|
الظمأ(ثلاثة قصص حب غريبة) 1949 لأنغمار بيرغمان:نموذج لأمرأة مدخنة وهشة وعصبية
بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 3768 - 2012 / 6 / 24 - 22:25
المحور:
الادب والفن
الظمأ(ثلاثة قصص حب غريبة) 1949 لأنغمار بيرغمان:نموذج لأمرأة مدخنة وهشة وعصبية المرأة زاوية خاصة أم زاوية موضوعية لتعقد الحياة الزوجية يبدأ فيلم الظمأ وهو الفيلم الأخير لبيرغمان في الاربعينات من القرن المنصرم على مشهد دوامة مياه تسير مع عقارب الساعة...هذه الكناية الجميلة والقوية تنبأ أن بيرغمان قادم بقوة وفكرة المياه في بداية الفيلم مثلها كمثل أي كناية في أفلام هذا المبدع يجب أن نضع لها تفسيرا قد لا يكون متفق عليه من قبل النقاد والكل يعود في تفسيره إلى خلفياته ودراسته ورأيه أولا واخيرا عن بيرغمان،وقد نضع تفسيرا يبدو موضوعيا في معرض حديثنا عن الفيلم المحسوب من ضمن سلسلة الافلام العبقرية Creation Collection وقبل أن نعرف من هي ولماذا(Rutهذا الفيلم الجميل والقوي ولكنه مجهول الهوية تقريبا ضمن فيلموجرافيا بيرغمان يبدأ مع ( هي في فندق،تبدأ باسترجاع الذكريات وهذا يشكل تعقيد ولبس في المشاهدة وهذا اللبس قد يكون أحد نقاط ضعف الفيلم لأن اللبس في التداخل أو السرد وليس في الفكرة إذ من عادة بيرغمان أن يكون اللبس وتعدد الاحتمالات في الفكرة ولكن هذا ليس موضوعنا... سنعرف بأنها كانت على علاقة مع راؤول المتزوج المتجهم الذي يعترف لها بأنه متزوج،بل يتواجه مع زوجته وعشيقته بكل غرور وكبرياء معتقدا بأن الرجل الصحي يجب أن يحتفظ بامرأتين،ولكن سرعان ما سيتخلى راؤول عنها عندما يعرف بموضوع حملها غير المنتظر وسيتهمها بالعهر،وهي ستصبح عاقر نتيجة لإسقاطها هذا الولد... بماضيها وحاضرها والحاضر يتحدث الآن...(Rutإذا القصة الأولى هي قصة ( الآن مع زوجها،يعيشون في فندق مرتفع الثمن على الرغم من تدني وضعهم المادي وهم عالقون في هذه المنطقة أثناء Rut رحلة بالقطار...العلاقة تبدو على غير ما يرام بينها وبين زوجها والشك والاتهامات فيها واضحة،وجود نوبات عصبية من قبل رت ومن الواضح الآن أن بيرغمان يناقش حالة من الحب والزواج،وأعتقد أن الكلمة الثانية أقرب إلى التعبير،على خلفية انهيار زواجه الثاني... بحبها ولكن برتل يرفض هذه الاتهامات Rut والتي تتهمه (Viola وهي الأرملة ((Bertilهناك إمرأة أخرى في حياة زوجها ( ويقول أنها تحب زوجها الميت... عندما تتحدث عن راؤول أمامه تقول بأنه كان جرذا ولكنه كان رجلا وزوجها يشعر بالحزن على هذه الأرملة لأنها تعاني من التعاب في الدماغ... الفيلم يتحدث بلسان المرأة،ومن خلال رؤية ووجهة نظر المرأة،ولكن النموذج الذي يضعه بيرغمان للمرأة غير قادر على الدفاع عن نفسه بشكل جيد،بل هي أساس المشكلات وأساس تعقد الحياة الزوجية،وهنا نتساءل هل بيرغمان يضع المبررات آخر خاصة بأن وودي آلن من كبار(Annie Hallلفشل علاقته الزوجيه...هل هو يلقي بالذنب على المرأة...هل نحن أمام فيلم ( المعجبين ببيرغمان؟ تمارس الغواية،تمارس سلطانها حتى في أقسى الظروف...هل هذا هو سلاح المرأة أم هل هو سلاح المرأة الوحيد،Rut ولنتوقف قليلا عند التلميحات الجنسية في الفيلم،فالرجل يبدو صارما أحيانا (راؤول) ويبدو أحيانا غير مهتم(برتل) والمرأة تملك المفتاح ولكنها في هذا الفيلم لا تستطيع أن تفتح قلب الرجل مع العلم أن للرجل أحيانا ينظر إلى الجنس على أنه حالة كالجوع أو حالة للتخلص من الألم كما هو الحال مع فيلم (التانغو الأخير في باريس). وهي أسطورة يونانية (Alpheus ولدت في نهر الرب(( Arethusaبرتل(المتخصص بالأدب) يروي قصة أسطورة للزهرة ( عن أن جنسان مختلفان لا يمكنهما الاتحاد أبدا،هذه الأسطورة التي تتناقض مع أسطورة أفلاطون الشهيرة عن أن الإنسان كان عنصرا واحدا بالأساس ومع بداية الخليقة ولكن وبعد أن انقسم ظل يبحث عن نصفه الثاني بقية حياته...هذه الاسطورة التي يحكيها برتل في الفيلم قد تكون كناية عن الفيلم كله... ولكن بيرغمان في نفس الوقت يروي هذه الأسطورة بطريقة أخرى لأن المرأة هي العصبية وهي المدخنة وهي المذنبة... والتي لازالت تنعى زوجها الميت،والزمان هو دائما في الفيلم منتصف الصيف وكثيرا (Violaثم لنتوجه للحديث عن الأرملة( ما يذكر هذا الزمن في الفيلم والأرملة فيولا مبدأيا تعاني من الارتياب وأكيدا تعاني من التهاب في الدماغ وتدخن أيضا ويبدو عليها التوتر والمرض النفسي ولذلك هي تراجع عيادة طبيب نفسي...بالمناسبة فيولا هي كاتبة قصة الفيلم. الدكتور(روزنجرن) يعالج إمرأة من الكآبة وبعد ذلك يعرض على فيولا القدوم معه إلى كوخه حيث يود الاسترخاء للكتابة،وهو يطلب منها التخلص من تقاليد الزواج بل ويسخر من هذه التقاليد ويعتبر المتزوجين يمشون في منامهم ويحلمون الأحلام وفيولا تعتبر بأن زواجها كان سعيدا زلكنه يعتبر ذلك محض أوهام،بل ويعتبر بأنها لم تحب زوجها أصلا حتى بعد مماته والزواج تقريبا تدخن وعصبية وقد هجرها حبيبها الأخير وأبدى تذمرا منها...(Rutبالنسبة إليه عبارة عن غلطة وهي إمراة على شاكلة ( يتابع الدكتور طلبه بأن تكون معه بكلمات غزل منمقة وواثقة ومؤكدة،وهو يدعي بأنه يمثل الله على الأرض...هذا المصطلح أو الجملة الأخيرة يذكر طبعا وأكيدا بهواجس واستلهامات بيرغمان القادمة. لاعتبارات الدكتور جعله يؤكد بأن مصيرها سينتهي إلى مستشفى الأمراض العقلية...(Violaرفض ( الطبيب لا يمارس العلاج هنا بل يؤكد حق الامتلاك للمرأة وبأن الرجل هو الأول في الأرض بل هو سلطة الرب إن صح التعبير وهو يعذب هذه المرأة بكل هدوء وسادية...القصة الثانية حالة تملك رجل لأمراة ضعيفة،أما القصة الأولى هي حالة تجاهل رجل لأمرأة مهزوزة من الداخل وتعتقد بأنها قوية،وما أجمل التجاهل عندما يكون بالقراءة...إنها حالة تسيد أخرى..إنه يدرس الأدب متجاهلا تصرفاتها،وحتى الآن إن كان بيرغمان يشير أو يتحدث عن نفسه فهو يتحدث عن نفسه بطريقة أكثر قبولا من فليني إذا استثنينا فيلم 8.5 رت تخاف من المستقبل،خوفا بعيدا في حالته عن حالة كافكا الأدبية،والفيلم إن كان ذو نزعة أدبية واضحة ولكنه يغرق في الحالة السيكولوجية لشخصياته النسائية ،فالمرأتان حالة عصبية واضحة لأامراض العصر... إذا الدوامة في بداية الفيلم هي العلاقةبين الرجل والمرأة...هي العلاقة الأبدية غير المنتهية والتي تدور كدوامة مع عقارب الساعة،مع الزمن وحتى انتهاء الزمن... الفيلم محمل بالرؤى السوداوية فكل المرض النسائي ناتج أصلا عن العلاقة بالرجل... الآن حالة من اندفاع الذكريات نحو مكان أخر وزمان آخر...نحو تعلم رقص الباليه.. فالبورج رفيقة رت في تعلم الرقص تح رت وتدافع عنها وهنا يحدث التداخل بين النساء الثلاث..... الارملة تعرف فالبورج بطريقة ما وهي تتعرف على رت من خلال صورة موجودة عند فالبورج لأن بينهما صديق مشترك...ثم يتخلل الفيلم جدلا بين رجلين عن المشاكل الزوجية وكيفية حلها من خلال النقاش ،والمحصلة النهائية بأن يضرب برتل رت على رأسها بزجاجة قائلا بأنها لم تثرثر بعد الآن... بعد ذلك نكتشف بأنه حلم وهو نشوة بحد ذاته بالنسبة لبرتل أما فالبورج تبدو حزينة أسيرة منزلها ونحن لا نعرف عن خلفياتها الكثير أما فيولا الأرملة يبدو بأنه ستنتحر بأن ترمي نفسها في البحر... بيرغمان وعلى نحو غريب يقول بأن بقاء رت مع برتل خير من عدمه وهذا التصريح ربما يكون ساخرا،وربما لايجد حلا للمعضلة الزوجية. الفيلم نستطيع أن نقول عنه بأنه عبارة عن أزمة يعيشها بيرغمان نتيجة فشل زواجه الثاني والأمر يعود للمشاهد إن كان بيرغمان يحلل المشكلة من كافة الأبعاد أو من أبعاد خاصة وأحيانا تبدو شخصية جدا... ).Viola) وهي نفسها التي قامت بدور الأرملة (Birgit Tengrothهذه القصة من كتابة (
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
TANGO 1998::امتزاج بين الواقعي والاستعراضي في سرد سلس ومتناس
...
-
السفينة تبحر 1983 لفدريكو فليني:حضور أوبرالي وكنايات سياسية
...
-
العظيم الأخير(إيليا كازان) 1976:تبريرات قصدية لأحداث تغيب عن
...
-
البكاء والهمس 1972 (أنغمار بيرغمان):محاولات للوصول إلى أصل ا
...
-
The Touch1971:قصة حب عادية جدا للصدفة فيها دور كبير
-
In The Mood Of Love 2001:سردية هادئة لقصة هي في ذروة العقدة
...
-
دراسة مطولة حول فيلم التضحية(أندريه تاركوفسكي)1986: الخلاص ا
...
-
الحنين 1983 لأندريه تاركوفسكي: تأملات في شعور بشري خالص
-
لفدريكو فليني: مرة أخرى عن ذكريات فلينيAmarcord
-
ستالكر أو الدليل لأندريه تاركوفسكي 1980 :المنطقة أو لحظة زوا
...
-
زوربا اليوناني 1964:اليكسس زوربا:الرجل المحاصر بين متطلبات ا
...
-
Passion of ann 1969 لأنغمار بيرغمان: سرد واضح لشخصيات ضعيفة
...
-
ساعة الذئب 1968:بداية الحقبة النفسية لبيرغمان
-
سولاريس لستيفن سوديربيرغ: رؤية جديدة لرواية ستا نسلو ليم:سول
...
-
الإغواء الأخير للسيد المسيح 1988:أكبر ثورة فكرية في تاريخ ال
...
-
دراسة حول فيلم Persona(قناع الشخصية):رموز أدبية وتحليلات نفس
...
-
فيلم المرآة1975:محاولة لفك رموز تاركوفسكي المعقدة-تجلي العنص
...
-
الثور الهائج 1980: عن حياة ملاكم نيويوركي أصيل
-
سائق التاكسي 1976 لمارتن سكورسويزي: فيلم عن اللحظة بامتياز-س
...
-
أندريه رابلوف 1969:الفن والجمال،والفكرة والمضمون،وكل شيء عن
...
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|