التيار اليساري الوطني العراقي
الحوار المتمدن-العدد: 3770 - 2012 / 6 / 26 - 02:46
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
البرنامج السياسي :المُقر في الاجتماع السنوي الخامس - 25 آيار/ 5 حزيران 2012
التقديم
يعيش شعبنا و وطننا , مأزقا ً تاريخيا ً ومحنة ً خطيرة وشاملة , متعددة الأوجـه والمستويات , أستهدفت وتستهدف وجودهما ومستقبلهما , كنتيجـة مباشرة للغزو والإحتلال العسكري الأميركي , وما نجم عنـه من تبعات العملية السـياسية التي أقيمت على اسـاس المحاصصة الطائفية والعرقية , بعد حقبة طويلة وقاسية تحت حكم دكتاتوري فاشي تميز بالقمع والأسـتبداد والحروب بالنيابة عن الامبريالية والصهيونية وماتبعها من حصار مدمر فرض على الشعب العراقي وليس على ذلك النظام البعثي الفاشي العميل .
كان إحتلال بلادنا مشـروعا ً داخلا ً ضمن الإستراتيجية الأميركية منذ أمد بعيد ليس له أية علاقة بالأسباب التي أعلنت لشن الحرب عليها وإحتلالها , وهو كهدف كان موضوعا ضمن مخططاتها الحربية الأقتصادية الرامية للسيطرة على المنطقة ومنابع النفط فيها , ولحماية المشـروع الصهيوني .
وعلى هذا الأسـاس فإن التيار اليسـاري الوطني , ينطلق من رؤية وطنية ثابتة وواضحة , تستند إلى مبدأ المواطنة, ونهج راسخ في تحديد وتبني مواقفه وسياساته النابعة من الحرص على مصالح ِالشعب والوطن للمسـاهمة في إنقاذهما من المحنه,التي يمران بها .
واليسار العراقي هو أحد القوى الرئيسية والمتجذرة في المجتمع العراقي وهو قوة حقيقية وفاعلة في الحركة السياسية والثقافية والإجتماعية والمهنية في بلادنا , وقد شارك بفاعلية ونشاط في مسيرة الحركة الوطنية العراقية . وهو ليس وليد صدفة تاريخية, بقدر ماهو ضرورة إجتماعية وسياسية أفرزتها متطلبات الدفاع عن الوطن والشعب بمختلف طبقاته وفئاته ضد دسائس ومؤامرات الأنظمة الرجعية والتابعة , وفي هذا الظرف بالذات تتأكد هنا الحاجة للوقوف ضد الإستغلال والدكتاتورية الجديدة والإستبداد والقمع والطائفية والتخلف والفسـاد وأذرعتها المتمثلة بالمليشـيات وفرق الموت .
إن إنعدام الخدمات الأساسية , وتخريب وتفكيك المجتمع وبناه التحتية, وتحطيم الحياة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية هي حالات أوجبت ضرورة بروز تيار يساري وطني قوي وفاعل لمواجهة هذه المخططات الخطرة .
ولقد شكلت المواقف الوطنية لهذا التيار نواة نضاله ضد الحرب العدوانية والغزو ومن ثم الإحتلال الأميركي لبلادنا وضد الأرهاب والطائفية ومجاميعهما المسلحة , وهو خير دليل على إن هذا التيار اليساري الديمقراطي يمتلك مفاتيح المستقبل والنجاح والقدرة على التصدي وإنجاز المهام الوطنية الملقاة على عاتقه والمتمثلة في السعي لتحقيق الإستقلال وإستعادة السيادة الوطنية, وتعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق التقدم والتطور والتنمية والبناء والرفاه الإجتماعي .
المبادئ الثورية ثابتة وأن تمظهر جوهرها وفق مستلزمات الظروف التأريخية المتنوعة
فقد عبر القائد الثوري الشهيد سلام عادل في كلمة له عام 1956عن الثقة المطلقة بأنتصار الشعب العراقي على الاستعمار البريطاني قائلا :
" لقد عرف عراقنا منذ القديم بأنه أرض العزة والكرامة ووطن الأفذاذ من رجال الحرية ورواد الفكر, وعرف شعبنا العراقي منذ القدم, بانه الشعب الذي استعصى على طغيان الحكام, وبطش الولاة, وبربرية الغزاة.فمنذ قرون وثورات الجماهير وانتفاضات عبيد الأرض, تشتعل على أرض العراق .. في سهول الجنوب وعلى ذرى كردستان. لقد هزم الباطل في العراق مرة بعد أخرى, وأخفقت على مر الأزمان, كل السياسات التي أريد بها لهذا الشعب أن يستكين ويخضع,ويحني هامته تحت وقع سياط الغزاة والمعتدين.لقد ظل هذا الشعب أمينا لأمجاده التاريخية ولتقاليده النضالية. ومن جيل الى جيل كانت راية النضال تنتقل,وحولها يتساقط الشهداء.واليوم اذ يجهز الاستعمار الجديد بكل قوته وبمعونة أشر عملائه على الوطن والشعب,محاولا أن يطفئ جذوة الحرية في عروقه ويسخر من تاريخه, تنبري من بين الصفوف,كما انبرت في السابق, طلائع الأحرار من ابناء العراق, فتنزل الى ساحة الصراع قوية واثقة من نفسها,أمينة على تاريخ الوطن وتقاليد الاسلاف,مصممة تصميما لا رجعة فيه على دك صرح السياسة المعادية للشعب ,ورد كرامة الوطن الجريح.ان الشيوعيين العراقيين,الذين يحملون في قلوبهم آمال الأمة,ويجسدون في عملهم الكفاحي وفي ميزتهم الثورية أفضل سجايا المواطن العراقي الباسل الشهم , سيتابعون الى النهاية رسالتهم التاريخية التي وهب حياته ثمنا لها قائدهم ومؤسس حزبهم الشهيد يوسف سلمان يوسف - فهد- ورفيقاه حازم وصارم,حين اعتلوا اعواد مشانق الاستعمار البريطاني من اجل حرية العراق . ومئات القوافل من الشهداء, سيظل الشيوعيون العراقيون يتابعون سيرهم الدائب النشيط في الدرب المقدس الذي سلكه من قبلهم شعلان ابو الجون,والحاج نجم البقال,والخالصي والشيرازي وشيخ محمود ابو التمن وحسن الأخرس ومصطفى خوشناو ..سيظلون كما خبرهم الشعب ايام المحن , رجالا متفانين لا يعرفون الخور ولا التردد,أسخياء في البذل والتضحية,لا يضنون بحياتهم وحريتهم وأعز ما يملكون في سبيل حرية الشعب وعزة الوطن.ان عقرب الزمن يشير الى نهاية حكم الاحتلال وعملائه وشيكة لا محال
ان آفاق المستقبل القريب مفعمة بالأمل وأمام القوى الوطنية أن تعالج الموقف بيقظة تامة وبروح واثقة مقدامة ..وأن اقصى ما يكافح حزبنا من أجله هو أن يحقق التزاماته التي قطعها لجماهير الشعب, وأن يبرر الثقة العظمى التي وضعتها فيه, وأن ينهض بقسطه في هذا الواجب التأريخي النبيل.
بعد اقل من عامين على كلمة القائد الثوري الشهيد سلام عادل هذه, فجر الشعب العراقي ثورته الخالدة , ثورة 14 تموز 1958 ليطيح بالحكم الملكي العميل ويحرر العراق من ربقة الاستعمار البريطاني , ثورة حققت منجزات كبرى للشعب والوطن
سقوط الفاشية واحتلال العراق
إذا كان النظام البعثي الفاشي قد مهد الأرضية للإحتلال الغاشم , بحكم وظيفته المكلف بها منذ تأسيسه كحزب في العام 1947 , والتي تتمثل في الوقوف بوجه المد الشيوعي القادم من الشرق , والتي تجذرت في قيادته للإنقلاب الدموي الفاشي في 8 شباط 1963 وإستلامه السلطة عبر مؤامرة مدعومة من وكالة المخابرات المركزية وبريطانيا , كما إعترف بذلك بعد حين عدد من كبار قادته , ومهمته المتمثلة في قطع طريق التطور أمام ثورة 14 تموز 1958 المجيدة والمفضي إلى تأسيس الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة , الرامية إلى تحقيق مجتمع الكفاية والعدالة الإنسانية .
ومع إستمرار وتواصل حاجة الإمبريالية الأميركية لخدمات حزب البعث الفاشي , ضمن إستراتيجيتها الجديدة في نهاية الستينات والسبعينات من القرن الماضى والقاضية بمواجهة المد اليساري الثوري العالمي عبر مساندتها لمختلف الحركات المناهضة لهذا التيار وفي المقدمة منها حزب البعث. لذلك وجدناها مرة أخرى تسانده وتدعمه في إنقلاب 18 تموز 1968 والذي جعله يقفز إلى السلطة . لتعود وتسقطه في 9نيسان 2003 بعد استنفاذ الحاجة للبعث الفاشي , فالمرحلة الجديدة تتطلب أمتطاء القوى الاسلامية.
المنطلقات الأساسية للبرنامج السياسي
حول المرجعية الفكرية
1-يسعى اليساريون العراقيون لإعادة بناء الحركة اليسارية العراقية القادرة على لعب دورها الوظيفي-التاريخي، هذا الدور الذي تراجع وضعف خلال العقود الأخيرة.بفعل عوامل ذاتية على الاغلب وموضوعية في بعض الأحيان.
2 ـ مهمة استعادة الدور الوظيفي- التاريخي لابد أن تستند إلى الفكر اليساري وكل الفكر الانساني التقدمي الداعي الى إقامة نظام العدالة الاجتماعية وحقوق الانسان وانهاء استغلال الانسان لأخية الانسان ,بأعتبار الانسان أثمن رأسمال في الوجود , هذا الفكر اليساري والانساني التقدمي الذي يتطور بتطور الحياة ويتجدد بتجددها, ويتصلب عوده في النضال ضد الميلين اللذين يعيقان هذا التطور، وهما: العدمية والنصوصية. إذ بعيش الميل العدمي حالة الانغلاق التام عن الفكر التقدمي الانساني بدعوى تجاوز الزمن له , أما الميل النصي فيعاني من حالة الالتزام النصي التام وجعله قوالب جامدة مقدسة.
3 ـ لذلك تبقى مهمة اكتشاف وصياغة الثابت والمتغير في النظرية الثورية المسترشدة بالفكر اليساري والانساني، مهمة دائمة يفرضها تطور الحياة المستمر بكل تعقيداتها وجوانبها الجديدة.
-4إن كانت العدمية تسعى لنسف النظرية الثورية بحجة التجديد، فإن النصية تقوم بدفنها بحجة الثبات على المبادئ.. إن هذين الانحرافين يكمّل واحدهما الآخر، لذلك فإن إضعاف أحدهما يعني إضعاف الآخر وصولاً إلى زوال تأثيرهماو وهذا ما نناضل من أجله.
- إن التعامل مع النظرية الثورية كعلم متجدد هو الذي يضمن تطورها ويحولها إلى سلاح فعال في يد اليساريين في التعامل مع الواقع الذي تغتني منه باستمرار.
-5إن الانقطاع عن الواقع هو أحد الأسباب الرئيسية لعدم قدرة اليساريين على تجديد النظرية الثورية، كما أن عدم الاعتراف بمبادئها الرئيسية الثابتة والابتعاد عنها يؤدي بدوره إلى خلل في تفسير الواقع.
-6لقد كانت النظرية الثورية دائماً نظرية للتغيير الثوري للمجتمع، وهي لابد أن تستند إلى تفسير صحيح له لإنجاز مهمتها.. لذلك فإن أي خلل في التفسير يبعد إمكانية التغيير، كما أن الابتعاد عن الواقع المطلوب تغييره لا يسمح بشحذ الفكر اليساري والانساني التقدمي كي يبقى سلاحاً فعالاً.
.
المبادئ العامة للتيار اليساري الوطني العراقي
1-يؤمن التيار ويعمل على إحترام حق الناس في التعبير عن آرائهم وبحرية تامة , وعلى نبذ إستعباد الشعوب بإستخدام مظاهر القوة المسلحة ويدين التدخل الفظ في الحرية الشخصية للإنسان تحت أي مسمى , ويعتبر الحق المتساوي للمواطنين كافة على إختلاف أجناسهم ومذاهبهم ومشاربهم في العمل والدراسة والثقافة وإحترام الكرامة الشخصية حجر الزاوية في تكوينه ونضاله.
2- الانتماء للتيار مفتوح أمام الناس بكافة مشاربهم الدينية والقومية والطائفية والعرقية.. تيار يساري طوعي يجد كل عراقي في برنامجه شيئا ما من احتياجاته ومشاغله
3- يتوجه التيار اليساري إلى العمال والفلاحين والكادحين والكسبة والمهمشين وكافة شغلية اليد والفكر وكل من يرى في العدالة والحرية واجبا ..جميع هؤلاء هم من يشكلون نسيجه الاجتماعي والتنظيمي والفكري والحاضنة التي ينطلق منها لمعالجة مشاكل العراق.
4- يحترم التيار خيارات المواطنين بالتعددية و الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة .
5- يحافظ التيار على هويته السياسية واستقلاليته ويبتعد عن كل التجاذبات السياسية القائمة واضعا ً في المقام الأول الحفاظ على الهوية الوطنية العراقية ، والنزاهة ،وإعتماد معايير الكفاءة والسيرة الحسنة في التكليف في المهام الرسمية ، ويؤكد على إحترام إستقلالية القضاء ومنحه السلطة والفرصة الخالية من أي تدخل لملاحقة والإقتصاص من كل أولئك الذين أجرموا بحق الشعب العراقي من المسؤولين السابقين واللاحقين .
6- يرفض التيار المعايير المزدوجة والإنتقائية في كل التعاملات ويقدم أداء ًسياسيا ًمتكاملا ًلا يخضع للمساومات السياسية الآنية كمعيار وحيد وأساسي في أي عملية حوار هادفة وبنائة مع الآخر.
7- يحترم التيار كل المدارس الفكرية والثقافية والفنية ويفسح المجال واسعا لكل مبدع للتعبير الحر عن أفكاره
8- يشجع التيار مشاريع البحث العلمي والثقافي والفكري والحوار الإنساني , ويعمل على إنشاء المؤسسات والمدارس والهيئات التي تنظم ذلك .
9- يحرص التيارعلى أن تكون الممارسة السياسية هي الأساس وفوق التنظير في الحكم على النجاحات والإخفاقات وان يقدم من نسيجه التنظيمي شكلا ينطلق نحو رحاب المجتمع في التأثير والمثال و السلوك.
10- يحترم التيار مصالح الناس الذاتية المتمثلة في حق الحصول على العمل والتعليم والتدرج السياسي واعتبار الذات الفردية مشروعا ثمينا يجب العمل عليه وتطويره وتنميته .
المهام الوطنية الآنية
إن صورة احتلال العراق تعلن عن هويتها بالإبادة الجارية للشعب العراقي، التطهير العرقي والطائفي، التهجير المليوني للسكان، التدمير الشامل للبنية التحتية للبلد، النهب الشامل للثروات، وصولاً إلى الهدف النهائي، تقطيع أوصال الوطن إلى إقطاعيات طائفية عنصرية.
ان الطبقة العاملة العراقية المتحالفة مع الفلاحين وسائر الكادحين، هي القادرة بالتعاون مع كل القوى الوطنية المعادية للاستعمار والاحتلال، على مواجهة هذا المشروع الإمبريالي الصهيوني الجهنمي، وبالتالي إنقاذ الوطن من التقسيم وتحريره وإقامة الدولة الوطنية الديمقرطية المدنية وتأسيس جمهورية العدالة الاجتماعية.
ان القوى الوطنية العراقية على مختلف اتجهاتها الفكرية تواجه لحظة تاريخية عنوانها وجود او عدم وجود العراق, فهاهي القوى الاقطاعية الطائفية الاثنية الفاسدة تكشف عن مشاريعها السوداء, وتشعل شرارة بدء حرب تقسيم العراق باعلانها الاقاليم, وصولا الى تنفيذ خطة بايدن في تفتيت العراق النموذج " الديمقراطي الامريكي " الذي يراد تعميمه في المنطقة العربية, عبر تقسيم ما هومقسم خدمة للمشروع الصهيوني القاضي بتحويل الكيان الصهيوني " دولة يهودية" , تهيمن على الاقطاعيات الطائفية الاثنية . ولا خيار امام القوى الوطنية العراقية سوى الخيار الوطني المقدس, الا وهو التصدي لهذا المخطط الامبريالي الصهيوني والقوى العميلة المرتبطة به.
ان التيار اليسار الوطني العراقي يدعو جميع القوى الوطنية العراقية دون استثناء, القوى الوطنية المستعدة الى انشاء الكتلة الوطنية التأريخية والاعلان من ساحة التحرير وسط الجماهير المضطهدة عن حكومة الانقاذ الوطني وفق برنامج المهام الوطنية التحررية الكبرى المتمثلة بالتالي :
اولا: ضمان انسحاب قوات الاحتلال الكامل من العراق المقترن بغلق السفارةالامريكية والملاحقة القانونية للقيادات السياسية والعسكرية الامريكية لانزال العقاب بها على جريمة العصر, جريمة تدمير العراق ونهب ثرواته ومحاولة ابادة شعبه.
ثانياً : الغاء جميع الاتفاقيات والقوانين الموقعة والصادرة تحت حكومات الاحتلال وتقديم كل من تورط في التعاون مع المحتل الى القضاء واجراء المحاكمات العلنية لينالوا العقاب العادل.
ثالثاً : اعادة بناء الجيش العراقي الوطني على اساس قانون الخدمة الالزامية المحددة بعام واحد غير قابلة للتمديد مع حق المجند في التطوع والاستفادة من القيادات العسكرية الوطنية.
رابعاً : تقديم فلول البعث الفاشي وعصابات القاعدة الارهابية وقادة المليشيات الطائفية الاثنية الاجرامية الى القضاء والمحاكمة العلنية ,وتطهير مؤسسات الدولة الوطنية العراقية من بقايا البعث والقوى الطائفية العنصرية
خامساً : اصدار حزمة قوانين للفترة الانتقالية ومدتها عام واحد تضمن سلامة حدود الوطن وارضه ومياهه وسمائه والأمن والخبز والكرامة, حتى موعد اجراء الانتخابات الحرة التي ينبثق عنها المجلس الوطني العراقي ومن ثم الحكومة العراقية
ا
لقد كان التيار اليساري الوطني العراقي قد حدد موقفه من الانسحاب الامريكي المقرر وفق ما سمي بالاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الامريكية, إذ اعلن في بيانه الصادر في 30/10/2011 ( إن اللحظة التاريخية القادمة بتاريخ 31/12/2011 هي الموعد الفيصل بين الشعب والقوى والشخصيات الوطنية من جهة وكل أطراف ما يسمى بالعملية السياسية من جهة أخرى، وهي سوف لن تكون موعدا للانسحاب الكامل لقوات الاحتلال فحسب، بل موعدا لإجبار المحتل على الإقرار بعدوانه البربري على العراق وملاحقته في المحافل الدولية وإلزامه دفع كامل التعويضات عن جرائمه والخسائر البشرية والمادية الكارثية التي حلت بالوطن والشعب.).
- ويعلن في برنامجه اليوم أقرار وتأكيد حق شعبنا العراقي المشروع في مواصلة كفاحه لإنهاء بقايا الاحتلال،وإلغاء جميع الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية والسياسية مع الاحتلال، ورفض جميع أشكال ودرجات التبعية والنفوذ والهيمنة الخارجية. وتحقيق السيادة والاستقلال الوطني، والتمسك بالوحدة الوطنية.
- عقد إتفاقيات حسن الجوار وعدم الإعتداء مع كافة دول الجوار الإقليمي على أن تقوم على أساس الندية والتكافؤ وبالشكل الذي يضمن المصلحة الوطنية العليا وأستقرار الوضع الأمني في البلاد .
- العمل علىخدمة المجتمع , وبناء عملية سياسية وطنية ديمقراطية ,قائمة على الإيمان بالحرية وإحترام الآخر والتداول السلمي للسلطة واعتبار ذلك، المهمة الرئيسية والأولى، في عملنا الوطني.
- أقرار دستور دائم للبلاد وفق رؤية وطنية مستقلة، يضمن ويصون، حقوق المواطنة، والحقوق والحريات الأساسية، الشخصية والعامة.
- معالجة مشكلة فشل وانهيار الدولة، وتبني مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية.
- العمل على لإصدار قانون تحريم نشر الافكار الطائفية والعنصرية والعرقية واستخدام الدين كسلاح سياسي, ومعالجة جميع التشوهات السياسية التي أدت لنشوء حكم ديكتاتوري سابقا ً وما جاء بها الإحتلال حاليا .
- تحقيق الأمن والأمان، ومكافحة الإرهاب الإجرامي، الموجه ضد المدنيين الأبرياء، وكشف جميع مصادره وأشكاله، ومكافحة الجريمة المنظمة المتفاقمة.
- إلغاء قانون دمج المليشيات وتسريح كافة أعضائها الذين تم تعيينهم في الوزارات السيادية ( دفاع / داخلية) والتهيأة لتقديم من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين إبان الحرب الطائفية إلى المحاكم لينالوا جزائهم العادل .
- معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، القديمة والجديدة، والمعالجة الفورية لمشاكل البطالة والفقر والجوع، من خلال عملية إعادة البناء والتنمية الحقيقية والمخططة، من أجل بناء اقتصاد وطني متطور وفعال.
- إدارة وتطوير الثروات النفطية والطبيعية الأخرى، وفق قانون وطني، يعتمد ويحقق المصالح والحاجات الوطنية، الآنية والبعيدة.
- معالجة وحل مشكلة انهيار الزراعة، والكارثة الزراعية، التي يتعرض لها بلدنا، ومشاكل جفاف وشح مياه الأنهر والأهوار، ومشكلة التصحر الواسعة، وتوفير الأمن الغذائي الطبيعي.
- توفير الخدمات العاجلة والأساسية، من خلال خطط طارئة وفورية.
- الدفاع عن حقوق النساء والأطفال والشباب، خاصة النساء الأرامل، والعمل السريع والجاد لمنع التدهور السريع والشامل الذي تتعرض له النساء في بلادنا، والتمسك بجميع حقوق المرأة.
- إيقاف انهيار التعليم والثقافة والخدمات الصحية وتخريب القضاء.
- مكافحة ظاهرة الفساد المالي والسياسي والإداري.
- تقديم كل مرتكبي الجرائم والانتهاكات، السابقة والحالية، الى العدالة والقضاء الوطني المستقل، لتحقيق العدالة الانتقالية، والاعتذار الحقيقي، وإنصاف الضحايا، ونزع فتيل التوتر الاجتماعي والسياسي.
- إعادة بناء المجتمع وتأهيل قواه البشرية، بما يخدم أهداف البناء الوطني السليم.
- معالجة كوارث البيئة، والتلوث الإشعاعي، الناتج عن الحروب العدوانية ضد بلادنا.
- حل مشكلة المهجرين والمهاجرين، في الداخل والخارج، وأعادتهم الى بيوتهم ومدنهم وأعمالهم، مع مساعدتهم وتعويضهم عما لحق بهم من خسائر ومعاناة.
- العمل القانوني والسياسي والإعلامي، على تقديم مجرمي الحرب العدوانية على بلادنا، الى المحاكم الدولية، والحصول على تعويضات حقيقية، تتناسب مع الأضرار الفادحة، التي لحقت بشعبنا ووطنا.
- عودة العراق الى محيطه العربي الطبيعي، والمساهمة الجدية والفعالة، في كفاح الشعب الفلسطيني، ضد المشروع الإمبريالي الصهيوني العنصري، ودعم نضال جميع الشعوب العربية، من أجل التحرر والديمقراطية والتنمية والتقدم الاجتماعي.
ان الجمهورية العراقية الحرة الديمقراطية- جمهورية العدالة الاجتماعية , هي الهدف الذي كافح من أجله بنات وأبناء العراق الأبرار جيل تلو جيل ، منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة حتى يومنا هذا، في مسيرة معمدة بدماء الشهداء الزكية من أجل وطن حر وشعب سعيد.
إن التيار اليساري الوطني العراقي، يطرح برنامج الحد الأدنى، برنامج المهام الوطنية الديمقراطية، في بلد لم يستكملتحرره الكامل من الاحتلال الأمريكي . وتوجهاتنا الفكرية والسياسية المستقبلية، ذات أفق اجتماعي اشتراكي وديمقراطي حديث، هدفه تحقيق العدالة الاجتماعية ، تعتمد هذه التوجهات وتتبنى مطالب وحقوق الفئات والطبقات الاجتماعية بشكل عام والمهمشة والمقهورة بشكل خاص العمال والكادحين وفقراء الفلاحين والكسبة والفئات الشعبية الواسعة من أبناء شعبنا.
إن القدرة على الدعوة الى مشروع وطني متجذر، ترتبط بشكل عضوي بالقدرة، على طرح مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية، دولة المؤسسات الدستورية، ذات آفاق التطور اللاحق، لمجتمع العدالة الاجتماعية، كهدف استراتيجي لليسار العراقي وقواه السياسية. وفي ظرف البلاد الحالي، فأن مهمة استعادة وترسيخ الوحدة الوطنية، مهمة كفاحية رئيسية، وعنصراً أساسياً، للتخلص من بقايا الاحتلال .
نحن في التيار اليساري الوطني العراقي، ننطلق من مبادئ وتجارب فكرية وسياسية، وطنية ويسارية واضحة، ترتبط بمهام النضال الوطني، وأننا ندعو الى ونلتزم بالحوار الجاد والمثمر والمفتوح، الذي لا يستثني ولا يستبعد أحداً من اليساريين الوطنيين العراقيين، حول جميع قضايا وملفات اليسار الوطني، القديمة والجديدة، لتحديد شكله ومهامه وأفقه القادم، لذلك فأننا ندعو الى تشكيل جبهة يسارية ، شاملة وفعالة، تساهم في تشكيل الجبهة الوطنية الواسعة، لتنشيط و تطوير العمل السياسي الوطني، والحركة الوطنية الجديدة، المكافحة من أجل اقامة جمهورية العدالة الاجتماعية.
القضية الكردية: حل المشاكل القومية، حلاً وطنياً ديمقراطياً سلمياً، على أسس الوحدة الوطنية، والحقوق الوطنية المتساوية والمشتركة.ان موقفنا من القضية الكردية مبني على ايماننا المبدئي بحق تقرير المصير للشعوب ومن ضمنها طبعاً الشعب الكردي, ليس في العراق فحسب وأنما في كل اجزاء كردستان ايضاَ , وفي هذا السياق نقدر ونؤيد قرار الشعب الكردي من خلال برلمانه المنتخب في 1992بأختيار طريق البقاء ضمن العراق الديمقراطي الموحد , وفي اعتقادنا ان الحركة التحررية الكردستانية رافد اساسي لبناء عراق ديمقراطي حقيقي قائم على العدالة والمساواة ونموذج يحتذى به في المنطقة.
الصحافة اليسارية لما بعد سقوط الفاشية واحتلال العراق 9 نيسان 2003- 31 كانون الأول 2011
عقب سقوط النظام في بغداد تعالت أصوات كثيرة كانت غائبة نتيجة القمع، وبرزت في المشهد السياسي العراقي مجموعة من التيارات السياسية التي لم تكن تعمل في صفوف ما كان يعرف ب"المعارضة العراقية " إذ حافظت هذه التيارات على مسافة بينها وبين النظام في بغداد من جهة والمعارضة العراقية من جهة أخرى، وهي منذ البداية وقفت ضد المشروع الأمريكي في العراق، وحاولت الظهور في موقع الاعتدال: فهي ضد النظام البعثي الفاشي وضد الولايات المتحدة ومع العراق، ولعل من أبرز هذه التيارات التي بدأت ملامحها تتبلور في الساحة العراقية تيار"جريدة اتحاد الشعب" الذي يعد نفسه وريثا للجوانب المشرقة في التاريخ النضالي للحزب الشيوعي العراقي، وهو امتداد للمنظمات الرديفة لهذا الحزب والتي عارضت بحزم نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات خضوع الحزب للنظام وتبعيته العمياء للحزب الشيوعي السوفييتي قبل انهيار الأنظمة الاشتراكية، فجاء اصدار ( جريدة اتحاد الشعب) في بغداد بتأريخ 8 تموز 2004 لتمثل نواة تياراسياسييساري ديمقراطي يعمل لأجل مجموعة من الأهداف أهمها: إقامة دولة القانون والعدالة الاجتماعية بكل ما ينطوي عليه هذا الشعار من حقوق للعمال والفلاحين والمرأة، وإتاحة الحريات في مجالات الفكر والإبداع والصحافة وتأمين الحياة الكريمة للمواطن وفق الشعار التأريخي لليسار العراقي ( وطن حر، وشعب سعيد)...، وفي تصورنا لا يمكن تحقيق ذلك إلا بتحرير العراق تحريرا كاملا من المحتل، وهو الهدف الرئيس في المرحلة الحالية، فالاحتلال احتلال، والاستقلال استقلال ,ولا توجد أي تسويات أخرى أو أية حلول وسط.
وبعد الاعلان عن تأسيس التيار اليساري الوطني العراقي واطلاق موقعه الالكتروني ( موقع اليسار العراقي ) وعقب تحديد يوم 31 كانون الأول 2011 موعداً لمغادرة قوات الاحتلال الامريكي بلاد الرافدين , اصدرنا (جريدة اليسار) في آيار 2011 لايصال صوتنا ورؤيتنا كتيار يساري عراقي الى الشعب , خصوصاً لمرحلة ما بعد الانسحاب الامريكي.
نعمل اليوم على اصدار مجلة اسبوعية سياسية – ثقافية تحمل أسم ( اتحاد الشعب ) . ان اطلاق التسمية "اتحاد الشعب" لها سبب موضوعي فالشعب العراقي يتعرض لمؤامرة التمزيق الطائفي والعرقي، وباتحاد الشعب يمكن الانتصار على القوى الظلامية والعميلة والكفاح من اجل إقامة دولة القانون والعدالة الاجتماعية . كما تقرر تفعيل فكرة تأسيس ( دار سلام عادل للنشر والتوزيع ).
الوضع العربي : مرحلتان في طريق الشعوب العربية نحو الحرية وتأسيس الدولة الوطنية الديمقراطية
مرحلة الاستقلال الوطني : شهد الوضع العربي وبالضبط منذ بداية تفكك السياسة الإستعمارية المباشرة لكسيمارن بريطانيا وفرنسا بعد الأثر العظيم الذي تركه نجاح ثورة أكتوبر 1917 في حياة الشعوب التواقة إلى التحرر , وإندلاع الثورات التحررية الكبرى , مثل ثورة العشرين في العراق , شهد هذا الوضع وفي ظل محاولات التشبث بالمستعمرات إقامة وتنصيب حكومات هزيلة وعميلة مرتبطة بالإستعمار بحبل سـري.
وظلت تلك الحكومات تنهج سياسة الولاء للأجنبي مترجمة ً ولائها ذاك بأبشع صور سياسات القمع البوليسي الدموي لكل الحركات وألأحزاب التحررية وبالطبع كان نصيب قوى اليسار التقليدي منها هو الأكبر في ذلك القمع .
ولقد نجحت قسم من تلك الحركات في مرحلة التحرر الوطني التي سادت أعوام الخمسينات والستينات من القرن الماضي وبعد نضال طويل وخصوصا ً بعد النصر العظيم الذي تحقق على النازية والفاشية والذي شكل الحافز الأكبر لهذه الحركات على الإطاحة بهذه الأنظمة الهزيلة والعميلة ولقد كان النجاح واضحا في مصر والعراق وكذلك في سوريا ولبنان عبر إنهاء الأنتداب الفرنسي عليهما وجلاء قواته عن أراضيهما .
لكن هذه النجاحات لم تقترن بمثيلات لها في الأردن والسعودية وسائر اقطار الخليج وبلدان المغرب العربي والتي تقوم أنظمة الحكم فيها على أساس الملكية الوراثية تمارس ابشع ممارسات التنكيل ضد ابناء شعوبها , هذه الأنظمة ومثيلاتها إبتدأت بالتحول في ولائاتها من إمبراطورية ٍ شاخت وأنتهى دورها لتربط مصائرها رهينة بيد الولايات المتحدة , التي أبتدأت بالتزامن مع مرحلة الأنتصار على الفاشية والنازية تعمل على أن تكون البديل عن بريطانيا , فكان تدخلها في كوريا تحت ذريعة وقف المد الشيوعي الصيني وتورطها في مستنقع فيتنام والمثلث الأسيوي الذهبي الذي خرجت منه مدحورة مهانة عام 1968 .
إرتهنت سياسات معظم الأنظمة العربية ومازالت بسياسة الولايات المتحدة منذ خمسينات القرن الماضي كما أسلفنا وكنتيجة لهذا الإرتهان دفعت الشعوب العربية المضطهدة الكثير من دماء ابنائها كثمن باهض على طريق الحرية , وبالمقابل ظل اليسار التقليدي في تخبطه وعدم فهمه لمجريات مايدور في محيطه وعدم قدرته على التفاعل مع الأحداث في الكثير من هذه الدول منتظرا ً التعليمات والتوجيهات من المركز الأممي حتى يتصرف بموجبها والتي كانت في الغالب ما تأتي بالضد من تطلعات وتوجهات الجماهير .
وفي أبشع صورة لهذا الانقياد ماحل باليسار التقليدي العراقي عام 1978 بعد دخوله وأستنادا ً لتلك التوجيهات في جبهة وطنية كارتونية مع نظام البعث الفاشي عام 1973 والتي قادت فيما بعد إلى ذبح خيرة الشباب والكوادر حملة الشهادات سواء على يد النظام وأجهزته القمعية أو على يد حلفائه ممن يتحكمون بمصائر البلد حاليا ً .
لذا فأننا في التيار نرى إن ضرورة توحيد النضال عبر رسم السايسات والخطوط العامة والعريضة من خلال اللقاءات المستمرة لقوى اليسار العربية بما فيها التقليدية منها التي فاقت واستفاقت من غيبوبة الإنقياد الأعمى للمركز الأممي والتي أستمرت لديها مع الأسف لفترة طويلة رغم زواله عن الوجود , عبر إنتقالها كمرض إلى قيادات ذلك اليسار , التي صارت موضة الأنقياد والخضوع لإرادات الكبار منها رغم كل الأخطاء التاريخية التي أرتكبتها وترتكبها والتي تفرزها المسيرة واضحة ً للعيان , ديدن كل المسلكيين من العاملين ضمن تلك التنظيمات .
امرحلة الثورات الشعبية العربية المفضية الى تأسيس الدولة الوطنية الديمقراطية
لقد آمن التيار اليساري الوطني العراقي ايماناً عميقاً بالانتفاضة الشعبية طريقاً لأسقاط الانظمة العربية التابعة للامبريالية , وتصدى بكل الأسلحة النظرية والسياسية والاعلامية للافكار الذيلية الانهزامية التي سادت برامج اليسار التقليدي, هذه الافكار المتنكرة للماركسية والتي ذهبت بعيداً في انتهازيتها حد التعويل على الامبريالية لاسقاط هذه الانظمة.فأنفجرت الثورات الشعبية العربية لتستكمل ما عجزت حركة التحرر الوطني العربي في انجازه. فالشعوب العربية لم تعد قادرة على العيش تحت وطأة الظلم والقمع والفساد والبطلة , كما أن الانظمة التابعة لم يعد بوسعها الاستمرار في الحكم لمواجهة الغضب الجماهيري, وبعد تخل الكثير من القوى اليسارية عن رفع شعار اسقاط النظام واتجهت نحو التحالفات الذيلية والسياسات الاصلاحية , أخذت الجماهير زمام المبادرة ورفعت شعار اسقاط النظام واسقطت الانظمة في ثورات شعبية مستمرة حتى تحقيق أهدافها النهائية الطبقية والوطنية.
ان ملايين الشباب من أبناء الطبقات الكادحة - عمالاً وموظّفين كانوا أم عاطلين عن العمل ومهمّشين - الذين رفضوا الانصياع لقدر فرضته الإمبريالية (الأمريكية، خصوصاً) طوال عقود على أسلافهم وتحاول أن تفرضه عليهم مجدداً، فلم يستكينوا بل استمرّوا في عنادهم بخوض غمار مواجهة، غير متكافئة، ضد كل الأنظمة العربية، الموصومة بالتبعية، مجتمعة، ليُسقطوا بعضها، غير آبهين لا لأموالها الطائلة ولا لأدواتها القمعية... وليتابعوا النضال مع محاولات ممثليها لاستعادة مواقعهم، تارة عبر قوى عسكرية - داخلية وأطلسية - وطوراً عبر قوى غيبية سلفية متشابهة، مهما تعدّدت تسمياتها ومواقعها؟
ان المشككين بتلك الانتفاضات والثورات، من المتشائمين باحتمال نجاحها، الذين أبدوا الريبة المفرطة بالقوى التي أنضجتها أو قادتها، وكذلك بالأهداف التي أدّت إلى نجاحها، من حيث هي - حسب أولئك المشكّكين - (مؤامرة) إمبريالية جنّدت بعضاً من الشباب العربي واستخدمت ثورة البعض الآخر من أجل العيش الكريم والديمقراطية من أجل إسقاط أنظمة انتهى دورها ولم يعد لها ما تعطيه واستبدال أخرى بها، مشابهة لها، مبنية على قيادة تجمع بين العسكر والقوى الدينية، على غرار النموذج التركي... الخ من هذه التفسيرات السطحية، إن التحالف الناشئحالياً، والذي يمكن أن نُطلق عليه اسم التحالف القديم - المتجدّد دون أن نقع في مغالطة ما، بين القوى السلفية (وغيرها من قوى الإسلام السياسي) وبين شرائح البرجوازية العربية، إن تلك التي تطوّرت في كنف الكولونيالية منذ اكتشاف البترول، عشيّة الحرب العالمية الأولى أم تلك التي نشأت غداة نكبة فلسطين وفي خضمّ المعارك الهادفة إلى استعادتها، إنما هو تحالفواضح بين مكوّنات تنتمي إلى الموقع الطبقي نفسه عموماً أو هي في مواقع طبقية متقاربة وغير متناحرة. ذلك أن القوى السلفية أو تلك المسماة (إسلامية)، ليست، بأغلبيتها، خارج الموقع الطبقي للبرجوازية التابعة. وليس هنالك من خلاف جوهري بين مشروعها السياسي- الاقتصادي- الاجتماعي والمشروع الذي كانت البرجوازية قد تبنّته. ثم إن الدعوات التي تطالب بالعودة إلى الماضي و(أخلاقياته) وبالقطع مع التوجّهات العلمانية، بحجة أنها شكلت الأساس الذي استندت إليه الأنظمة الاستبدادية الساقطة، هي كذلك، من حيث المضمون، دعوات قديمة متجدّدة ,تندرج تحتنوصيف (الاستنجاد بالأفكار المحنّطة في (متحف) الماضي لتثبيت موقع طبقي متزعزع في بنية اجتماعية تتصدّع تحت مطرقة الحاضر),أن تلك الدعوات إنما تشكّل تشويهاً مقصوداً يهدف في آن معاً إلى طمس الأبعاد الاجتماعية والفكرية للأنظمة المتهاوية ومنطلقاً، من مواقع تلك الأنظمة، لتغييب الأهداف الأيديولوجية للثورات والمبادئ الاجتماعية التي قامت عليها.
ويجب أن لا ننسى أن أغلبية هذه القوى، سواء تلك التي ارتبط منشؤها بالحركة الوهّابية أم تلك التي تتميز ببعض من الاستقلالية، كأن تكتفي بالحصول على الدعم المالي والمعنوي من دول خليجية، عربية أو أعجمية، لا ترى الكثير من الإحراج في التعامل (بواقعية) - كما تصرّح هي - مع الكيان الإسرائيلي أو مع الإمبريالية، الأمريكية على وجه الخصوص، عندما تتطلب مصلحتها ذلك. وما حدث مؤخّراً في مصر، غداة الانتخابات التشريعية التي أجريت أواخر العام الماضي، خير مثال يمكن أن يعطى عن تلك السياسة (الواقعية). إذ عمدت الحركتان اللتان تتقاسمان السلطة في مصر، والمستظلتان بخيمة المجلس العسكري، إلى طمأنة الكيان الإسرائيلي، وقبله الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أنهما تحترمان الاتفاقيات المعقودة سابقاً. ومن هذا المنطلق فإنهما ليستا في معرض التفكير بنقض، أو حتى، بتعديل ما جاء في اتفاقية كامب ديفيد.
وإذا ما انتقلنا إلى المجال الاقتصادي - الاجتماعي، رأينا أن الموقع الذي تحتله تلك القوى، برغم التصريحات السياسية لقياداتها، إنما هو موقع نقيض للحركة الشعبية وبرنامجها للتغيير. فالبرنامج الذي تحمله القوى التي وصلت اليوم إلى الحكم - بفعل اللعبة الإنتخابية ومن خلال قوانين انتخابية صيغت على مقاس بعضها، أو أسهم بعضها في صياغته - إنما يخفي، خلف الشعارات والنظم (الأخلاقية) المطروحة كنقيض للقوى التي قادت الأنظمة العربية منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي (والتي تحاول القوى السلفية رد كل ارتكاباتها، ليس الى موقعها الطبقي كبرجوازية، بل إلى منشئها المسمى علمانياً، بما يفهم منه أنها سقطت لأنها كانت معادية للإيديولوجية الدينية)، موقفاً طبقياً واضحاً معادياً لأي مساس بالنظام البرجوازي. بل إنه يفصح عن محاولة حثيثة، واضحة المعالم، لضرب الانتفاضات الشعبية في العالم العربي ولحرفها عن المسار التقدمي الذي اختطه بفعل القوى التي أسست لها أو تلك التي نفّذتها ولا تزال تسهم في قيادة مرحلتها الراهنة.
لذا يبدو البرنامج الذي يدافع عنه منظرو القوى السلفية العربية، سواء تلك التي أصبحت داخل السلطة أم تلك التي لا تزال تعمل من خارجها، مرتكزاً إلى مبدأ أساس، يتلخّص في عدم المساس بما هو قائم، بل ويشكّل - تقريباً - استعادة للبرنامج الذي طبّقته البرجوازية العربية خلال العقود الماضية، والذي أدّى، بفعل التوجهات النيوليبرالية المتوحشة خلال العقدين الأخيرين، والتسهيلات التي أعطيت للرساميل القادمة من بلدان المركز الرأسمالي، إلى توجيه ضربات جدّية للإنتاج الوطني، في مرحلة أولى، ومن ثم إلى تحميل القوى المنتجة النتائج التي تمخّضت عن الأزمة العامة للرأسمالية... فازدادت البطالة وتدنّت الأجور والتقديمات، وفق التوجهات التي وضعها صندوق النقد الدولي،في وقت كانت فيه أغلبية عائدات النفط والغاز والمواد الأولية الأخرى، التي تنتشر في باطن الأرض العربية كلها، توظّف في الشركات الرأسمالية الكبرى في الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، وكذلك في صفقات الأسلحة التي كانت تدرّ مئات ملايين الدولارات (أو باليورو) على بعض رؤساء الدول وأقاربهم وحاشيتهم، إضافة إلى بعض السماسرة... واليوم، تعود الصورة ذاتها للبروز، إذ إن القوى التي وصلت - مؤقتاً - إلى الحكم في مصر أو تونس أو اليمن، ومن موقعها الطبقي البرجوازي، تدعو إلى المعالجات السابقة نفسها، وتؤكد أنها لا ترى بديلاً لنظام الريع، مع ما يخفيه هذا الموقف من محاولة ضرب القوى المنتجة أو، على الأقل، مواجهة إمكانية جعلها في مركز القوة. ولن نتحدث هنا عمّا هو معروف بالنسبة إلى مواضيع فكرية واجتماعية مهمة أخرى، مثل مواضيع المرأة والعدالة والحقوق الاجتماعية عموماً.
إن ما يشهده العالم العربي اليوم، ونتيجة تفاقم التمايز الاجتماعي، هو صراع طبقي بامتياز بين الطبقة العاملة العربية وكل أطياف البرجوازية. وهذا الصراع سيدفع مجدداً بالصراع الأيديولوجي إلى مستويات متقدّمة جديدة، بل وأكثر حدّة من مرحلة ما بعد النكبة. وهذا يعني أن على المفكرين التقدميين استنباط أشكال جديدة في المواجهة التي لا بد حاصلة.
اللقاء اليساري العربي
أن تشديد الكفاح الجماهيري المتعدد الاشكال من أجل الحريات وإقامة أنظمة ديمقراطية حقيقية ,تنجز الأهداف والغايات الأجتماعية. هو المهمة الرئيسية امام اليسار العربي في المرحلة التأريخية الراهنة
إن أي نجاح لبرامج ومشاريع اليسار العربي هو خطوة أولى ولبنة مضافة في بناء مجتمع الكفاية والعدل .. مجتمع الحريات الأساسية, وصيانتها وضمان حقوق الأفراد والجماعات في العيش الحر الكريم .
لذا فإن نناضل لتحقيق هذا الهدف .. هدف بناء جبهة اليسار العربي المكافحة في المعركة المشتركة لتحقيق الاهداف العادلة للطبقات الكادحة.
وجاءت مشاركتنا في اللقاء اليساري العربي منذ انطلاقته بمبادرة نوعية من الحزب الشيوعي اللبناني الشقيق في بيروت بتأريخ 22-10-2010تعبيراً عن انتقالة تأريخية في الكفاح اليساري العربي المشترك , حيث توصلت مساهمتنا في اللقاءات الثلاث , مما عزز موقفنا كتيار يساري عراقي وطنياً وعربياً وأممياً
فضائية اليسارية
جاءت انطلاقة فضائية اليسارية كمنجز اعلامي ودعائي نوعي وثمرة للعمل اليساري العربي المشترك , يضع على عاتقنا مسؤوليات مميزة لتأسيس مكتب اليسارية في بغداد والمكتب الاقليمي في كردستان العراق,حيث سنعمل للبرهنة على صواب قرار رفاقنا في اللقاء اليساري العربي عندما منحونا ثقتهم لاداء هذه المهمة النوعية.
الوضع العالمي :أزمة الرأسمالية
-1إن الأزمة الرأسمالية الاقتصادية العالمية تؤكد بشدة أن نظام العدالة الاجتماعية يستقطب ملايين البشر في حركة تغيير جذري على الصعيد العالمي,فالفكر اليساري المنحاز للطبقة العاملة والفلاحين وشغيلة اليد والفكر وعموم الكادحينيتألق ويسطع في ساحات وميادين الثورات الشعبية العربية وارهاصات الثورة في أوربا والعالم أجمع.وقد لوحظ إن هناك شعاراً كان بمثابة القاسم المشارك في كل حركات الاحتجاج العالمية هو (الاشتراكية هي الحل).
-2الأحداث الحالية تؤكد صحة الفكر اليساري العالمي الذي تنبأ حول الانهيار الحتمي للرأسمالية كنظام.
3-إن الأزمة الحالية ليست مؤقتة أو عابرة، وليست جزئية وموضعية، بل هي أزمة عميقة متعلقة ببنية النظام الرأسمالي نفسه المنتج دائماً للأزمات.
4- وهذا الأزمة يمكن أن تتحول إلى أزمة نهائية إذا توفر العامل الذاتي للتعامل مع الظروف الموضوعية التي تنضج باتجاه انهيارها.
5فالراسماليةغير قادرة على الخروج من أزمتها الحالية على الطريقة التي خرجت فيها من أزماتها السابقة في القرن العشرين، عبر تصدير الأزمة بالقوة إلى الخارج، والاستيلاء على مناطق نفوذ جديدة وإعادة تقاسمها فيما بينها.
- فالمعادلة اليوم تغيرت للأسباب التالية:
أ - انتهى توسع الرأسمالية جغرافياً بسب محدودية مساحة الكرة الأرضية التي استولت الرأسمالية عملياً على كل أرجائها اقتصادياً ثم سياسياً وعسكرياً.
ب - وصل استغلال الرأسمالية العالمية لشعوب الأرض إلى درجة تهدد إعادة إنتاج الجنس البشري لنفسه (مشكلة الجوع، المياه، المناخ، الطاقة..الخ).
ج - توضح على السطح نهائياً التناقض التناحري الذي يحكم الرأسمالية مع الطبيعة.
د - لم يعد هناك مركز إمبريالي بديل للمركز الإمبريالي الحالي (الولايات المتحدة الأمريكية).
هـ - تحولت أزمة فيض إنتاج البضائع الكلاسيكية إلى فيض إنتاج سلاح، وفيض إنتاج مال (دولار)، ما لا يمكن التخلص منه بالسهولة التي كان يمكن فيها التخلص من فيض البضائع.
4- لذلك تتجه البشرية في مواجهة الرأسمالية إلى لحظة حساسة وخطيرة، فتناقضات الرأسمالية واشتدادها يدفعها إلى اللجوء إلى ا لقوة داخلياً وخارجياً، ما سيفتح الأفق أمام البدائل الجديدة التي ستتضح معالمها أكثر فأكثر خلال المواجهة نفسها، فالبدائل لا تظهر وتأخذ مكانها في بدايات الأزمة كما علمتنا دروس التاريخ، بل في نهاياتها.
- من هنا أهمية استعداد الحركة الثورية لمواجهة هذه اللحظات القادمة على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية، لحظات انسداد الأفق التاريخي نهائياً أمام النظام الرأسمالي بكل تفرعاته وتنويعاته، ولحظات انفتاح الأفق التاريخي واسعاً أمام الحركة الثورية العالمية بكل تنوعها وغناها على مدى القارات الخمس.
التيار اليساري الوطني العراقي
الأجتماع السنوي الخامس
آيار/حزيران 2012
#التيار_اليساري_الوطني_العراقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟