أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - الموت السريري والنبض الكاذب















المزيد.....


الموت السريري والنبض الكاذب


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3769 - 2012 / 6 / 25 - 21:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كتب مروان صباح / ما كان للثوار أن يقعوا في فخ العسكر الناعم دون الاستعانة بجماعة الأخوان كأن من قضى شهيداً أو بات أعرج أو أعور أو دون يد أو ساق وتحّمل عذابات السجون وإهانة القوى الأمنية ، أراد في سعيه هذا أن يعيد المؤسسة العسكرية إلى الحكم لكن بفائض الصلاحيات ، لقد تمكن المجلس العسكري وأد العملية الديمقراطية وإجهاض الثورة بعز ذروتها بهدوء بعد ما استطاع أن يرسخ في عقول الكثير اسباب الانفلات الأمني الواسع الذي شمل جميع مناحي الحياة مما أدى إلى تزايد شعور الأمن المستباح عند عدد لا بأس به من عامة الشعب حيث بات يتعاظم الشعور بأن البلاد ذاهبة نحو الانحدار وستقع بالفوضى العارمة التى نارها ستُحرق الأخضر واليابس دون أن ينتبه الكثير بل تناسوا بأن الحريق قد شب منذ أربعون عام ولم يبقي إلا البؤس والخوف والتجويع والترهيب ، لكنه تعامل من خلال خطوات محسوبة بأعلى درجات الحنكة حيث استوعب جميع الوقائع الغضب وبددها بشكل سلس في عمليات الاستفتاء تبعها انتخابات البرلمانية ثم الجولة الاولى من الرئاسة التى أُجبرت تابعاتها لاحقاً الجميع لكشف اوراقهم فوق الطاولة امام مرئى أعين الناس ومسمعهم لتتراجع المجاملات وتستدل الستائر من على نوافذ الغرف السوداء ليصبح اللعب على المكشوف دون أي استحياء لدم الذين سقطوا بهدف احقاق الحق ونيل حريتهم ، وتتقدم تلك الدفاعات عن المصالح القائمة التى تعاظمت عبر السنوات من الاحتكار للحجر والشجر والبشر .
لقد تعامل المجلس العسكري الحاكم خلال فترة الانتقالية ببالغ الأنانية عندما استثمر كل قطرة دم وعرق أُسقطت في الميادين مستغلاً من ناحية إرادة الشعب في اسقاط مشروع التوريث الذي كانت الدولة العميقة تحاربه على استحياء ، ومن جهة اخرى عدم قدرة الثوار في إفراز قيادات قادرة على التعامل مع المتغيرات التاريخية وبشكل سريع حيث تتحول إلى شخصيات جامعة تستطيع أن تعبر عن طموحات عامة الناس وتنتقل بالبلاد إلى ما بعد الثورة إلا أنها استسلمت لتعهدات الجيش ومن بعدها لشعارات الأحزاب الإسلامية مما دفع الجيش بكل ما أوتي من قوة عبر رجال طاعنين في الدهاء السياسي إنتاج صورة جديدة لكنها ارادت الحافظ على المضمون ومكوناته السابقة باستثناء من ظهروا في الحقبة الأخيرة وتلاعبوا بالانتخابات 2010 م قبل الثورة الذين تم التضحية بهم وأصبحوا خلف القضبان ، وذلك ما كان أن يتم إلا بفضل اعتقاد الأخوان المسلمين بأنهم يستطيعون انجاز صفقة مع المجلس العسكري كي يعيدوا مسلسل إخفاقات الماضي الذي لم يتح كما يبدو لهم أن يتعلموا من دروسه عندما ابرموا صفقة مع النظام الملكي وفشلوا بعد استخدامهم مما أدى في نهاية المطاف إلى فض الاتفاق بعد ما اخفقوا تماماً مرة اخرى في تشكيل الذراع العسكرية الذي سرعان ما تفلت وتمرد من قبضة قيادة الجماعة .
مصر تدريجياً تبتعد عن الثورة وتعود كي تعيد إنتاج تجربة 1952 م منزوعة الدسم من احلامها و اهدافها القومية عندما استطاعوا ضباط الأحرار الإنفكاك من تحالفاتهم ما قبل الثورة وصاروا هم الحُكَّام الفعليين للبلاد وكل ما قيل أو تم اخراجه من انتخابات لِطبع الطَّابع المدني على الدولة لم يصل إلى حرف ( د ) من الديمقراطية بل مورس في حق المكونات الاخرى إقصاء عنيف بما فيهم الشيوعيين في ذروة العلاقات مع السوفيت وقد يكون في ذلك الوقت مبرر له لكنه اتضح خطأه تماماً ولا يليق بمثل هذه الدولة من حيث المساحة الجغرافية أو العدد الديمغرافي بل غياب الديمقراطية وعدم تفعيلّ التداول للسلطة ضمن معايير المحاسبة أدى إلى تكوين وسيطرة فئة معينة جديدة أنتجها الجيش من خلال مؤسسات ارتبطت مباشراً به كالمصانع والزراعة والصفقات الدولية والبناء المعماري والسياحي حيث سمحت لهذه الفئة أن تتضخم كروشها بالإضافة لِذات ، وبشكل مخيف امام فقر مدقع تجاوز نصف السكان للجمهورية ليتحول النصف الباقي كادحون ليلاً نهاراً خوفاً من فوبيا الفقر كي يحافظوا بالقدر الإمكان على الحد الأدنى لفاصل ما بينهم وبين الانزلاق نحوه ، للوهلة الأولى اعتقد الطرفين العمائم والخوذ أنهم بإمكانهم الاستمرار في ذات اللعبة التى انتجت عبر العقود الماضية قواعد تمدد حيث تعامت الدولة بهدف الاستراحة والهروب من العبء المالي لهموم الناس خدماتياً وهي شريحة عريضة مما سهل المهمة امام جماعة الأخوان وبعض الأعيان في التقدم لتقديم يد العون للمحتاجين كبديل لواقع لا يقبل الفراغ كالمزهرية التى تثرثر عن غياب الورد داخلها فيما شكلت حلقات تواصل تحولت إلى شبه تحالف بينها وبين الفئات المستهدفة بالاستفادة بالإضافة إلى تمكنهم من اعتلاء المنابر في المساجد على طول وعرض الجغرافيا بفترات زمنية متواصلة دون انقطاع ونشر الدعوة واستقطاب جيل الشاب من خلال الكلمة وخِطاب سريع التغلغل داخل المزاج الشعبي أو عبر المدارس التعليمية بالتأثير في سن مبكر مرتكزاً على القيم الأخلاقية التى لا تشيخ حتى لو شاخت ادواتها .
عندما تتعاطى كيلا الجهتين بلا مبالاة مع هذه الجماهير التى رأت حقها بأن تختلف وتنحاز في الصناديق الاقتراع لمرشح ترى فيه الأمل القادم ، تعامل الطرفين باستخفاف قاصر مما مهد الطريق وبفترة زمنية وجيزة عبر الشعب عن قلقه إزاء تخبط غير مفهوم الدلالات وتباين عميق بين الأقوال والتصرفات بل جاء الرد أبلغ من كل الخطابات الرنانة والشعارات التى لم تتخطى عتبة المنابر في محاولة اعادة الثورة من انحرافها عن المسار كما اراد لها فئة مستفيد تسعى إلى تحصين وضعها القائم وترغب في انتهاء من المرحلة مكتفيةً بهذا الحد من المخاض ، مما شكل وعيين عند الجمهور الأول الرفض الكامل والكلي للعودة إلى المربع السابق والقبول بالنتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية ومحاسبة الفائز ضمن برنامجه الانتخابي وتشكيل قوى معارضة حقيقية تتطور تدريجياً مع الجمهورية الجديدة ، مقابل جمهور عريض لم يتوقع حجمه استطاع النظام القديم العزف على اوتار تروق إلى اذانهم وقد يكون بالغ في طرحه للتخوفات لكنها لاقت صدى عند نصف المقترعين الذين يرتعشون خوفاً على استقرار البلد ومستقبله السياحي والاقتصادي ومستقبل الدولة المدنية واستحضار تجارب الإسلاميين في سودان وغزة وغيرها بعد ما وصلوا سدة الحكم تلاشت الحريات السياسية والإعلامية الذي دفع الملايين إلى الخروج من منازلهم والتصويت للفريق شفيق مما اتاح الفرصة الذهبية لدولة العميقة أن تصدر قراراتها الجريئة في حل البرلمان كما تبعها ملحق تكميلي لدستور بالأصل لم يقر بعد وغير موجود فأصبح المجلس العسكري يتمتع بصلاحيات التشريعية والتنفيذية والقضائية دون أي شريك .
هناك اعتقاد لدى البعض بأن الشعب ميت سريريً والنبضه كاذب فهو مجرد رد فعل للأجهزة الطبية لكن في كل مرة يتبين بأن هذا التشخيص نابع عن الرغبة في الاحتكار للسلطة لمن يشعرون دائماً بعدم الاستحقاق والكفاءة ، لهذا لا بد أن يعّي بأن الفوز بعد كل هذه التضحيات لدماء الناس وعذاباتهم المريرة عبر العقود المنصرفة والجهد الذي بُذل في إعادة تجميع من فرقتهم الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة جاء التفوق ضئيل ومتواضع .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عناق تحت الأرض
- قد يكون المحذوف هي الحقيقة ذاتها
- لم يعد متاح لمن يسبح على الرمل أن يفوز بقطع النيل
- المياه العميقة تمشي ببطء
- مصطلحات موسمية
- سجان توحشت روحه
- خبر ناقص أعرج
- تواطؤ يتغذى من الذات
- من شروط نهوض الدولة نهوض القضاء
- يعيش خارج التقويم
- محكمة ذاتية أقامها لنفسه
- الطرف لثالث
- مرحلة لا بد من قطعها كي يعاد العقل إلى عقاله
- الخطأ يتحول إلى خطايا
- الخطوة تبحث عن مغامراً
- فلسطين الديمقراطية فيكِ عرجاء
- احتشادا وتأهب
- لعبة التكامل والابتزاز المتبادل
- وزيراً في الصباح وغفيراً في المساء
- المزهرية الفارغة يثرثر فيها غياب الورد


المزيد.....




- حفل توزيع جوائز غرامي.. ما المنتظر منه؟ ولماذا لم يتم إلغاؤه ...
- الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يصل الرياض في أول زيارة ر ...
- مزاد تاريخي في ألمانيا.. مرسيدس تبيع سيارة سباق نادرة بأكثر ...
- ملك بريطانيا على الشاشة.. وثائقي جديد يكشف دور تشارلز الثالث ...
- إيران والحرب في غزة والتطبيع.. هذه هي الملفات الأكثر سخونة ف ...
- وزير الخارجية المصري: لدينا رؤية واضحة لإعمار غزة دون تهجير ...
- قلق دولي وتحذيرات أوروبية من -ثمن باهض- لرسوم ترامب التجارية ...
- أنقرة: نأمل أن تحل مسألة القوات الكردية في سوريا دون إراقة ل ...
- ناشطون يتداولون وثيقة صادرة عن القضاء السوري بإلقاء الحجز ال ...
- الحوثي يعزي -حماس- والشعب الفلسطيني في محمد الضيف


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - الموت السريري والنبض الكاذب