|
شيء من الحاضر
رشيد الفهد
الحوار المتمدن-العدد: 3767 - 2012 / 6 / 23 - 17:42
المحور:
كتابات ساخرة
بيوت طينية متفرقة تقع على جانبي الطريق إلى عملي، سكانها يعرفوني في الغالب ،يعرفون أني سليل سادة أشراف. زميلتي في العمل، تكون دائما برفقتي في الذهاب إلى عملي و الإياب،،،بيني وبينها حرب كلامية، أشتبك معها في حوارات مريرة. في صباح يوم حار استوقفتني سيدة تعرفني، تقيم في إحدى تلك البيوت، تمسك عجلا صغيرا، قالت: يا مولانا هذا العجل منذ ثلاثة أيام يمتنع عن تناول الطعام . فهمت قصدها،، نزلت من سيارتي، أديت أمامها دور الهرطقي، ماسكا إذن العجل هامسا فيها، متمتما كلمات لا على التعيين، كان القصد من وراء ذلك أن نضحك فيما بعد. عند عودتي من عملي قطعت علي نفس السيدة الطريق وهي في غاية السرور، قالت : (سيدنا، مولانا، اللهم صلي على محمد وال محمد، ما إن لويت إذن العجل حتى راح بعدها يأكل ويشرب ويلعب) !!. الحادثة أثارت استغرابي وحيرتي ، كما أثارت قلقي أيضا. سيكون من الصعب تماما إقناع الناس هناك أن عجلهم كان يعاني من مشكلة ويبدو أنها زالت تزامنا مع المشهد المضحك، و هو الذي قرر بعد زوالها إنهاء إضرابه عن الطعام ، و بالتالي أنا لست طرفا فيما حصل. بصراحة أنا لا أريد أن أصير أمام أنظار هؤلاء بطلا قوميا على خلفية ذلك العجل اللعين ، و لست راغبا أن ينظروا ألي رجلا له قدرات خارقة. في صباح اليوم التالي اتصلت بي زميلتي معلنة عدم استطاعتها العمل بسبب حالتها الصحية.. إلا أنها أقفلت الهاتف بوجهي بعد أن أعربت لها مازحا عن استعدادي للتوجه إليها فورا لأهمس بإذنها، ذلك اسلم لها من الذهاب إلى طبيب. توقعاتي في حينها كانت تشير إلى أن الخبر سيأخذ مداه الواسع،فزميلتي تنشر الأخبار أسرع من أية وكالة أنباء في العالم ،ألأمر الذي دعاني إلى أجراء استحضارات للرد على كافة التعليقات الساخرة والردود . قلقي من التعليقات زال بالكامل، وحلت محله الدهشة والعجب، فخلال لقاء جمعني مع بعض الصحابة من المثقفين نهار الجمعة ضمن برنامجي الأسبوعي المعتاد، جلس إلى جانبي احدهم له مجموعة قصصية وديوان من الشعر ، يحدثني عن مرض أصابه منذ مدة طويلة، تبين فيما بعد أن الرجل كان يظن بإمكاني لعب دور هام في علاجه دون أن يفصح عن ذلك بوضوح ، ما يدل على أن قصة شفاء العجل حين ترددت، حين تناقلتها ألألسن، تضخمت حتى انسحبت بدورها على البشر. أسابيع مرت، أصادف السيدة في طريقي، ألوح لها بيدي من بعيد، مؤديا التحية لها،وفي أحيان أصادف العجل أيضا. بعدها استوقفتني ، كانت في غاية الحزن،ظننت في البداية أن عجلها فارق الحياة. قالت بصوت خافت::( مولانا أن رجلي يريد الزواج من أخرى وأحلفك بالعباس أبو فاضل أن تحل المشكلة). ياويلي، هذه مشكلة لا ينفع فيها همس بالأذن ولا حتى نفخ في البطن، هذه مشكلة من نوع آخر، إنها مختلفة تماما. فالزواج المتعدد مسند بنص مقدس لا استطيع أنا ولا حتى جدي السادس عشر من تغييره ولو إزالة حرف واحد منه. ليس بإمكاني حلها أبدا، إلا ألقيام بإبعاد الزوج خارج دائرة التفكير بالزواج. الناس هناك تسعدهم الأعمال الإضافية،يسعون إلى اجور إضافية تحسن أوضاعهم ،وفكرة أن يعمل زوج السيدة حارسا ليليا ، أراها الفكرة الحل. يعمل في النهار ويحرس في الليل،بهذه الوسيلة سأجثم على صدره وأضيق على أنفاسه واجعله يلعن الساعة التي فكر فيها بالزواج، عندها لن يكون له متسع للزواج. شيوعي بلغ من العمر عتيا يعمل ضمن مشروع خاص بالبناء يقع على مسافة قريبة من بيت السيدة،قصدته في داره، ملبيا طلبي بتوظيف صاحبنا حارسا ،كحتمية تاريخية، موعزا لفريقه بتخصيص خيمة صغيرة له. حمدت الله وشكرته كثيرا إزاء قدرة الشيوعيين على توظيف رجل ما حتى ولو برتبة ناطور!! عامل في المشروع يعمل من جهة أخرى مخبرا سريا بلا اجور، أوشى أن امرأة تأتي إلى خيمة صاحبنا الحارس في نهاية النهار،قبل حلول الظلام،تبقى معه زهاء الساعة، تبين فيما بعد أنها زوجته السيدة، تحمل إليه شيء من الطعام وأشياء أخرى، وربما هناك في خيمته،في خلوته، ينزع الثقة منها. أشهر طويلة مرت على عمل صاحبنا الحارس، إلا أن قصة توظيفه لم تأخذ مداها،لا احد يتحدث عنها، لا يكاد يعرفها احد ، لكني كنت سعيدا طيلتها، اردد مع نفسي عبارة: (ما أحلى الحلول النابعة من الواقع )،عاقدا العزم على نشر تجربتي في الحد من ظاهرة الزواج المتعدد عبر عدد من مراكز الدراسات والأبحاث. في يوم اسود جاءتني السيدة تبكي،حالتها يرثى لها،أخبرتني أن زوجها قد تزوج عليها بعد أن باع عجلها وانه كان طيلة الفترة المنصرمة يعمل على توفير المبلغ اللازم للزواج.
#رشيد_الفهد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف أصف ألنظام السياسي في العراق
-
يا أنف فيروز
-
أزمة السيد كامل
-
حديث السيدة أم سامي
-
الولي ازمة السيدة ام علي
-
فخريه بائعة الجبن
-
خالد يتزوج
-
قالها علي:انا اعرفهم
-
ويسالونك عن الحب
-
وأنت ترى مواكب الأعراس...انتبه لنفسك
-
الطعام.....فقط في وسائل الدعاية الانتخابية
-
أين الشيطان؟
-
أين الله؟
-
شيء من العراق
-
من سيحفر قبر الاسلام السياسي في العراق
-
تحت تهمة الخيانة الزوجية:تنفيذ حكم الإعدام في بابل بحق احد ا
...
المزيد.....
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|