|
داندي قلق
أحمد فرحات
الحوار المتمدن-العدد: 3753 - 2012 / 6 / 9 - 16:45
المحور:
الادب والفن
من الفقر والحاجة ، الغرور الزاعق ، القميص اللامع الذي لا يرتديه أحد في المكان غيرك ، صوت فرملة عنيف ، وغرزة تؤخذ بعصبية مفرطة ، لمعة المتاليك على السيارات أمامك ، ذكرى عن "نك" الذي حكى عنه هيمنجواي الكثير ، فقر حديث لبرجوازي أنيق ، العلاقة المتورترة بين الأب والابن ، دخول وخروج ، دخول وخروج ، دخول وخروج ، لماذا لا يتقابل الوجهان بصفاقة وبراءة ؟ ، سيجارة الحشيش تنطفيء ، الولاعة الديجيب ، رقصة سعيدة معها ، انسكب في الكوب ودعها تشربك وانته ، عناد وجودك الملح هو السبب ، شاعرية وجودية حديثة أيضا ، و بوهيميا الفقيرة . ضعيف جدا ، لدي مساحة محدودة من الوقت لأتحرك فيها ، كل شيء يجب أن يحدث دفعة واحدة ، النشر ، المال ، الراحة ، السفر ، الاستغناء الكامل عن جميع البشر والجلوس قليلا مع ابن عطاء الله السكندري من جديد ، عليك اللعنة أيها الملحد ، ولدي يقفز على ظهري وأنا منكفيء على قدمي مغمض العينين ، وهي تشاهد فيلما بلا صوت ، أعلم جيدا أنها تسبح في وهم بعيد آخر ، طهارتنا نحن الثلاثة ، هي تسقط بتراخ في غياب عاجز ، وأنا أقاوم صداع الإدراك ، رغم البرومازيبام اللعين والكلونازيبام ، كان يخفف علينا ضحك الولد ، الخروج من هنا إلى هناك متعب ، ( الحركة لقدمين مثقلتين بالهموم ، المشي في طرقة ، نقر على باب ، استئذان من أجل بعض من المال ) ، ولدي يقول " عيد الصداقة الصدوقة " ثم يقول لأمه " كلام فارغ " ، أنت محشور في حقبة المسكنات والمهدئات ، تنزل وتصعد وتحضر في الثامنة مساء ما المراد منك حضوره ، اجذب إليك فقط بعض الأنظار من جديد ، تمعر وجه الأب ولا رضائه المتصل عنك وعدم ثقته في موهبتك ، أنا عاجز في منتصف الطريق ، تعترف لنفسك بوضوح كما وعدت ، يتركني بلا نقود ، أقول لها سندفع عشرين جنيها ثمن البنزين وبالباقي سندفع للترزي ، والأخرى تذهب وتجيء في البيت منتشية بأن لا شيء وراءها تقوم به ، فالغداء طبخته مبكرا ، والآن تستمتع بالشات على النت ، وكان ولدي يقول " هل أتيت لي بهدية ؟ " ، ثم ، " هل ملكك هذا الجنيه " حواره مع نفسه لا ينقطع ، " 3000 آلاف جنيه ، خمسة آلاف " يظل يغمغم ويسيل بالكلمات ، سأنزل أنا ، سأتوجه إلى دار النشر ، قابلني هناك ذلك الشخص المطلوب ، كانت العلاقة بهم سيئة في تلك الفترة ، أحببت الشماتة في عينيه ، وتركته يشبع بها ، أنا لامع ، أنا منكسر ضئيل ، حاول أن تتزن ، أصافحه بابتسامة ثابتة ، أعد على نفسك المشهد ثانية لعل معنى ما قد فاتك ( كل هذا يرن مضروبا في اثنين ) ، كلفني بالذهاب والبحث في مكان آخر ، قررت تركهم بالمنزل وذهبت وحدي ، لا أعرف كيف ستستقر الأمور في النهاية ، علي أن أقود الأيام الآتية إلى نهاية ، وسأكون المسؤول عن كل تفصيلة فيها ، ورضخت قليلا في حجرة سيئة المنظر والقيمة ، وانتظرت ، وخرج إلى شخص وهمي كث اللحية ، أو كان يدخن بعصبية ، أسود ونحيف وملعون ، حاد النظر وكان يمكنني أن أسمعه كل السفالة التي يخجل من ، قابلني ببرود ، وطلب مني مزيدا من الانتظار ، شهرا أو شهرين أو ثلاثة ، واحتفظت بأناقتي وظللت واضعا قدم على قدم ، وتأملت الحذاء الأنيق ( كنا منطلقين على الدائري إلى المعادي ، الويسكي ، وهبطت واشتريت الحذاء وقلنا الشراء مع الشراب متعة )، كان بلاط الحجرة باردا ، كمرحلة الشك والإيمان ، ومرة أخرى أنتظر الفهم ، كنت أفتقد وجودهم معي ، وأريد العودة إليهم ، قراري يتحداني ، خائف من الانهيار الكامل لكل ما بنيت ، وقنعت في النهاية بهذه المقولة " لو كانت الدار ستحترق فذلك لأن ثمة أسبابا عميقة للحريق ، فلتحترق " وتكون كذلك النهاية ، سلمت لهم نفسي ، ونزعوا عني ثيابي ، وكنت ذاهلا ، وتذكرت كافكا في المحاكمة ، ووجدت أن الأمر سيصبح أكثر سوداوية وستكون زيادة عن اللزوم ، وغطست في مسبح لهم للاستحمام ، وكان المكان مجهزا بكل شيء ، الكريم ، وحمامات البخار ، والآلات الحادة ، وبراندات عالمية معلقة على النوافذ عند تقليب العينين ، وذكريات عن البلاط اللامع في سيتي ستارز ، تركت نفسي عاريا تماما في الماء الدافيء ، وحلقت كل شعر في ، وتأملت عريي ، اللون الفضي الحديث على الجدران والمرآة كبيرة جدا ، الآن وبعد مهديء ما بعد الحلاقة ، البروز الواضح للأعضاء، ادخل من هنا ، ورحلت إلى رداءة لا أرضاها على الإطلاق ، ولكنني كنت تحت الضرورة والفاقة ، وكانوا فرحين باستسلامي لهم ، وكنت لا أشعر بأي شيء ، تساوت لدي الكثير من الأمور ، " ماما...هل ستظل السماء زرقاء أم ستصبح مخيفة ؟ " ، التحطم الكامل وإغلاق الباب علي ، ونفوس كثيرة حولي ، وأنا معروض للجميع كبضاعة مجانية ، وأخذوا يتحرشون بي بقراءة بودلير .
#أحمد_فرحات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انفعالية : كلنا خالد سعيد
-
قراءة في مجموعة البقاعي الشعرية الجديدة الصادرة بالإنكليزية
...
-
توحّش سلس: قراءة في مجموعة مرخ البقاعي الانكليزية الجديدة
-
توحّش سلس: قراءة في مجموعة مرح البقاعي الشعرية الجديدة
المزيد.....
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|