الواقعي الإشتراكي و وقفنا ضد الأدب " الشكلاني " الذي يعتبر أدباً " برجوازياً " أو له ميول " برجوازية " , و نقول بكل صراحة بأن العقلية التي تصنف الأدب في خانات محددة و معينة هي عقلية لا تريد أن تفهم الأدب أو لا تحب جوهر الأدب , و هذه مشكلة اللينينيين – سيكون ظلماً لو قلت ماركسيين – الذين يتبعون كتابات لينين حول الأدب , لينين أساساً – و مع الأسف الشديد- أراد للأدب أن يكون عبداً للحزب , و قد نادى بسقوط الأدب اللاحزبي , و هنا تكمن المشكلة , فأن في زمن لينين كان الأدباء و الكتاب و الفنانون " البرجوازيون " يميلون نحو الطبقة الحاكمة تبجيلاً لها و تقديراً , و لينين بشكل أو آخر كان لا بد منه أن يعلب الأدب و يجعله حزبياً لينشر الوعي ألخ , لكن المأساة الحقيقة هي أن هؤلاء اللينينيون لا زالوا يتبعون ما يقوله لينين , لا زالوا يعلبون الأدب كما علبه لينين في 1913 , فهم يقدمون للأدب فهماً و تحليلاً ليس فقط غير صحيح بل قديم و لا يصلح لهذا الزمن الذي تغيرت فيه مفاهيم الأدب . فأول لمحات الفهم للأدب هو التخلي عن تصنيفه في خانات معينة , فالأدب هو الأدب ,سواء كان شكلانياً , مستقبلياً , واقعياً , و اقعياً إشتراكياً ألخ , لا يمكننا أن نقول أن كل الأدب الذي ينتمي إلى الخانة الشكلانية و المستقبلية هو أدب دنيء .
الخضوع للإيديولوجية او الممارسة الإيديلوجية اللينينية تفرض على تابعيها رفض الأدب اللاحزبي و الانحياز نحو التحليل المطلق الجاف و السطحي , لا يقرأ المحتوى بل يقرأ تصنيف هذا الأدب , مثل الصيدلي الذي يرتب أدويته فيضع دواء " ألم الرأس " في خانة " ألم الرأس " من دون أن يجرب إذ كان هذا الدواء يعالج ألم الرأس أو لا , فهو يصنف الأدوية لا أكثر و لا أقل , و الأمر سيان مع اللينيني الذي يصنف الأدب من دون أن يقرأ , فكل الأدب الغير واقعي إشتراكي أو من دون بطل إيجابي فهو مرفوض , لا تهمه اللغة أو الإسلوب , يريد فقط عمالاً يعلنون إضرابهم و يستشهدوا و المهم في النهاية ان ينتصروا على الرأسماليين . وفي الحقيقة هذا النوع من التصور غير واقعي كما يقول البعض , فالطبقة الكادحة أو العاملة ليست بهذه الإيجابية في الواقع , فأنهم يتعرضون للإهانات و الشتائم و المرض و الموت – تحدثاً عن الأوضاع في القرن العشرين - فهذا النوع من الإيجابية المفرطة تصبح غير واقعية كما يريدها البعض , و فوق ذلك , لا ينفك أخواننا اللينينيون أو الستالينيون من التوقف , بل يقولون يجب علينا أن نكون بهذه الإيجابية , كيف ؟ , أن فوز البروليتاريا هو أمرٌ حتمي , و هنا نلاقي مأساة أخرى , مأساة تتعلق باللوحات التي حصر اللينينيون التاريخ بها , فالنظر إلى التاريخ بشكل حتمي و مطلق ينعكس على الأدب , فالأدب لابد منه أن يكون إيجابياً لأن البروليتاريا عاجلاً أم آجلاً ستحظى بفوزها و دكتاتوريتها ! , فثاني ملمح لفهم الأدب هو إزالة القشرة أو الهيمنة الإيديولوجية عند تحليل أو النظر إلى الأدب , فالعقل المأدلج يصنف الأدب إلى خانات و يحصر الأدب في مفهوم مطلق بمفاهيم القرن العشرين , فالضعف التحليلي هنا يسببه الخضوع للأيديولوجية المسيطرة .
و هنا ننتقل إلى الموضوع الأكثر أهمية , ما هي مشكلات العقل المأدلج الذي يصنف الأدب في خانات و مفاهيم مطلقة و محددة؟ في الساحة السياسية أو الفنية بشكل خاص لا يشكل أي مشكلة على الأدباء الآخرين , بل وجود عقول مأدلجة تنتقد الأدب و الأدباء الآخرين في الساحة الفنية يعتبر هدراً للوقت و الأوراق و الأقلام , فالنقد الذي يعتمد على أساس إيديولوجي جامد ليس نقداً بل نهيق من دون أي جدوى , و لكن حين يتعدى هذا الأمر من حدود الساحة الفنية أو السياسية نوعاً ما , إلى حدود تتعلق إلى حكومة أو دولة تعتمد على أساس إيديولوجي جامد يصبح الأمر خطيراً , فالحكومة السوفييتية – ذات الفكر اللينيني – منعت أي فن أو أدب غير واقعي أو ماركسي , فهذا النوع من الجمود و التعصب في مسألة الفن – بشكل عام – أهدر مجهوداً لأناس غير موهوبين , و أضاع مجهودات فنانين موهوبين بشكل لا يصدق , فمنذ بداية تأسيس الإتحاد السوفييتي إلى آخر يوم , لم نجد فناً أو أدباً يستحق القراءة بإستثناء حفنة قليلة من الأدباء و الفنانين الذين تعرضوا إلى إنتقادات و تهم عديدة , بالرغم من كون روسيا بلد الأدباء – دستوفسكي , تولستوي , بوشكين و غيرهم – لكن الحكومة السوفييتية أعتمدت على أساس أيديولوجي يطرح الأجوبة قبل الأسئلة , فهذا النوع من الطرح الأيديولوجي بشكله الصارم أدى إلى كتابات تمردية و شكلانية , مثل ماياكوفسكي و سولجستين و غيرهم , و هنا بطريقة ما تذكرت مقولة تروتسكي بأن دكتاتورية البروليتاريا تمنح فرصاً أكبر لظهور العبقرية و الإبداع , و لكن مع الأسف الشديد هذا الشكل من دكتاتورية البروليتاريا السوفييتية لم تقدم أو لم تسمح لأي ملمح من ملامح العبقرية خارج إطار الماركسية للظهور بل تم قمعها .
فكيف نفهم الأدب ؟ , الأدب لا يحتاج إلى فهم و تأويل بل هناك ملامح - إذا صح القول - لفهم الأدب , الأدب لا يشيخ أبداً , الأدب دائمأً كان حيوياً و يظهر عند كل مشكلة أو حالة ليطرح الحل , بشكله الواقعي أو الشكلاني , فكل أنواع و فروع الأدب كانت تقدم حلولاً للمجتمعات , و لكنها لم تكن ابداً مرآة للمجتمع , ليس من واجب الأدب نقل المجتمع مثلما ينقل المذيع الأخبار , الأدب دائماً و بشكل حصري ينتمي إلى أولئك من يمتلكون مخيالات شاسعة , إلى هؤلاء من يستطيعون فهم المآسي التي تصيب الإنسان من قبل الحكومات أو الشركات أو المصانع بقراءة كلمات بسيطة تخلو من المعنى المباشر و لكن ممتلئة بالشكل , الأدب ينتمي إلى من يستطيع فهم المعنى من خلال الشكل و ليس بالعكس , الأدب مثل المرأة لا يمكننا فهمها و لكننا لا يمكن الإستغناء عنها .

(( الشيوعي الحقيقي هو من يحرق جسور العودة )) – فلاديمير ماياكوفسكي



#هشام_صالح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موضوعات حول الدوغمائية :الجذور الفكرية للدوغمائية في الماركس ...
- موضوعات حول الدوغمائية : لا تتوقف عن التساؤل
- موضوعات حول الدوغمائية : الستالينية - المشكلة الأساسية للمار ...
- موضوعات حول الدوغمائية : في نقد التصنيفات الدوغمائية
- موضوعات حول الدوغمائية : المقدمة


المزيد.....




- م.م.ن.ص// من يمول الإبادة الجماعية؟ ومن يسهلها؟
- حزب النهج الديمقراطي العمالي المكتب السياسي :بيان للرأي العا ...
- بلاغ إخباري للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع
- لا لإعادة تسليح الاتحاد الأوروبي! لا لاتفاقية ترامب – بوتين ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 14 أبريل 2025
- هجوم جديد على الفقراء والعمال بزيادة أسعار الوقود والاشتراكي ...
- مكاسب الشغيلة المهددة، وتكتيك بيروقراطية المنظمات العمالية، ...
- في أجواء عائلية حميمية.. الجالية العراقية في فرنسا تحتفي بال ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 596
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ترفض “سفن الإباد ...


المزيد.....

- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هشام صالح - كيف نفهم الأدب ؟ ( نقد النظرة اللينينية نحو الأدب )