في انتظار الخير

ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3756 - 2012 / 6 / 12 - 00:44
المحور: الادب والفن
    

في انتظار الخير
تتوالى الأيام .. تتوارى خلف السنين .. تسرع الخطى .. تمضي قدماً في انتظار الخير.. تتسابق الخطوات وترفع الهامات وتلهج الألسن في الدعاء
أن تهطل علينا حبات الخير .
نطوي أيام العمر بلا شفقة .. نركلها بلا هوادة .. نشحذ المسير ونكثف الآمال ألا يتأخر الخير .
نرفع الأيادي إلى السماء .. نلحُّ في الدعاء .. نتوسل
الاستسقاء أن تهطل حبات الخير فتروي حقولنا
العطشى ودماؤنا الظمأى وسنابلنا الجرداء .. أن تهطل حبات الخير فتغسل روحنا وصبرنا من غبار السفر وأتربة الأزمنة المتعفنة .
نمضى قدماً ونسرع الخطى .. نتجاوز الأيام ..
نفرُّ من عجلة السنين .. نتسابق لأخذ أماكننا في انتظار الخير الذي طال انتظارنا إليه وكبرت رقعة الأشواق إليه وامتدت دائرة الأحلام وأنحسر
الأفق على أمل واحد هو أن نغتسل في حبات الخير ..
فتضيء أيامنا وحقولنا وسنابلنا ويتهافت الطير
ليبني في جبيننا أعشاشاً له .. وتستقر على هاماتنا حمائم السلام ..
وحين كان يداهمنا التعب .. ويعلو صفير اللهاث من تعب المسير نأوي إلى ركن الذكريات نحاورها برفق كي لا نخدشها أو يصيبها بعض العطب ..
نتذكر أول سنين الخير كيف اغتسلنا صباح العيد .. وكم امتد ذلك الصباح ؟
نتذكر حين تشابكت الأيادي في حلقات الفرح الدائرة .. كيف أضيئت حقول الحب .. وأزهرت سنابل القمح و الأمل .. وكيف افترشنا سنين التاريخ من البحر إلى النهر .. واعتلينا هامات الأفق وأمسكنا في زمام الغيوم لتمطر في حقولنا وعلى مدار العمر ؟
صحونا من غفوة الذكريات على أحدهم يزعق في مطلع النهار .. كان زعقاً لا يُنسى : سيتأخر الخير هذا العام .. لا تسرعوا الخطى .. قد لا يأتي الخير هذه السنة .. قد لا يأتي في العام المقبل .. قد لا يأتي في هذه الأزمنة .. قفوا .. لا تتقدموا .. لا تنقلوا الخطى .. قد يتأخر هطول الخير .. قد لا يأتي الخير أبداً ..
أفقنا من ذهولنا مذعورين .. هرولنا من ركن الذكريات .. تتبعنا مصدر الصوت مستفسرين :
وهذا الركض طوال تلك السنين .. طوال ذلك العمر.. أموقوف !
والعود إلى البدايات ..
أممنوع !
وإتمام المسيرة وحلم النهاية ..
أمرفوض !
ونحاول أن نفهم ..
كيف يكون الخير موقوفاً .. والعود ممنوعاً .. والسير قدماً مرفوضاً .. ويستمر العمر ؟
كيف ؟
كيف ؟
أدركنا لاحقاً أننا في انتظارنا المطول للخير ..
ولهطول حبات الخير قد أضعنا العمر ..
ضاع منا العمر في انتظار الخير وحباته التي لا تهطل في سنيِّ القحط الجفاف ..
ضاع منا العمر .

#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات