رياض حمادي
الحوار المتمدن-العدد: 3769 - 2012 / 6 / 25 - 14:02
المحور:
كتابات ساخرة
كبسولة: - ( لقد حصلنا على الحرية لكننا لم نتحرر!)
***
" .... لمن لم يجرب حريتنا هذه فرصته ليتحرر اليوم. عروض خاصة بمناسبة "يوم العبودية العربي" مكالمات مجانية, حرة, انتقاديه لأي شخصية اعتبارية أو سياسية في بلدك . وكمان لدينا خدمة توصيل الحريات إلى المنازل ........." .
أغلقت جهاز التلفاز واستعدت ذكرى تلك الأيام. حينما كنا نخشى الحديث أو الكتابة في السياسة . عندما كان الشعراء والكُتاب يتلفتون وراءهم أكثر من الانتباه إلى الطريق أمامهم. ذلك لأنهم كانوا ملاحقين دائما من قبل قوى الأمن والاستخبارات. وحينما كان مقال نقدي بسيط يودي بصاحبه إلى السجن وربما إلى أبعد من ذلك.
آه ما أجمل تلك الأيام حيث كان للحرية طعم, أما اليوم فهي تباع في التلفزيون كأي سلعة كاسدة أخرى. لم أصدق الماغوط عندما سمعته في التلفزيون ذات يوم يقول بأن الحرية قاتلة للإبداع وأنه قد تعوَّد على الإبداع في جو القمع, فقد كنا وقتها في حماسة الشباب أما اليوم ونحن قد جاوزنا الستين من العمر وبعد أن جربنا الحرية العربية الخاصة وصناديق اقتراعها المفصلة لم يعد بنا طاقة لتحملها. نستطيع أن نكتب ما نشاء وننتقد أعلى رأس في الدولة بل وأصبح لدينا عشرات بل مئات من كراسي الحرية والانتقاد بدون "الهايدبارك" طبعا. لم يعد الشاعر أو الصحفي يحس بمتعة الخوف والتوجس والترقب والانتظار التي كان يشعر بها بعد كتابة قصيدة أو مقال. لم يعد يحسب أي طرقة على الباب أو رنة للهاتف على أنها من أحدهم !
لقد حصلنا على الحرية لكننا لم نتحرر! سمحوا لنا بحرية الحديث والتعبير والكتابة واستمروا في ممارسة حرية الفعل !
- " فلنقتسم الحرية, ولتتوقف هذه الحرب الضروس. لكم حريتكم ولنا حريتنا. " هكذا قالوا لنا.
- " تتوقف حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين. " استدركوا وكانوا محقين في ذلك .
- " تريدون تداول السلطة فلتكن الحرية فيفتي فيفتي". وهكذا انهوا الحوار من طرف واحد.
ومن يومها ونحن نصرخ ونسب ونلعن أبوهم وأبو اللي خلفوهم وهم يلعنون أبونا وأبو اللي خلفونا لكن دون اعتقال أو تعذيب أو حتى لفت نظر. ويا ليتهم فعلوا ذلك وأكثر, إنما تركونا بلا مبالاة . "طنشونا" وكأننا غير موجودين أصلا, وكأننا نتحدث لغة لا يفهمونها. ينعمون بحرية السلطة والمال والجاه وننعم نحن بحرية التعبير .
آه.. وينك يا عام 2011 . يا ربيع الثورات العربية !!
13/7/2045
#رياض_حمادي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟