عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3769 - 2012 / 6 / 25 - 19:38
المحور:
الادب والفن
بعد أنْ ولّى نظام البعث المقبور وعادت الحياة الى رئة الثقافة العراقية – شارع المتنبي – كنتُ أتابع كغيري من المغتربين حركة ونشاط ذلك الشارع من خلال شاشة التلفاز ، وفي كل مرّة يظهر على تلك الشاشة – نعيم الشطري – تارةً يصدح بقراءة القصائد الشعرية و تارةً يتحدّث عن مبادرته بجعل شارع المتنبي في يوم الجمعة حافلاً بزائريه عندما بدأ بوضع الكتب على رصيفه وأخذَ باعة الكتب الآخرون في تزايد مستمر بعد أنْ كان ذلك الشارع مُقفر لكون يوم الجمعة هو ليس يوم عمل لجميع المكتبات . عندما كان يظهر على الشاشة ، كنتُ أتمعّن في قسمات الزمن على وجههِ التي كانت تعبِّر عن معاناة الثقافة الوطنية العراقية ورجالاتها ، وحينما حدث الإنفجار الإرهابي الهمجي في شارع المتنبي وكأي عراقي له ذكريات فيه بكيتُ دماً بسبب تلك الفاجعة التي ألَمَّتْ بالقلب النابض للثقافة العراقية والعربية ، وتذكّرتُ أخي وصديقي – نجاح عبد الرحمن حيّاوي – صاحب مكتبة النهضة الذي فقدَ شقيقه ونجلَي شقيقه ، ونعيم الشطري الذي ما كانت تربطني به أية علاقة شخصية سوى إنه أصبح بالنسبة لي جزء من ماضي وحاضر ذلك الشارع .
لقد شاءت الصدَف أن أتعرّف على – نعيم الشطري وإبنه ربيع – حينما أردتُ طباعة كتابي ( دراسات في التحليل الإقتصادي ) عام 2011 ، عرّفَني صديقي نجاح حياوي ، الذي كان يشرف بدوره على طباعة الكتاب ، على – أبي ربيع – الذي كان جالساً على كرسيّهِ وأمام بسطيته على الرصيف التي كانت تضم أنفَسْ وأندَر الكتب والمجلدات ، وعلى – ربيع الذي يتمتّع بدماثة أخلاقه – المسؤول عن ترتيب وتنضيد الكتاب ، كان يزاول عمله في داخل تلك المكتبة – دار الشطري للطباعة والنشر - المتواضعة لصِغَر مساحتها وقلّة مخزون الكتب فيها ، لكن عندما كنتُ أجلس الى جانبه – ربيع – لمتابعة ترتيب صفحات الكتاب ، لاحظتُ الكثير من الإعلاميين والكتّاب من داخل بغداد وخارجها يتردّدون عليه ويسألونه عما يرومونه من الكتب ، لأنه حُجّة بمعرفة جميع الإصدارات ، حينذاك أدركتُ أنَّ – دار الشطري وصاحبها نعيم – لهما مكانة خاصة عند طيف واسع من الأكاديميين والمثقفين المخضرمين والشباب .
لقد رحلتَ لكن عزاؤنا أنّكَ باقٍ في ذاكرة كل مَنْ أحبَّ شارع المتنبي وعطائه يا أبا ربيع .
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟