|
حوارات بالقوة أو بالفعل
أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 3767 - 2012 / 6 / 23 - 11:50
المحور:
الادب والفن
الأعمال الكاملة
الدراسات (10)
د. أفنان القاسم
حوارات بالقوة أو بالفعل
إلى أرسطو عربي لن يولد
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأحسن راقصة تحية كاريوكا
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: د. أفنان القاسم
كان إدوارد سعيد صائبًا عندما رأى في تحية كاريوكا سلطةً للجسد، وأنا أرى فيها سلطة فقط، وفقط سلطة، سلطة بكل بساطة، فقد جاءت بعرش مصر إلى قدميها قبل أن تجيء بعروش القلوب، وطبعت مصر والعالم العربي بطابعها، كانت سيدة السياسة دون أن تكونها، وسيدة الوهم الذي يخضع له العالم العربي إلى اليوم، كانت البغاء اللذيذ، والعقل الماجن، وكانت إرادة الجنون في معناه الثوري ومعناه الشبقي، فالطبقات المسيطر عليها نهلت من انتصاب نهديها درس الشهامة والكرامة، والأخرى المسيطرة تعلمت على رعشات كفلها أحدث طرق الاغتصاب، فكانت تحية العملاقة عملاقة في كل شيء، وتحت كل شرط، في الانحطاط كانت عملاقة، وفي ضد-الانحطاط كانت عملاقة، وما يميزها أكثر أنها جمعت بين الممكن وغير الممكن ليس هذا لأنها نجمة صنعتها الأضواء لا يمكن لمسها، ولكن لأن حضورًا كان لها ينفي كل شيء ما عداه، فغدا المستحيل دون معنى، والحلم على مرمى حجر. إن سرها الدلالي ليس بسر، إنه سر عار، كجسدها العاري، بمعنى أنه مكشوف للجميع على الرغم من كل الأسرار التي يخفيها عن العين عريها، إن سرها الدلالي سر إلهي، كقمرها الفضي، قمرها الدموي، بمعنى أنه متروك للتأويل مدنس هو أو مقدس، مقدس هو أو مدنس، فللآلهة التي جاءت تحية من برقها وضلعها أسرار للتأمل والتوتر، وهي ستبقى بعد موتها دائمًا ها هنا بسلطة وقتها السحري علينا حتى وإن غدت المدنسات اليوم كلها مقدسات...
نص الحوار الافتراضي:
* سيدة تحية، تحية من أعماق قلب كل عربي...
. (تضحك) ومن أعماق أعماق قلبي.
* هل تعلمين دورك الهام في تشكيل عقل الإنسان العربي؟
. الله من شويه القلب والآن العقل!
* أنت قلب وعقل العرب سيدة تحية.
. هم العرب بحبوا الرقص كده ليه؟
* العرب يحبون رقصك وليس الرقص، يموتون جنونًا بجسدك.
. (تقهقه) ليه هم العرب معقدين لدرجة لا تصدق؟
* ليسوا معقدين ولكن لأنك أنت عقدتهم.
. دول بحاجة إذن لده الواد بتاع اللي اسمه فِرْوِدْ (تقهقه).
* يا ليت ينقذهم فرويد منك، ولكن حتى فرويد لن ينقذهم منك، أنت بالنسبة لهم سلطة مبارك إذا أرادوا أن يناموا في الليل بهدوء كما يتمنون وهزيمة إسرائيل إذا عجزوا عن محاربتها كما يريدون.
. (تقهقه) أنا يعني الجيش بتاعهم؟
* بل وأكثر أنت التاريخ بتاعهم.
. (بتكشيرة) قول لي بقى انت قصدك ايه؟ انت بتهزأ بي والا ايه؟
* أنا لا أهزأ بك، أنا أقول الصدق.
. بالرقص بتاعي أنا تاريخ العرب؟
* بالرقص بتاعك بالضبط، بتاعك وليس بتاع غيرك، وهم عندما يعيدون كتابة تاريخهم من جديد بفضل الرقص بتاعك، لأنك أنت حلم النهوض وكابوس السقوط، وعندما تحين الفرصة لهم، بفضل الجسد بتاعك، بفضل أحاجي الجسد بتاعك وأسراره سيحققون حلم النهوض، حتى وهم لا يفكرون فيك، حتى بعد أن تموتي، وستبقين الحافز، لأنك أصبحت جزءًا من عقل الإنسان العربي الباطن. شكرًا ست تحية.
(لم تجبني، كانت غارقة مع أفكارها، وبحركة لا شعورية غطت ساقيها)...
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأحسن مطرب عبد الحليم حافظ
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: د. أفنان القاسم
منذ مدة طويلة، وأنا أفكر في الكتابة عن عبد الحليم حافظ، عبد الحليم حافظ العمل الفني وليس الفنان، فأربطه بفن اللغة، لأفهم كيف استطاع كمرسل في التحليل البنيوي أن يوصل أغنيته إلى قلوب محبيه ليس عن طريق صوته الشجي، ولكن كمفردة وصورة ودلالة، فالصوت الشجي وحده لا يكفي للإبلاغ، والانفعال وحده لا يؤدي مهمة التوصيل بنجاح، على الرغم من ضرورة الواحد والآخر لنجاح الأغنية كنص شعري. لهذا كل دراسة لكلمات عبد الحليم حافظ لا بد من ربطها ببنية الطرب كما نربط الرسم ببنية التصوير والفيلم ببنية الإخراج والرواية ببنية التخييل ولعبة المرايا. والشعرية بشكل عام كمنهج في التحليل لا تتوقف عند اللغة فقط، الشعرية ميدانها العملي والفعلي ينهل من نظرية الإشارات في مجموعها، وفي حالة عبد الحليم حافظ الإشارات الصوتية أهمها. إذن بنية الصوت وبنية الكلمة وبنية اللحن، كل هذه اجتمعت في جدل هيجلي، وبشكل علمي، يجعلك تتساءل عن مادية الأحاسيس، وموضوعية الانفعالات، ومنطق الطرب أو طرب المنطق. سيحتار الناقد النحوي من تركيب الصوت عندما يريد دراسة تركيب الجملة، وسيضيع عالِم الأصوات في عالَم الجملة عندما يريد الولوج إلى عالم الصوت. ولكي يخرج الواحد والآخر من مأزقه، يذهب الواحد والآخر إلى البحث التزامني في كل أغاني المرحلة كي يفهم الظاهرة التي كانها عبد الحليم حافظ، وأحيانًا في كل قصائد المرحلة، فيفرز منها تلك القابلة للغناء، بمعنى تلك القصائد القيمة، وقد غدا صوت عبد الحليم حافظ معيارًا للشعرية في حكمها على شعراء كبار كالبياتي أو أدونيس أو محمود درويش. هذا لا يعني أنني أربط الشعر العظيم بالأغنية العظيمة، ولكن التعمق في دراسة أغاني العندليب الأسمر وأسباب شعبيتها وخلودها تضع على المحك الكثير من الشعر النافل.
(كنا قد تراسلنا أنا وعبد الحليم حافظ في الستينات، وكان على وشك الحضور عندنا في نابلس لولا مرضه. وفي السبعينات، التقيته صدفة في شارع الشانزلزيه، وبالطبع دون أن أكلمه، كان عائدًا من أمريكا بعد فشله في العلاج، أصفر الوجه، ضعيفًا، وصامتًا، وبصحبته عدد من أصدقائه الذين كانوا يتحاورون بصوت عال أمام إحدى دور السينما حول الذهاب إلى السينما أم إلى المطعم، وعبد الحليم الصامت دومًا يبدو كتمثال من الشمع لا يعنيه الذهاب لا إلى هذا ولا إلى تلك، وبعد قليل قرر من هم معه الذهاب إلى السينما)
* أستاذ عبد الحليم أرجو أن يكون الفيلم قد أعجبك.
. والله أنا نمت ولم أر من الفيلم حاجة.
* طمنا عن صحتك.
. مش كويسة.
* سلامتك ألف سلامة.
. الله يسلمك.
* أستاذ عبد الحليم ماذا تقول في أغنيتك؟
. تقصد من الناحية الشعبية؟ هي ناجحة جدًا جدًا.
* أقصد من الناحية الفنية.
. هي ناجحة أيضًا جدًا جدًا.
* وما سبب هذا النجاح؟ صوتك، لحنك، كلماتك؟
. موتي.
* بعد عمر طويل.
. الموت أجمل أغنية لم يغنّها أحد.
* هل يمكن القول إن أغنياتك الجميلة جميلة لهاجس الموت؟
. لهاجس الموت ولهاجس الصدفة مثل لقائنا العبقري اليوم بعد كتاباتنا الطويلة لبعضنا، بالنسبة لي النيل هو صدفة، وكمال الطويل هو صدفة، ومحمد الموجي هو صدفة، وبليغ حمدي هو صدفة، وعبد الوهاب هو صدفة كبيرة جدًا في حياتي.
* ألهذا السبب لم تغن لفلسطين، لأنها لم تكن صدفة بالنسبة لك؟
. فلسطين شيء آخر، فلسطين هي السياسة التي كنت أجهلها.
* ألهذا السبب أبدعت في الغناء؟
. أبدعت في الغناء لأني كنت أغني لفلسطين كل أغاني الحب اللي غنيتها وانا مش عارف.
* شكرًا للحب أستاذ عبد الحليم.
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأحسن مطربة أم كلثوم
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: د. أفنان القاسم
أم كلثوم ظاهرة محيرة خلال حياتها وبعد ثلاثين سنة من موتها، وموتها عيد في ذكراه هذه الأيام. أنا هنا بتعرضي للوظيفة الغنائية أتعدى حدود الغناء، لتنوع هذا الغناء، مما يفرض على المحلل الألسني النظر إلى الوظائف الكلامية الأخرى، فالأغنية الملحمية اعتمادًا منها على ضمير الغائب، تجعلني أضفي الوظيفة المرجعية إلى صرح الأغنية الأم كلثومية، والأغنية الغنائية اعتمادًا منها على ضمير المتكلم، تفتح للإشارات والدلالات الباب على مصراعيه في حقل الوظيفة الانفعالية، والأغنية المخاطبية –لاحظ أنني لا أقول الخطابية- اعتمادًا منها على ضمير المخاطب، ومن يقول مخاطبًا يقول نداء لتكون الوظيفة الندائية وما يتعاقب معها بين المرسل والمرسل إليه إذا ما كان من المتكلم باتجاه المخاطب أو المخاطب باتجاه المتكلم، ترافق ذلك أنّات أم كلثوم المتوسلة أو المبكتة أو المتوجعة أو المتمردة. لا بد إذن للبنية الغنائية لدى أم كلثوم أن تمضي بوظيفة دومًا مضافة إلى الوظيفة الغنائية من أجل الإبلاغ والتوصيل، وبالتالي الدراسة للرخيم في صوتها، فهو للأغنية كالطود في الأرض الخصبة أيًا كان نوعها، تنظر إلى هذا الرخيم في إطار الوظيفة الغنائية وإحدى وظائف الكلام الأخرى –ولم لا كلها للكلية الغنائية الأم كلثومية- وبالنسبة للأغنية العربية وللثقافة العربية يصبح الرخيم في صوت كوكب الشرق نموذجًا تطبيقيًا للشعر وقد غدا لحنًا وطربًا وموسيقى بعد أن كان نحوًا وصرفًا وبحرًا، وهذا غير حال كل القصائد العربية كنحو وصرف وبحر، كأبيات نظرية جرى اعتبار أنها هي الأساسية، فالبيت التطبيقي لدى أم كلثوم قلب السائد النقدي رأسًا على عقب، بعد أن جعل من نفسه ظاهرة أساسية ومن غيره ظاهرة ثانوية.
(في الستينات كنت في الاسكندرية مع صديقي الدكتور اسكندر عودة الذي قتلته عصابة كاهانا عدة سنوات فيما بعد في أمريكا لمواقفه السياسية وثمّن حياته ريغان نفسه بعد مصرعه، وبينما نحن في محطة الرمل، قال لي اسكندر: انظر من هناك! كانت أم كلثوم تصعد على درجات محطة القطارات من نفقها، وهي تحمل شنطة وعلب كرتونية لا تعد ولا تحصى، ربما كانت فيها فساتينها ومناديلها وقبعاتها، فالعلب كانت تبدو خفيفة، وكانت كوكب الشرق ساحرة بقامتها العملاقة وابتسامتها الخلابة وهي تتعمد الصياح على شخص وهمي: الله انت رحت فين يا ود يا محمد! العتال، ولم يكن هناك عتال أو غيره، وتتلاقى نظراتنا، وترن ضحكتها...)
* سيدة أم كلثوم دعيني أساعدك.
. (ترن ضحكتها) بس أنا ما عنديش فكة.
* أنا تحت أمرك بدون فكة.
. إذن انت مش عتال.
* أنا عتال كل أغاني الحب التي غنتها كوكب الشرق.
. (ترن ضحكتها) بصراحة أنا ما كنتش فاهمة ليه جمال عبد الناصر كان يحب يؤمم صوتي والآن فهمت.
* فهمت من أي ناحية سيدة أم كلثوم؟
. من الناحية الشعبية طبعًا، أنا كنت اجمع من المعجبين في سهرة واحدة قده على عشر مرات (ترن ضحكتها).
* من الناحية الشعبية ومن الناحية السياسية ومن الناحية المادية.
. الناحية المادية كمان، بس أنا فلوسي ما يمسهاش وإلا حطلعها من دماغه، المسأله هنا تتعلق بالصندوق القومي المصري بتاعي، وانت شايف كم هو موقفي صلب باتجاه العتالين (ترن ضحكتها) أما الناحية السياسية أنا بشتغلش سياسة.
* عندما يسمعك المعجبون بك ويبدون كالسكارى هذه سياسة، عندما يتوقف الناس عن العمل على أغنية لك في الراديو الساعة العاشرة صباحًا هذه سياسة، وعندما يحلم العشاق في الليل دون أن يسمعوا صوتك هذه أيضًا سياسة.
. (ترن ضحكتها) اذن تروح معايا القاهرة ونحتل قصر عابدين.
* وإذا أردت كل قصور الحكام العرب.
(ترن ضحكتها)
* سيدة أم كلثوم هل تعلمين أن الإسرائيليين الذين سيحضرون حفلك القادم في قاعة الأولمبيا في باريس عددهم أكثر بكثير من العرب أو الفرنسيين.
. ما هوه انا سأحتل أيضًا قصورهم (ترن ضحكتها).
* أنت قادرة على ذلك سيدة أم كلثوم.
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ راقصة انتصار الوزير "أم جهاد"
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
قام بالحوار: علاء صبيح
هذه المرأة هي نموذج للجوكر في السياسة النسائية الانحطاطية التي كان يمارسها ياسر عرفات، فهي من الجهل العالم والدعارة الشريفة لدرجة لا تصدق، في مادة الشؤون الاجتماعية تترك بصمات جوستين لساد، وفي مادة الشؤون السياسية بصمات راسبوتين، فهي تخلع بخطابها الأخوي المستلين المستكين عن عورات أخواتها الفلسطينيات آخر ما تبقى لهن من أوراق توت الوطنية والاستشهاد بملاليم العون وحفنات البن والشاي، وعلى بطنها السياسي تلقي بكل مصاب فلسطين باهتزاز لا يضاهيه اهتزاز نجوى فؤاد وتحية كاريوكا وسامية جمال في آن، يكفي أن تسمعها تدعو لقاتل زوجها عرفات بالانتصار –اسمها انتصار- وبفك الحصار كفك الحزام وبإقامة الدولة الفلسطينية على كشحها ربما والوصول إلى حل وسلام عادلين من أجل مواخير رام الله العفيفة. لنقرأ هذا الحوار الذي يجدر تسجيله في الحوليات والعمل منه دفترًا أخضر كدفاتر القذافي ولكن في الاجترار الاستمنائي واللطم الذاتاني والدوزنة التي لا تصدق لحروف شارون كيف تنطقها وكيف تحللها وكيف تهمس بها همس العذارى في هياكل السلطة الأوسلوية...
التركيز على الموضوع الأمني بداية الحديث أجابت وزيرة الشؤون الاجتماعية الأخت أم جهاد أن الوضع السياسي صعب جداً في هذه المرحلة خاصة وان شارون جمد القضايا السياسية وركز اهتمامه علي الوضع الأمني فإنه لا يوجد توجه سياسي لحل القضية الفلسطينية ونحن نسعى باستمرار للعودة إلى المفاوضات لاستكمال ما توقفنا عنده في طابا وكامب ديفيد للوصول إلى الحل العادل والشامل والذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على الأراضي المحتلة عام 1967 وذلك لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 و 338 مع حق العودة للاجئين الفلسطينيين على قاعدة قرار 194 وتفكيك المستوطنات، وتضيف الأخت أم جهاد قائلة: إن عمليات الاغتيال هي عمليات مدانة وتعتبر أحد جرائم الحرب التي يرتكبها شارون وهي تعبر عن همجية الاحتلال .
شارون والإرهاب وتكمل وزيرة الشؤون الاجتماعية : إن حكومة شارون تطالب بأسبوع تهدئة ولكن في الفترة الماضية كانت أكثر من ثلاث أسابيع تهدئة رغم ذلك قامت بالاغتيالات حتى تشعل المنطقة مره أخري وتجبر الحركات الوطنية على الرد والانتقام للجرائم التي تركبها إسرائيل لأن شارون لا يريد أن يجلس على طاولة المفاوضات فهدف شارون هو أن يجر المنطقة إلى حرب لأن سياسته سياسة قمع وحرب وقتال وهو رجل عسكري لا يتعاطى بالحل السياسي بل يتعاطي بالحل العسكري والأمني فقط ، وتقول مضيفة : إن ادعاءه بالمطالبة بأسبوع تهدئة غير صحيح لأن هذا الادعاء تأكدنا أنه لا يعنيه لأنه عندما حدثت هناك تهدئة ثلاث أسابيع قام شارون باغتيال وتصفية رائد الكرمي حتى يجر الآخرين بالرد عليه فإن عقلية شارون هي عقلية عسكرية أمنية لا تريد السلام والمفاوضات .
مشاركة الرئيس بالقمة العربية وتضيف أم جهاد : يجب العمل بكل الوسائل للضغط على إسرائيل من أجل السماح للرئيس بحضور القمة العربية القادمة ورفع الحصار عن الرئيس ياسر عرفات والشعب الفلسطيني والتأكيد على مشاركة الرئيس وفد فلسطيني لهذه القمة ولكن إذا إسرائيل لم تسمح بالمشاركة فإن الوضع سيزداد سوءًا. وعن تصريحات وزير الخارجية القطري قالت أم جهاد : لقد أعطى وزير الخارجية القطري الصورة الحقيقية عن العجز العربي بشكل واضح وهذا لا يعني أهانه الشعب الفلسطيني بقدر ما كان يعني بان الموقف العربي غير قادر على ممارسة أي ضغوط على إسرائيل وأن هذا الموقف لا يريد أن يمارس الضغط على إسرائيل نفس الوقت يمارس الاتصالات مع الجانب الأمريكي بداية من ولي العهد السعودي الذي هدد أمريكا بشكل مباشر والدول العربية مثل مصر والأردن الذين يسعون جاهدين لإقناع الولايات المتحدة الأمريكية إلي بذل الجهود من أجل وقف القتال ورفع الحصار والعودة إلي المفاوضات وتطبيق تفاهمات تينت وقرارات لجنة ميتشل وتضيف في نفس الاتجاه : الولايات المتحدة هي القوة العظمى التي تستطيع أن تمارس ضغوطا على إسرائيل ولكن يتضح لنا انحيازها الكامل للجانب الإسرائيلي والى حكومة شارون فإنما هذا يضعف من أهميتها للعب دور وسيط وراع لعملية السلام .
المساعدات العربية وعن كيفية وصول المساعدات الدولية ومدى كفايتها لتغطي متطلبات وزارة الشؤون الاجتماعية تقول أم جهاد :إن الوزارة لم تتلق مساعدات من أي جانب عربي إلا لتقديم لدعم رواتب الموظفين من خلال بنك التنمية الإسلامي ومن خلال صندوق الأقصى وهي إنما تقدم مساعدات لعائلات الشهداء وبنك التنمية الإسلامي وصندوق شهداء انتفاضة مباشرة إلي عائلات الشهداء فقط فدورنا فقط هو تنسيقي وتوفير المعلومات والبيانات اللازمة والضرورية من أجل أن يقوم البنك الإسلامي بدفع الرواتب لعائلات الشهداء، وهناك لجان شعبية مثل اللجنة الشعبية السعودية تقدم مساعدات والهلال الأحمر الإماراتي يقدم مساعدات عينية بالإضافة إلي بعض الدول العربية مثل عمان والأردن برعاية الملكة رانية حيث قدمت لحوالي 200 أسرة شهيد وكذلك الراية القطرية والحكومة العراقية ونحن نقوم بتمويل المساعدات مباشرة للمستفيدين وتشير أم جهاد : إلى أن هناك مساعدات عينية لكل المنتفعين من وزارة الشؤون الاجتماعية فبرامجنا لم تتوقف من خلال برنامج الغذاء العالمي طول فترة الانتفاضة فقد كانت توزع بكميات كبيرة لعدد كبير من المنتفعين بالوزارة أما نحن الأسر المحتاجة نعمل باتجاهين الأول هو أن نقدم لأسر وعائلات الشهداء القدامى والجرحى القدامى والانتفاضة وكذلك للحالات المحاجة حسب مواصفات معينة والعائلات التي فقدت معيلها أو رب الأسرة وأيضًا للعائلات والنساء المطلقات أو المسنين الذين ليس لهم أبناء أو المعاقين وكذلك الأيتام الذين فقدوا آباءهم فإن الوزارة تقوم بتقديم مساعدات مالية وتأمين صحي شامل وتعليم أبنائهم حتى التعليم الثانوي .
برنامج تأهيل المرأة وتتحدث أم جهاد الوزير : منذ البداية لنا برنامج لتأهيل المرأة أخذ على عاتقه تطوير واقع المرأة من خلال إكساب المرأة مهارات ومهنا تستطيع من خلالها عمل مشروع خاص لها لخلق فرص عمل قبل الانتفاضة كان لهذا البرنامج دور كبير في تدريب وتأهيل متخصصين فهناك مئات النساء اللواتي اشتغلن في مصانع الخياطة بالتنسيق مع أصحاب هذه المصانع بحيث أننا وفرنا أيدي عاملة ضمن خطة معينة وشغلنا أكثر من 350 امرأة في هذه المصانع ودربنا نساء لكيفية إعداد مشاريعهم الخاصة وخرجنا أكثر من 1200 خريجة وشكلنا ثلاث وحدات استشارية للمشاريع الاقتصادية التي تقوم بها النساء ومن خلال المتابعة والتطوير تمكنت العديد من النساء من أن يكون لهن مشاريعهن ودخلهن الخاص . وتضيف الأخت أم جهاد: إن المرأة الفلسطينية تقف مع الرجل وتناضل معه جنبًا إلى جنب فكل الشعب يضحي وهي مثله القوية الصامدة فهي أم وزوجة وبنت الشهيد فهي الأسيرة والشهيدة والجريحة وتشارك في كل الميادين فهي لم تتخلف يوما عن العطاء .
مبايعه للرئيس وعن مبايعة الرئيس تشير وزيرة الشؤون الاجتماعية الأخت أم جهاد: نجدد البيعة والعهد للرئيس ياسر عرفات ونقول له شعبنا الفلسطيني يلتف حوله ويسير معه في مواجهة هذا العدوان فنأمل أن يرفع الحصار عن الرئيس وشعبنا ويتحقق السلام العادل والدائم من أجل حماية أطفالنا من أجل الحرية والاستقلال في ظل الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
18 أيلول 2007 الساعة: 12:30 م
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ رسام جورج بهجوري
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: أحمد عزمي
فاجأني صديقي جورج البهجوري في هذا الحوار فاجأني ككاتب ومن قبل منذ زمن بعيد كرسام كان كلما رآني يحمل قلمه ويخطط لي رسمًا وكان في كل مرة يعبر لي عن إعجابه بكتاباتي وفي كل مرة يستقبلني كجملة من الكُتاب وفي كل مرة يهمه أمر إبداعاتي التي يريد أن يقرأها، وها هو هنا يلتقط الأساسي في فن السيرة الذاتية، ويقدم للقارئ صورة ذكية بالكلمات، بغض النظر عن نرجسية الفنان، وبوهيمية النحات، وشرارة بروميثيوس، وأعتقد أن جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ رسام ذهبت إليه بسبب هذه اللمعة المعتمة في شرارة الإبداع لديه، فهي التي كانت من وراء ذهابه إلى إسرائيل دون مقابل، مجانية الذهاب أثرت في الفضاء الكبير الذي هو جورج البهجوري، وأنا أستعمل كلمة فضاء معتبرًا إياه مشروعًا دائمًا للرسم يدخل فيه جيل من الفنانين التشكيليين البهجوري ربهم وريشتهم وقواعدهم في البرق والتحويل، ولكنه ترك كل هذا في سرداب وعيه السياسي، يريد أن يرسم مبارك، ويريد أن يحقق السلام، ويريد أن يكون ماركيز، الإرادة شيء وكيفية تحقيق الإرادة شيء آخر، لأن شروط التحقيق إن لم تتوفر، وخاصة المكتسبات التي تعود على العام قبل الخاص، تؤدي إلى عكس ما يرجى منها، ومكافأة له على هذه اللوحات الفاشلة التي لا قيمة لها استحق الجائزة...
ما الذي دفعك لكتابة سيرتك الذاتية؟
- إقامتي في المنفي الاختياري، حركت في داخلي الحنين إلى الوطن والأهل والأصدقاء، لأنني أعيش في مجتمع قارس الوحدة والصقيع، أفتقد فيه الدفء الأسري، وكنت في حاجة إلى التحدث مع أحد، أي أحد، لأحكي له شجوني في الغربة، وعندما افتقدت هذا الشخص اضطررت لبث شجوني على الورق.
فيم تختلف السيرة الذاتية عن غيرها من فنون الكتابة؟
- السيرة الذاتية تنتمي إلى نوع من الأدب، اسمه أدب الاعتراف، ويتسم صاحبه بالشجاعة، وتنال كتابتها اهتمام القارئ، لأنه يستفيد منها، فالقراءة هنا لا تكون لمجرد التسلية وإزجاء أوقات الفراغ، والكتابة بالنسبة لي فتح جديد في عالم الإبداع، وإن جاءت متأخرة، وهناك اختلاف بيني - كرسام محترف - وبين الأديب، الذي يتخذ من الكتابة مهنة له، فهو قد يسرب جزءاً من سيرته الذاتية خلال كتاباته، من دون أن يعني ذلك أنه يكتب سيرته، مثلما فعل جابريل جارثيا ماركيز وغيره من الكتاب العالميين والعرب، وأنا ذكرت ماركيز لأنني مفتون بكتاباته وسيرته الذاتية على وجه الخصوص.
لكن هناك كثيرين كتبوا سيرهم الذاتية، ولم يلتفت إليها أحد لأن القراء أدركوا أنهم لم يكتبوا عن حياتهم بالصراحة المطلوبة؟
- لقد عاملت نفسي بمنتهى القسوة، لكن بدون أن أخدش حياء القارئ، أو أسيء إلى أحد أيًا كانت علاقتي به، ورغم ذلك انتقدت تجاهل أسرتي في الصغر لي، بدعوى عدم الوعي، عندما كانوا لا يتركونني أشاركهم الحديث في مجالسهم، وكنت أنزوي في ركن صغير، وأسخر منهم بعين الرسام، الذي لم يكن قد خرج بعد من داخلي.
ما الذي تحتاجه كتابة السيرة الذاتية حتى تصل إلى عقل وقلب القارئ؟
- تحتاج إلى الموهبة أولا، ثم إلى الاستعداد النفسي من المبدع، والتمتع بروح الشجاعة والحيادية حتى يتمكن من كتابة عمل أدبي، هو راضي عنه في المقام الأول، وإلا لكان في مقدور الحكائين الشعبيين كتابة سيرتهم الذاتية.
السيرة الذاتية تتناول لحظات ماضية فهل هناك علاقة بين الماضي والحاضر؟
- الحاضر يكمن في أنا، حين أطل على ذكرياتي الجميلة، بدافع الحنين إلى الماضي، وقد صدر لي كتاب، ترجم إلى الإنجليزية بعنوان (بهجوري بريشة وقلم البهجوري) وأشعر بفخر شديد لأنني استطعت تسليط الضوء علي أمي، تلك المرأة الريفية البسيطة، التي لا يعرفها أحد، وقد انتشر اسمها عالميا من خلال الترجمة، وأشعر بالسعادة لأنني استعدت بهذا الكتاب ذكريات قديمة من طفولتي وهناك أشياء سقطت من ذاكرتي سهوًا، وسوف أسجلها في كتاب يصدر قريباً بعنوان (أن تعيش لترسم) على غرار ما فعله (ماركيز) في سيرته الذاتية (أن تعيش لتحكي).
عندما يدور صراع في داخلك ما بين التعبير بالكتابة أو التشكيل.. فكيف تحسم هذا الصراع؟
- أشعر بأنني تحققت بشكل يرضيني في مجال الرسم، لكن الكتابة كانت مفاجأة لي، وللقارئ أيضاً، وقد أثنى عليها الكثير من النقاد، وعلى رأسهم الناقد الكبير د. علي الراعي، الذي كتب عن سيرتي الذاتية (أيقونة فلتس) إن جورج البهجوري ارتاح من الرسم لحظة، لكي يصنع عملاً أدبيًا رائعًا، كما لوحاته الفنية، ويشرح لنا من خلال سيرته الذاتية مشكلات الأسرة القبطية التي لا يعرفها الشعب المصري وأعتقد أنني استطعت المزج بين الكتابة والتشكيل، لكي أحقق ما يسمى ب(المشهدية) إحدى عناصر اللوحة، وحاولت تحدي نفسي لرسم اللوحة بالكلمات، لأنني أومن بأنه إذا تشابهت كتاباتي مع بقية المبدعين المحترفين، فلا داعي لها.
ما الذي تقدمه لك الكتابة عن الذات غير تفتيح المزيد من الجراح؟
- تقدم لي وعيًا جديدًا، بعد هذا العمر الطويل والخبرات المتراكمة، وربط ذلك بوعي سياسي واجتماعي وسيكولوجي.
هل تمكنت من خلع الأقنعة والتجرد أمام القارئ وأنت تسجل هذه السيرة؟
- أعتقد أن لدي الجرأة - الآن - للكشف عن حقائق ووقائع جديدة، لأول مرة، وستظهر في كتابي المقبل، لا سيما أن حركة المجتمع تسعى إلى الأمام، وتستوعب كل ما يطرح الآن سواء بالسلب أو الإيجاب، وأظن أن المبدع يتمتع بوجود شخصيتين في داخله، وينجح في حال وجود انسجام وتكامل بينهما.
لماذا يبدو المبدع كائنًا هشًا؟
- لأنه لا يسلم من نقد الناس، الذين لديهم ميول واتجاهات وثقافات وقناعات مختلفة، وليست بالضرورة تتفق مع قناعات المبدع، ولكن للأسف بدلاً من أن يكون ذلك وسيلة لإثراء الحوار بين الجميع، لا نرى سوى اتهامات من كل جانب للآخر.
ما الفرق بين (أيقونة فلتس) و(أيقونة باريس) و(بهجر في المهجر) وكلها كتب تتناول سيرتك الذاتية؟
- (أيقونة فلتس) تتناول سيرتي الذاتية حتى قبل الولادة، فالطفل يخرج إلى الحياة، ويكتشف جوانبها المختلفة، ويصف علاقته بالأشخاص الذين يلتقيهم، ويعلن عن رأيه فيهم. الكتاب يتحدث بلسان طفل رضيع، يمتلك خبرة رجل عمره ستون عاماً، لكن بمشاعر طفل لم يبلغ العام من عمره، أما (أيقونة باريس) فتعرض لكفاح فنان يجاهد من أجل الوصول إلى العالمية، وقد ترسخت لديه قناعة بعدم إمكانية العيش من دون فن، وهذا يختلف عن (بهجر في المهجر) فهو عبارة عن مذكرات ضاحكة، في كيفية تحويل الكاريكاتير إلى كتابة
تمارس أكثر من عمل إبداعي... أين تجد نفسك أكثر؟
- أتمنى أن أتفوق في النحت، الذي اكتشفته في سن الستين، رغم أنه يحتاج إلى قوة جسمانية، وقد شاركت في (سمبوزيوم أسوان الدولي) بجانب نخبة من النحاتين العالميين، واخترت أكبر قطعة جرانيت، للعمل عليها، وساعدني اثنان من رجال الجيل قاما بتنفيذ الرسم على الجرانيت، وكل ما فعلته هو أنني وضعت اللمسات الأخيرة بالصاروخ الكهربائي.
تعيش منذ سنوات بعيدة في باريس فكيف كان تأثير الغربة عليك إبداعيًا؟
- الغرب منحنى الحرية والإبداع، فالمناخ هناك يسعد على ذلك، لوجود المتاحف والمعارض، مع أنني اكتشفت أن طلب أعمالي يأتي من الشرق لأن التشكيليين الفرنسيين أنفسهم يعانون من ركود بضاعتهم.
الجزيرة الثقافية
تاريخ النشر 2009-08-21 01:35:48
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ شاعر سميح القاسم
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: د. أفنان القاسم
سميح القاسم نموذج لعقدة أوديب الشعر تحت دلالات الانحطاط العام القائم، عندما تتحول العروبة كلغة وقصيدة إلى الأم في ماخور الانتماء، هذا الماخور الذي يدعى العالم العربي، لهذا تراه يخلع ثوب الفلسطيني، وقبل ذلك ثوب الدرزي، ليقول عن نفسه شاعر العروبة، وهو بالأحرى يقصد شاعر النظام العربي أبيه الرمزي بعد أن غاب عن فرويد هذا البعد السياسي لنظريته. ليبولد سنغور لم يرم يومًا إلى أن يغدو شاعر الفرنكوفونية، كان يطرح نفسه دوما كشاعر للسنغال، وكانت قصيدته دومًا المكتوبة باللغة الفرنسية قصيدة سنغالية بكل الأبعاد الأخرى الكونية بما فيها البعد الفرنسي، وايميه سيزير كان يرفض من غير الزنجية هوية له، وبعد موته احتفت به فرنسا كواحد من شعرائها العظام، وكذلك السير نيبول جائزة نوبل الإنجليزي من أصل هندي المواطن العالمي في سلوكه وتفكيره، ولماذا نبتعد كثيرًا وننسى مولود معمري ومولود فرعون وكاتب ياسين الذين كانوا يكتبون بلغة موليير وكانت مواضيعهم جزائرية بربرية، وهم البربر، وغير بربرية، ولم يدّعوا يومًا أنهم أبناء لنابليون كما يدعي سميح القاسم أنه ابن لمبارك، لأننا نفهم إصراره على لقب "شاعر العروبة" ليس كشاعر للعرب، فكل من يكتب قصيدة باللغة العربية هو شاعر للعرب، وإنما كشاعر للبلاط، ومن هذه الزاوية ينظر النقد اليوم إلى أشعاره بعد أن جرد قصائده الأولى من رائحة الدم الفلسطيني وملح الدمع الفلسطيني وفضة السمك الفلسطيني. أضف إلى ذلك ما لم يجرؤ على ادعائه قبل موت محمود درويش أنه رائد القصيدة العربية بما فيها قصيدة درويش، بسبب عمره وعمر ريشته، وكأن هذا مهم في عيني أبوللو، وكأن هذا سيقلق محمود في نومه الدائم، على الرغم من موقفي المعروف من سذاجة قصائد محمود الأولى وانعدام الفلسفة في قصائده الأخيرة، أما بالنسبة لسميح فلا قصائده الأولى ولا الأخيرة تقف على قدميها كما تقف على قدميها قصائد لبودلير أو لفيرلين أو لرامبو المنحوتة من برق الكلمات ورعد الدلالات. الحوار القادم تحوير وتدوير لمقال لسميح...
* حدثنا عن متسولي الشهرة على ظهرك أستاذ سميح.
تعرفون أولئك الذين أطلقت عليهم لقب "عجائز زوربا" من متسولي الشهرة في سوق الموت والمتسلقين على الجثث ومرتزقة المصائب والأحزان، وتعرفون أن أولئك المنافقين يبتهجون بالجنازات ويفرحون بالكوارث لأنهم يعثرون فيها على مداخل وشقوق وأخاديد يتسللون عبرها إلى مجالس الحزن ويتصيدون في المياه العكرة والصافية على السواء.
* عجائز زوربا؟ تريد القول شيوخ زوربا، والنساء العجائز التي كان ينكحها زوربا؟ وما علاقتك بزوربا؟ هل أنت الناكح أم المنكوح؟
أنا الناكح طبعًا، ولكن الناكح تحت الصورة الشعرية للمنكوح، هذه هي الخصوصية التي لم تكن لزوربا اليوناني والتي لزوربا الفلسطيني الذي هو أنا، فكلما فقدت صديقًا أو زميلاً أو رفيق درب فإن عجائز زوربا عجائز سميح القاسم يرفعون رؤوسهم وينفثون سمومهم ويتحشرون ويتحرشون حتى لكأنهم لا يستطيعون الحياة إلا بالموت وعلى نفقة الموت ولا مبرر لحياتهم إلا في التطفل على الموت.
* أستاذ سميح نعرف أن صديقك الحميم محمود درويش هو المقصود في كلامك وعجوز زوربا هل هو أفنان القاسم؟
رجاء لا توقع بيني وبين ابن عمي أفنان، صحيح نحن اليوم نختلف في كل شيء وعلى كل شيء ولكننا في الماضي كنا نتفق في كل شيء وعلى كل شيء، يوم كنت أحب الأحمر الذي أحببته لغرض كما أحب اليوم الأسود لغرض، ومن عجائز زوربا (ذكورًا وإناثًا) من ساءهم ويسوؤهم الترحيب بي في بلادي وفي الوطن العربي كله بلقب "شاعر العروبة" فينفسّون عن أحقادهم وعقدهم بردود فعل ليس فيها شيء سوى جراثيم التخلف وفيروسات "الجاهلية الجديدة".
* أتظن أنك بهذا اللقب "شاعر العروبة" ترتفع قيمة ومكانة؟ أنت تنحط بهذا اللقب إلى أسفل سافلين أستاذ سميح، فالعروبة اليوم تعني العربجية والقومجية والإخوانجية واللواطجية والمثقفجية والشرفجية...
يعرف المثقفون الشرفاء أن كل ما أغدق عليّ من ألقاب وهي كثيرة دون شك أطلقه النقاد والشعراء والإعلاميون العرب وغير العرب دون استشارتي ودون استئذاني وإذا كان ناشرو كتبي ومنظمو أمسياتي الشعرية راغبين من الاستفادة من الألقاب التي تفضلوا بها عليّ، فلا بأس في ذلك إطلاقًا، والأمر الوحيد الذي تحدثت عنه في وسائل الإعلام وعلى رؤوس الأشهاد هو أنني لا أستطيع حصري في خانة إقليمية أو طائفية أو قبلية... وبمنتهى الصراحة، وبمثل ما صرحت به كثيرًا فأنا لا أحب وضعي في خانة "الشاعر الفلسطيني"، فحسب ذلك أنني مع اعتزازي الواضح والمعروف بالانتماء إلى هذا الشعب الصغير والبطل والرائع، فقد عبرت قدر مستطاع قصيدتي عن هموم أمتي العربية في العراق ولبنان ومصر والأردن وشبه جزيرة العرب والمغرب العربي الكبير والسودان العربي الصغير، وعبرت، قدر مستطاع قصيدتي، عن هموم الإنسان والإنسانية في كل أرجاء المعمورة، ومن هنا فإنه من حقي الشرعي أن أرفض المربعات الضيقة التي يحاول البعض، عن حسن نية حينًا وعن سوء نية أحيانًا، حصري عليها، لأكثر من غاية في نفس أكثر من يعقوب... وإذا كانت ألقابي تغيظكم يا عجائز زوربا فخذوها... خللوها... احشوها... حسب تعبير صديقنا العزيز عادل إمام.
* خذوها خللوها احشوها... يا سلام هذه إضافة عبقرية لشاعر العروبة شاعر كبير وعروبة كبرى الرافض الانتماء إلى الشعب الفلسطيني الصغير الرائع البطل (يالله معلش عشان خاطري) وفي مكانها الصحيح من العجيزة أعني العجائز الذين هم لزوربا البوهيمي الأفاقي المتشردي ومن هذه الناحية هناك امتداح لهم دون أن تدري أستاذ سميح... ولكنني أود لك القول قبل إنهاء حديثنا العاجل هذا إنك لو كتبت عن هموم الدرزي وأشجانه وآلامه وأحلامه واكتفيت بذلك لرفعت من شأنه وشأن الإنسان معه إلى قمم الجبال.
لا أستطيع إلا أن أتنكر لأصلي وعظمة شعبي وأنت تعرف لماذا في هذا الظرف الحساس؟ لأني مع الإسرائيليين أنا شاعر إسرائيلي شاعر يهوذا (أمسيات جمعية هيليكون لرعاية الشعر في إسرائيل واخد بالك؟) ومع العرب أنا شاعر عربي شاعر العروبة (جوائز قطر والإمارات وشيوخ اللواط واخد بالك؟) وأعطيك بكام يا بهية حسب تعبير صديقنا العزيز الشيخ إمام، مما يدفعني إلى القول –طبعًا أي حاجة لمثقف قارئ لزوربا وفاهم للأدب اليوناني منذ معلقات الأوديسة إلى هرطقات المدروشين في حي السيدة رضي الله عنها اللهم اغفر لنا شيوعيتنا القديمة وارحمنا صدق الله العظيم آمين- إن عجائز زوربا (ذكورًا وإناثًا مع وقف التنفيذ فقط لأني لم أعد الضابط القديم في الجيش الإسرائيلي لا لم أنس ولن أنسى وهذه هي عقدة العقد التي لي والتي لن تمحوها أو تغطي عليها كل الألقاب في العالم لا عروبة ولا بطيخ) هم عجائز زوربا، الظاهرة الاجتماعية البشرية القديمة قدم صيغة الحياة والموت، وهؤلاء مثلهم مثل الذبابة التي لا تخنق لكنها تفلت النفس، وإذا كانت الظاهرة خاضعة للمعالجة وجديرة بالتتبع، فإن الكائنات البشرية من عجائز سميح القاسم أقل شأنًا بكثير وأقل قيمة من إثارة الاهتمام الحقيقي، لا سيما عند من لا يزعم أنه أحدٌ متخصصٌ في شؤون الذباب... ونقطة سطر جديد...
* ونقطة على عين كل من لا يزعم أنه متخصص في شعر الرّهاب يا سميح دون وقف التنفيذ...
(يصيح بغضب أعمى وبكل ما أوتي من قوة) كفوا شركم عني!!!!!!!!!!!!!!!
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ شاعرة سعاد الصباح
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرت الحوار: أوتار
دافعت عن الدكتورة سعاد الصباح خلال مداولات لجنة التحكيم دون أن أفلح في حجب هذه الجائزة عنها، كانت التبريرات عديدة أولها أنها تكتب قصيدة واحدة تحت عناوين متعددة محورها الرجل، وأنها صوت صغير من أصوات نزار قباني، وأنها ذات شخصيتين متناقضتين شخصية المرأة اللندنية المتمردة وشخصية المرأة التقليدية المتحجبة. لم أقنع الأعضاء بوجهة نظري فيما يخص القصيدة المحور عندما قلت إن لقباني القصيدة نفسها فيما يخص المرأة، وللحيلولة دون الملل الأكيد من التكرار كنت أقرأ نزار وكذلك سعاد على دفعات متحايلاً على الزمن الداخلي للقصيدة بعد أن أخضعه للزمن الخارجي الذي هو زمننا، وفيما يخص التهمة الجاهزة التي ترد عليها "أم مبارك" كما يجب في هذا الحوار، أنها تقلد نزار، وأنا سمعت أكثر من هذا، أن نزار كان يكتب لها قصائدها، أعتقد أن سعاد كصوت لنزار، هذا مديح لكليهما، أما أن يكتب لها شيئًا مما كتبت، فهذا أمر دارج لدى كتاب هذه المهنة، مهنة الأدب، وعند كل الناس، فولتير وموليير، فيرلين ورامبو، وبتواضع أقول أفنان القاسم وفيصل دراج الذي كتب معي ولي فصولاً كاملة من روايتي الشوارع والعديد من الدراسات النقدية... أما الحجاب فقد كنت موافقًا مع لجنة التحكيم على كل ما جاءت به من مبررات، والنموذج التمردي، النمط اللوكاتشي عندها يتمرد عليها كنمط حياتي، وأنا لما كنت معها في المربد لم أذهب للسلام عليها كما فعل صديقي دانيال ريغ وتصور أيضًا معها لأني كنت ضد سيادتها للمكان بالسيارة المرسيدس التي وضعت تحت أمرها وتسيدها، وشتان بين الشاعرة والشيخة، علمًا بأنها لم تكن متحجبة في ذلك الوقت، وكانت لها ابتسامة ساحرة. أريد بهذه المناسبة أن أكشف لسعاد ما لا تعلم: كنت قد ترجمت ديوانها "قصائد حب" إلى الفرنسية، وكان من المفترض أن ينقح النصوص دانيال ريغ كي ننشرها في إحدى كبريات دور النشر في باريس لكن مدير أعمالها قد أوقف كل شيء بعد أن بهدلنا نحن الاثنين لأننا لم نأخذ الإذن منه...
السؤال الأول: أي الألقاب أقرب إلى قلبك: الأميرة أم الشاعرة ؟
الجواب: الإمارة ليست لي والشعر نعمة الله و أم مبارك هو اللقب الذي أحب.
السؤال الثاني: هل نصفك النقد شعريا ؟
الجواب: لم ينصف النقد أحدًا. بعضه يعطيك أكثر مما تستحق ومعظمه يعطيك الأقل. ترى هل صحيح ما قيل من أن الناقد شاعر فاشل.
السؤال الثالث: الملاحظ أنك لم تقتصري على كتابة الشعر بل تعديته إلى علوم الاقتصاد والسيرة والتأريخ فما علاقة الشعر بهاته العلوم ؟
الجواب: الاقتصاد هو اختياري الجامعي دراسة. السيرة واجب تحول إلى عمل كتابي، ومعه التاريخ. أما الشعر فلم أنزل على كوكبه لأنه نزل على صدري نعمة يمنحها الله لمن يشاء من عباده.
السؤال الرابع: هل توا فقين على وأد الشعر الفصيح مقابل ازدهار الشعر الشعبي بالخليج العربي ؟
الجواب: لا أحد يستطيع أن يئد الشعر الفصيح. هذا الشعر هو خزانة ذاكرتنا بالأمس واليوم وغداً. إنه لسان العرب ولا يضيره أن تعلو أصوات الشعر الشعبي هنا وهناك. ولا أحد يملك إلغاء الشعر العربي الفصيح لأنه يلغي اللغة .
السؤال الخامس: وهل ترين أن انتشار الأسماء المستعارة شيء يخدم الشعر العربي وشعراءه ؟
الجواب: لم أكتب يومًا باسم مستعار ولا أشجع أحدًا على أن يفعل. لكن يبدو أن القيود الأسمنتية تضيق على البعض حتى في حرية النطق باسمه. الاسم المستعار قبول بالاستكانة للإرهاب الفكري أرفضه ويجب أن نتحداه جميعًا.
السؤال السادس: هناك من النقاد من يرى أن قلمك الشعري هو تكرار أنثوي لما كتبه نزار قباني، فما ردك على هؤلاء ؟
الجواب: دعيني من هذه الدعابة التي بلغت من السذاجة حد السماجة. النص الشعري وحده يملك الجواب وأحسب أن من قال ذلك لم يقرأ شاعرنا العظيم وبالقطع لم يقرأني.
السؤال السابع: تعتبرين من الأسماء الشعرية القليلة التي خبرت الشعر بكل أشكاله, فقد كتبت قصيدة النثر والتفعيلة والقصيدة العمودية, لكن أيهم أكثر سلالة وتوصيلاً للرسالة الشعرية ؟
الجواب: شعر التفعيلة أصبح الأقرب إلى التعبير لمطاوعته روح العصر, أجمل ما فيه أنه لا يلغي سحر الموسيقى التي تولد مع الشعر العمودي بل يقاربه في مزيج نوراني.
السؤال الثامن: ترين أن رصيدك الشعري من الدواوين هو قليل مقارنة بتاريخك الطويل, فما مرد ذلك ؟
الجواب: جرحتني حتى الذبح حادثة رحيل ابني البكر فكان الصمت لساني. عندما عادت رياح الشعر تجتاح روحي نشرت ما هب من عواصفها في عشرة دواوين آخرها "والورود تعرف الغضب " الصادر عام 2005 . فضلاً عن أن الاهتمامات والهموم لا تنتج الشعر دائمًا. كتاباتي في الاقتصاد والسياسة والتاريخ ظلمت الشعر إذ شغلتني عن تلقي شحناته الساحرة كثيرًا.
السؤال التاسع: لو رجعنا بك إلى أول قصيدة كتبتها ماذا يمكنك قوله لنا عن شعورك وأنت تنتهين منها وترينها منشورة عبر الصحف؟ ولو سألناك الآن هل كنت ستختارين نفس الطريق لو عاد بك الزمن إلى الوراء ؟ أم ستختارين حياة أخرى بعيدة عن كتابة الشعر.
الجواب: قصيدتي الأولى لم يقرأها أحد غير أبي، رحمه الله، لذلك لم أسعد بقراءتها منشورة. بعدها نشرت وغمرتني سعادة طفولية رائعة ومازلت أفرح لقراءة قصيدة جديدة لي منشورة وكأنها المرة الأولى التي أواجه فيها الحرف الأسود. والشعر لم يكن اختياري، ولو كان لي لاخترته اليوم وغدًا وإلى ألف سنة تجيء.
السؤال العاشر: في أحد حواراتك التلفزيونية قلت أن الرجل العربي يحب المرأة ذات الشخصية الكرتونية, في قصيدة من قصائدك قلت: هذي بلاد لا تريد امرأة تسير أمام القافلة... ترى هل تغيرت لديك هاته القناعة بعد الاستحقاقات الأخيرة التي نالتها المرأة الكويتية أم لا؟
الجواب: قصائدي ليست نابعة من واقع كويتي فحسب. إن أحوال المرأة العربية متشابهة على امتداد الأرض العربية. لذلك فان حصول المرأة الكويتية على بعض حقوقها لا يلغي الواقع المر الذي تواجهه المرأة العربية في كل مكان، وبالتالي فان ما عبرت عنه قصائدي من غضب لا يزال مستحقًا هذا الغضب.
السؤال الحادي عشر: أنت شاعرة الوطن والحب و المرأة تراك هل أنت راضية عما قدمته لوطنك بصفة خاصة وللثقافة العربية بصفة عامة أم أن لديك كلامًا آخر؟
الجواب: نعم ولا. نعم صادقة أقول أنني حاولت أن أعطي ما أستطيع ولم أقصر عامدة في بذل كل ما يمكن بذله. ولكن القول أنني أعطيت بقدر ما تمنيت خطأ لأنني أتمنى اليوم لو استطعت أن أعطي ألف مرة بأكثر مما أعطيت.
السؤال الثاني عشر: كيف أتت فكرة تأسيس دار سعاد الصباح للطباعة والنشر؟ وما أهدافها؟
الجواب: ولدت هذه الدار لتكون نافذة الإبداع العربي وجسر التواصل بين المبدع والمتلقي. واليوم تفتح الدار بوابة واسعة أمام الجيل العربي الجديد للإبداع عبر مسابقاتها الثمان وهي مسابقات الشيخ عبد الله المبارك الصباح للإبداع العلمي ومسابقات سعاد الصباح للإبداع الفكري والأدبي. وباعتزاز أقول إن ما قدمته الدار عبر هذه المسابقات يفوق في أهميته ما نشرت من كتب.
كما أن المبادرة التي أطلقتها العام 1995 بتكريم رواد الثقافة العربية الأحياء تشكل الوجه المشرق الآخر لدور الدار على الساحة الثقافية العربية. ولعل ما قامت الدار وما تقوم به يعلن أهدافها بالوضوح والشفافية المطلقة.
السؤال الثالث عشر : توجت آخر كتاباتك الشعرية بديوان جديد تحت عنوان – والورود … تعرف الغضب – هل لك أن تقربينا من هاته التجربة؟
الجواب: هذا الديوان رسالة من امرأة إلى رجل بعشرة وجوه. إنه صرخة غاضبة لأن الرجل يجسد كل هذه الصفات وان كان لا يحتكرها، لأن في المرأة بعضها أيضاً.
إنه كذلك صرخة غضب قومية في وجه هذه الأعاصير التي تجتاحنا من الماء إلى الماء، تاركة جراحنا تنزف على شوك الهزيمة، وضوء الأمل.
السؤال الرابع عشر: من خلال قصيدتك – حب إلى سيف عراقي – يتضح لنا مدى حبك الكبير لهذا البلد, فما هو شعورك الآن وأنت ترين تمزق هذا البلد وجراحه الكثيرة؟
الجواب: كل كلمة قلتها كانت عن العراق الإنسان. العراق الشعب. العراق المرأة. العراق الحضارة، والعراق المدمى اليوم هو عراقنا كلنا وجرحه هو جرح العرب في كل مكان. إن نقطة الدم التي تنزف في بغداد هي نقطة الدم العربي فما الذي يمكن أن يتغير في القلب تجاه العروبة والتاريخ والوطن.
في ختام هذا الحوار الشيق, نقدم الشكر الجزيل لشاعرتنا العربية الكبيرة الدكتورة سعاد الصباح على قبولها دعوتنا لإجراء هذا الحوار, وعلى سعة صدرها لكل هاته الأسئلة التي شغلت بالنا و بال محبي ومتذوقي شعر الشاعرة . ونتمنى لها المزيد من العطاء الإبداعي الخالد الذي يخدم الإنسانية جمعاء.
16-06-2007
منقول عن مجلة أوتار الإلكترونية
منقول عن السعودية تحت المجهر
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ صحفي جاك خزمو
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: د. أفنان القاسم
التوعين هو تحويل التربة إلى وعنة، والوعنة هي التربة الصلبة الحمراء اللون، وهذه هي كل كتابات الصحيفي المقدسي جاك خزمو، نوع من التوعين الإعلامي، الأحمر شكلها، ومضمونها قاس كالحجر، يدق به رأس المستقبِل إلى أن يسيل الدم منه، وهي لهذا السبب حمراء بلون الجريمة، وعلى جثة الفكر يسوّق لما يسعى النظامان الإسرائيلي والأوسلوي إلى تسويقه. إنه القلم السخيف وقد غدا سيفًا والفضاء السفيه (مجلته البيادر) وقد غدا ساحة تُرفع فيها المقاصل، ومن هنا جاءت أهمية التافه في عصرنا وعظمة شأن الدنيء. فالتفاهة والدناءة كعاملين من عوامل مؤوِّلة لتركيب جماعة الصحفيين المقدسيين الأشاوس تحت الاحتلالين الفلسطيني والإسرائيلي التي ينتمي إليها واحد نكرة مثل جاك خزمو تعودان إلى البنية الكمونية في هذه الجماعة، إنهما ليسا اكتسابًا، وهما في وضع "التَّكَسُّبِ" الدائم، لهذا جاءني خزمو في بداية تأسيسه لمجلة كنا نعتبرها وطنية وثورية عن حماسة وبراءة، وهي ما كانت إلا بدعم الموساد وتحت غطاء عرفات، لأكتب في أعمدتها، وكتبت في أعمدتها دون أن أعلم وقتها أنه يرمي إلى التغطي باسمي وبسمعتي، واليوم وقد وصل إلى ما أراد الوصول إليه لدى القارئ، وصل إلى "توعينه"، لم يعد بحاجة إليّ ولا إلى أي شخص آخر غيري، فحاجته اليوم أن يواصل عملية التوعين، وهي على كل حال متواصلة، من أجل "تَكَسُّبِ" أرباب قلمه، وفقط أرباب قلمه، وإلا ما فائدة الكتابة إذا لم تدر عليه بالربح المادي، وفي الوقت نفسه إذا لم تُصِبِ القارئ بالإفلاس الفكري، إنه صوت الشيكل الذي يرن من وراء كل كلمة يكتبها، في اللسانيات ندعوه بالصوت الحافّيّ، الصوت الذي يخرج عليك من الحافة، حافة اللسان أو حافة الفؤاد أو حافة الأرداف، فهو، لأنه جانبي، يجانب كل شيء، وأهم الأشياء الحقيقة، ولكن حتى الحقيقة هي عامل من العوامل المؤوِّلة في بنيته الكمونية، بمعنى أنها ليست حقيقة على الإطلاق بينما هي في اعتقاده كل الحقيقة، ولنعط مثلاً على ذلك كل نصائحه التي تصل إلى حد الوعظ حول تغير الوضع بين 67 واليوم، وعلى السلطة "الوطنية" (الوطنية كمرادف للعميلة وعامل من العوامل المؤوِّلة في بنيتي الكمونية) أن تغير كل مشروعها "الوطني" ليتماشى مع الوضع الجديد، والتغيير باختصار هو التخلي عن كل الحقوق الحياتية للشعب الفلسطيني والرضوخ لأوامر المحتل...
التقيناه على صحن حمص وكاس عرق في أحد مطاعم شارع صلاح الدين...
* أستاذ جاك كنا نتوقع أن تدعونا على صحن كباب وكاس ويسكي؟
. والله الأمور تعبانة أموال الدعم لم تعد كما كانت أيام أبو عمار رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
* قل لنا أستاذ جاك لماذا وافق عرفات على إغلاق كل رموز شخصية القدس العربية الشرقية من أماكن كبيت الشرق والعديد من الدوائر الثقافية والمؤسسات الدينية والمسارح ما عدا مجلتك مجلة البيادر؟
. (يجرع كأس عرقه دفعة واحدة) بكل بساطة لأن البيادر لا هي رمز ولا غيره، هل فهمت؟
* لا لم أفهم أوضح رجاء.
. (يجرف نصف صحن الحمص في لقمة ضخمة ويلقيها في جوفه ثم يحاول الكلام كالمختنق) بكل بساطة لأن البيادر لا هي مجلة ولا غيره، هل فهمت؟
* (نظرت إليه جائرًا)...
. (يقهقه وهو ينثر بعض لقمته الضخمة التي لم يبلعها كلها بعد على الطاولة وعليّ) بكل بساطة لأن البيادر لا تختص بالسياسة ولا علاقة لها على الإطلاق بالسياسة، لأن البيادر هي بالأحرى مجلة سياحة.
* ولكن... اسمها البيادر السياسي!
. (يجرع كأس عرق أخرى دفعة واحدة) بالاسم، فقط بالاسم، فالسياسة فيها ليست سياسة، السياسة فيها مثل جاك خزمو، أونطة (يقهقه وهو يجرف نصف صحن الحمص الثاني في لقمة ثانية ضخمة ويلقيها في جوفه ثم يحاول الكلام فلا يمكنه ذلك، يجرع كأس عرق ثالثة تساعده على الكلام، ويقول) لكنها أونطة جادة. كان علينا أن نماشي زمننا، وكان علينا أن نقول ما يراد لنا قوله أو ما نتخيل أن ذلك ما يراد قوله، أونطة، والحمد لله نجحنا.
* نجحت في ماذا؟
. في كل شيء، الاحتلال لم يزل مستمرًا، والقدس الشرقية أصبحت يهودية، ونحن لم نزل نمارس مهنتنا بشرف... ولأجل ذلك تعرضنا لإطلاق الرصاص من طرف عملاء الموساد...
* تقصد من طرف أعداء الأونطة؟
. ما كله واحد (أشار إلى النادل فأحضر له صحن حمص آخر) أصابونا وأصبنا.
* أصابونا وأصبنا!
. يا أخي ما تدقش... كانت شهادة لوطنية حصلنا عليها لأجل استمرار الأونطة (يضع النادل صحن الحمص الثاني أمامه وفي الحال يجرف جاك نصفه في لقمة ضخمة ويلقيها في جوفه، يلوكها ويتكلم بصعوبة، ويتفتف عل الطاولة وحمدًا لله ليس عليّ بعد أن ابتعدت عنه مترًا) أراد لنا أبو عمار أن نلعب اللعبة التي كان يلعبها في السياسة الأونطة تاعه صحفيًا، فلعبناها كما يجب... إلى اليوم، وكسبنا رضاء الإسرائيليين.
* هذا توضيح مذهل.
. تلخيص وليس توضيحًا تلخيص لكل العمل الصحفي تحت الاحتلال (يجرع كأس عرق أخرى وأخرى دون أن يبدو عليه أنه سكر) لكله، ولهذا السبب صمدنا.
* صمدتم؟
. (يقهقه) يا أخي قلت لك ما تدقش وخلينا ناكل حمص ( يعود إلى القهقهة من جديد وهو يجرف نصف صحن الحمص الثاني في لقمة ضخمة، وقبل أن يلقيها في فمه، يقهقه ثانية).
* شكرًا لك أستاذ جاك على هذه الصراحة وهذه الشجاعة.
. لم تأكل شيئًا من صحنك دكتور أفنان.
* إني أقدمه لك.
(ودفعته من أمامه).
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ صحفي نبيل درويش
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: د. أفنان القاسم
كنت لنبيل درويش أخًا كبيرًا عندما كان كلانا للنحل لدغ الاكتراث وللقلب نبض التميز ثم دخل كلانا في حالة من حالات النفس الحيادية تجاه الآخر حالة لا لذة فيها أو ألم، كان عليّ أن أكتب كتبي، فانقطعت عنه وعن ولدي، وكان عليه أن يحصل على وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي برتبة فارس، فانخرط في صفوف النظام كإعلامي، ونهائيًا حولني إلى وهمٍ من أوهام تخفي عنه قدره الحقيقي كما يقول شوبنهاور، لهذا لم أتردد عن ترشيحه لجائزة أسوأ صحفي إذاعي وإقناع لجنة التحكيم على التصويت لهذا الترشيح الذي تم بالإجماع، فهو نموذج للخبر الرسمي، وللتعليق الرسمي، وللصوت الرسمي، يدغدغ، ويرضي، ويعتذر عندما لا يرضي، لهذا كانت علاقاته جيدة بالجميع، من أبي عمار إلى ليلى شهيد وإلى أبي بطيخ، وكانت المعلومة لديه ذات اتجاهين، منهم إليه، ومنه إليهم، وهذا ما حصل عندما "باعني" بشكل عادي جدًا للمذكورة أعلاه، لأنه لم يعد يشعر بجسامة ما يقول أو ما يقال وقد غدا بوقًا، فالقيم المهنية لم تعد مطروحة لديه إلا بقدر ما تعود عليه من نفع، وبقدر ما تعود على غيره من كسب، أي أنها ليست قيمًا، بل مطايا، وعدم الإحساس بها، يجعل من صحفي كهذا سلبيًا في كل شيء، فأين الإيجابية، وكل شيء لديه يقاس بمقياس خبر يذاع، خبر يمشي، ويتم إيصاله، وهذا هو جوهر القمع المخملي للتوصيل حسب المفهوم الإعلامي السائد في الغرب وفي الشرق على حد سواء، لهذا ابْحَثْ عن مقال واحد له على انترنت تضيع نفسك دون أن تجده، لأن الهرب من الملموس يجنبه الهجوم، وهو يظن بهذا أنه يحمي حياته المهنية بينما المحمي الأول هو المؤسسة التي ينتمي إليها وصناع الخبر الرسمي صانعوه...
الحوار الافتراضي
* ما هو انطباعك أستاذ نبيل بعد حصولك على جائزة أفنان القاسم لأسوأ صحفي إذاعي؟
. أنا سعيد بهذه الجائزة فهي تؤكد وجودي الإعلامي في ساحة لست موجودًا فيها ورؤسائي في مونت كارلو سعيدون بها على اعتبار أنها موجهة لهم أيضًا وقد فتحوا زجاجات الشمبانيا وشربوا نخبي على الرغم من وجودي في القاهرة.
* هل تفضلها على وسام الإليزية؟
. الوسام شيء والجائزة شيء آخر الوسام لأني الأحسن والجائزة لأني الأسوأ وهذا يكمل ذاك وهذا وذاك يصب في صميم صالحي.
* ماذا تود أن تقول بهذه المناسبة السعيدة للمبتدئين في المهنة؟
. أن يكون لهم صوت جهوري كصوتي وصوت الطيب صالح وأن يصمموا على الصعود مثلي من حارس ليلي وليس في هذا عيب إلى حارس إعلامي وليس في هذا عيب أيضًا.
* الطيب صالح حقًا كان إذاعيًا مثلك وكتب روايات شهيرة فماذا كتبت أنت؟
. أنا كتبت روايات أشهر من شهيرة لم أدونها على الورق بعد وأنت أعلم الناس بذلك عندما كنا في الجامعة معًا وعندما أعطيتك بعضًا من أحلامي لتكتبها.
* عظيم كل هذا ولكن متى ستتحفنا برواياتك؟
. قريبًا وبعد التقاعد الأكثر من جيد الذي سأحصل عليه بسبب وسام الفارس وأنا لهذا السبب سعيت إلى الحصول عليه (يعمل التحية العسكرية ضاربًا قدميه في الأرض) بأمري أيها القمندان!
* حدثنا عن علاقاتك بالملوك والرؤساء العرب.
. كلها زي ما بدك زي ما بدي زي ما بدهم وخاصة جلالة الملك محمد حسني مبارك المعظم (ثم يشخر) ك... أم سما أكبر ملك وأكبر رئيس، رجاء ألا تنشر هذا.
* سمعت هذا الكلام منك عندما حدثك ياسر عرفات عن لقائه الهام بكارتر مهندس مخيم داوود، أذعت ما قاله أما لي فشتمته... أنت غير راض عما تفعل أستاذ نبيل؟
. أبدًا أبدًا أنا راض كل الرضى ولكنها نرفزة بسيطة لتسكيت ضميري من وقت لوقت.
* ضميرك المهني؟
. ضميري المهني ميت منذ مدة لا أخفيك رجاء ألا تنشر هذا.
* أي ضمير إذن؟
. ضميري... لن يكون ضمير ستنا العدرا... ضميري، فأنا لم أزل صاحب ضمير، والكل يعرف هذا، عندما تسمع صوتي مبحوحًا في الراديو إنه صوت ضميري.
* لم ألاحظ ذلك أبدًا.
. إذن لاحظ... ألفت انتباهك إلى أن صوتي مبحوح منذ جائزة أفنان القاسم 2009.
* معذرة إذن كنت أظنه صوتك العادي.
. أصبح صوتي العادي... فأنا قادر على التأقلم حتى مع صوت ضميري.
* شكرًا أستاذ نبيل وأتمنى ألا يضيع صوتك تمامًا بعد نيلك لجائزة وسام الاستحقاق الفرنسي.
. لا شكر على واجب.
01.01.2010
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ صحفية ريموندا الطويل "عاهرة الجمهورية"
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرت الحوار: شبكة فلسطين
كريستين دوفييه-جونكور نوع من النساء اللواتي يدفعنني إلى التفكير في ريموندا حوا-الطويل، وصفها أحد القضاة بعاهرة الجمهورية، وذلك بسبب علاقتها مع رولان دوما، وزير خارجية فرانسوا ميتران السابق، وكبار رجال الدولة، الذين توزعوا مليارات الفرنكات من صفقة الفرقاطات التايوانية، ولكن الفرق بين الاثنتين أن الفرنسية لم تزل تسدد بأمر القضاء ملايين اليوروات، 11 مليون يورو طولبت بها في السنة الماضية، والفلسطينية لم تزل تنعم هي وابنتها سهى الطويل بعشرات ملايين الدولارات التي استلبها ياسر عرفات من الصندوق القومي، دون أدنى خوف من أن يمسسهما أحد، والفرق بين الاثنتين أيضًا أن الفرنسية اعترفت في كتابها "عاهرة الجمهورية" بكل خبايا الصفقة، وكل الخبايا الأخرى العاطفية أولها، فتغنى بها المغنون وقد غدت رمزًا، واعتبرها الصحفيون إحدى النساء الأساسيات اللواتي جسدن عصرنا، والفلسطينية أخفت وجهها بألف قناع، وبدل أن يصبح صعودها على كتفي عرفات وسقوط ابنتها بين ذراعيه هاجسًا من هواجس مرحلة انتهت، بدل أن توقع على صك عدم الوفاء، وتترك "الوفاء" للنفس –على الأقل- أثرًا في سجل التاريخ، لم تزل تخادع النفس والوطن والتاريخ، وتعيش في البصاق عيش الديدان الثرية بوهج الدمامة وبريق الصبغة الشقراء لشعرها، فالزيف يجتاح عليها الوجود –تدعو نفسها لبؤة نابلس- وأنا هنا في وضعها السلبي هذا أراها تحت صورة معاكسة لبطلة زولا الشهيرة "نانا" التي هتفت الحناجر باسمها في حضرة نابليون، وهي ابنة الهوى، صورة نقيضة هي مزيج من ظلين: ظل فلسطين الأسود وظل الخراب الذي يجتاح عصرنا... المقال التالي عنها هو في الوقت ذاته حوار افتراضي يمكن لكل قارئ أن يجريه مع ريموندا الطويل على هواه...
نص المقال/الحوار
بين النكات السوداء التي يتداولها الفلسطينيون في مجالسهم المغلقة, نكتة تقول إن ياسر عرفات نجا من الذئاب يوم سقطت طائرته في الصحراء الليبية، لكنه لم ينج من مخالب ريموندا الطويل €حماته€, التي تعرف جيدا من أين تؤكل الكتف, والتي زوجت ثلاثا من بناتها الأربع إلى ثلاثة من زعماء منظمة التحرير, أولهم عرفات نفسه.
نكتة ثانية سوداء يتداولها الرسميون الفرنسيون, في مجالسهم غير الرسمية، تقول إن شعبية سهى ابنة ريموندا في فلسطين في العام 2004, لا تعادلها إلا شعبية ماري أنطوانيت زوجة لويس السادس عشر في العام 1789 قبل اندلاع الثورة الفرنسية, وهي التي قالت, عندما بلغها أن الفرنسيين لا يحصلون على الخبز, إن في استطاعة الجائعين, بكل بساطة, أن يأكلوا «البسكوت»!
لكن النكات, على دلالاتها الواضحة أحيانًا, لا تختصر مسيرة ريموندا الطويل, الفلسطينية التي عرفت كيف تقتحم التاريخ الفلسطيني المعاصر, من الباب الواسع, وكيف تفرض نفسها وعائلتها أيضًا, أمرًا واقعًا ومتواصلاً في حياة ياسر عرفات. كيف؟
«وطني سجني» كتابها الأول يحكي بوضوح كامل قصة حياتها. نشر أولا ًبالإنكليزية, وترجم إلى الفرنسية, قبل أن يتحول إلى فيلم وثائقي مدته 63 دقيقة €بإشراف مخرجتين يهوديتين وتمويل أمريكي€ ويعرض في مهرجان لندن السينمائي في العام 1993. اسم المخرجة الأولى ايريكا ماركوس والثانية سوزانا بلوشتاين ميونز, الأولى نيويوركية والثانية أرجنتينية تقيم في إسرائيل, وكلتاهما على علاقة وثيقة بالأوساط الحكومية الإسرائيلية.
من خلال الفيلم * السيرة يمكن التعرف إلى ريموندا, كما تريد نفسها أن تكون. ووفق ما يدور في الفيلم فإنها أول امرأة فلسطينية طالبت, بعد هزيمة 1967, بفتح حوار مباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين, وحوّلت بيتها في نابلس إلى مكان يلتقي فيه الطرفان, يوم لم تكن الفكرة مقبولة في الوسط الإسرائيلي, ويوم كانت تعتبر خيانة حقيقية في الوسط الفلسطيني.
وعلى الرغم من أنها فتحت مبكرًا جدًا باب التطبيع مع الإسرائيليين, فقد اعتقلت مرات عدة بصفتها ناشطة فلسطينية, مثلما واجهت اتهامات مباشرة بالعمالة من الجانب الفلسطيني. مع ذلك, يقول الفيلم, لم تتوقف عن «الجهاد» من اجل إقرار حقوق الفلسطينيين والإسرائيليين معًا, والمخرجتان تقدمانها كواحدة من «البطلات الرائدات» اللواتي نادين بتأسيس دولتين إسرائيلية وفلسطينية على ارض فلسطين قبل أكثر من 24 عاما من تاريخ صدور الفيلم, أي في أعقاب حرب 1967 بصورة مباشرة. ثم إنها تظهر €دائما في الفيلم€ كرائدة في البحث عن السلام, بمعزل عن العرب جميعًا, إلى جانب كونها صحفية قوية وسياسية نشطة تصر على المطالبة بحقوق المرأة الفلسطينية, في مجتمع يؤمن بتعدد الزوجات ويكبل حرية المرأة.
بهذا المعنى ريموندا مناضلة فلسطينية, على طريقتها. هي لا تشبه المناضلات اللواتي نعرفهن من ليلى خالد إلى «أم جهاد», اللواتي خضن المعترك بطريقة أخرى, وتعرضن للسجن والاعتقال والاختطاف والتعذيب من قبل السلطات الإسرائيلية. بعيدًا عن الصالونات والصفقات والرحلات المخملية خارج المخيمات والمدن المحاصرة, هن يقاتلن في الأرض المنكوبة ويستشهدن أكثر من مرة في اليوم الواحد من اجل الأرض والوطن والحرية.
وفيلم «وطني سجني» الذي يكسر الشكل التقليدي للفيلم التسجيلي بفضل الشرائط الوثائقية المصورة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة, عمل ناجح فنيًا وتقنيًا, لأنه تعبير عن الحكايات التي دونتها ريموندا, والتي تشكل سيرة حياتها. ثم انه أنتج بعد زواج عرفات من سهى بثلاث سنوات, وبعد اتفاقات اوسلو مباشرة, الأمر الذي وفر للمنتجتين حرية الحركة والتغطية السياسية اللازمة لهذه الحركة. ساعد أيضًا على إنجاح الفيلم أن إحدى المنتجتين «ايريكا» صحفية تعمل في السينما وقد تخصصت في شؤون آسيا, وهي تجيد اللغة الصينية إجادة تامة بعدما عملت مع وكالة «يونايتد برس» كمترجمة ومصورة في بكين في الفترة التي تلت تطبيع العلاقات الأمريكية-الصينية. والمخرجة الثانية «سوزانا» انتقلت من الأرجنتين إلى إسرائيل وبقيت فيها سبعة أعوام رشحت خلالها لجائزة الأوسكار عن فيلم «أمهات بلازا دي ماو» €1986€ الذي يحكي قصة الصراع البطولي المرير الذي خاضته الأمهات الأرجنتينيات في البحث عن أبنائهن الذين اختفوا في ظل القمع الديكتاتوري.
ونتوقف في الفيلم عند «لقطة» مثيرة وطريفة في آن. فقد سألت إحدى المخرجتين داود الطويل زوج ريموندا ووالد سهى: هل تتزوج من ريموندا لو عادت بك السنون إلى الوراء؟ فرد ببساطة: لا... أنا نادم على هذا الزواج.
قصة داود
والحقيقة أن داود الطويل, زوج ريموندا ووالد ديانا وسهى وهالة وليلى وغابي €جبرائيل€, كان مديرا لأحد المصارف الفلسطينية في إربد €الأردن€ هو البنك العربي, قبل أن يقترن بريموندا حوا, وكان يعيش حياة ميسورة قبل الاحتلال. ومشكلته كانت مشكلتين, الأولى فارق العمر بينه وبين ريموندا €الأمر الذي سوف يتكرر بين سهى وعرفات€ والثانية الفتاة التي اختارها زوجة وأمًا لأولاده, كانت مشغولة عنه بأمور كثيرة في رأسها وأهمها العمل السياسي والإعلامي, ولم تكن تجد وقتًا له. في البداية أنفقت ثروته, أو ما تبقى منها على مشاريعها, قبل أن تتحول إلى صندوق «أبي عمار» لتنفق منه على إطلالاتها الإعلامية ونشاطاتها الشخصية وبناتها, وحتى على ابنها الوحيد «غابي» الذي أوكلت إليه مكتب واشنطن للوكالة التي تصدرها باسم «جيروزاليم برس», وباسمها تخوض معركتها الإعلامية.
والذين يعرفون العائلة يشفقون في نهاية المطاف على الرجل الذي لم يتعاط السياسة يومًا, وكان همه أن يلبي حاجات عائلته وأن يسهر على سلامتها, لكنه وجد نفسه فجأة, ومن دون إرادته, في المعمعة التي أقحمته فيها زوجته الشابة, قبل أن يموت على حسرتين: الأولى زواجه الفاشل والثانية بعده عن، أهله ووطنه, في المنفى الباريسي الذي اختارته عائلته, بعدما بدأ التعاون بين ريموندا والزعيم الفلسطيني.
وكتاب «وطني سجني» يحكي مطولاً قصة زواج داود وريموندا, بأسلوب يقترب أحيانًا من السخرية بسبب افتقار هذا الزواج إلى أدنى مقومات النجاح, بالمعنى العاطفي والموضوعي معا. هو رجل عادي جدًا يحفظ الإنجيل عن ظهر قلب ويصلي كسائر الناس, حريص على كل التقاليد التي عاشها في طفولته وشبابه, وهي متحررة إلى حد الإسراف, تتعاطى بكل شيء إلا الممارسة الدينية وتخوض معركة مفتوحة وشرسة من اجل الشهرة والمال والسلطة, ثم إن فارق العمر كان بدوره عاملاً سلبيًا.
دور عرفات
كتاب «وطني سجني» كان الأول, وقد تحول إلى فيلم وثائقي أمريكي * يهودي بعد اتفاقات أوسلو. وهذا الكتاب كان مقدمة لكتاب آخر * لم يأت زمن تصويره بعد * هو «فلسطين تاريخي» كان المقصود منه تتويج «نضال» ريموندا التطبيعي بين الفلسطينيين والإسرائيليين في مرحلة ما بعد اوسلو. ومراجعة هذا الكتاب بسرعة تحمل على الاعتقاد بأن «اوسلو» هو الأمل الوحيد بعد نكبات عدة بدأت في العام 1948, وتواصلت في حرب 1967 €حرب الأيام الستة€ التي سقطت فيها الضفة وغزة فضلا عن القدس, ثم تفاقمت في العام 1970 €أيلول الأسود€ وفي العام 1982 €صبرا وشاتيلا€... قبل أن يعود الشعب الفلسطيني إلى الانتفاضة.
شخصية ريموندا في كتابها الثاني تذوب في فلسطين حتى النهاية, بطريقة مقصودة جدًا. إنها تطل بلقب جديد هي «لبؤة نابلس» وتعيش على مدى خمسين عاما تجربة المنفى, من مدينة إلى مدينة, ومن بلد إلى بلد, بحثًا عن هويتها المفقودة, وهي تجربة تمر بالسجن والعنف بقدر ما تمر بالحوار والنضال السياسي, قبل أن تهتدي إلى محطة أوسلو, التي تعتبرها ريموندا «المرفأ الآمن».
وفي «فلسطين تاريخي» فصول تستحق التأمل. الفلسطينيون في الكتاب هم المهزومون الذين لم يتطلع إليهم أي نظام عربي حتى السبعينيات. خلال الخمسينيات والستينيات تجاهلهم الأشقاء جميعًا. كانوا لاجئين «مزعجين» ولم يكن لهم وجود أو احترام في الذاكرة العربية الرسمية. «أيلول الأسود» حرك القضية وبعده تصاعدت مسيرة «فتح» ومنظمة التحرير, من الأردن إلى لبنان إلى تونس... فإلى غزة ورام الله والقدس. هذه المسيرة, تقول ريموندا, هي التي أسست لاعتراف جديد متبادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين, وليس للعرب في هذا الاعتراف أي فضل يذكر.
والقصة ليست هنا. القصة كلها تقول إن ياسر عرفات المناضل التاريخي هو الذي صنع «الأمل الجديد», وإن ريموندا التي يمول عرفات نشاطها الإعلامي €بمعدل مئة ألف دولار في الشهر€, هي التي أسست لهذا الأمل. احد قادة «الشاباك» يدعم هذه الرواية في مذكرات أصدرها تحكي قصة الحوار السري بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل ربع قرن من اتفاق أوسلو. نقرأ في هذه المذكرات حرفيًا:
«نابلس 1968 هي مدينة التناقضات, ففيما كان «المخربون» €يقصد الفدائيين الفلسطينيين€ يهددون وحتى يحاولون اغتيالي شاركت في لقاءات اجتماعية لوجهاء نابلس التي حملت طابع صالون سياسي. وقد عرف الجميع أنني رجل «شاباك» إلا أن ذلك لم يزعجهم. كانت هذه اللقاءات تعقد في منزل ريموندا الطويل, النشطة سياسيًا €حماة عرفات فيما بعد€ وكانت فدوى طوقان * التي كتبت قصيدة شهيرة عن توقها إلى التهام كبد جندي €إسرائيلي€ * تلقي أحيانًا على المجتمعين بعض إبداعاتها الجديدة عن الاحتلال الصهيوني.
كنت أجري الكثير من المحادثات مع ريموندا, وهي عربية فخورة تحتقر الصهيونية ولا ترى حلا وسطا بين الشعبين. ولم ننجح في التوصل إلى تفاهم حول أي موضوع مرتبط بـ€إسرائيل€. ومع ذلك فهي امرأة حكيمة ومحادثة مثيرة للاهتمام وكانت الزيارات إلى منزلها تعلمني الكثير عن مزاج القيادة العربية في المناطق. وأحيانًا كنت ازور الشاعرة الوطنية فدوى طوقان ولم أكن الإسرائيلي الوحيد الذي يدخل منزلها, فقد كان وزير الدفاع موشي دايان يشمل تقريبًا في كل جولة له في نابلس زيارة إلى بيتها ويجري معها محادثات طويلة.
انا أحترم موشيه دايان لكونه سياسيًا استثنائيًا وعسكريًا محترفًا, ولم يغب عني أي تصريح له أو مقابلة صحفية معه. وكنت أؤمن انه الشخص الذي يستطيع أن يقود إلى حل بهذا الشكل أو ذاك يؤدي في نهاية الأمر إلى السلام».
الفصل الأخير
والكلام عن ريموندا يطول, ولعل الفصل الأكثر إثارة فيه هو «الفصل الأخير» أي الفصل الذي أدخلت فيه سهى, إحدى بناتها الثلاث إلى حياة عرفات العاطفية, هو الذي كان قد تزوج «القضية» وظل عازبًا حتى الثانية والستين من عمره. والقصة بدأت بوضع سهى, ابنة الـ26 عاما, والتي كانت قد بدأت تألف نمط الحياة الباريسية, على طريق «الختيار» الذي لم يتمكن من مقاومة إغراءاتها. قبل 14 سنة كانت سهى رشيقة تحب الفساتين القصيرة وتحلم بالثروة والسلطة, وكانت ريموندا €العقل المدبر€ تسعى إلى تطويق عرفات بصورة دائمة، وتمويل نشاطاتها الشخصية والإعلامية من دون عناء.
عندما وقع «الختيار» في غرام سهى, اطمأنت ريموندا إلى أنه علق في «الفخ»، ودعمت بصورة متواصلة هذه العلاقة. داود الطويل الوالد الذي يتمتع بحس عفوي أبوي صادق لم يكن يريد لسهى أن تنضم إلى قافلة «الزيجات السياسية», وكان يكره أن تنزلق بناته, الواحدة تلو الأخرى, في علاقات غير مستقرة. كان يقول «انظروا إلى ديانا * الابنة الكبرى * لقد تزوجت مدنيًا من إبراهيم الصوص سفير فلسطين السابق في باريس, ولم تعقد زواجًا كنسيًا لأن الصوص لم يطلق زوجته السابقة». ويضيف «انظروا إلى هالة * الابنة الصغرى * كيف علقت في غرام سفير فلسطين السابق في أثينا, وهو بدوره متزوج. وعندما يصل إلى سهى كان يقول «لا أريد لسهى علاقات من هذا النوع... أنا أحترم ياسر عرفات لكن هذا الزواج ليس لابنتي».
وكلام داود كان يذهب سدى, كصوت في الصحراء, لأن ريموندا كانت قد اختارت لسهى أن تقترن بـ«قائد الثورة» ورئيس السلطة. لم يكن يهمها كم سيدوم هذا الزواج, أو كيف سينتهي. كان يهمها أن يحصل, وفي النهاية حصل.
ويوم تأخر عرفات في الإعلان عن زواجه, سربت ريموندا الخبر إلى صحيفة إسرائيلية €بعد سقوط طائرته في ليبيا€ ووضعته أمام الأمر الواقع. بعدها أدلت سهى بأحاديث صحفية إلى عشرات الصحف والمجلات والمحطات التلفزيونية, تدافع فيها عن هذا الزواج, وتقول إنها مولعة بالرئيس الفلسطيني وهو أسعد رجل في العالم.
في أعقاب ذلك * والقصة معروفة * ساءت الأمور بين الرئيس الفلسطيني وحلقة أصدقائه القدامى, الذين عاشوا معه طوال سني نضاله. كانت سهى تمارس «البزنس» وتتدخل في كل شاردة وواردة في حياة «الرئيس», وتراكمت الحساسيات بينها وبين معظم القيادات. وعندما بدأ حصار «المقاطعة» نصح عرفات زوجته بأن تعود إلى تونس أو إلى باريس مع زهوة الطفلة التي بدأت تكبر. ابتعادها كان «الحل» المؤقت لامتصاص النقمة التي بدأت تكبر في المحيط الأقرب, وآثرت سهى الابتعاد. يومها قيل إن ريموندا هي التي كانت وراء كل المتاعب التي حصلت, وقيل إن عرفات كان ينوي إعلان طلاقه أو انفصاله عن زوجته الشابة، وإن «المنفى» الباريسي كان الصيغة التوافقية التي لا تلغي الزواج ولا تضمن استمراره.
وما تردد عن تحويل الملايين إلى حساب سهى في باريس, أو حساباتها في سويسرا, لم يقم عليه أي دليل قاطع حتى الآن, إلا أن ما لا يقبل الشك هو أن ريموندا تدخلت مرات عدة من اجل إقناع «أبو عمار» بتمويل مشاريعها الشخصية والعائلية. وأحد المشاريع العائلية يعود إلى جورج حوا شقيق ريموندا وخال سهى, الذي حصل من الرئيس الفلسطيني على خمسة ملايين دولار من اجل تشغيلها في بورصة لندن, ولم يتضح مصير هذا المبلغ في أعقاب «التشغيل»... والقصة لم تنته فصولا بعد.
في وقت لاحق سوف يموّل عرفات إصدار مجلة تحمل اسم «الضمير الفلسطيني» تصدر في القدس. رئيسة تحرير هذه المجلة ليست سوى الآنسة كاتي الطويل ابنة شقيقة ريموندا, وقد احتج «أبو مازن» يومذاك على هذا القرار.
اليوم, بعد أسبوع على دفن عرفات, وفي حمى التنافس على الخلافة, تنتهي مرحلة يمكن عنونتها بـ«مرحلة ريموندا» في حياة الثورة الفلسطينية والسلطة الفلسطينية, لتبدأ مرحلة أخرى بشخص محمود عباس أو سواه, لأن استقالة عرفات من الحياة تعفيه من تمويل مشاريع ريموندا الجديدة, ولأن محمود عباس كان دائمًا أول المعترضين على سهى وعلى زواج عرفات, وعلاقته بريموندا علاقة تنافرية إلى حد بعيد.
وإذا صح أن ثروة سهى الأرملة الشابة تقدر بالملايين أو عشرات ملايين الدولارات, فإن المرحلة المقبلة سوف تتكشف عن عناصر فيلم وثائقي جديد لم يحن موعد عرضه بعد. وإذا كان الكتاب الأول «وطني سجني» والكتاب الثاني «فلسطين تاريخي», فإن هناك كتابين بتوقيع ريموندا لم ينشرا بعد, عنوان الأول «سهى مصيدتي» والثاني «عرفات مصرفي البديل».
عن شبكة فلسطين للحوار
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ صحفية ندى خزمو
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
قام بالحوار: د. أفنان القاسم
لتقديمي هذه المرأة لا أريد أن أتكلم عنها من الناحية الأخلاقية وقد سبقني إليها الدكتور أسامة فوزي ولا من ناحية الفساد المالي التي تعرض لها الدكتور نبيل شعث، لا أريد أن أذكّر الناس بخفايا تأسيس مجلة البيادر السياسي كجزء من إمبراطورية حنا سنيورة صاحب القلمين –آسف- القدمين الجسورتين قدم في الموساد وأخرى في السي آي إيه، ولكني سأتكلم عن الخطاب الخارجي لديها والداخلي، الخارجي يعتمد الإطناب في تقديم الفكرة وتمطيطها، وقوام ذلك المفردة المدرسية والجملة المدرسية والصيغة المدرسية المؤطرة بنجعية محركة للشفقة، والداخلي الاستلطاخ لتمرير الفكرة وتثبيتها، لا رمز هنا ولا تخيل أو تحريض وإنما نفي النفي لأجل الإثبات والتأكيد: القدس تهود، لا أحد يريد أن يسمع بالقدس تهود، تم تهويد القدس! يتم تهويد القدس في ذهن القارئ أولاً عن طريق تدجينه، وهذا هو سر الضجيج الإعلامي الذي تمارسه ندى خزمو التطبيل الإعلامي وهو أحد مرامي صحافتنا الخطيرة تحت الاحتلال لهذا يسمح الرقيب الإسرائيلي بصدورها ولا يسمح الرقيب الألماني بصدورها أيام الاحتلال النازي لفرنسا بل يحرق أعدادها ويحطم مطابعها ويطارد محرريها على عكس المحتل الإسرائيلي الذي يرفدها بالمال ويفبرك لها مصداقية وطنية تحت ثوب المحاكمات الكوميدية أو غيرها، وهناك مرمى ثان لخطاب الاستعباط هذا عندما يحمل في طياته تهديدًا غير مباشر لدفتر شيكات المقاطعة، أما المرمى الثالث فهو تكريس القلم لخدمة سيد المقاطعة كلما مرت به أزمة مثل مقال هذه الصُحُيْفِيّة مثلاً عن فتح ابنة النضال وليس الفساد وبيع البلاد، أو، عندما تتحول هذه التلميذة في دير مرقصعيا إلى جوقة للحب والإخاء بين حامولات وبطون وأفخاذ فتح وحماس يا جماعة ألا فاتحدوا من أجل الوطن وامسحوها بلحيتي دون أدنى وعي سياسي لمصالح وأهداف وبرامج كل طرف، أو، عندما تسعى إلى تذكير المسلمين أن القدس أيضًا مسيحية، فتقلل من ردود الفعل أمام هدم المسجد الأقصى وبشكل غير مباشر تساند يهوه، أو، وهذا هو أخطر شيء، أن تتم دعوة سلطتنا الوطنجية إلى إعادة النظر في كل شيء، بمعنى التسليم بما تبقى من قليل فلسطين القليل، لأن الأمور على الأرض قد تغيرت بالنسبة لما كانت عليه غداة 67، كلام يكشف لماذا البيادر السياسي هنا كناطق للمحتل الإسرائيلي، ولماذا تمنع نشر كل كلمة نقد للمحتل الفلسطيني. ما استخلصته نتيجة لعدة مقالات قرأتها لندى الحائك خزمو والحوار التالي يجيء اعتمادًا مني على أحد هذه المقالات...
* القدس على لسانك صباح مساء فما السر في ذلك؟ تحدّثت كثيرًا عن القدس وصرخت بأعلى صوتي أنادي لنجدة القدس وأهلها وحماية مقدساتها... كنت أتوقّع هبّة جماهيرية قوية ولكن للأسف لم أجد سوى المزيد من الإهمال وكما سبق وقلت تأكّد لي كما تأكّد لغيري بأنّه إهمال مقصود ومتعمّد... وأية مأساة أكبر من تلك المأساة!! تحدثت وتحدثت وكأني أدق الماء في الهاون فما من مجيب!! .
* هذا شعور وطني منك ولكنك لم تقولي لنا سر صراخك. عجبي على هذا الزمن الذي أصبحت فيه قدسنا... قرة عيننا... والتي هي من المفروض أنْ تكون قرّة عيون قيادتنا والعالم العربي والإسلامي، أصبحت مستباحة لكلّ من هب ودب... للاستيطان... للتهويد... لتدمير مقدساتنا التي حُميت على مدى التاريخ بأجساد أبنائنا وإخوانهم أبناء العرب أجمعين ولكن إلى أين وصلنا الآن...
* هناك سر يختفي خلف كلماتك الوطنية فما هو؟ لن أطيل عليكم في الحديث عما جرى ويجري لقدسنا الحبيبة وقد سبق وفصّلت كلّ ما تتعرض له المدينة المقدسة من انتهاكات و... لذلك سأركز على بعض المشاكل والحلول التي من الممكن أن تساعد في منع ما تتعرض له المدينة...
* أنت امرأة لا مثيل لها عبقرية وكل عبقرية من ورائها رجل كزوجك جاك خزمو ولكن حدثينا أولاً عن السر الذي يربطك بقدسك الحبيبة. في عددٍ سابق من مجلة المخرفن زوجي –أعتذر معلش ما هوه جوزي وليس عشيقي- والتي لا يقرأها اثنان تعرّضت إلى أحد هذه الحلول، وهو توفير العمل لعمالنا لئلا يضطروا إلى العمل في بناء المستوطنات والجدار، وهذا في رأيي من أكثر الحلول التي بحاجة إلى العمل على إنجازها لنحاول وبما نستطيع عرقلة بناء المستوطنات والجدار... فالعار كل العار أن نكون الأيدي التي تحيك حبال مقصلة إعدامنا!!
* حلو! أبو مازن بطوله وعرضه مش لاقي عمل، قاعد بكش دبان، وأنت تريدين... طيب ولكن ما السر الذي يجعلك تطالبين بهذه المعجزة لعمالنا فلا يبنون الجدار ومن قبل ما السر الذي يدفعك إلى احتضان القدس كأم حنون؟ بيوت كثيرة في القدس وبخاصة في البلدة القديمة على وشك الهدم بحجّة أنها آيلة للسقوط وبحاجة إلى الترميم... فهل قيادتنا الفلسطينية وعالمنا العربي والإسلامي عاجزون عن تقديم العون لهؤلاء المواطنين أصحاب تلك البيوت لمساعدتهم في ترميم بيوتهم وبالتالي منع هدمها حتى ولو كان ذلك على شكل قروض؟!!!
* أكتر من حلو! وهذا حل لم يخطر ببال ولا بخاطر دليل آخر على عبقرية المرأة التي من ورائها واحد مثل زوجك جاك خزمو، ولكن لم تكشفي لنا عن السر الحقيقي في كل هذا. كثير من المواطنين يملكون الأراضي في القدس ولكنهم لا يملكون المال الكافي لتوفير رسوم الرخص للبناء وهي مرتفعة جدًا وهذا يمنع الكثير منهم من التقدم للحصول على رخصة... فهل قيادتنا الفلسطينية والعالم العربي والإسلامي عاجزون عن تقديم العون لهؤلاء المواطنين؟!!
* العون العون العون! بدأت تنرفزيني بالفعل! يلعن د... العون! هوه إحنا بنك! يقول لك أبو مازن أطال الله يده حتى البنك! ألا يكفي العون الذي تلهطينه أنت وزوجك على الطالع والنازل والا هذا كان فقط في أيام القائد الرمز الشهيد أبو عمار؟ فلتان وتسيب وزعرنة في القدس، حارة كلّ من يده له... بكل ما في هذه الكلمات من معنى، جرائم قتل ارتكبت... واعتداءات وتهجمات من شلة من الزعران ومن يظنون أنفسهم يستطيعون شراء ذمم الناس وولاءَهم بفلوسهم وما من أحد يوقفهم عند حدهم، فلماذا لغاية الآن لم نجد من يقف في وجوه هؤلاء الزعران؟! فإعطاء درسٍ لأحدهم عن طريق مقاطعته شعبيًا ووطنيًا كفيل بأن يجعل كلّ شخص يحاول زرع الفتنة أو القيام بأعمال الزعرنة والتهجمات على المواطنين أن يرتدع ولكن -وبكلّ الأسف أقول- إنّه بدل أنْ يُقاطع هؤلاء فإنّ بعضًا من شخصياتنا الوطنية تقدّم لهم طقوس الطاعة والولاء... أتعلمون لماذا؟!!
* نعم نعم السر لماذا؟ لأنهم يخجّلونهم ببضع شواقل داخل مغلّف يوضع في جيوبهم انطلاقًا من المثل القائل "اطعم الفم تستحي العين"... أليست تلك أكبر مأساة؟! فكيف يرتضي هؤلاء المحسوبون من قيادات القدس -وحتى الدينية منها- كيف يرتضي هؤلاء على أنفسهم أن يقفوا مع الباطل ضدّ الحق مقابلاً...؟!! واأسفاه على مثل تلك القيادات!!! وماذا عن القيادات الأخرى لماذا هم صامتون حتى الآن عما يجري؟!! وباستطاعتهم عمل الكثير الكثير...
* يسلم تمك يا ست ندى نعم نعم الشواكل أو كما تقولين الشواقل، اطعم الفم تستحي العين، اقتربنا من السر، وبعدين؟ الكثير من شبان القدس وحتى أطفالها وقعوا في براثن تعاطي المخدرات وحتى بيعها وتوزيعها... مؤسسات عديدة لمكافحة المخدرات ومنع انتشارها موجودة داخل القدس ولكنها رغم محاولتها العمل من أجل مكافحة هذه الآفة الخطيرة إلا أنّها وبسبب قلة الموارد لم تنجح في محاربة هذه الآفة بل وزاد انتشارها بشكلٍ كبير بحسب الإحصائيات الأخيرة التي صدرت عن تلك المؤسسات !
* يا ستي تعاطي المخدرات ليس مهمًا خليهم يحتملوا هالحياة تحت الاحتلالين الفلسطيني والإسرائيلي، لنعد إلى الشواكل معذرة الشواقل. أليست تلك الآفة الخطيرة التي تقود شباننا وبالتالي مجتمع القدس إلى الدمار بحاجةٍ إلى وقفة جدية ومسارعة من قِبَل القيادة الفلسطينية والعربية إلى مساعدة مؤسسات مكافحة المخدرات من أجل محاربة هذه الكارثة الخطيرة التي ستحل بالمجتمع المقدسي؟!
* يا ستي قلنا لك المخدرات آفة ليست خطيرة إلى هذه الدرجة خلي شبابنا يتسلوا ولنعد إلى موضوعنا الأساسي ألا وهو سر صراخك من أجل قدسك، ويا جماعة، ويا جماعة، هذا الصرخات الثورية العبقرية التي إن دلت على شيء فإنما تدل على وقوف جاك خزمو في ظهرك وقوف الرجال الصناديد. سماسرة أراضي يختالون في القدس بكلّ جرأة ووقاحة يزيّفون الأوراق ويبيعون الأراضي ويسرّبونها إلى الاحتلال ويخلقون المشاكل بين المواطنين عن طريق بيع أراضي بحجج مزيفة للبعض ممّا يؤدّي إلى خلافات ومشاحنات بين أصحاب الأرض الأصليين وبين من أوقعوا أنفسهم في براثن السماسرة المزيفين من دون التأكد من صحة الأوراق، رغم أنّهم كان بإمكانهم من سعر الأرض البخس أنْ يكتشفوا بأنّ الأوراق مزيّفة، فكيف لأرضٍ تبلغ قيمتها مثلاً مائة أو مائتي ألف دولار أنْ تباع بعشرين أو ثلاثين ألف دولار إلا إذا كانت أوراقها مزيفة كما هم مدّعو ملكيتها الذين باعوهم إياها بهذا الثمن البخس؟!!
* ك... ام هالشغلة! سنوقف الحوار كفاك مزايدة يا مرة! وكمان عليّ! قولي إنك ما قبضتيش من كم شهر وفياض مزودها حبتين ملتهي باعتراف لدولة مرحاضية وناسيكي... فكيف يسرح ويمرح هؤلاء السماسرة المزيفين كما شاؤوا لولا تأكدهم بأنّه ليس من مُوقِف لهم عند حدّهم وأين قيادات القدس من هؤلاء؟!!
* يلع... دين هالمرة! عامله حالها مش فاهمة، جننتي ربي، كفى كفى أوقفنا الحوار!!!!!!!! عمليات هدم البيوت قائمة على قدم وساق... المواطن الغني وصاحب الجاهة والوجاهة يهرع الجميع ليقفوا معه ضدّ هدم عمارته وتقوم الدنيا ولا تقعد، وهذا شيء جميل... ولكن ماذا عن المواطن العادي وأين تلك الشخصيات التي وقفت مع فلان وعلان لماذا لا تقف مع المواطن العادي في محنته -هذا مع العلم بأنّ المواطن الغني أو الشخصية الاعتبارية لن يتأثّر كثيراً من هدم عمارته بينما الشخص العادي الذي بنى بيته بدمه قبل عرقه سيفقد المأوى الذي يحميه ويحمي أهل بيته...
* مش معقول!!!!! لساها بتزايد على هالمساكين من أغنيائنا... قلت لك توقفي كفى أوقفنا الحوار... الكثير من الشبان يعزفون عن الزواج بسبب قلة الموارد وعدم استطاعتهم توفير شقة تجمعهم وزوجاتهم بسبب الإيجارات الباهظة وأثمان الشقق التي فاقت أسعارها كلّ تصوّر، فبدل أنْ تذهب مخصصات القدس إلى هنا وهناك فلماذا لا يتمّ استخدام قسمٍ منها للقيام بمشاريع إسكانية تستوعب هؤلاء الشبان؟!
* يا إلهي!!!!! يا رب القدس يا سيدي المسيح... رجاء أوقعتُ نفسي في مشكل هذا السبق الصحفي بالفعل، خلصني منها يا سيدي يسوع أُخلص لك إلى الأبد وأحلف لك ألا أجوع... والأهم من كلّ هذا وذاك مقدساتنا التـي تنتهك كلّ يوم... والحفريات التـي ستدمّر المسجد الأقصى فأين مُدّعو الدفاع عن تلك المقدسات؟! فكيف يتمّ السكوت عما يجري وكأنّ الأمر لا يعني أحدًا...
* يلعن د... ولك بالعة فضائية والا ايش!!!!!!!!!!!! فإذا كنتم جادّين يا من تقولون إنّكم تدافعون عن القدس وأنّكم لم تتخلوا عنها، فدعونا نرى أفعالاً وليس شعارات فقط، فالشعارات لن تقف ضد تهويد القدس ولن تساعد في صمود أهلها وحماية مقدساتها... فأين لجان القدس مما يحدث في القدس ولماذا لا نسمع حتى صوتها ؟!!
* الحقوني... أكاد أصاب بسكتة قلبية... ابعتوها إلى أقرب مستشفى مجانين وابعتوني عند الحاجة زكية (ريموندا الطويل)!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ندى خزمو الصحفية وليس ندى خزمو أم محمد... رد على ردح
أهملت الرد على ردح ندى خزمو لي "من وثائقه أدينه"، ولكنها راحت تشهر بي لدى المواقع التي نشرت حواري الافتراضي معها مطالبة بحذفه تحت ادعاءات مستعرة عن العرض والدين، علما بأني لم أدخل لا في متاهات الأول ولا في متاهات الثاني، بعد أن تناولتُ مقالاتها بالتحليل الموضوعي، وجعلت من الحوار معها "آية" في الأدب الساخر مع لمسات من دو موسيه وموليير وزولا، إضافة إلى ذلك ما يمكن دعوته بالحوار "الرقمي" ابتكارًا يعود إلى سحر انترنت وعصر التكنولوجيا. وجائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ كاتب وأسوأ فنان ليست دعابة كما ظنت: أنا لا أداعب متختخين! الجائزة للتنديد والتعرية والتفجير، للتحذير من ظاهرة من ظواهر تكتسح العالم العربي، ولاستئصال سرطان الإعلام العربي، وسرطان الأدب العربي، وسرطان النقد العربي، وسرطان الرقص العربي، وكل السرطانات الأخرى التي تدمر الفكر العربي والإنسان العربي، لكنها تعتبر نفسها في صحة جيدة، وترقى بنفسها إلى سدة الحكم، فما هي جريمتي؟ وأينها هي، وهي المدانة، من ميزان القاضي؟ مجرد أن تنشر رسائلي الشخصية، بفعلٍ كهذا تدين نفسها بنفسها، فهذه أفعال وطرق تذكرنا بأفعال وطرق الستازي والموساد والغستابو وصحافيي الدروب المسدودة في القدس الغربية، وبهذه أفعال تبصق على القارئ، تبصق على القدس، وتقيء فلسطين، فأين النزاهة الإعلامية؟ أين الأمانة؟ وأين الصدق؟
علما بأنها عندما كَشَفَت عن فحوى ما كتبتُ لم تدنّي بل برأتني وأدانت نفسها، ففي الإيميل الأول إشارة واضحة إلى منع نشر مقالاتي "الساخنة"، وفتحها له على الانترنت يؤكد ذلك، ويفضح سلوكًا شائنًا في الإعلام الفلسطيني، إضافة إلى أنه يثبت انفتاحي على كل الاتجاهات وحرية التعبير كما أفهمها عندما طلبت منها الكتابة عندي رغم ذلك، وعندما أبقيت اسمها بين أسماء كتاب "باريس القدس". والإيميل الثاني يزيل أدنى شك في مواصلة المنع تحت أية ذريعة كانت، وهي هنا هزيلة، جد هزيلة، عندما طلبت منها التحاور حول خطة سلام تنشر لأول مرة بالعربية، بينما تعرف مسبقًا أنني سأتعرض بالنقد الحاد لسلطة أوسلو، وفتات هذه السلطة تفرض عليها ألا تلمس جسدها السياسي، وأنا لا ألمسه فقط بل أغتصبه اغتصابًا. وإذا كانت تعتقد أنني أستجدي حوارًا مع مجلة لا يقرأها اثنان، وهي بذلك ترمي إلى فضح نواياي الكامنة من وراء سخريتي بما تكتب، فهي مخطئة مائة بالمائة، أنا أقول لكل صحافة العالم أن تجري معي حوارات حول خطتي للسلام، أقول لكل كتاب العالم أن يكتبوا عن خطتي للسلام، لأني في الوقت الحاضر صانعها ومدير دعايتها وليس في هذا أي مأخذ أو أي تدنٍ أو أي تعريض ذاتي لقلمي ولسمعتي الأدبية، وكل ما أردته مع البيادر –التي لا يقرأها اثنان- هو تسجيل هدف ضد عباس في ملعب السياسة... وبس!
تقول "من وثائقه أدينه"، طبعًا الوقاحة هنا لا مثيل لها، والاعتداء على سمعتي الأدبية، والاغتصاب لتسع وأربعين سنة شغل (هي تتباهى ب29 سنة بيادر وصراخ مدرسي) لماذا لم تحاكم وتدين المتهمين الحقيقيين لها –بتطرقي إلى هذه المسألة الحساسة أتعامل مع ندى خزمو الصحفية مش ندى خزمو أم محمد- أسامة فوزي كعاشقة لجنرال إسرائيلي، وعبد المنعم الأعسم كعميلة للموساد في الجزائر مثلما كان عدنان ياسين في تونس وإيلي كوهين في دمشق حسب قول الأعسم، ونبيل شعث كموضوع للفساد، وعبد الكريم سليم الشريف الذي ضربها؟ هذه أسماء أشخاص موجودين لم أخترعها، وما قالوه يبدو حقائق هم متأكدون منها.
تقول "لا أرد" وهي ترد على ما تريد وتترك ما يدينها، لا ترد على الاتهامات، لا ترد على الخطة التي تصفها بسخرية مهرج لا يُضحك ب"العظمى"، وعندما تعلق... أي حاجة! حول التكفير، كأني قلقان ايش كانت! عملتني "أخ مسلم"، وأنا شعاري "الدين لله والله للجميع"، أنا لا أخ مسلم ولا أخ مسيحي ولا أخ ماركسي ولا غيره! حول المتاجرة بساركوزي، لا أعرف كيف تفهم هذه المرأة، فعندما قلت فرنسا في الجيب أردت تكريس المثل الشعبي عندنا بأن فرنسا معنا، قلت فرنسا في الجيب ولم أقل فرنسا للبيع! حول التطاول بعد أن اعتبَرَتْ "الفيكشن" في الحوار تطاولاً التطاول لا يكون على الأقزام وما تحت الزنار ونازل في النص "المخترع" ميزة من ميزات الأدب الشعبي والتخييل الروائي منذ بلزاك إلى أحفاده من الروائيين الأمريكيين روائيي اليوم، حول الوحدة التي تنادي بها بين فصائل مدروشين ومْعَتّرين آه ما أجملها من رسالة لمجلة متختخين! حول كل هذه المسخرة وهذا المستوى، لماذا أم جهاد لم ترد واحترمت نفسها؟ ومن هي هذه المرأة بالنسبة لأم جهاد؟ موقف أم جهاد مما كتبت، صمتها يضاعف من احترامي لشخصها. ماذا تحاول أن تخفي؟ ماذا يعتمل في صدرها؟ أي سرطان بحر جاثم على ضميرها؟
ما قالته ندى خزمو
ندى الحايك خزمو من وثائقه أدينه: ليس ردًا وإنما توضيحًا لدوافع ما جاء في حوار أفنان القاسم
عندما يصل الإنسان إلى مرحلة يظن أنه يستطيع أن يكيل التهم للآخرين، ويتندر على هذا أو ذاك، ويستعين بالشتائم والمسبات فإن هذا لن يزيد من قوته أو احترامه لدى الجماهير بل فإنه سيفقد مصداقيته حتى ولو جامله البعض "خوفًاً" من لسانه ..
وإذا كان هذا الشخص هو أستاذ جامعي ويعرض خطة للسلام ، فكيف سيقتنع الآخرون بخطته إذا كان لا يستطيع أن يتعامل مع الناس إلا بما (تحت الزنار) من المسبات والشتائم والتكفير والتهديد والتخوين و...
فعندما نشر أفنان القاسم اسمي واسم جاك خزمو كأسوأ صحفية وصحفي في موقعه ضمن ما أسماها (جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ كاتب وأسوأ فنان) – ورغم أنه يضعنا في قائمة كتاب باريس القدس- اعتبرناها دعابة إعلامية ليس إلا، رغم أننا كنا ندرك انه يقصد بها الإساءة إلينا والى الآخرين الذي يبدو أن بينه وبينهم ثأرًا معينًا – كما حدث معنا - ولكن عندما بدأ في التطاول علينا وعلى مجلة البيادر كان لا بد من أن يعلم القارئ دوافع هذا التطاول وهذا التهجم .
أعرض هنا جزءًا من رسائل أفنان القاسم لنا والتي تظهر بما لا يجعل للشك بابًا مفتوحًا حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التطاول..
خطتي للسلام
يا آل خزمو بعد التحية والمحبة طب إذا انتو ما بتقدروا تنشروا لي ليش توقفتوا عن النشر عندي احنا في باريس ما عندناش لا رقابة ولا رقابة ذاتية، المهم... في طيه خطتي للسلام اعتقد انكم بتقدروا تنشروها فهي موجهة للجميع وراح ابعتها لنتنياهو وعباس ومش بس في الموقع وفي المجلة والخبر الأول على الغلاف مع صورة عظمى لي، ندى بتصيح القدس القدس هاي خطة عشان القدس وكل البلاد... زي ما بدكم
دمتم وسلمتم
أفنان
الخطة
يا ندى يا ستي ندى خلينا من جاك هوه مش عارف انه الخطة معتم عليها ونايمة من خمس سنين وهلأ للظروف الخرا اللي إحنا فيها بننفخ فيها نفس جديد وبنفرضها على المن... بلاش أقولها عيب انت مرة، اسمعي يا ستي عشان القدس تاعك اللي بتحبيها أكتر من العالم كله اعملي معي حديث خاص بالبيادر وخلينا نعملها ضجة ولا متلها صارت في تاريخ صحافة فلسطين ايش رايك؟
جاوبيني هلأ وما تاخديش راي التعبان
مودتي
أفنان
هذا هو أفنان القاسم وهذه هي الحقيقة التي وجدنا أنه من الضروري اطلاع القارئ عليها ليعرف حقيقة هذا الإنسان الذي يتحول الآخرون لديه ما بين "ايميل وآخر" من أصدقاء وأحبة إلى أعداء و...
فابحث ما شئت يا أفنان في قواميس لغة الشتائم، واستعمل منها كل ما يوجد في المعاجم، واقتبس ما شئت من أقوالي، لأنك وان وجدت في المعاجم ما يثلج صدرك من الشتائم التي تظن انك من خلالها ستلعب لعبة الانتقام لعدم نشر خطتك "العظمى"، فانك لن تجد في مقالاتي شيئًا يسيء إلي، وحوارك المفبرك أساء إليك قبل أن يسيء إلي وأظهر وجهك الحقيقي .. فإذا أصبحت تتاجر بالرئيس سركوزي فتقول : " دولة عظمى في جيبي" فهذا أكبر دليل على الحال الذي وصلت إليه ..
وكلمة أوجهها لأفنان وأمثاله ممن يحاولون إسكات صوتنا، نشكركم جميعًا يا من تحاولون أن تثنوا عزيمتنا وتحبطوها بكلامكم هذا وبمحاولاتكم التجريح و... فما تفعلونه لن يزيدنا إلا صلابة وقوة وعزمًا للمضي قدما في سبيل الدفاع عن القدس، والدعوة إلى الوحدة، والتأكيد بأننا في البيادر لم ولن نرضى أبدًا أن ننشر أي شيء يتعرض لوحدتنا أو يهاجم فئة على حساب الأخرى... لنتقد نعم... ولكن النقد البناء الذي يسعى إلى الإصلاح، وليس إلى وضع المزيد من الزيت على النار... هذه هي رسالتنا ومسيرتنا الإعلامية التي تعدت سنواتها التسعة وعشرين عامًا، والتي سنستمر على السير عليها، فمجلة البيادر هي مجلة الجماهير كل الجماهير، وستظل كذلك..
* كاتبة وصحافية وما غيره في مجلة البيادر المقدسية 2009-11-26
www.babil.info
www.parisjerusalem.net
13.12.2009
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ كاتب حوليات محمد حسنين هيكل
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: د. أفنان القاسم
كاتب الحوليات هو المدون للأخبار، ومحمد حسنين هيكل في سلسلة كتبه "المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" يقوم بدور المدون، إلا أن قلمه السيال يتواضع هذه المرة، فيترك المجال للموثق، ولا يجعلك تغرق في محيطات اللطم اللفظي، ولكنه في توثيقه هذا يؤكد ولا يفند، يعرض ولا يكشف، يوصل ولا يزعزع، إنها طريقته ذاتها منذ بداياته ومقاله الأسبوعي في الأهرام، يقول كل شيء من أجل ألا يقول شيئًا، وكل شيء يمر كمنظّر لعبد الناصر، للناصرية، وبالتالي كممهد للهزيمة التي تمت وحتى آخر لحظة على أساس أنها انتصار ما بعده انتصار. محمد حسنين هيكل بحضوره كان ولم يزل –فهو يدخل اليوم كل بيت من شاشة الجزيرة- أخطر من الحضور الإسرائيلي في ضمير الفرد العربي، لأنه يغوص في الوعي بوصفه حاثًا ومحرضًا بناء على خطأ إيديولوجي ومعرفي ودلالي، فالهرم الفكري الذي له يقوم على أطروحات كلها زائفة أو مزيفة للواقع وللتاريخ وشائهة أو مشوهة للحقيقة وللعلاقات التي فيها وما بينها، لأنها كلها تنهل من سيميائية قومية قومجية الأمة فيها كتلة متراصة من الحديد الخام والإيمان نسخة سلبية ثابتة والصراع صراع الكل للكل الكل العربي والكل الصهيوني وقد شمل هذا الكل كل الأمريكان وكل الإنجليز وكل سكان عطارد والمريخ دون أن تكون هناك إشارة واحدة إلى فروق طبقية وفكرية وحتى مزاجية أو أخرى إلى حكام متسلطين انهزموا وأفراد مستضعفين هُزّموا، يكفي أن نقرأ عنوان كتابه "المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" لنقف على نهج التعميم والتفخيم والتفخيخ الذي يتّبعه اتباع أي كاتب من كتاب الخطاب السائد، لأنهم الحكام العرب وليس العرب الذين فاوضوا ولأنهم القادة الصهاينة الذين فاوضوا وليس الإسرائيليين تحت كناية إسرائيل. هذا الفكر القومي القومجي الذي انهزم والذي لم يزل يراهن على أمة تنهض من الرماد وعلى تعويذة تقيم الوحدة من المحيط إلى الخليج بين شعوب لا يجمعها أدنى جامع لا اللغات ولا المصائر ولا الأماني التي لا توجد إلا في رأس محمد حسنين هيكل ومن لف لفه من الطوباويين، ويجمعها البؤس والاستغلال والظلم وأحلام الإطاحة بأنظمة رثة هي هنا في خدمة النظام الأمريكي الرأسمالي العالمي تماما مثلما هي إسرائيل في خدمته، كل حسب طريقته، ومن يعتقد بقوة إسرائيل وعنتريتها وعنجهيتها أو بلوبيها هو واهم لا ريب لأن ما يجري على الأرض بخصوص النظام الإسرائيلي والأنظمة العربية لهو تنفيذ للمشروع الأمريكي في السيطرة على الثروات والإنسان وتحقيق لمصالح الدولار فقط لا غير...
التقينا الأستاذ محمد حسنين هيكل في المطعم العربي –عربي واعتقدنا عن خطأ أن هذا ليس صدفة لمنظّر العروبة- الذي كان يأكل فيه الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتيران…
* لماذا هذا المطعم أستاذ هيكل؟
. لأني أريد أن آكل من طبق الكسكسي الشهي الذي كان يحبه الرئيس ميتيران وسماه صاحب المطعم بكسكسي الرئيس.
* أليس هذا بسبب رغبتك في إهدائه كتابك التي لم تتحقق قبل موته مثلما أهداك كتابه؟
. وهذا أيضًا، رمزيًا وكأني أهديته كتابي الذي أحمله في حقيبتي منذ سنين (يخرجه) خذه هو لك بشرط أن تقرأه، يهمني أن يقرأ كتبي الرؤساء والعباقرة.
* أشكرك على رشقي بحبر العبقرية، ولكني عبقري برشوة أم بدون رشوة؟ . بالاتنين (يضحك) كان عبد الناصر يقول للسادات عندما يأتي ليسمع ما أقوله من فلسفة وتنظير له "اتركنا شويه بقى يا محمد" فيرد عليه السادات "أنوه محمد فينا؟" كان لاصقًا كالصمغ وغيورًا كما كان يغير كهنة رمسيس من قرب أحدهم من رمسيس فيما بينهم.
* وما العلاقة أستاذ هيكل بالعبقري برشوة والعبقري بدون رشوة؟
. العلاقة هي أنا (يضحك).
* ماذا فعلت كتبك في الغرب وأنت خطابك القومي لا يلفت هنا انتباه أحد؟
. لم تفعل شيئًا وهذا شيء مهم جدًا ويمثل نجاحًا كبيرًا.
* مثل نجاح كتبك ومقالاتك في مصر والعالم العربي.
. (بعد أن يأكل ثلاث ملاعق كسكسي أو أربع بسرعة هائلة) الحقيقة أنني كاتب مهم لهذا السبب، ولأنني لن أصبح أبدًا إدوارد سعيد آخر أو شيخ عبد الباسط عبد الصمد آخر، أنا في الأنتروبولوجيا وحدي وفي التجويد وحدي ولو كتبت الرواية لتفوقت على نجيب محفوظ لأنني وحدي حتى في ميدان الخيال، لهذا أنا وحدوي تحت معنى العزلة التي تحمله مفردة وحدة ومعنى اتحاد العرب من المحيط إلى الخليج (يضحك) عرب إيه ووحدة إيه وبطيخ إيه اسأل ماركس عن الحقيقة تجدها عنده.
* ولكن دكتور عفوًا أستاذ هيكل كنت أظن...
. أنا مش قلت لك إني وحدي على الرغم من أنني أضع التجربة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي سابقًا جنبًا إلى جنب التجربة النازية في ألمانيا الهتلرية سابقًا، معلش عدم المؤاخذة، فأنا وحدي... آه يا وحدي، غناها لي محمود درويش الله يرحمه، ده كان شيوعي وحده هو الآخر.
* والجزيرة أستاذ هيكل؟
. ( يكون على وشك ابتلاع ملعقته فيسعل) الجزيرة مالها؟ ديه تجربة من تجارب وحدي الناجحة جدًا جدًا جدًا بغض النظر عن كونها من تأسيس الموساد، ما إحنا كده بنحارب الموساد من جواه وبننتصر لأول مرة في تاريخ العرب منذ جمال عبد الناصر على إسرائيل... بالرمز طبعًا.
* شكرًا لك أستاذ هيكل.
. شكرًا لك أنت دكتور أفنان، وما تنامش لما تقرأ الكتاب بتاعي، ده ميتيران فضل الموت على ألا يقرأه.
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ محللة أدبية فخامة الرئيسة سوزان مبارك
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: د. أفنان القاسم
فخامة الرئيسة سوزان مبارك هي الحاكمة الفعلية لمصر، لهذا السبب مصر نزلت إلى الحضيض الأسفل، إنها نوع من كليوباترا السفالة والانحطاط، فهي من وراء فكرة التركيع لروما التي هي تل أبيب، ومن وراء فكرة التوريث لولدها سمو الأمير جمال، ومن وراء فكرة التعهير مع يوليوس قيصر الذي هو حاكم البيت الأبيض، وأنا أرى أن كل الحق معها وهؤلاء هم أشباه الرجال في مصر وفي كل الميادين في السياسة وفي الدعارة وفي الثقافة، إنها سيدة الخضوع، وربة المذلة، وهي قد حلت محل المعنى، فغدت الدلالة لكل شيء، وحتى محل اللغة، فغدت الصوت لكل لفظ، ولكن أخطر ما في الأمر معها هو اعتبارها لنفسها محركًا للثقافة والحضارة ومنشأً لجيل من الكتبة والكتاب عندما نقرأ لها حول مطبوعات مكتبة أسستها: "وبعد أكثر من عشرة أعوام من عمر مكتبة الأسرة نستطيع أن نؤكد أن جيلاً كاملاً من شباب مصر نشأ على إصدارات هذه المكتبة التي قدمت خلال الأعوام الماضية ذخائر الإبداع والمعرفة المصرية والعربية والإنسانية النادرة وتقدم في عامها الحادي عشر المزيد من الموسوعات الهامة إلى جانب روافد الإبداع والفكر زادًا معرفيًا للأسرة المصرية وعلامة فارقة في مسيرتها الحضارية". ذخائر ومعارف وموسوعات وهي تؤكد وزاد معرفي وعلامة فارقة ومسيرة حضارية يا رب الانحطاط كل هذا الادعاء الأخرق ما كان لولا تذليل الإنسان على يديها وترويض الاستعارة على يدي أقنان كليوباترا من الكتاب المصريين والعرب الذين لا يستحون، والذين نشروا كتبهم في هذا المرحاض الثقافي...
التقيتها في كباريه قرب الشانزلزيه بصحبة البوي فريند بتاعها وهي تسكر
* فخامة الرئيسة سوزان حدثينا عن آخر مستجدات التوريث.
. لا مستجدات ولا حاجة أنا قلت جمال سيرث محمد حسني يعني سيرث محمد حسني والباقي كله كلام فارغ ولعب عيال.
* ألا تخشين من منافسة حرم ولي العهد لك؟
. لا حرم ولا حاجة، هوه فيه حرم واحدة تانية غيري (تقهقه بهستيريا وتقبل البوي فريند بتاعها قبلة سريعة).
* حدثينا فخامة الرئيسة سوزان عن ذخائر الإبداع والمعرفة المصرية والعربية والإنسانية النادرة التي كانت بفضلك كما تقولين.
. إنت يا وله الدكتور بتاع بتستغبيني والا ايه! العكس هو الصحيح يا سوربون أم أنك تريدني أن أرفع من شأن كل الخولات دول الذين يكتبون فيتطاولون على... (تقهقه بهستيريا) قصدي على تاجي (تقهقه بهستيريا، تجرع كأسها، وتقبل البوي فريند بتاعها قبلة طويلة).
* والمسيرة الحضارية؟
. اطرح هازا السؤال على الأخت هيلاري.
* هيلاري كلينتون؟
. يعني مين؟ ريا وسكينة؟ وأحسن من كله اطرح هازا السؤال على الأخت تسيبي (تقهقه بهستيريا وتتوجه إلى البوي فريند بتاعها) ده راحت تسبني وتقول لي دانا تسيبي (تقهقه بهستيريا، وتقبل البوي فريند بتاعها قبلة طويلة، ثم تجرع كأسها التي كان صديقها قد ملأها) السقافة والسياسة أمر واحد ومهم انت يا وله الدكتور بتاع، وأنت أدرى الناس بهذا، وأنا بقول السقافة أهم من السياسة لهذا السبب اهتممت بها وربيت جيلاً من الأقلام الخولات وبفضلهم سيعلو ابني جمال على عرش مصر، ولماذا لا يعلو؟ كل شيء في مصر يعلو على ما يعلو...
* الرجاء توضيح هذه النقطة الجوهرية في فكرك الفذ فخامة الرئيسة سوزان.
. كل شيء واضح زي الشمس في وادي الملوك، انت يا وله الدكتور بتاع، مش أنا كليوباترا؟ مصر من أيام جدها وجد جدها تقوم على التوريث الطبيب يصير ابنه طبيب والسمكري يصير ابنه سمكري والبنتين دول ريا وسكينة بناتهم يصيروا زيهم قتل وسكاكين، مصر اتخلقت كده، وستبقى كده إلى الأبد وأبد الأبد، انت سامع يا وله الدكتور بتاع؟ والرئيس يصير ابنه رئيس (تقهقه بهستيريا وتقبل البوي فريند بتاعها قبلة طويلة جدًا جدًا جدًا).
* أشكرك فخامة الرئيسة سوزان... لكن سوزان ده مفردة مش مصرية ولا حاجة!
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ مفكر د. عزمي بشارة
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: د. أفنان القاسم
بعد موت محمود درويش وفراغ الساحة الإعلامية والسياسية والثقافية من صوت فلسطيني يرمي إلى إثمال الرأي العام في صيرورة التخلي والاستسلام، تمت فبركة عزمي بشارة أحسن فبركة كما يبدو، فهو اليوم كمحمود أمس تُفتح له أبواب كل الأنظمة وكل الوسائل الإعلامية، محمود نجح في مهمته السياسية على مستوى النظام العرفاتي الذي وقّع مع إسرائيل على اتفاقيات إنهاء القضية الفلسطينية، وعزمي يحاول أن ينجح على مستوى الشارع، وهو الشيء المكمل للمستوى الأول من أجل تطبيق هذه الاتفاقيات وتمريرها جماهيريًا. لهذا جاء الكلام المزدوج للشاعر من خلال لعبة المع والضد وللمفكر القادر على إعطاء وصفة جاهزة لكل مسألة بلسانه الذرب المتشدق تارة الخفيض السيال تارة أخرى كما لو كان روبو تمت برمجته –وصف لجهاد نصره- لهذا تجده على كل الفضائيات، وخاصة على فضائية الجزيرة في كل المناسبات وكل برامجها، فهو موظف فيها دون أن يكون، ولسان حالها دون أن تعلن الفضائية عن ذلك بشكل رسمي، مما يجعلنا نتساءل عن الرقم في الشيك عند آخر كل شهر، وأرقام الشيكات الأخرى من داخل إسرائيل وخارجها التي بملايين الدولارات كما يشاع... أريد أن أتوقف هنا عند ثلاث ملاحظات في هذه الظاهرة المنفضحة التي اسمها المفكر العربي –ادعاء عرباوي وعرباتي من عربجية الإعلام العربي- عزمي بشارة، الملحوظة الأولى حول المصطلح الذي يستعمله هذا المفكر عندما يدعو "الكنيست" ب"البرلمان" وعندما يدعو إسرائيل ب"فلسطين". لأنه كان عضوًا في الكنيست، واليوم من خارج هذا المحفل الذي له من سوء الرمز في الرأس العربي الشيء الكبير والخطير يحاول بشارة الالتفاف من حوله واللجوء إلى مصطلح مخفف للرمز كالقرص المخفف لألم الرأس، ولا يمشي المصطلح فحسب بل كل الخطاب، وكذلك الحال مع فلسطين التي هي في قصده إسرائيل وخطورة ما يعني ذلك من إقرار بالأمر الواقع كدولة ثنائية الجنسية هو من أشد المتعصبين لها ماحيًا بجرة قلم كل الهوية الفلسطينية باسم فلسطين، ويا للشطارة! وقس على ذلك مصطلحاته الأخرى المدروس وضعها في سياقات الحملة كلها المفبركة على لسانه ضد إسرائيل. الملحوظة الثانية حول فهمه للمقاومة الإسلاموية وكلما حدّثته نفسه بمكروه يفترض إصابة حماس به أتبعه في الحال ب"لا سمح الله"، لأنه هنا يريد للإخوان المسلمين أن يبقوا في الحكم كما أراد من قبله شارون كيلا يصل الفلسطينيون إلى أي حل، وهذا هدف إسرائيلي مبطن بغطاء ثورجي وقومجي ومقاومجي... إلى آخره. الملحوظة الثالثة على علاقة بالنظام السوري الذي يقدمه بشارة بمصطلح قديم ومترهل قدم وترهل النظام نفسه. منذ أيام حافظ الأسد ومصطلح "الموقف الوطني السوري" أو "جبهة الرفض" أو "العروبيين" قد أتى أكله، ولم يعد يغري الواهمين بالدور السوري بعد أن تم كشف المزايدة على فلسطين والجولان، وفي الواقع ما يراد هو تمكين إسرائيل من استمرار احتلالها لما احتلت، وتمكين سوريا من استمرار أموال الدعم –الجولان بترول سوريا- وإنعاش المصطلح الوطنجي من طرف عزمي بشارة يخدم الطرفين.
* دكتور عزمي حدثنا عن أسرار خروجك من إسرائيل.
. ليست هناك أي أسرار، كل عاقل يرى أن خروجي كان خطة مدبرة بيني وبين الموساد، لألعب دورًا وطنيًا إسرائيليًا في مسرحية شد وارخ، فأنا أشد لما يرخون، وهم يشدون لما أرخي.
* لماذا هذه المسرحية مسرحية شد وارخ؟
. لإنقاذ فلسطين من الفلسطينيين.
* تقصد من الإسرائيليين.
. ما دقش يا صديقي... كله واحد.
* الآن أفهم كل هذه الضجة الإسرائيلية حول إبعادك.
. يريدون أن يقف الرأي العام إلى جانبي بعد أن يجعلوا مني شخصًا وطنيًا ومهمًا لأهمية المسألة، وهم يفعلون هذا مع كل واحد بمقامي أو دون مقامي، خذ مثلاً محمود درويش، وأقل من محمود درويش خليل السواحري الذي حبسوه وبهدلوه ليبدو وطنيًا وثوريًا في أعين الناس وبعد ذلك انكشف أمره عميلاً لأكثر من جهاز، وخذ أيضًا غازي السعدي الذي قضى في السجن سنوات طويلة قبل أن يبعدوه إلى عمان كعميل إعلامي لهم بعد أن أسس دار نشر وغطاه الأردن بجواز سفر وغمره نظام عرفات بالمال الذي جعله يبني أكثر من فيلا وأنا إن شاء الله سأفعل مثله بل وأكثر سأفعل مثل كل المبعدين الوطنيين أي بقدرهم جميعًا، فأصعد، وأجعل غيري يصعد لأني لست أنانيًا كما دأب على تعليمي ماركس وركاح في شبابي، وهكذا تجد أن...
* رجاء توقف عن اللك والعجن، ودعنا نتطرق إلى الأساسي (أصيح بنرفزة) طيب؟... يذكرنا تصريحك "المنفى ليس خيارًا والعودة أكيدة" بتصريح آخر "بدلت موقعي ولم أبدل موقفي" لمحمود درويش، أنت بين المنفى والعودة، وهو بين الموقع والموقف.
. المنفى اخترته أنا مع ذلك لأني أريد أن أحقق قبل العودة ما لم يستطع تحقيقه إدوارد سعيد بخصوص الدولة الثنائية الهوية، إدوارد سعيد الساذج سياسيًا، فهو لم يفهم حتى الدولة الثنائية الهوية لن تكون، وأنا لهذا أقول ثنائية والقصد أحادية، قصد إسرائيل الأخير إسرائيل اليهودية الذي أخدمه عن طريق التيئيس من كل شيء اسمه دولتين وخاصة دولة فلسطينية. أضف إلى ذلك أنك أنت في مشروعك السلمي تشترط الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة، وأنا بعدمها، مع إعلاني عدم اعترافي بإسرائيل، إنه الأمر ذاته بخصوص السعودية عندما لا تريد الاعتراف بجدة عاصمة لها بينما هي عاصمتها بالفعل وليست فقط عاصمتها الاقتصادية، وكذلك هو الأمر ذاته مع اليمن وقضية الحوثيين الذين يريدون الانفصال وهم بالفعل انفصلوا مع اعترافهم بصنعاء عاصمة لهم. إنه كما ترى...
* بس بس (أصيح بنرفزة) بس!
. دعني فقط أنهي بكلمة قصيرة...
* قصيرة (أصيح بنرفزة) فقط إذا كانت قصيرة.
. أريد القول الأمور ليست خطيرة إلى هذه الدرجة لأن الاعتراف ليس شرطًا فأنا مثلاً أعترف بحماس كمقاومة وهي لا مقاومة ولا من يحزنون وأعترف بسوريا كقلعة للعروبة والصمود وهي ليست كذلك وأعترف بكل ما لا تعترف به إسرائيل ويبقى الأمر في حدود اللغة وأعترف بجسد المرأة ولكن زوجتي تهددني بالطلاق وأنا عاجز من هذه الناحية فقط، كفيلسوف وسياسي ومرب للأجيال، عن الوصول إلى حل لانحساري الحراري، وبما أنك روائي مجنح أطلب منك مضاجعة أفكار زوجتي كي يلهمك الله أقصد الشيطان إلى حل أجعل منه حلي وذلك من أجل الشهوة الفلسطينية واللذة الفلسطينية والاستقرار الجنسي الفلسطيني والعروبي، لأني كما قلت المنفى ليس خيارًا والعودة أكيدة... ولن أستقر في أي بلد عربي. إنه الأمر الوطني الإقليمي الكوني الذي...
* (أصيح بنرفزة) بس بس بس ألف مرة بس!
(يأخذ الدكتور عزمي بشارة بالمواء والزحف على الأرض مرددًا:)
. آكلك منين يا بطة آكلك منين...
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ ممثل سمو ولي العهد الأمير محمد جمال مبارك
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرت الحوار: جريدة الشرق الأوسط مع د. أفنان القاسم
كيف يمكن أن نقارب هذه الظاهرة التي اسمها جمال محمد حسني مبارك؟ كيف يمكن أن نقارنها بظواهر أخرى مشابهة لها في التاريخ ابتداء من عهد السفاح والسيوف المدماة للعباسيين ومرورًا بعهد ملوك الطوائف واقتتالهم على اعتلاء فروج النساء ووصولاً إلى سلطة المؤسسات في أمريكا وتمحور الصراع بين قطبين، الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، من أجل سيطرة بورصة الوول ستريت على العالم؟ جمال مبارك هو مزيج من هذا وذاك، وهو أشبه بالنص الشاذ، "الخول" باللغة الدارجة المصرية، فهو هنا بحد السيف، وهو هنا بمزاولة السياسة وقد غدت دعارة، وهو هنا كلاطئة من الدولارات لا يفعل سوى أن يحول دون تفجرها، وأن يسمح بها لسدنة مال مصر البقاء على عروشهم إلى أقصى زمن ممكن، حتى أن الزمن المصري معهم قد أخذ صورة الدولار، فغدا دون زمن، لأنه غير محسوب من عمر الشعب المصري، ولأنه زمن ضائع لا يبحث عنه بروست المصري، ولن يبحث عنه ما لم يجر تحرير مصر من زمنها، تحرير مصر من مصر. وباعتقادي أنه لو تم لمصر ذلك، بمعنى لو كان لمصر نظامها الديمقراطي الفعلي أو نصف الفعلي على الطريقة الأمريكية لأمكن لجمال مبارك أن يتولى السلطة بعد أبيه كما حصل مع بوش الابن دون أدنى مشكل، ولتمت الأمور بشكل طبيعي دون اللجوء إلى الخيمياء في مختبرات النصب السياسي والدجل السياسي والهتك السياسي، لكن القمع السياسي في مصر كما يرثه أمين المجلس الأعلى لسياسات حزب العائلة عن أبيه لهو طريقته في الحكم وفي التنفس وفي النظر إلى العالم، وهو تذكرة الوصول إلى مسرح الأقوياء في واشنطن وتل أبيب الحكام الحقيقيين لمصر، وهو لهذا يلعب دور طرطوف في مسرحية موليير الشهيرة، ولكن دون أن ينجح تمامًا، ففي كل مرة يطلب منه الأسياد دعس شعبه أكثر، والائتمار بما يملونه عليه أكثر، وهو في كل مرة يلجأ إلى الاستجارة بكل أرباب الفراعنة –لأنه في أصله ممثل رديء وفاشل ومنفضح- كي تعينه على لعب دوره المخزي إلى الأبد حتى ولو كان ذلك على حساب مصر وكرامة أهل مصر وكل حقوق بني مصر الوجودية.
نص الحوار
أكد جمال مبارك، نجل الرئيس المصري، وأمين المجلس الأعلى للسياسات النافذ إلى أبي موزة في الحزب اللا وطني الحاكم، أن الحزب لم يحسم الأمر بعد حول مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة التي من المتوقع أن تجري في شهر سبتمبر (أيلول) القادم. وقال رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» في مؤتمر صحافي أمس حول ما إذا كان حزب المطبلين والحشاشين والمتسلقين الوطنيين قد حسم أمر ترشيح الرئيس مبارك، أو أنه يتداول أسماء مرشحين آخرين «إنه من السابق لأوانه الحديث حول هذا الأمر.. ولا يوجد جديد فيه حتى الآن، من المهم الآن الحديث عن ترشيحي أنا كرئيس قادم بعد الرئيس والدي أطال الله عمره، وبيني وبينك لا أطال ولا حاجة، ده صار عجوز ومتختخ وماما سوزان عندها حق لما جعلت من صفوت الشريف البوي فرند بتاعها، وفوق ده وده أنا والله شويه مستعجل». وأشار إلى أن الرئيس مبارك سبق له التأكيد أنه لم يحسم أمر إعادة ترشيح نفسه لفترة رئاسية جديدة، وأنه لن يعلن قراره النهائي إلا بعد إقرار تعديل المادة 76 من الدستور، في الاستفتاء يوم 25 من الشهر الجاري على التعديلات التي أدخلها البرلمان على المادة 76 من الدستور، وبيني وبينك الدستور المصري ده ورق التواليت بتاعه، من ربع قرن وهو يستعمله، ده ماركة قوية جدا أنصح الشعب المصري باستعماله، لا مؤاخذه الشركة المنتجة مش بتاعي، بتاع أخويا علاء.
وحول المطالب الداعية لضرورة وجود إشراف دولي على الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال أمين السياسات المظبطية في الحزب الحاكم بالإجرام والقوة «إن اجتماع المجلس (الأعلى للسياسات المحلبية الكوشرية) لم يناقش هذا الأمر»، وإن كان لم يستبعد مناقشته مستقبلا، وقال «سوف يحدث حوار حول هذا الموضوع»، مشدداً على أنه من غير المقبول فرض هذه الرقابة الدولية على الانتخابات (من الخارج) وإذا فرضت علينا ما هيه للتغطية وبس عشان يبرر الأمريكان مساندتهم للديكتاتور المتختخ بابا».
وكشف جمال مبارك، الذي كان يتحدث عقب اجتماع للمجلس الأعلى للسياسات الكوشرية والمحلبية والحلبية في مقر الحزب الوطني عن أن الاجتماع ناقش «خطوطًا عريضة.. ونقاطًا عامة لقانون انتخاب رئيس الجمهورية الإسرائيلية» المزمع عرضه على البرلمان خلال دورته الحالية تمهيداً لإقراره والعمل به في الانتخابات المقبلة، ثم ضحك ساخرًا وطلب من الشرق الأوسط ألا تنشر ما سيقول: بيني وبينك كل القوانين ديه على قفاي! وكشف عن عجيزته المستهلكة اللا مغرية على الإطلاق، ففهمنا لماذا ابنة تشيني أصبحت مثلية.
وشدد أمين السياسات المحلبية المخبصاتية الخربطاطية في الحزب الوطني البائع على أن ما جرى مناقشته خلال اجتماع المجلس ليس مشروع قانون لانتخاب رئيس الجمهورية الإسرائيلية، وإنما مجرد أفكار عامة حتى يتم إقرار التعديل عبر الاستفتاء الشعبي ويمكنك أن تضيف أننا وصلنا بالمصري إلى وضع لا يهمه من يحكم المهم أن يأكل! لهذا بيني وبينك الاستفتاء مضمون مية المية.
وردًا على مطالبة بعض أحزاب المعارضة والقوى السياسية بمقاطعة الاستفتاء، قال جمال مبارك «إننا نحترم آراء هذه القوى، ولكننا (الحزب الوطني البائع) سندعو الشعب للمشاركة في الاستفتاء، وليس هذا فحسب بل سندعو للتصويت بالموافقة، وما تصدقنيش إذا قلت لك نحترم وبطيخ أصفر وكلام فارغ، نحن لا نحترم أحدًا، وعندما أصبح رئيسًا دكتاتورًا بدل الدكتاتور المسكين المتختخ بابا راح أجعل من بابا دكتاتور صغير أمامي، وأخليهم يندموا على ربع القرن اللي حكمهم فيه».
وردًا على سؤال حول استخدام قوات الأمن للعنف في قمع مظاهرات القوى السياسية المعارضة، قال جمال مبارك «إننا كحزب وطني لسنا مع الاستخدام المفرط للعنف من جانب الأمن ضد المظاهرات، وهدفنا التعبير السلمي والمنظم، إذن أنا مع القمع ولكن ليس المفرط، مع دغدغة إليات المحجبات وتلويث لحى المحجبين بماء النيل الأسود، انت عارف قصدي ايه والمجاري السائبة في كل مكان من شوارع القاهرة والإسكندرية والسويس وأم درمان –ما هيه كانت لنا-». وأضاف: «إننا ضد العنف من جانب المتظاهرين أيضًا، فهؤلاء يا شعب مصر الحبيب والطيب هم اللي تخاف منهم، هم الأصولية... هيه الأصولية ايه؟ هم شياطين الإسلام وأنا الملاك جبرائيل عليه السلام، شوف ازاي جمالي جمال أنا ابن حسب الله السادس عشر مش ابن ساركوزي الحمار اللي ما حطش نعله على رؤوس كل معارضيه واحتل مكاتب أكبر حي مالي في أوروبا، ده اللي اسمه "لا دفنس"، دفنسك الله!».
وشهدت مظاهرة نظمتها جماعة الإخوان المسلمين يوم الجمعة الماضي في مدينة المنصورة بدلتا مصر سقوط أحد المتظاهرين قتيلاً بعد إطلاق الأمن قنابل مسيلة للدموع. ونفى جمال مبارك أن تكون سياسة الحزب الوطني تتضمن تسيير مظاهرة مضادة لكل مظاهرة للقوى السياسية المعارضة، وقال «إن تحركات الحزب يحكمها التعبير عن فكر وتوجه معين هو القتل والقتل والقتل، أما فيما يخص الكورة، فالأمر يختلف لأننا نسعى إلى كسب وتعاطف الجماهير لهذا تظاهرنا معهم ضد الجزائر والجزائريين، واستطعنا أن نصيب أهدافا عديدة أهمها التفاف الناس من حولي وقبولها بالتوريث قانونًا لصولجانات مصر منذ فرعون إلى المتختخ والمخدوع بماما اللي هوه بابا، وقبل إنهاء هذا الحوار التاريخي معي أود أن أوجه كلمة إلى مواطنيّ الأقباط: يا إخوتي عباد الصليب سأعبد الصليب معكم إذا أنتم وافقتم على التوريث! بيني وبينك دول مجانين والا ايه، ما الأقباط اندثروا منذ عهد تحتمس الأول كالعبرانيين منذ عهد موسى التاني! انت تلفونك النقال حامله والا ايه؟ أنا حامله يا افندم... يا لهوي! إذن أنا وقعت في ستين داهية، آذان الموساد في كل مكان يا وله، والست ليفني أخت بابا من أب تاني خلاص سمعت كل حاجة، وراح تشدني من ودني، وديه بتشد جامد قوي، قول أصابع ريا وسكينة وتانت هيلاري...».
القاهرة لندن باريس
16.12.2009
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ ناقد فيصل دراج
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرت الحوار: أسماء الغول
يخلط هذا النويقد بين تاريخ وتاريخ سلطة، التاريخ الذي هو عبارة عن دينامية بهزائمه وانتصاراته، وبين رواية ورواية سلطة، الرواية التي تتجاوز البنية الفكرية للكاتب وتستقل ببنيتها، ويجد له كرسيًا مريحًا في صالون النقد! يقول أحسن رواية وأحسن روائي وأحسن ناقد، فينصب نفسه حاكمًا فوق الجميع باحتقار لا مثيل له بينما لا يوجد الأحسن في كل هذا، توجد رواية جيدة أو لا، نقد جيد أو لا، لست أدري ماذا جيد أو لا، والدليل على هذا أمثلته: لقد انتقى "المتشائل" مثلاً لأحسن رواية، وباقي أعمال حبيبي؟ والحكم، أليسه نسبيًا؟ لماذا أنا أرى في هذه الرواية أسوأ ما كتب حبيبي؟ الدمج على أحسن وجه في المجتمع الإسرائيلي وليس المقاومة حسب دراج، ومن العنوان، فلا هو متشائم ولا هو متفائل، هو نصف الواحد والآخر في وحدة سيميائية وسياسية. وباقي الأعمال الفلسطينية التي لم يقرأها أين مكانها في كل هذا؟ روايتي عن ابن طفيل "أبو بكر الآشي" مثلاً الصادرة بالفرنسية –هو يعرف الفرنسية- أقول هذا ليس ليقرأني هذا النويقد، ولكن مجرد عدم قراءته لهذا العمل أمر يزعزع حكمه بل محاكمته، فهو في كل نقده يُسْقِطُ كالقاضي حكمه دون استقراء لا للرواية ولا للتاريخ بل إسقاط، وإسقاط أيضًا نموذجه النقدي جابر عصفور أو كمال أبو ديب لنظرته العربية إلى الرواية –لا أريد أن أقول نظريته فهو ينفيها- بينما هذا أو ذاك نموذج للنسخ الغربي والمسخ الغربي دون أن يدري أنه لا توجد نظرية عربية، ليس لأننا بلا تاريخ روائي كما يقول، ولا نظرية غربية أو غيره، هذا ما يعترف به الغرب صاحب التاريخ الروائي في الوقت الحالي، وهو يعيد النظر في كل شيء بعد أن استهلك كل شيء، واستنفد كل شيء، فيما يخص الخطاب بشكل عام، فلسفي، اجتماعي، نفسي... وليس الخطاب النقدي فقط. هناك نظرية تحبل بها كل رواية، بمعنى أن لكل رواية نظريتها، وأعني بذلك استيعابها لأدوات النقد مهما تعددت، مما يؤدي إلى نقض كل نظرية. الكليشيهات الجاهزة لفيصل دراج في كل حديثه وكأنه يحفظ نصًا مدرسيًا عن ظهر قلب دليل آخر على ابن الصالون وابن النظام، لهذا تفتح له الجرائد العربية صفحاتها دون رقابة، ويذهب إلى المؤتمرات العربية دون عقدة، ويُحتفى به كأي ناقد من نقاد الأنظمة العربية الرسميين، ويأتي هنا ليتكلم عن مقموعين وصوت مضطهدين. لنقرأ بتمعن وحذر ما يقول...
الرواية جنس أدبي كوني يجمعه النثر والتمرد على الواقع والخيال، انطلاقاً من الإيمان بالإنسان دون حصره بدين أو هوية، فكيف قادك إليه النقد، وتورطت فيه، خاصة أنه يعتبر من الدراسات غير المشجعة والمتطورة في العالم العربي؟
اخترت المجال
اخترت المجال لأني درست الفلسفة، ولكن دراسة فلسفية في مجتمع ما تحتاج إلى قارئ مهتم فعلاً بالفلسفة، وهذا القارئ غير متوفر، إضافة إلى أن الرواية نوع من الكتابة التي تتضمن جميع أشكال النقد، وتتيح للناقد معالجة جميع المواضيع بما فيها السياسة، انطلاقًا من الكتابة.
وأعتبر أن كتابة الرواية تجاوز للرقابة، وأنا أسميه المكر الروائي الذي يتيح للروائي التحدث عن وجوه الحياة المختلفة، وتختصر فيها جملة من المعارف كعلم الاجتماع والفلسفة، وهذه العلوم صعب جمعها في النماذج النقدية المقدمة من قبل العالم العربي، لأنهم يعتقدون أن النقد ينطلق من الرواية ذاتها، إلا أن النقد ينطلق من فلسفة شاملة وبنية ثقافية كاملة.
النقد بين المحاكاة والقديم
كنت دائمًا تقول إن خلق نظرية نقدية للرواية العربية هو مجرد شغف مدرسي يدرك مسبقًا أنه غير قابل للتحقق، ذلك أن الإبداع يفيض على موت الثابت، فكيف ترى الإرث النقدي العربي في ظل تلك المحاولات الدائمة من الشغف المدرسي؟
النقد الأدبي العربي الحديث بدأ متأثرًا جدًا بالاتجاهات النقدية الأوروبية بدليل أن الفلسطيني روحي الخالدي حين وضع كتابه علم الأدب بين هيغو والعرب بدأ مباشرة بالإفصاح عن ثقافته الفرنسية، ولاحقا ميخائيل نعيمة في كتابه الغربال كان متأثرًا بالثقافتين الأمريكية والروسية، وأقام طه حسين منهجه على فلسفة ديكارت وصولاً إلى ماركسية لويس عوض ومحمد مندور وغيرهما.
فالتفاعل مع الثقافة الأوروبية كان خصيبًا ومخصبًا، وكان تأثر النقد العربي بالثقافة الأوروبية ايجابيا، وأصبح هذا النقد عبئاً، ابتداء من أوائل سبعينيات القرن الماضي، حيث تحول التعلم من الغرب إلى محاكاة صماء تأخذ بقشور المناهج الأوروبية دون أن تنفذ إلى العلوم الاجتماعية، ودون أن يكون هؤلاء النقاد المتأوربون على معرفة حقيقية باللغة الشعرية والنصوص العربية.
طبعا كانت هناك تطبيقات إيجابية بارعة لنقاد مثل جابر عصفور وكمال أبو ديب، لكن كثيرين حولوا هذا النقد إلى شكل من الكاريكاتير ومن الكلمات المعقدة الصعبة التي لا يدرك القارئ معناها، وهؤلاء النقاد لم يكونوا يدركون معناها الحقيقي.
في حين في الاتجاه الآخر يعتبر النقد العربي القديم لا يفيد في مقاربة العالم الروائي ولا يمت بصلة له من قريب أو بعيد، وما هو قائم نوع من امتدادات النقد القائم على مدارس فلسفية تنتج من اتجاهات فلسفية وتحليل نفسي يستفيد من فرويد، وعلم لغة يستفيد من كتب علم اللغة ويطبقها، فهي نظريات جاهزة نستوردها بشك ميكانيكي دون الرجوع إلى جذور هذه النظريات والاستفادة منها.
النظريات عالمية
لو فرضنا أن النقاد تدارسوا الرواية ضمن سياقها الثقافي الخاص بها، وربطوا تحولات الرواية العربية بالتحولات السوسيولوجية العربية، في هذه الحالة هل من الصعب الخروج بنظرية نقد عربية أصيلة؟
هذا السؤال يتضمن فكرة فيها نوع من الحصار، لأن النظريات تنتمي للعالمية وكل ما له علاقة بالإبداعات الحديثة مثل القصة والشعر الحديث له نظرياته وأنواعه الوافدة والمستقاة من الغرب، وحتى يكون عندنا نظرية، يجب دراسة الأشكال الأدبية الحديثة في علاقاتها بالتاريخ الثقافي الاجتماعي العربي الحديث، ويفترض معرفة حقيقة وجدية بالمدارس الأوروبية الفكرية في خصوصيتها ثم محاولة جدية لتطبيق هذه النظريات بشكل مبدع على الأعمال العربية، وقد يدفع هذا التطبيق المبدع الأديب العربي إلى الانزياح عن المعايير الأوروبية ويقترب من معايير مختلفة كثيرًا لها علاقة بخصوصية عربية، لا علاقة لهذا على الإطلاق بإمكانيات النقاد العرب بل بشكل الجامعات والمدارس والتربية المسيطرة، ففي بعض البلدان العربية التي فيها نوع من احترام المؤسسة الجامعية استطاعوا أن يقدموا شيئا متقدما مثل بعض النقاد المغاربة، وهناك من قدم دراسات مهمة مثل جابر عصفور وكمال أبو أديب، ويجب قراءة الأدب والنقد الأوروبي والعلاقات الثقافية الخاصة به، والاستفادة من المناهج الأجنبية في التطبيق دون تبنيها.
هناك ناقد عنده ذاتية مبدعة ويتعامل مع الثقافة الأوروبية بشكل حر وطليق ولا ينقل إنما يستفيد، ويوصل إلى أشكال نقدية خاصة به، وهذا بالفعل يحتاج إلى ذاتية مبدعة دون عملية إظهار وتكرار وتطبيق ميكانيكي.
لا يمكن استقاء نظرية تطبق على جميع أشكال الإبداع الروائي، كما أنه لا يمكن العثور على نظرية أوروبية قادرة على استنفاد جميع الأشكال الروائية العربية والنظريات، لكن من الممكن عبر قراءة رصينة لتاريخ الرواية العربية والنظريات الوصول إلى نوع من المنظور النقدي الذي يمكن أن يطبق على الرواية العربية.
لا توجد نظرية جاهزة في الغرب، والأمر كله نوع من الحوار مع الرواية العربية التي لها خصوصيات غير موجودة في الرواية الأوروبية.
إنها نوع من حوار مع الذات والذات الأوروبية والوصول إلى المعرفة النسبية والمتطورة والمتغيرة لأن الإبداع الأدبي يفيض على النظريات جميعها، ولا يبدأ الإبداع من نظريات وإنما من تاريخ الإبداع.
وعلى المقاربات النقدية أن تقرأ هذا الإبداع وأفضل كلمة المقاربة وليس النظرية لأنه لا توجد نظرية كاملة ومتكاملة ومستمرة إلا إذا كانت ميتة.
رواية المقموعين
يقال أن الرواية صوت المضطهدين والمقموعين، وأن عليها أن تجابه الاستبداد، وأنت ذاتك في كتابك ذاكرة المغلوبين: الواقع والمثال وضعته شرطاً روائيًا بنيويًا وليس أخلاقيًا عند الكاتب؟
بالفعل التزام الرواية بقضايا المضطهدين لا يفسر أخلاقيًا، كما لو كان الروائي واعظًا مختلفًا، إنما يفسر بنيويًا، ذلك أن التنوع والتعدد وحوارية العلاقات المختلفة هي قوام البنية الروائية، التي تختلف عن نصوص نقيضة، أحادية الفكر واللغة.
الرواية شكل نقدي مغاير للعالم، وحين لا يكون النقد جزءا منها لا تكون رواية، وإذا كانت السلطة تبحث عن الثبات وتسعى إلى الركود وتجميد الواقع فإن الرواية تبحث عن الواقع المتنوع والمختلف والمتطور الأمر الذي يقيم تناقضًا أساسيًا بين المنظور السلطوي للعالم والمنظور الروائي له.
الرواية تقوم على التعدد مثل اللغة والحوار والشخصيات بينما السلطة العربية تقوم على الأحادية وهو ما يجعل الرواية بالضرورة تخالف السلطة القائمة وتنتقدها وتنقضها، فإن التصور الروائي للعالم تصور ديمقراطي بامتياز، وكل رواية لا تنقض وتنتقد واقعًا معينًا لا بد أن تحيل على واقع آخر متخيل ومرغوب فيه أو تحيل إلى مدينة فاضلة غائبة أو معلقة في الأفق، ترى ولا ترى. وعلى هذا فإن منطق الرواية يقوم على الاحتمال في حين أن منطق السلطة يقوم على اليقين واليقين الثابت في هذه الحالة.
وفي هذه الحالة تكون الرواية هي رواية المغلوبين أو الذين يتطلعون إلى واقع آخر بعيد عن واقعهم القائم على الحرمان والإكراه، أكثر من ذلك إن الرواية العربية بالمعنى النبيل هي التي ترى الوطن العربي في نزوعه التاريخي أي تنظر إلى المجتمع اللازم وجوده وهذا ما يقيم العلاقة بين الرواية واليوتوبيا.
هناك أشكال حاليًا من الأعمال الروائية العربية وخاصة منذ عقدين من الزمان تذيب كل مشاكل المجتمع المقموع في قضايا ذاتية بالغة الضيق وبالتالي لا تعبر عن تطور بل أزمة واضحة في الرواية، خاصة عند الجيل الجديد الذي لا يسمح له تعقد الواقع العربي أن يرى الحاضر بوضوح ولا أن يرى المستقبل بوضوح إلا بغرائبية، ولا تستمر هذه الرواية العربية إلا بجهود جيل الستينيات بمصر أو بعض المبدعين القلائل من لبنان وغيرها.
على ذكر كتبك هناك من اعتبر كتابك: نظرية الرواية، والرواية العربية مغامرة؟ هو ليس مغامرة، الكتاب عبارة عن جزأين: الجزء الأول يعرض النظريات الكبرى في الرواية مثل نظريات لوكاش وجولدمان وبختين وفرويد، والجزء الآخر يدرس إبداعات روائية عربية مهمة، مثل إبداعات إميل حبيبي، وجمال الغيطاني، وصنع الله إبراهيم وإدوارد الخراط.
ويبين أن الإبداع يفيض على النظريات، وأن هذه النظريات الأوروبية الشهيرة لا يمكن أن تفسر الإبداع الروائي العربي، وبالتالي هي محاولة لبناء العام والخاص في الكتابة الروائية العربية، النظرية هي البحث المستمر عن نظرية لا توجد إلا بشكل نسبي وتقريبي.
الرواية والسلطة
الرواية العربية ولدت في أجواء صراع مع السلطة، واستمر صراعها حتى الآن، فكيف ترى هذا الصراع الذي شابه نوع آخر من التنافس بين الحداثة والتقليد؟ تاريخيا لا يمكن وجود رواية دون ديمقراطية، فهي عمل قائم على بنية حوارية، فلا يمكن أن تتطور في مجتمع لا يعرف الحوار ولا الديمقراطية ولا توجد إمكانية تطور الرواية دون فضاء حر ومشاركة سياسية، وبالتالي لا تعنى الرواية بفرد مبدع هنا وفرد مبدع هناك، إذ تعنى بمجموعة من العوامل الاجتماعية المختلفة كالمتخيل الطليق واللغة المتحررة والبعد الحواري والابتعاد عن اليقين والقبول بالاحتمال واليقين والمعرفة الاجتماعية.
ذلك أن الرواية بالمعنى النظري العميق تعيش على علاقتها بين الفلسفة والفنون وعلم الاجتماع وعلم النفس والأخلاق والحياة السياسية، وحين تكون هذه العناصر غائبة لا يمكن أن يكون صعود وازدهار للرواية، وبالتأكيد على الناقد أن ينظر باحترام إلى جهود المبدعين في المغرب العربي ودمشق وبيروت والقاهرة والخليج العربي، والرواية نتاج علاقات ثقافية، ولا توجد بشكل مفرد دائماً بل تعايش جملة من العلاقات الأخرى. لا أعني أنه لا يوجد أدباء قادرون على كتابة الرواية بل يعني أن الذين يكتبونها تعلموا معنى الرواية من تاريخ الرواية العربية من ناحية ثم من الرواية المترجمة من ناحية أخرى، لكن النقطة الأساسية هي التالية إذا كان كل إنتاج لا يتحقق إلا باستهلاكه فإن السؤال لا يكون فقط بالإبداع الروائي، بل في القارئ الذي لديه استعداد لقراءة الرواية والتعامل معها بشكل جدي، ويقاسم الروائي منظوره وهواجسه، وعلى هذا فإن العلاقة بين الرواية والديمقراطية وثيقة.
أقصد بذلك أنها لم تتحول إلى جزء من الثقافة العربية المسيطرة بالطبع، هناك كتاب من غزة والقاهرة والعالم العربي، لكن تجاربهم لم تتحول إلى جزء حقيقي من الثقافة المسيطرة، لأن استهلاك الإنتاج يلعب دورًا أساسيًا في تطوير وتحديث الرواية. هل من الممكن القول أن ما يميز الرواية العربية التأريخ للماضي؟
الرواية هويتها اللغة، ومن غير المقبول أن تكون هويتها هي الافتخار بالماضي، والخصوصية متحققة في اللغة، واللغة فقط إضافة إلى نزوع الروائي إلى عالم عربي يعيش الديمقراطية وحقوق الإنسان كبقية الشعوب في العالم.
العربي هو الذي يدرك اليوم أن مجتمعه مهزوم وعاجز ويعيش على هامش الكون، وعلى بلاغة قومية متوارثة ومعايير عقيمة لا معنى لها، هو الذي يدرك ذاته كذاتية معطوبة ومهانة، وبالتالي يحلم بمجتمع عربي حديث ومتحاور ثقافياً وقادر على الحوار مع الآخرين، وعلى مواجهة الذين يرغبون في السيطرة عليه ووراثته.
الكذب حرام
انتقالاً إلى غزة. كيف ترى الإنتاج الروائي هناك؟
أنا لا أنكر إمكانية وجود روائيين في غزة، لكن النسبة المئوية التي تتعامل مع الرواية كفن جاد للحياة ليست كثيفة، وبالمقابل فإن بعض القوى الدينية ترى فيه فناً مشبوهًا مستوردًا غريبًا عن الثقافة العربية الموجودة وذلك للأسباب التالية:
أولاً اعتبار أن الخيال جزء من الكذب والكذب حرام، وثانيًا رفض اللغة العامية التي يدرجها الروائي في نصه على اعتبار أنها لغة مسيئة للغة العربية، ويجب استخدام الفصحى، وثالثًا العمل الروائي قائم على فكرة النقد، تلك الفكرة التي تحث القارئ على المساءلة ورفض الثبات والقبول بالنسبي والحواري والابتعاد عن الأحكام المطلقة، وهذا مرفوض عند تلك القوى، ورابعاً فإن كل فكر وثوقي وإيماني بشكل مطلق يرى مرجعه بالماضي ويتطلع إلى استرجاع ماض بعيد مشتهى، بينما الروائي يتحدث باستمرار عن المستقبل وعن مدينة غائبة مشتهاة ولا تعرف عنها الكثير باستثناء فكرة الحرية. تذكر في كتابك: الرواية وتأويل التاريخ أن القرن الثامن عشر الأوروبي عرف صعود الرواية وعلم التاريخ معاً، معترفاً بهما كحقلين متمايزين من حقول المعرفة، لكل منهما مواضيعه، وأدواته، على خلاف التاريخ العربي الحديث الذي سمح بظهور الرواية، وربط ظهور التاريخ بأحادية الرؤية السلطوية، فجاء الروائي ليكشف الوجه الحقيقي للتاريخ... إلى أي مدى ترى أن هذه الحقيقة لا تزال ممتدة؟
يقر المثقف العربي باغترابه في وطنه بمعنى أنه يوقن بتخلف الوطن العربي عن الأجزاء الأخرى في العالم، السؤال بذاته يتضمن مفهوم الهوية لماذا أنا كعربي بعيد كل البعد عن الماضي القديم وحاضر الشعوب الأخرى. وهذا نظريًا سؤال تاريخي، إذا كان موضوع التاريخ يندرج في الرواية انطلاقًا من سؤال الهوية والاغتراب أو من سؤال الهوية المغتربة فإن القمع التي تعيشه البلاد العربية بأشكال متفاوتة يستدعي التاريخ بشكل آخر، ذلك أن الروائي هو الوحيد المتاح له أن يسجل وقائع العالم العربي بأشكال مختلفة، ذاهبًا مرة إلى الماضي أو مخترعًا مكانًا متخيلاً أو لاجئًا إلى الأسطورة.
باختصار إن ما لا يستطيع أن يقوله المؤرخ الذي تقمعه الرقابة يستطيع أن يقوله الروائي معتمداً على العناصر الفنية، وهو ما أدعوه بالمكر الروائي، فقد كان الروائي دائمًا، عربيًا أو غير عربي، يتعامل مع الواقع ويرفضه، يكتب التاريخ ويندد به متطلعًا إلى تاريخ آخر لم يأتِ، وربما لن يأتي أبدًا وهذا هو المفهوم التاريخي عندي.
ولأن التاريخ العربي منذ ثورة أحمد عرابي عام 1882 إلى احتلال العراق مؤخرًا هو تاريخ هزائم متلاحقة فقد أملى على الروائي المشغول بهويته المغتربة أن يجعل منها مادة أساسية في رواياته، فقد كتب نجيب محفوظ عن ثورة 1969 وجمال الغيطاني عن احتلال العثمانيين في مصر، وكتب ربيع جابر عن الحروب الطائفية في لبنان في القرن التاسع عشر، وكتب الطاهر وطار عن الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وعن الجزائر قدم واسيني الأعرج عمله الكبير الأمير ، وكتب ممدوح عزام عن الاستعمار الفرنسي لسورية في عمله قصر المطر .
الأمر له علاقة بالسياق المعيشي وليس بالمعيار النظري الذي يحدد مدى تداخل الرواية بالمواد التاريخية، والسياق العربي المعاش مهزوم ومحبط وتراجيدي، وعاجز، ومن الطبيعي في هذه الحالة ذهاب الروائي إلى الماضي مفتشًا عن الأسباب التي أنتجت عجز الحاضر، وله علاقة بالهوية والاغتراب والسياق وليس بشكل مجرد يدعى الإبداع.
الروائيات
كيف ترى اصطلاح البعض تسمية الأدب الذي تكتبه المرأة بالنسوي؟
كتبت أكثر من دراسة عن سحر خليفة كما كتبت دراساتي عن باقي الكتاب والروائيين العرب، وحتى عندما تناولت النماذج الإيجابية في كتابي بؤس الثقافة في المؤسسة الفلسطينية تحدثت عن ناجي العلي وسحر خليفة وغسان كنفاني، وكما أن كتاب الرواية وتأويل تاريخ يضم دراسة واسعة عن هدى بركات، وقد اعتبرت رواية الميراث لسحر خليفة أهم رواية وعمل فلسطيني منذ رواية المتشائل ، كذلك فإن الروائيتين اللبنانيتين هدى بركات وعلوية صبح قدمتا شيئاً جديداً ومتميزاً وشديد التميز في الكتابة الروائية العربية في الفترة الأخيرة، وهناك أيضًا رواية رضوى عاشور قطعة من أوروبا . الروائي ينطلق من فكرة الإبداع وليس الإبداع الذكوري والأنوثي وهناك جمع غفير من أدعياء كتابة لم يأتوا بشيء.
هل استطاعت الرواية الفلسطينية أن تحمل هموم القضية الفلسطينية، أم أن الأخيرة كانت تتجاوزها وتثقل عليها باستمرار؟
هناك ثلاث روايات كثفت وببصيرة كبرى القضية، وكشفت تحولاتها: رجال في الشمس لغسان كنفاني الذي طرح سؤال الوعي الزائف والوعي الحقيقي، وهزيمة الثاني أمام الأول، الثاني الذي يفضي غالبًا إلى الموت، وأعتقد أن الصراع لا يزال قائمًا داخل الشعب الفلسطيني حتى الآن ولا يزال التقدم الزائف في كثير من الأحيان يجر الشعب الفلسطيني من موت إلى آخر، وهناك رواية المتشائل لإميل حبيبي التي لا تتحدث عن الانتصار أو الهزيمة، وإنما تأملت تاريخًا ساخرًا وضع الإنسان الفلسطيني البسيط أمام آلة صهيونية هائلة يستطيع أن يلفظها ويقاومها دون رؤية شيء حقيقي في الأفق، ولعل بصيرة حبيبي الذي عاش الاحتلال بشكل مشخص بعيدًا عن البلاغة العربية هي التي جعلته يقرأ الواقع الفلسطيني دون أية لغة انتصارية التي سادت في سبعينيات القرن الماضي. ورواية الميراث التي تضمنت وجهين، رثاء وشبه رثاء لكفاح فلسطيني طويل لم يفض إلى الوطن ولا ما هو قريب منه، وتضمنت أيضًا سخرية سوداء فادحة، لذلك إن الميراث الكفاحي الطويل اختزلته السياسة البائسة إلى نوع من القيم لا علاقة له بالتحرر ولا فلسطين، كما لو كان الفلسطيني قد خسر بعد كل تضحياته أمرين أساسيين، كفاحه الوطني من أجل فلسطين، وخسر القيم الأخلاقية الكبرى التي هي الشرط الأول لكل كفاح تحرري ينتظر أفقًا أو شيئا قريبا من الأفق.
القدس العربي 22/01/2009
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ روائي جمال الغيطاني
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: علا الساكت
أنا أحب الزيني بركات وأحب أوراق شاب وأحب رسالة في الصبابة والوجد، وجمال يعرف هذا حين تحدثنا عن هذه الأخيرة ذات مرة في مقهى من مقاهي الحي اللاتيني، المشكل ليس أدب جمال، المشكل جمال، جمال المغتر، وجمال المركز كما يقول في هذا الحوار، وجمال الغباء، جمال غبي الرواية العربية، يكفي أن تقرأ تفاهة أجوبته. لديه نوع من الانسلاخ، فهو ينسلخ مع كل عمل من أعماله، وينمسخ –بالمعنى الكافكاوي- فيتغير في المظهر والصفة والظرف، وتكون دهشتك كبيرة بل أكبر من كبيرة أن يكون هذا كاتب الزيني بركات أو التحولات أو الرسالة، لأن جمال عندما يكتب هو علاقته بالنص الروائي كما هي علاقتي بالنص النقدي كمراجع ومحاور وأدوات وافتراضات وبراهين وحجج، أنا يسعفني نصي في كل ما أرى في العالم، وهو يقف نصه عند حده مع كلمة النهاية، ويتركه غريبًا عن العالم، ليس بالمعنى العبثي لدى كامو ولا بالمعنى الصوفي لدى ابن عربي ولكن بالمعنى المعرفي لدى كانط واستعارة الكهفية، فكأنه يولد من عدم، بوعي الفتى غير المجرب –بعد خمسين سنة شغل- وصيرورة القهقرى في الموقف، لهذا يقبل بجائزة لعويس أو مبارك أو الشيخ زايد وبالوسام الفرنسي لفارس، لا يقبل فقط بل ويُقَبّل النظام، يضاجعه، فالكل لن ينسى جملته الشهيرة لمبارك "نحن مطمئنون لأنك تقود السفينة"، ويذهب إلى الصين ليحكي عن صواني النحاس في خان الخليلي. مركز العالم، العالم، العالمية هي هاجسه الوجودي المدمر، هاجس الفتى غير المجرب، لأن تجربة قلمه بخصوصيتها التراثية تبقى في مركز العالم العربي، والعالم العربي، والعروبة، حتى وإن تمت ترجمته إلى كل لغات العالم...
■ رد شتيفان فايدنر أرجع هجومك على المجلة للغيرة من علاء الأسوانى، فما تعليقك؟ - أنا بالذات لا أشعر بتنافس مع أي كاتب، فأنا أكتب في اتجاه وحدي، ومهمتي على رأس جريدة أخبار الأدب أن أبرز الكتاب. عيب أن يقال ماذا فعلت من أجل كاتب ما، لكنى أود أن أشير إلى خطورة تبرير الجرائم الكبرى بأشياء صغيرة، فهو يريد أن يجرنى إلى الرد بأنى لا أغار. وليس أدل على ذلك من أننا احتفينا بالأسواني في أخبار الأدب ونشرنا روايته كاملة على صفحات الجريدة. ليس لدي مسألة الغيرة هذه، وقد فوجئت بأن مستعربًا ألمانيًا انحدر مستواه إلى «الردح» في الحارات.
■ لكن في مقالك الأول أشرت لخطبته في تكريم علاء الأسوانى، حيث تحدث حول وجوب نزول الكتاب العرب من أبراجهم العاجية؟ - في المقال الأول لم يكن لدى الحيز الكافي لشرح رؤيتي كاملة، لذلك اكتفيت بالإشارة، على أساس أنني سأستعرض مضمون العدد العنصري لاحقًا، وقد فعلنا ذلك في الأعداد التالية. وبدلاً من المناقشة الموضوعية، تحول الأمر إلى شتائم، وجعلنا فايدنر نرى وجهًا جديدًا للغرب «يردح».
■ لديك مشروع أدبي قائم على التناص مع التراث، كيف تجد استقبال القراء لهذا النوع من الكتابة؟ - فكرة إمكانية وجود هذه الكتابة مرضية بالنسبة لي، فقد أصبح من الممكن وجود تيار يتعامل مع التراث، يستوعبه الوسط الأدبي العربي بشكل مختلف عن الوقت الذي بدأت فيه الكتابة فى الستينيات. ففي ذلك الوقت لم تكن القضية متعلقة بإيجاد شكل التعبير بقدر ما هي متصلة بحرية التعبير، فكانت الأشكال المتاحة والمكرسة نقدياً صارمة لكنها لا تريحني، إذ لم تكن إطارًا مناسباً لما أريد أن أقوله.
■ لكن هل ينسجم القراء مع الكتابة بلغة رصينة قريبة من المنطقة التراثية؟ - لدى شعور بأنني وكل الكتاب الكبار من جيلي والكتاب الجادين من الأجيال الجديدة نشبه الفنانين في خان الخليلي الذين ينقشون الصواني النحاس بدأب وصبر حتى يصاب الفنان منهم بالعمى، وفجأة ظهرت بالسوق كتابة رديئة تشبه «الصواني التايواني».
■ يعيش الأدب العربي الآن ظاهرة الكتاب الأكثر مبيعًا، فكيف تقيم المشهد الأدبي في ظل هذه الطفرة؟ - هناك فوضى فى الحياة الأدبية نتيجة ضعف الحركة النقدية، فرغم الجهود الفردية المتميزة لبعض النقاد، ظهرت كارثة «الأفضل مبيعًا» وهذه ليست ظاهرة جديدة، ففي الخمسينيات كان هناك أدباء حطموا أرقامًا قياسية للبيع، لكن لم يكن أحد يتعامل مع كتبهم على أنها أدب رفيع. وأذكر أن إحدى روايات عزيز أرماني وزعت حوالي ربع مليون نسخة فى الخمسينيات، ولم يدع الرجل أنه أديب كبير. أما الآن وأصبح البيع مقياسًا، فينشر الكاتب كتابًا صحفيًا، ثم يدعه إبداعًا حين يحقق مبيعات ثم يعود ويقول إن هذه رواية، والسبب فى ذلك أنه ليس هناك ناقد كبير يضع كل كاتب فى حجمه الطبيعي. ما يزيد الواقع الثقافي تأزمًا، هو دخول الإعلام كعنصر تقييم، فأصبح كافيًا أن يُستضاف شخصاً ما مرة واحدة مع مذيع مشهور فيقدمه للناس باعتباره الأديب الكبير فلان، ليكرس اسمه ويعمد هذا الفلان أديبًا كبيرًا.
■ إذا تحدثنا عن الأكثر مبيعًا، فلا بد أن نتحدث عن ارتباط هذه الصفة بالرواية الواقعية كنوع أدبى؟ -نحن جيل الستينيات- مشتبكون مع الواقع منذ البداية، وهذا لم يكن اشتباكًا أدبيًا فقط بل عملى أيضًا، فقد دفع معظم كتاب جيلنا ثمن هذا الاشتباك، فدخل البعض السجن وتعرض البعض للضغوط فى عملهم. ما أريد أن أقوله أن جيلنا كان يعتبر الشأن العام خاصًا، ولم يكن لدينا مسافة بين ما يمس الوطن وما يمس الفرد، أما الآن فالتمركز على الذات أصبح كبيرًا. وخلال السنوات الأخيرة وبحكم المرحلة العمرية التي أمر بها شغلني التأمل فى الوجود الإنساني وانطلقت من ذاتي كمركز، وذلك عملاً بقول جلال الدين الرومي «لا تبحث عن مركز العالم، أنت المركز». وتجلى هذا خلال تجربتي فى كتابة دفاتر التدوين التي يصدر منها الدفتر السابع خلال أسابيع. قد يظن البعض أن المصريين لم يعودوا بحاجة لهذا التأمل، لكن الأدب ليس مجرد كتابة كرد فعل للواقع القائم الآن، فقد تنبأت ببيع مصر فى مزاد علني عام ١٩٧٤ فى قصة «ذكر ما جرى»، وأتذكر هذه القصة كلما تأملت واقعنا الآن.
■ لكن هل تجد فارقًا فى تناول جيلك للواقع وتناول الجيل الجديد للواقع؟ - فى الأدب أرفض فكرة المجايلة، فليس هناك جيل يتخرج كل عشر سنوات، بل هناك مجموعة كتابات تشكل ظاهرة. أول مرة أشعر أن ظاهرة الستينيات بدأ اجتيازها خلال السنوات الأخيرة، من خلال ما أسميه الكتابة الجديدة، فهي تشمل كتابات تعبر عن الواقع بضراوة، وأخرى ترتكز على الذات. لا شك أن هذا الجيل لديه إحساس مختلف بالواقع، فجيلنا الآن فى مرحلة المراثي، على سبيل المثال سيصدر الشاعر عبد الرحمن الأبنودي ديوان يحمل نفس الاسم قريبًا. وكل كتاب الستينيات، إما بين رثاء الذات أو الوطن الذي نفارقه وهو ليس فى أفضل حالاته.
■ أنت من أوائل الكتاب العرب الذين تم الاحتفاء بهم فى الغرب، كيف تجد الاحتفاء الغربي بالأدب العربي الآن؟ - اختلفت القواعد إلى حد ما، فعندما صدرت الزيني بركات فى ١٩٨٥، كان صدورها حدث، لأن كل ما نشر قبل ذلك كان ينشر فى دور نشر صغيرة، متخصصة فى الأدب العربي. أما الزيني بركات فكانت المرة الأولى التي تقدم فيها دار نشر فرنسية كبيرة ترجمة رواية عربية جنباً إلى جنب مع الأعمال المهمة التي قدمتها الدار للكتاب الكبار من أنحاء العالم مثل روايات جابرييل جارثيا ماركيز وجوزيه ساراماجوا وإيتالو كالفينو. فى رأيى القضية ليست الترجمة، بل من يقوم بهذه الترجمة ومن أين تنطلق. وكان ذلك ميلادًا جديدًا بالنسبة لي، وحاليًا لدى ١٥ كتابًا مترجمًا إلى اللغة الفرنسية، ومن بعدها بدأت حفاوة بالكتابات العربية حتى وصل حجم ترجمة الروايات العربية إلى مئات، حتى أن بعض الأسماء المترجمة من الأجيال الجديدة.
■ البعض يرى أن هذا الرواج أضر بالأدب العربي، ودفع بالبعض إلى اللهاث وراء الاعتراف الغربي بكتاباتهم؟ - الغرب به اتجاهان، أولهما يتعامل مع النص الأدبي الرفيع، وأشهد أن هناك حركة نقدية نشطة تستقبل النصوص الجيدة. وآخر يريد استخدام الأدب كوسيلة للتلصص على المجتمعات العربية، وهذه رؤية استشراقية موروثة من أيام الاستشراق الاستعماري الذي تحدث عنه إدوارد سعيد. وفى المقابل صار هناك تيار فى الأدب العربي يدس موضوعات بعينها فى رواياته حتى تترجم، بالطبع يكون ذلك مكشوفاً لنا نحن أهل الصنعة، وهنا تكمن الأزمة، فأخطر ما يهدد الكاتب هو تقديم تنازلات لأجل الشيوع والترجمة. يتضح ذلك بشكل كبير فيما يتعلق بالأدب السعودي على سبيل المثال، ففي الأعوام الماضية خرجت رواية «بنات الرياض» لرجاء الصانع، وهى رواية متواضعة فنيًا، لكنها وصلت لأن تكون أكثر مبيعًا وترجمت في أهم سلسلة أدبية بالعالم «بنجوين». على الرغم من أنه هناك أدب أرقى فى السعودية لم يحظ بحقه من الرواج.
■ هل أثر اختلاف المعيار على رغبتك فى الانتشار غربًا؟ - عادة حين نفكر فى العالمية نعانى من حالة «حَوَل» فى اتجاه الغرب، رغم أن العالم أوسع بكثير، ولا يمكن أن أنكر أنني استفدت كثيرًا من انتشار كتاباتى فى الغرب. لكنى حين دعيت إلى الصين، وترجمت لي أربعة كتب، وزعت هذه الكتب مئات الآلاف من النسخ.
■ مؤخرًا للمرة الأولى قمت بتوقيع كتابك «رن» في مصر، تماشيًا مع طريقة دور النشر في الدعاية لكتبها، فهل ترى هذا الطقس إيجابي أم سلبي؟ - الحقيقة زاد الأمر على الحد، بمعنى أن هذه الحفلات كثرت وابتذلت، لكنها ليست مضرة للأدب، لأنها تساعد على ترويج الكتاب، وتقرب الكاتب من قراءه.
٦/ ٨/ ٢٠٠٩ الشرق الأوسط
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 للشاعر الأسوأ أدونيس
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: وليد شميط
كيف تفهم هذا الرجل؟ كيف تقرأ كلام شاعر يعتبر نفسه أعظم شاعر في الوجود؟ كيف لا يخجل مما يقول أو أنه لا يعي ما يقول؟ واحد يعتبر السياسة ابنة للثقافة ولا يفهم أن كلتيهما ابنتان للوعي وأن الوعي رهن الواقع، وكل شيء يتوقف عليه، واحد يعتبر العرب قطيعًا حضاريًا فيخلط بين الناس والحكام، واحد يعتبر نفسه منشقًا عن السائد وهو ابن السائد في الفعل والكلام عندما يجتر مقولات بائدة عن شعوب لا تبدع وأنظمة تقمع حتى النمل بكاريكاتورية يضحك عليها حكام هذه الأنظمة، وهي لهذا تدعوه "لسبها" وما الفائدة من سبها في وضع يراد للتغيير فيه أن يصبح ضربًا من الميتافيزيقيا، واحد يعطي معاوية مثلاً لحل مشاكل اليوم وأبا العلاء مثلاً لحل مسائل القصيدة، وواحد يكتب إلى أوباما بعد خطابه القاهري إلى المسلمين في لوموند –هاه هادي يا عمي لوموند!- هو وثلة من ممثلي براز الفكر السائد في الغرب (الطاهر بن جلون، محمود حسين، أمين معلوف اللي في كتاب ضخم عن جده رحمه الله وأسكنه فسيح جناته يريد فقط إثبات أنه كان ماسونيًا) ليطرح نفسه طرفًا في حوار يقول عنه حضاريًا عن البرابرة الذين هم نحن، وعينه التي أصيبت بالحول لشدة نظرها الجانبي الانتهازي ناحية ستوكهولم، وأخيرًا واحد يطرح نفسه اليوم كرسام تشكيلي –بالأحرى جامع قناني وعلب كبريت وورق تواليت يلصق بعضها ببعض- لأنه لم يحظ بما حظي به سان جون بيرس، ولم يستوح من استوحى قصائده في الرسم من كبار الرسامين أذكر منهم جورج براك في ديوان العصافير أهمهم... لنقرأ ما يقوله جائزة أفنان القاسم 2009 لأسوأ شاعر التي يستحقها عن جدارة.
وليد شميط: كلما تقدمت في العمر ازددتَ نشاطًا وحيوية وتمردًا…
أدونيس: شكرًا على هذا الشعور إزائي.
و. ش.: خلال فترة قصيرة نسبيًا صدر لك في باريس كتاب نظرة أورفيوس، وهو يتضمن حوارات طويلة أجرتها معك حورية عبد الواحد. وعرضت في غاليري باريسية معروفة بعضًا من أعمالك الفنية الكولاج التي تسميها رقائم. وبطلب من بلدية ميلانو كتبت مسرحية عن ميلانو تقدم حاليًا على أحد مسارح المدينة. وسافرت إلى براغ حيث مُنحت جائزة حرية التعبير. ولا تتعب من السفر. تتدخل في السياسة، وتتحدث عن الحضارة العربية المنقرضة فتثير كلامًا كثيرًا وردات فعل غاضبة. لماذا كل هذه الحركة؟ هل تشعر أن الوقت يمضي وأنك لم تقل كلمتك بعد؟
أدونيس: لا، ليس الموضوع أن الوقت يمضي، أو أنني لم أقل كلمتي بعد. في الواقع الوقت يمضي، والإنسان لا يقول كلمته نهائيًا. دائما لدى الإنسان ما يقوله. الموت وحده يحرم الإنسان من القول. لكن ليس هذا هو السبب في نشاطي وفي كلامي. السبب يعود إلى انخراطي في الحياة العربية، وإلى اهتمامي بمصير العرب الذين أنتمي إليهم، وإلى قلقي على هذا المصير. هذا ما يدعوني باستمرار إلى أن أقول شعوري إزاء الوضع العربي. ومع الأسف، فأنا بعد 50 سنة من النشاط في هذا الميدان، بشكل أو بآخر، وعلى مستويات متعددة، أزداد يقينًا بأن العرب، كطاقة خلاقة تعمل على بناء مجتمع جديد وعلى المشاركة في بناء العالم وفي التخطيط لمستقبل بشري أكثر جمالاً، على هذا المستوى، غير موجودين. وبهذا المعنى أقول إن الطاقة الخلاقة عند العرب غير موجودة. وبهذا المعنى فهم منقرضون.
و. ش.: سنتحدث حول هذا الموضوع، ولكن قبل ذلك اسمح لي أن أطرح عليك سؤالاً: كنت أنت نفسك طرحته عام 1998 على الفنان السوري الراحل فاتح المدرس: هل تعتقد أن الشيخوخة نوع من العودة إلى النبع، إلى الطفولة؟ علمًا بأن النشاط عندك لم يتضاءل ولم يخف. بل بالعكس.
أدونيس: الطفولة، كظاهرة ولادة ونمو وكظاهرة حياتية، يستحيل العودة إليها. ليس هذا هو المقصود من الكلام عن الطفولة والعودة إليها، وإنما المقصود من الكلام عن الطفولة والعودة إليها هي بوصفها رمزًا لمواجهة العالم للمرة الأولى ولدور الطهارة والبكارة ولخلو العقل من الأفكار المسبقة وللانفتاح الكلي والعقلي على العالم. إذن الطفولة هي البداية الدائمة وأنا أستخدمها كرمز. والشيخوخة، بهذا المعنى، الشيخوخة الخلاقة هي الطفولة. المسألة إذن ليست مسألة عودة. فالخلاق طفل دائم.
و. ش.: لنأخذ مثلاً، أعمال الكولاج التي تسميها رقائم التي تعمل عليها منذ فترة ليست بعيدة على ما أعتقد، إلى أين تعيدك هذه الرقائم؟
أدونيس: لهذه الرقائم قصة. لماذا هذه الرقائم؟ في هذا المكان الضيق حيث نحن الآن، أقرأ وأكتب، وأمر في لحظات لا أستطيع فيها أن أقرأ ولا أن أكتب. أقف هكذا من دون عمل، لكن أصغي إلى الموسيقى. وبما أنني صادقت أهم الفنانين العرب وكتبت عن عدد كبير منهم، وقد اكتسبت بالتالي معرفة فنية بإبداعاتهم تتجاوز حدود الصداقة، خطر لي، ومن دون تخطيط مسبق، أن أقوم بعمل ما في إطار تشكيلي. قلت في ذات نفسي إن هذا يمكن أن يفتح لي أفقًا آخر، وإنني بهذه الطريقة لا أضيع وقتي. وفعلا جربت، ولكني لا أستعمل الألوان الزيتية، وإنما أستعيض عنها بألوان أخرى موجودة سلفًا في أشياء صغيرة مهملة لا معنى لها، خرقة، حجرة، ورقة، وأقوم بتركيب ما بالإضافة إلى الخط. أنجزت بعض الأشياء على مدى سنة، ثم نظرت إلى ما قمت به ولم يعجبني، فرميت كل شيء في سلة المهملات. ثم قررت أن أتابع، وتابعت وأنجزت العديد من الرقائم من دون أن أريها لأحد. وذات يوم زارني هنا في المكتب صديق شاعر فرنسي ورأى بعض الأعمال. سألني عنها، فقلت له إنها لصديق فنان وضعها عندي. أبدى إعجابه بها وقال إنها جميلة وجديدة، وإنه يتمنى أن يتعرف على «صديقي الفنان». وبعد أيام قليلة اتصل بي وسألني عن «صديقي الفنان» الذي أراد أن يتعرف عليه، فقلت له: يا أخي أنا كنت أمزح. و«الفنان الصديق» هو أنا. فوجئ كثيرًا وقال إنها جديرة بأن تُعرض وإننا يجب أن نهيئ معرضًا. الحقيقة أنه شجعني كثيرًا. كما أنني وجدت أصداء إيجابية عند كل من رأى هذه الأعمال. وهكذا دخلت إلى هذا العالم. وقلت إن ما لا أستطيع أن أفصح عنه بالكلمات يمكن أن أعبر عنه بهذه التشكيلات أو بهذه الرقائم.
و. ش.: يعني بالإضافة إلى الشعر والفكر نحن أمام أدونيس فنانًا تشكيليًا… أدونيس: الحقيقة أنني لا أعتبر نفسي فنانًا تشكيليًا.
و. ش.: من يبدع مثل هذه الأعمال، ماذا تسميه؟
أدونيس: لا أعرف. أنا أقوم بأعمال هي بالنسبة لي تنويع على كتابتي الشعرية، لكنه تنويع بالأشياء المادية. أكتب كتابتي الشعرية بالكلمات، مع هذه الرقائم أحاول أن أكتب شعرًا بالأشياء ذاتها، ولذلك فإنني أسمي هذه الرقائم قصائد، لكن بلغة مادية، بلغة الأشياء ذاتها.
و. ش.: بالإضافة إلى الأشياء، تستعمل نصوصًا عربية قديمة شعرًا ونثرًا.
أدونيس: للشعراء العرب القدامى دين علي، ولهم دين علينا جميعًا، وعلي أن أفي بعضًا من هذا الدين بأن أحييهم وبأن أستخدم نصوصًا لهم في أعمال تشكيلية أقوم بها.
و. ش.: لماذا لا تستعمل نصوصًا لك في هذه الأعمال؟
أدونيس: هذه مسألة أخرى. فكرت بالأمر، غير أن استعمال نصوصي يفرض علي التزامًا أشد وأقوى بالعمل. وأعتقد أن هذا سيؤدي إلى تغيير شكل العمل وإلى تغيير علاقتي به. ربما أقوم بذلك، علمًا بأنني لجأت إلى نصوص لي في حيز الكتابة، أي في مخطوطات شعرية أنجزتها. لا أزال حتى الآن في حيز الكتب الخاصة بي، وإذا ما أردت الإقدام على استعمال نصوصي في الرقائم لا بد من دراسة الأمر إذ إن الموضوع سيأخذ بعدًا آخر.
و. ش.: نعود إلى كتابك الأخير نظرة أورفيوس. لماذا اخترت هذا العنوان؟ هل لأن أورفيوس، كما تقول، هو رمز الإنسان الذي يعبر الصعوبات ويتجاوزها؟ هل ترى نفسك في أسطورة أورفيوس؟
أدونيس: تقول الأسطورة إن أوريديس، حبيبة الشاعر والفنان اليوناني أورفيوس، ماتت وذهبت إلى العالم الآخر. كانوا يتخيلون أن العالم الآخر في أسفل الأرض وليس في السماء. أحب أورفيوس أن يرى حبيبته، فاشتُرط عليه، لكي يراها، أن لا ينظر إليها ثانية عندما يخرج. حتى لا تموت. فإذا ما أراد لها أن تبقى حية، عليه أن لا ينظر إليها وهو يغادر. ولكن أورفيوس لم يستطع إلا أن ينظر إليها. ترى هل أراد لها في أعماقه أن تموت؟ أم أن الحب كان قويًا إلى درجة أنه لم يتمكن إلا أن ينظر إليها؟ وبهذا فإن النظر إليها كان مفصلاً: إما أنه دليل المكبوت في نفسه وعلى أنه يريد أن يتخلص من المرأة التي يحب، أو على العكس فهو لم يستطع أن يترك العالم الآخر إلا بعد أن يراها. فنظر إليها وماتت. يحار المرء في تفسير هذه النظرة. وفي هذه الأسطورة ما يعبر عن حدث إزاء العالم الذي أعيش فيه: أحبه إلى درجة الموت، وأموت فيه إلى درجة الحب. نظرة أورفيوس يمكن أن تعبر عن وضعي الآن إزاء العالم العربي، إزاء الحضارة العربية والثقافة العربية. وقد تكون هذه الرمزية هي أعمق ما يمكن أن يعبر عن موقفي منها: موت إلى درجة الحب، وحب إلى درجة الموت.
و. ش.: هذه رمزية قوية جدًا. هل تشعر أنك بالفعل منشق عن الحضارة العربية وعن الثقافة العربية؟ وأنا أستعير هنا تعبير «أدونيس المنشق» من عنوان مقال طويل نشرته عنك صحيفة لوموند الفرنسية بمناسبة صدور نظرة أورفيوس.
أدونيس: بالتأكيد أنني منشق عن السائد، منشق عن المؤسسة السائدة، السياسية والاجتماعية، ومنشق عن الثقافة السائدة، لأن الثقافة السائدة هي وليدة المؤسسة السائدة. بهذا المعنى أنا منشق. لست منشقًا عن الحقيقة الأساسية القائمة وراء هذه المؤسسة ووراء هذه الثقافة، لأنه لا يمكن أخذ المجتمع ككل لا يتجزأ. المجتمع طبقات، وهناك طبقة عميقة في المجتمع أنتمي إليها هي الطبقة التي كانت في التاريخ العربي مهمشة أو منبوذة أو غير مقدرة، وهي أساسًا الطبقة التي صنعت الثقافة العربية والتاريخ العربي.
و. ش.: تعني بذلك طبقة المبدعين؟
أدونيس: طبقة المبدعين في مختلف المجالات، الذين رفضتهم إجمالاً المؤسسة السائدة والثقافة السائدة. فهذه المؤسسة رفضت المتصوفين، رفضت الفلاسفة، رفضت العلماء المبتكرين في جميع الميادين، ورفضت الشعراء الكبار الخلاقين مثل أبو العلاء المعري والمتنبي…
و. ش.: ولكن المتنبي، حتى لا نذكر غيره، كان على علاقة جيدة مع الحاكم، وبالتالي مع المؤسسة والسائد…
أدونيس: صحيح، ولكن إذا درسنا شعر المتنبي بالعمق نرى أنه لم يكن يوظف شعره في سبيل هذا الحاكم وإنما كان يوظف الحاكم في سبيل شعره. والفرق كبير. كان يستخدم كل شيء من أجل شعره.
و. ش.: هذه عبقرية المتنبي، ولكنه لم يقطع مع الحاكم.
أدونيس: لم يقطع مع السائد، والسائد بالطبع هو الحاكم. مرة سألت جان جينيه وقلت له: «جان، أنت، من حيث حياتك الشخصية وتجربتك، يجب أن تكون من جهة سيلين، يعني من جهة الأشخاص الذين يكتبون لغة قريبة من الناس العاديين، حتى لا أقول عامية دارجة، كما كتب سيلين. بينما أنت، بالعكس تمامًا، كتبت بأرقى لغة يكتب بها الفرنسيون، لغة مالارميه. كيف يمكن أن تكون أنت من جهة مالارميه وليس من جهة الأشخاص الشعبيين العاديين وأنت تتحدث عن الحياة التي عشتها؟» فأجابني: «هذه نقطة مهمة. أنا تعمدت الكتابة بلغة مالارميه، لأن لغة مالارميه تفهمها الطبقة التي أريد أن أهدمها. كتبت بهذه اللغة كي أهدم البرجوازية الفرنسية، بينما لو كتبت بلغة سيلين لكانوا همشوني ونبذوني».
و. ش.: في قصيدتك الأخيرة جذر السوسن، تقول: «لا تقدر القصيدة أن تقف على الورق لكي تحيي حلبجة، لتقف إذن على جبين العالم. وتسأل: الكردي مبعثر في الآخر (…) ولكن أليس نفي الآخر نفيا للذات؟ أليس هذا النفي شكلاً آخر للموت؟» كلام كثير يقال في العالم العربي حول التسامح وقبول الآخر. أين نحن من العلاقة بالآخر؟
أدونيس: ثمة ظاهرة عند العرب إزاء الآخر. الآخر ليس موجودًا، وهذا ما يثبته تاريخنا، إلا في حالتين: إما أن يُعرّب داخل المجتمع، أو نسيطر عليه ونهيمن عليه كآخر كافر. وهذا ما ابتعناه على مدى التاريخ. نريد أن نعرّب المسيحي والكردي وكل أقلوي، على كل المستويات. فالتعريب ليس على مستوى اللغة فقط. نريد أن نعرّب أفكاره لكي تصير مثل أفكارنا، وأن نوحد عقيدته مع عقيدتنا إلى درجة لا نترك له معها حرية المعتقد. فإذا كانت حرية المعتقد غير مقبولة، فما بالك بحرية التكلم بلغة مختلفة، أو بحرية تكوين مؤسسة تلبي حاجاته هو كشخص ينتمي إلى أصول تاريخية غير عربية. عندنا هذه النزعة التوحيدية، نزعة الصهر، صهر الآخر بحيث يذوب في العروبة.
و. ش.: ولكن لا يمكن أن ننسى أن الحضارة العربية-الإسلامية نجحت في التعامل مع الآخر، مع حضارات ولغات متعددة عبر التاريخ.
أدونيس: مثلاً؟
و. ش.: مثلاً الحضارة الفارسية، الحضارة البيزنطية، وغيرها. هذه الحضارات موجودة، بشكل أو بآخر، في الحضارة العربية.
أدونيس: صحيح. حيث كانت السياسة مرتاحة، والخليفة واسع النظر، كان ينفتح على الآخر. المسألة كانت مسألة أشخاص، لم تكن سياسة عامة مبدئية قائمة في صلب الرؤية السياسية العربية. لذلك رأينا، مثلاً، فترات جرى فيها اضطهاد الفرس باعتبارهم شعوبيين وفترات حوربت خلالها الفلسفة باعتبارها يونانية غير عربية، وهناك فترات استفاد خلالها العرب من الأشياء الموجودة، كما استفاد معاوية من كل التراث البيزنطي في تأسيس الدولة الأموية. إذن المسألة مسألة أشخاص. لم تكن هناك سياسة دولة متواصلة تقوم على معرفة وعلى حرية، كما كان الأمر مع المأمون. المأمون أمر بالترجمة، بينما آخرون حاربوا فكر الآخر.
و. ش.: هذا جانب تعاني منه الحضارة الغربية أيضًا. حتى الأمس القريب كان الغربيون ينفون أو لا يعترفون بإسهام الحضارة العربية في حضارتهم.
أدونيس: أعتقد أن الاعتراف بإسهام الحضارة العربية صار أمرًا واقعًا في الغرب. جميعهم يعترفون بابن سينا، بابن الهيثم، بابن رشد. ابن رشد حي في الغرب أكثر مما هو حي عند العرب. نحن أخذنا ابن رشد من الغرب، وكذلك ابن خلدون. أمس، كنا ضد ابن خلدون. كان تدريس ابن خلدون عند العرب ممنوعًا. عندما بدأ الغربيون يهتمون بابن خلدون ويكتبون عنه، خجلنا وصرنا نهتم بابن خلدون ونحكي عنه.
المهم في العلاقة بالآخر، في العلاقة بالثقافة، هو أن تكون هناك سياسة واضحة لدى الدولة، بصفتها دولة، وبصرف النظر عن الحاكم. يجب أن لا تكون الثقافة، والعلاقة بالآخر، منوطة بأخلاق الحاكم وبشخصيته، بحيث يكون هذا الحاكم منفتحًا يحب الحكمة والترجمة مثل المأمون، مثلاً، أو ذاك الحاكم لا يحب الأجانب ولا يحب الترجمة… هذا أمر آخر.
و. ش.: شاركت مع طاهر بن جلون ومحمود حسين وأمين معلوف في نشر مقال أو موقف في صحيفة لوموند عبرتم فيه عن التفاؤل بالخطاب الذي وجهه الرئيس الأمريكي أوباما إلى المسلمين، واعتبرتم أنه صوت نادر وغير متوقع.
أدونيس: قمنا بذلك على أساس أن يكون للعرب مستوى في الحوار وفي الجدال بينهم وبين أوباما، لا أن يكونوا مختلفين في ما بينهم. القضية الفلسطينية قضية عربية وبالتالي يجب أن يكون الصوت العربي موحدًا. لذلك نحن اعتمدنا أن يكون هناك صوت عربي موحد مقابل الصوت الأمريكي ومقابل الصوت الإسرائيلي. وإذا كان هناك صوت عربي، معنى ذلك أن هناك حوارًا. والحوار لا يعني القبول والخضوع والرجاء. لا بد من أن يتخذ العرب موقفًا، أن يقولوا بإعادة النظر بسياستهم تجاه إسرائيل، بإعادة النظر بالموقف من السلام… المهم أن لا ينتظروا من أوباما أن يحل المشاكل. أوباما وحده لا يحل المشاكل. يمكن لأوباما أن يحل المشاكل بناء على الحوار مع الطرفين. المهم أن يكون للعرب وجودهم وأن يستخدموا هذا الوجود على الأقل لحل مشكلة تقتلهم يوميًا. منذ أكثر من نصف قرن والمشكلة الفلسطينية تنخر في الجسم العربي وتدمره على جميع المستويات. لذلك يجب، على الأقل، أن يدركوا أن المشكلة الفلسطينية ليست محصورة بالنظام فحسب، هي مشكلة عربية بالمعنى الثقافي، التاريخي، الاجتماعي، تتخطى الأنظمة. لذا يجب أن يكون لهذه الأنظمة رؤية تاريخية تتجاوز حدودها الضيقة كأنظمة.
و. ش.: تقول إن المشكلة الفلسطينية هي أيضًا «مشكلة عربية بالمعنى الثقافي» ماذا تعني بذلك؟
أدونيس: المسألة الثقافية ليست مسألة فردية. هي مسألة رؤية. السياسي جزء من الثقافي، وليس العكس. العرب يتصرفون على أساس أن السياسي هو كل شيء، وأن الثقافة والفن والعلم والجيش تابع للسياسي. وهذه من الأخطاء الكبرى التي تؤكد أن النظام العربي يفتقر إلى أي رؤية خارج حدوده المصلحية وخارج حدود البقاء في الحكم مهما كلف هذا البقاء. وهذا مما يتيح القول إن الثقافة العربية السائدة ليست ظاهرة بحث وتساؤل ونقد، بقدر ما هي ظاهرة سيكولوجية. ولهذا حديث طويل.
و. ش.: بهذا المعنى تريد أن تقول إن السياسة جزء من الثقافة؟
أدونيس: يجب أن تكون جزءًا من الثقافة. وعلينا نحن أن نسعى باستمرار إلى إقناع العرب بأن تغيير الأنظمة لا يؤدي بالضرورة إلى تغيير المجتمعات. تغيير المجتمع يقتضي تغيير بنياته التربوية والسياسية والثقافية والاجتماعية. وبخلاف ذلك لا يمكن أن يتغير أي شيء على الإطلاق. والدليل على ذلك أن الأنظمة عندنا تتغير منذ 50 سنة، ومع ذلك فالأحوال تزداد سوءا. ازددنا فقرًا، وازددنا جهلاً، وازددنا تخلفًا، وازددنا تأزمًا اقتصاديًا، في ظل أنظمة زعمت أنها أكثر تقدمًا وأكثر تحررًا من الأنظمة التي ثارت عليها. لماذا؟ لأن البنية نفسها لم تتغير.
و. ش.: من هذا المنطلق، كيف تنظر إلى دور المثقف؟
أدونيس: دور المثقف هو أن يقول هذا الكلام، وأن يعمقه باستمرار، وأن لا يسمح لنفسه بأن يكون موظفًا لدى السياسي. لا يمكن للمثقف أن يقاطع المؤسسات الثقافية. فهو يعمل في الصحافة وفي التربية والتعليم وفي دوائر الدولة. وهذا من حقه. ولكن ليس من حقه أن يوظف فكره من أجل خدمة نظام. فدور الثقافة هنا، في هذا الإطار، هو إعادة النظر والنقد بحيث تكون السياسة جزءًا من الثقافة وليس العكس.
و. ش.: أنت كثيرًا ما تنتقد من تسميهم «مثقفو الأفكار الجاهزة والمعلبة». إلى أي حد يقوم المثقف العربي بالدور الذي تتحدث عنه؟
أدونيس: المثقف العربي لا يقوم بدوره النقدي الخلاق. المثقف العربي عنصر تمويهي لكل ما هو أساسي في المجتمع العربي. يموه المسألة الدينية، يموه المسألة الجنسية، ويموه المسألة السياسية.
و. ش.: بمعنى أنه يخضع للممنوعات؟
أدونيس: يخضع للسياسة المتبعة في جعل كل شيء تابعًا للسياسي. جعل كل شيء جزءًا من السياسي. وهذا ما يجعل من معظم العرب مثقفين موظفين. هذا جانب، والجانب الآخر هو أنه لكي يكون للمثقف دور في المجتمع يجب أن يكون المجتمع نفسه مؤمنًا بأن الثقافة تشكل جزءًا عضويًا وأساسيًا من حياته، بحيث يكون المثقفون المتفاوتون والمختلفون والمتناقضون في آرائهم وحدة لا تتجزأ على الصعيد الاجتماعي. بمعنى أنهم ينتمون إلى نسيج اجتماعي واحد مهما اختلفوا في الرأي. لهم الحقوق نفسها في إبداء الرأي والتعبير والظهور على شاشة التلفزيون. أكثر من 95 في المائة من الفرنسيين يقفون ضد السياسي اليميني المتطرف جان ماري لوبان، ولكن هذا لا يمنع لوبان، خلال الحملات الانتخابية، من التمتع بالحقوق نفسها التي يتمتع بها أي سياسي فرنسي آخر. وهذا ما يجب أن يكون عليه الأمر عندنا أيضًا، وليس كما تجري الأمور حاليًا حيث تُعتبر الدولة كلها ملكًا للنظام. وإذا لم تقف مع النظام القائم فلا حقوق لك.
و. ش.: من دون أن ننسى التجربة الديمقراطية اللافتة في الكويت وفي لبنان التي ظهرت بوضوح في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
أدونيس: لبنان استثناء ولكنه لا يلغي القاعدة. وهو استثناء بالمعنى السلبي وليس بالمعنى الإيجابي، لأن وضعه الطائفي المرضي هو الذي يعطيه الصحة قياسًا إلى الداء الذي يهيمن على العرب.
و. ش.: في زيارتك إلى كردستان العراق قلت كلامًا استفز الكثيرين في العالم العربي، وخصوصًا حديثك عن «انقراض الحضارة العربية». وعلى الرغم من أنك شرحت موقفك وقلت إنك لم تقصد من «الانقراض» انقراض العرب بوصفهم أعدادًا بشرية وإنما بوصفهم طاقة تسير في موكب الإنسانية الخلاقة. قد يتفق البعض معك في ما تذهب إليه من أن العرب يعانون من كبوة حضارية كبيرة ومن تخلف… ولكنهم يقفون عند أسلوبك في استفزاز الآخرين.
أدونيس: جيد، المسألة إذن استفزازية وليست مسألة ثقافية. مسألة مزاج. وهم، مزاجيًا، يرون في هذا استفزازًا. المسألة مسألة أسلوب. إذا كانوا موافقين على المضمون فلا بأس من أن يُستفزوا. ولكني أعتقد أنه لا يمكن لأحد أن يجادل في أن العرب، كطاقة خلاقة، غير موجودين على خارطة العالم.
و. ش.: هناك شبه إجماع لدى المثقفين العرب حول هذه المسألة.
أدونيس: هذا يكفيني. يمكن أن أتراجع عن هذا الأسلوب أو أن أعتذر عن الاستفزاز. ليس هذا هو الأمر المهم.
و. ش.: على كل حال المستاءون والمستفزون لم يقصروا في الرد عليك بعنف. فأنت عند البعض مستغرب، متفرنس، «عنصري»، ضد الحضارة العربية، تعيش على هامش هذه الحضارة… وهناك من وصفك بـ«النخاس»…
أدونيس: النخاس قصة ثانية. الشاعر سعدي يوسف أعتقد أنني نظمت مؤتمرًا في دبي ولم أوجه له دعوة للمشاركة فيه، علمًا بأنني أنا شخصيًا لم أشارك في هذا المؤتمر ولم تكن لي أي علاقة به. لاحقا كتب اعتذارًا. لا أعرف لماذا غضب لأنهم لم يوجهوا له دعوة لحضور المؤتمر. كان سبق له أن شتمهم. تشتمهم وتريد أن يوجهوا لك دعوة! و. ش.: أنت تنتقد البنية السياسية والاجتماعية والثقافية العربية بقسوة، ومع ذلك تذهب إلى كل الأماكن…
أدونيس: طبعًا، أذهب لكي أسمعهم أفكاري في المؤتمرات والندوات وعلى شاشات التلفزيون. أنا أعبر عن أفكاري باستمرار وفي كل مكان. أتحدى من يقول لي إنني وُظفت للحظة أو ليوم واحد عند أي دولة عربية أو نظام عربي. أنا أذهب إلى الأنظمة العربية لكي أعبر عن الأفكار التي أقولها هنا في باريس. أحرص على أن أذهب وأقول أفكاري في بيوتهم. وإذا ما اختاروا عدم استقبالي، فأنا لست خاسرًا. قل كلمتك. ولكن إياك أن تترك لهم أن يوظفوك!
الشرق الأوسط 13 سبتمبر 2009
حوار مع جائزة أفنان القاسم 2009 للمغني الأسوأ علي عبد الله صالح
قدم للحوار: د. أفنان القاسم
أجرى الحوار: د. أفنان القاسم
كنت في اليمن زائرًا بعد زمن قليل من تبوء علي عبد الله صالح عرش اليمن التعيس الشمالي، كان شابًا يتغزل الخصيان بجماله، وكان وزراؤه الذين هم على صورته ينسون مفاتيح وزاراتهم أين وضعوها بعد جلسة قات تقرع فيها كؤوس الكوكا كولا لمضاعفة مفعول "الحشيشة" الإمامية، فيضطرون في اليوم التالي إلى كسر أقفالها، ولكثرة ما تكرر الأمر، طلب منهم رئيسهم أن يتركوها مفتوحة، فلا شيء فيها يستحق المقامرة، ولا سر لها يدفع إلى المغامرة، وعلى أي حال أسرار البلاد كلها معروفة للقاصي والداني، والقات لا سر لديه، والسر الوحيد الذي كان يتجاوز كل أسرار الدولة الحربية إذ أن حروب القبائل لم تتوقف يومًا واحدًا منذ الانقلاب على الإمام الوحيد أيضًا الذي حال دونها لهيبته وهيبة نسائه الحاكمات الحقيقيات لليمن في عهده وسيدات الوضع السياسي والرجولي على الرغم من كل ما يقال في المرأة اليمينة المهضومة حقوقها، السر الوحيد هو غناء علي عبد الله صالح كلما ضرب القات وتره تحت خده المنتفخ ككرة من المطاط، وكانت قراراته المصيرية تتم في تلك اللحظة على شكل ترانيم أو مزامير إن شئت تضاهي ترانيم ومزامير داوود في سوئها، لهذا خسر اليمن كل ما في اليمن من أمر حسن على الجبهتين العسكرية والاقتصادية، وهو ما استطاع التغلب على "المحششين" الحمر حكام الجنوب إلا لأنهم يزمرون ويترنمون أسوأ منه، هذا إذا ما تركنا جانبًا أرباب التحشيش في العالم الذين هم الأمريكان، والذين ساندوه ووقفوا معه. ولما كنت في إحدى المكتبات، وأعتقد أنها المكتبة الوحيدة في صنعاء، وأردت شراء بعض الكتب، رفض صاحبها أن يأخذ مني ثمنها، أشار إلى شخص كان ينظر إليّ ويبتسم أسمر يضع على عينيه نظارات بنية ضخمة، وقال لي كل الكتب التي اخترتها هدية منه، فهو قد سمع اسمي، وصاحبي يقدمني لصاحب المكتبة، وخلال الفترة التي فحصت فيها ما أردته من كتب كان قد تفاهم معه على كل شيء. عندما ذهبت إليه لأشكره وأتعرف عليه قدم لي نفسه وزيرًا للثقافة، طلب عنوان من أنزل عنده ضيفًا، ووعد بالمجيء لاصطحابي إلى جلسة قات مع رئيس الجمهورية، وبالفعل جاء وزير الثقافة كما وعد، فكان اللقاء مع علي عبد الله صالح في بيته المتواضع آنذاك قبل أن ينهب اليمن، ورب اليمن، وكل ما فيه، وكان هذا الحوار...
بعد مضغ وتخزين كميات كبيرة من القات وشرب كؤوس كثيرة من الكوكا كولا بدأ علي عبد الله صالح يغني ومن كان معنا من قادة ووزراء يدونون وكأن ما يقوله من فعل وحي نزل عليه من السماء...
* صوتك جميل سيادة الرئيس!
(لم يجب كان مندمجًا)
* سيادة الرئيس من أين لك هذه الموهبة؟
(لم يجب مال على جنبه وتوقف عن الغناء بينما سارع من هم معنا لتعميم الأوامر والقرارات)
* سيادة الرئيس هذه طريقة فريدة في الحكم.
(لم يجب فاعتقدت أنه نام لكن وزير الثقافة أشار لي بيده أن أتمهل وبعد مضي عشر دقائق أو أكثر عاد علي عبد الله صالح إلى الغناء أريد القول إلى العواء فكم كان صوته بشعًا)
* سيادة الرئيس يعشق الطرب في عالم السياسة كيف تفسرون ذلك؟
(ابتسم واستمر في العواء تارة والنهيق تارة... لاحظت وزير الدفاع يأتي مسرعًا مبتسمًا ويهمس في أذن علي عبد الله صالح وهذا يداوم على الغناء ويبتسم)
* سيادة الرئيس لا بد أن هناك خبرًا سعيدًا لليمن السعيد.
(أجاب وزير الدفاع عنه)
. استطعنا إلحاق هزيمة مريرة بالعدو الداخلي.
* أي عدو؟ القبائل المعارِضة؟
(وإذا بالرئيس اليمني يردد على نغمات: لا لا لا... لا تكذبي!)
* عفوًا سيادة الرئيس؟
( أشار إلى وزير حربه أن يقول لي وهو يردد "لا لا لا..." دون كلل وعلى نغمات... قال وزير الحرب اليمني)
. بل المعارَضة على شتى أنواعها وخاصة رموزها في الخارج الذين تمت تصفيتهم واحدًا واحدًا وكل ذلك بوحي من غناء الرئيس وإلهامه.
(وعلي عبد الله صالح قد أخذ يولول بدل أن يزغرد)
* لماذا كل هذا الصراخ المأتمي سيادة الرئيس في لحظة انتصار لكم ولنظامكم كهذه؟
(توقف عن الولولة فجأة وأشار بيده إلى ضمة القات الضخمة التي لاكها وهمهم)
. كانت ألذ ضمة قات مضغتها منذ زمن بعيد وأنا أبكي وأنوح عليها وعلى اليمن السعيد.
(وعاد إلى الولولة واللطم والترداد: لا لا لا... لا تنتهي!)
فهرس
تحية كاريوكا عبد الحليم حافظ أم كلثوم انتصار الوزير جورج بهجوري سميح القاسم سعاد الصباح جاك خزمو نبيل درويش ريموندا الطويل ندى خزمو محمد حسنين هيكل سوزان مبارك عزمي بشارة محمد جمال مبارك فيصل دراج جمال الغيطاني أدونيس على عبد الله صالح
أعمال أفنان القاسم
المجموعات القصصية
1) الأعشاش المهدومة 1969 2) الذئاب والزيتون 1974 3) الاغتراب 1976 4) حلمحقيقي 1981 5) كتب وأسفار 1988 6) الخيول حزينة دومًا 1995
الأعمال الروائية
7) الكناري 1967 8) القمر الهاتك 1969 9) اسكندر الجفناوي 1970 10) العجوز 1971 11) النقيض 1972 12) الباشا 1973 13) الشوارع 1974 14) المسار 1975 15) العصافير لا تموت من الجليد 1978 16) مدام حرب 1979 17) تراجيديات 1987 18) موسى وجولييت 1990 19) أربعون يومًا بانتظار الرئيس 1991 20) لؤلؤة الاسكندرية 1993 21) شارع الغاردنز 1994 22) باريس 1994 23) مدام ميرابيل 1995 24) الحياة والمغامرات الغريبة لجون روبنسون 1995 25) أبو بكر الآشي 1996 26) ماري تذهب إلى حي بيلفيل 1999 27) بيروت تل أبيب 2000 28) بستان الشلالات 2001 29) فندق شارون 2003 30) عساكر 2003 31) وصول غودو 2010 32) الشيخ والحاسوب 2011 33) تراجيديا النعامة 2011 34) ستوكهولم 2012 35) شيطان طرابلس 2012 36) قصر رغدان 2012 37) زرافة دمشق 2012
الأعمال المسرحية النثرية
38) مأساة الثريا 1976 39) سقوط جوبتر 1977 40) ابنة روما 1978
الأعمال الشعرية
41) أنفاس (مجموعة قصائد أولى – ثلاثة أجزاء) 1966 42) العاصيات (مسرحية شعرية) 1967 43) المواطئ المحرمة (مسرحية شعرية) 1968 44) فلسطين الشر (مسرحية شعرية) 2001 45) الأخرق (مسرحية شعرية) 2002 46) غرافيتي (مجموعة قصائد فرنسية) 2009 47) غرب (ملحمة فرنسية) 2010 48) البرابرة (مجموعة قصائد أخيرة) 2008 – 2010
الدراسات
49) البنية الروائية لمصير الشعب الفلسطيني عند غسان كنفاني 1975 50) البطل السلبي في القصة العربية المعاصرة عبد الرحمن مجيد الربيعي نموذجًا (جزءان) 1983 51) موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح 1984 52) البنية الشعرية والبنية الملحمية عند محمود درويش 1984 53) نصوص خاضعة للبنيوية 1985 – 1995 54) دفاعًا عن الشعب الفلسطيني 2004 55) خطتي للسلام 2004 56) شعراء الانحطاط الجميل 2007 – 2008 57) نحو مؤتمر بال فلسطيني وحوارات مع أفنان القاسم 2009 58) حوارات بالقوة أو بالفعل 2007 – 2010 59) الله وليس القرآن 2008 - 2012 60) نافذة على الحدث 2008 - 2012
[email protected]
تحية كاريوكا. عبد الحليم حافظ. أم كلثوم. انتصار الوزير. جورج بهجوري. سميح القاسم. سعاد الصباح. جاك خزمو. نبيل درويش. ريموندا الطويل. ندى خزمو. محمد حسنين هيكل. سوزان مبارك. عزمي بشارة. محمد جمال مبارك. فيصل دراج. جمال الغيطاني. أدونيس. على عبد الله صالح.
* أفنان القاسم من مواليد يافا 1944 عائلته من برقة قضاء نابلس له خمسون عملاً بين رواية ومجموعة قصصية ومسرحية ومجموعة شعرية ودراسة أدبية أو سياسية تم نشر معظمها في عواصم العالم العربي وتُرجم منها اثنان وثلاثون كتابًا إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والروسية والعبرية، دكتور دولة ودكتور حلقة ثالثة من جامعة السوربون ودكتور فخري من جامعة برلين، أستاذ متقاعد عمل سابقًا في جامعة السوربون ومعهد العلوم السياسية في باريس والمدرسة المركزية الفرنسية وجامعة مراكش وجامعة الزيتونة في عمان والجامعة الأردنية، تُدرّس بعض أعماله في إفريقيا السوداء وفي الكيبيك وفي إسبانيا وفي فرنسا...
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دمشق كروما فاشية فأينهم مقاتلو الظل؟
-
الله وليس القرآن الأعمال الكاملة
-
الجنس والله
-
الكون لم يخلقه الله
-
الإسلام دراسة أعراضية
-
فولتير والمثقفون العرب
-
ردًا على سامي أبي الذيب الله وليس القرآن
-
شعراء الانحطاط الجميل
-
البؤساء فكتور هيغو الجزء الأول
-
شيطان طرابلس
-
ستوكهولم
-
تراجيديا النعامة
-
الشيخ والحاسوب
-
وصول غودو
-
مؤتمر بال الفلسطيني وحوارات مع أفنان القاسم في كتاب
-
أمين القاسم الأيام الفلسطينية
-
خطتي للسلام الاتحاد بين الفلسطينيين والإسرائيليين
-
البنية الشعرية والبنية الملحمية عند محمود درويش
-
المسار أضخم رواية في الأدب العربي القسم الثالث
-
المسار أضخم رواية في الأدب العربي القسم الثاني
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|