نعمة ياسين كظ
الحوار المتمدن-العدد: 3766 - 2012 / 6 / 22 - 23:37
المحور:
الادب والفن
التحقيق
فتح الاضبارة واعاد قراءتها للمرة الثالثة او الرابعة انها التهمة الموجهة الى فلان ....فهو في ندوة عامة شتم السيد فلان ....... وتطاول على بعض الافكار (المقدسة) …امر بادخال المتهم فيما كانت عيناه مسمرتين على الاضبارة الموضوعة على المنضدة الفخمة التي يجلس خلفها على كرسي دوار من الجلد الاسود حيث بدا للمتهم انه صغير جدا امام فخامة هذا المكتب .... رفع المحقق رأسه ونظر اليه بعد ان عدل جلسته واتكأ على ظهر الكرسي رافعا بصره فاحس ان المتهم اطول مما كان يعرفه سابقا رجل نحيل الجسم مبتسم الوجه ملابسه انيقة بربطة عنق حمراء لم يبدو عليه اية علامة ارتباك ملتزم الصمت لكن المحقق يعرف انه يسهب في الكلام عندما يطلب منه ذلك وفي كلامه قوة وتاثير سحريتين يهابهما المحقق... وكما هي العادة سأل المحقق:
- ما هو اسمك؟
- الاسم هو المثبت في البطاقة التي تمسكها بيدك .... فهو ليس لي بل للشخص الذي اختاره واجبرني بطريقة او اخرى على حمله ... وحتى لا اهمله او انساه طبعه على هذه الورقة التي بين اصابعك وشددوا علي ان لا اهملها او اتلفها ... فهي الاخرى ليست لي بل لهم ... او قل لكم انتم .. لا فرق .. كذلك فقد ثبتوا عليها اشياء اخرى لم اختر واحدة منها ... تصور اني لم اطلب ان يكون ابي وامي هم هؤلاء ولم احدد يوم وتاريخ ومكان ولادتي وكذلك لغتي وقوميتي وديني .... فان كانت هناك عيوب في أي منها فليس الذنب ذنبي وانما هو ذنبهم او ذنبكم انتم ... كثير من المرات حاولت استبدالها او التخلص منها دون جدوى فهي ثقيلة جدا عندما اضعها بين طيات ملابسي فلو ترحمت علي وتوافق على استبدالها.......
قاطعه المحقق بلهجة قوية امرة
- انا طلبت اسمك فقط ولا اريد ان اسمع محاضرة
- نعم ولكن لابد ان اوضح لك الحقائق المتعلقة بـ ....
- لا يعنيني هذا الامر انا اريد اسمك فقط !1
- ولكن الامر ذو اهمية كبيرة عندي يرتبط بـ ....
- نعم ..نعم .. كفى ... اذن اسمك هو المثبت على بطاقتك !!
- انها ليست بطاقتي ! دعني اعيد ماذكرته لك
- كفى ... لايهم ... لقد عرفت وتابع : انك شتمت السيد فلانا ... وتطاولت على افكارا امن بها اجدادنا واباءنا وها نحن على طريقهم سائرون...
من الامور التي تزعجه كثيرا ان يفهم ما يقول عكس الذي يقصده او تؤول كلماته عن قصد او بدون قصد ولذلك فقد رد على المحقق بلهجة غاضبة :
- هذا غير صحيح لانه ليس من طبيعتي ولا من افكاري واخلاقي ان اشتم احدا بل انا اقرأ او اسمع ثم احلل فاؤيد ما اراه صحيحا وانتقد الخاطيء وارفض ما اره ضارا او مؤذيا ... وبهذا قد اكون انا على خطا فينتقدني اخر وانا ارحب بذلك واتفاعل معه سلبا او ايجابا ....... انا لا اعرف سيد فلانا هذا ولم اره او اسمعه يوما وحتى اني لم ار صورته في يوم من الايام ولكن وكما تعرف فانا يستهويني البحث بين طيات الورق واثناء تصفحي احد الكتب وجدت كلاما في ظاهره جميلا وباطنه يخفي الكثير مم يجلب المزيد من الالم للكثيرين فحاولت تبصيرهم من مخاطره واسميته عسلا مدافا بالسم ولم افعل غير حقي فان الكلام موجود في كتاب اشتريته من اموالي الخاصة والتي احصل عليها نتيجة لعملي وتعبي وعرقي . فحين دفعت مبالغه نقدا فقد اصبح ملكي اعمل به ما اشاء احرقه او ارميه في البحر اليس هذا من حقي وهو من قوانينكم فان كان فلان حريصا على كتبه واقواله فليبقها في صندوق ويقفل عليها وليس بيعها .......
قاطعه المحقق بلهجة استهجان:
- ها انت تؤكد انك قلت هذا الكلام ونحن نعرف ان فلانا لا يمكن ان يقول كلاما مسموما...
- انا لا يهمني من كان القائل انا اتعامل مع الحروف والكلمات فقط لا ابحث عن كيان الشخص او ابعاده فليكن قصيرا او طويلا اسودا او ابيضا امراة او رجلا وانما ابحث عن الافكار فانا ليس من جماعة انا افكر اذن انا موجود فالكل موجودون بكياناتهم الشخصية سواء فكروا ام لم يفكروا انا تعنيني الفكرة التي تخرج من راس الشخص فهي تؤثر بي سلبا او ايجابا ها انت قبالتي لا يهمني جسدك وعضلاتك القوية والملابس الانيقة التي ترتديها والنجوم الذهبية التي تلمع على كتفيك بل تفكيرك فاذا فكرت بايذائي او ضربي او سجني وتقرر التنفيذ عندها يحدث الاثر.... فانا رفضت الكلام ونبهت الى مخاطره فربما افترى عليه احدهم ووضع اسمه على هذا الكلام المسموم او حرفوا ما قاله لينالو منه فعليه الان ان يشكرني فقد كشفت له ذلك قبل غيري
تجنب المحقق الاطالة في الكلام فهو يعرف انه لايستطيع ان يؤكد الكلام هو للسيد فلان فعليه ان يثبت انه خال من السم , وهو يعرف مقدرة المتهم على تقديم الحجج والبراهين التي تثبت ما يريد ....
- الا تريد توكيل شخص مطلع بالقانون ؟
- اه ... مرة اخرا تريدون مصادرتي .... كيف اتقبل ان شخصا اخر يتكلم بما اريد انا .... هذا الشخص يعرف موادا مكتوبة على ورق وضعتوها انتم واسميتموها قوانين لتخدم مصالحكم ولا يهم ان تؤذي الاخرين وهذا ما تم مناقشته في الندوة تلك والتي اسميتها تطاولا على افكاركم ... اما انا فاعرف ما الحق والباطل , العدالة والظلم , الحرية والعبودية , ......لقد وجدت في تلك القوانين او الافكار نعيما للقلة وظلما للكثرة حتى وان صبغتوها بالقدسية اليست العدالة هي المقدسة فعلا فنحن لا نريد غير ان ناكل ونلبس وننام مثلكم وتعملون مثلنا
قاطعه المحقق باشارة من يده ورفع سماعة الهاتف تكلم مع شخص ما ابتسم ابتسامة خبيثة بعد ان وضع السماعة في مكانها واشار للكاتب الجالس جنبه ان يكتب ..... لقد اعترف بالتهمة الموجهة اليه .........
النجف
#نعمة_ياسين_كظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟