|
ديمقراطية عرب لاند..!!
توفيق الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 1102 - 2005 / 2 / 7 - 11:11
المحور:
الادب والفن
الكلمة ... سهلة .. لذيذة .. حلوة كالتفاح الأمريكاني . الكلمة .. فتاة الأحلام التي تزورنا كنسمة صيف منعشة ثم تفارقنا قبل أن نصحو على كابوس الواقع . الكلمة .. حلة زاهية يلبسها الحكام في المناسبات ليكسبوا ود الشعب . الكلمة .. ساحة فسيحة ( يبرطع ) فيها الساسة والطموحون وأصحاب المصلحة . الكلمة .. أكذوبة لطيفة .. نصدقها نحن ( الغلابا ) بإرادتنا .. ونلهث وراءها بالسنتنا وعقولنا ووجداناتنا .. وكل ما نملك .. يهتف بداخلي سؤال كبير سرعان ما يتفرع إلى أسئلة صغيرة حادة كشعر رأسي .. ترى لماذا لم تنجح هذه النبتة المسماة بالديمقراطية في بلادنا العربية من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر؟! أهو المناخ السياسي الحار طوال العام .. أم الرياح العالمية المحملة بغبار الفتن الخماسينية والمؤامرات الموسمية !! لعلها لم تنجح بسبب ملوحة المياه الرسمية التي يضخها الحكام في عروق الشعوب وأعصابها
تاريخنا العربي للأسف مرصع بالنياشين والألقاب الفارغة عن الديمقراطية والديمقراطيين وهو في الحقيقة أفشل من تلميذ خائب .. بليد يرسب في كل مناسبة أمام امتحان الديمقراطية السهل جداً . تاريخنا العربي ملئ بالمشانق ومكتظ بالمعتقلات وإسطبلات العسكر " والبلاوي الزرقاء "!! تاريخنا العربي حافل ولا خجل باللحظات المفجعة التي تصور قتل أو اغتيال الخصوم أو حتى إذابتهم في " بانيو" محلى بالحمض مهما كانوا عظماء وكباراً ومفكرين .. عبد الله بن المقفع.. يقطع ويشوى لحمه في التنور أمام عينيه بسيف أمير جاهل وحقود. جورج سعادة.. زعيم الحزب القومي السوري الراحل يعدم على وجه السرعة وبسرية تامة دون السماح له حتى بكتابة بضع كلمات وداعية لزوجته . ناجي العلي الذي كان يرسم على جلودنا بـ ( حمض الكبريتيك ) يغتال جهاراً نهاراً بسبب كاريكاتيراته الصادقة اللاذعة الجريئة . المفكر العظيم / حسين مروة الذي حسدنا عليه الغرب كله يغتال في بيروت بدم بارد. أمثلة قليلة من آلاف الأمثلة المكدسة في مخازن تاريخنا المظلمة تدل على رائحة وطعم كعكة الديمقراطية العربية المتبلة بالسوط والخوف والنفي والموت .. قد يتصور القراء أو بعضهم أني حاقد على عروبتي وتاريخي من فرط المرارة التي تنضح بها كلماتي ،أو أني اتلذذ بجلد الذات. والحقيقة التي تجعلني أعيش بسلام مع نفسي هي أن يكون المرء صادقاً في طرح الأشياء مهما كانت موجعة ومؤلمة .. لأن في الصدق وحده يكمن وعي النضج ومن ثم التخلص من مضاعفات الأخطاء .. إنني ورغم مرارة الأمثلة اللا ديمقراطية التي ذكرتها آنفاً أعتز باللحظات المضيئة والنادرة في تاريخنا العربي وأعتبرها مصدر فخري بعروبتي وتاريخي وذاتي .. سألني أحد أصدقائي مرة سؤالا محرجاً ... أي أقرب إلى الفهم والتطبيق الصحيح لروح الشرائع والاديان التي تحفظ على الإنسان حريته وكرامته.. السويد مثلاً أم الدولة العربية " الفلانية " ؟! أترك الإجابة للقارئ وأعتذر عن التعليق .. لكني أؤكد كما أكدت لصديقي أن المشكلة لم تكن أبدأ في المبادئ والشرائع بل كانت في الترجمة الفوقية والممارسة المنصبة على قهر الشعوب وإذلالها . الديمقراطية الحقيقية..هي ممارسة إنسانية بالدرجة الأولى .. الديمقراطية .. تربية منذ الصغر في البيت والشارع والمدرسة والجامعة ومكان العمل .. تربية في البيت.. بعيداً عن السلطة القهرية للأب أو تلويح الأم بأبي رجل مسلوخة أو عربدة الأخ الأكبر !! تربية في الشارع ..بعيداً عن أذى الناس واختراق حرياتهم ومناطق أمانهم . تربية في المدرسة.. بعيداً عن عصا المعلم وامتهان الزمالة وإهمال الواجب . تربية في العمل.. بعيداً عن الخوف من الفصل واللامبالاة والمداهنة . ليست الديمقراطية " تي شيرت " أو شعاراً براقاً نرفعه فنصبح ديمقراطيين في التو والساعة الديمقراطية مشوار إنساني طويل.. طويل يبدأ بالتربية وينتهي بالممارسة الصحيحة من الفرد والحاكم على السواء كل في حدود مسئولياته . نقترب من الديمقراطية وتقترب منا إذا آمنا بحريه الآخر في التعبير دون قمع أو إرهاب . نقترب من الديمقراطية إذا لم نخون أو نشهر أو نمزق سمعة كاتب اختلف عن القطيع أو اختار فضاء مغايرا لفضاء السرب. في الختام .. أوجه التحية إلى العقول المفكرة والطاقات المبدعة التي لم تيأس .. وبدأت في غرس أشتال حركة ديمقراطية واعية في الصحراء العربية تقف بجانب الإنسان المقهور، وتواجه بشكل بناء مشاكل التحول من تخلف الاحتلالات إلى ربيع الممكنات .. ونتمناها في المستقبل القريب حركة ديمقراطية نزيهة تأخذ بيدنا إلى دروب بناء الثقة والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد .. مع تمنياتي بأن تنجح أخيراً تجربة الديمقراطية وتزدهر في ربوع بلادنا العربية الحبيبة . قد أكون متفائلا أكثر مما يجب..لكنني لن أقفل بيدي نافذة يمر منها بصيص آمل..!!
#توفيق_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النفاق سيد الأخلاق..!!
-
انتحابات عراقية
-
نرفانا..!!
-
مرايا..!!
-
خروج الى سعدي يوسف
-
كيف الخروج من نزفنا..؟!!
-
فلوجة..!!
-
..!!قطرات في ربع جاف
-
كعكة التوقعات..!!
-
ظمأ..!!
-
عليه العوض
-
رغوة الظمأ
-
ألو...عنان..!!
-
قراءة بعيون مفتوحة
-
يوجا
-
أهزوجة..!!
-
قصيدة بث مباشر..!!
-
بوح..على وتر السأم..!!
-
سؤال..للمرحلة القادمة..!!
-
حوار
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|