أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد مصارع - ( جحاش برازي )














المزيد.....

( جحاش برازي )


احمد مصارع

الحوار المتمدن-العدد: 1100 - 2005 / 2 / 5 - 12:08
المحور: الادب والفن
    


برازي المشهور صاحب الصيت العظيم, هو عمي, ألا يحق لي أن أفخر بعمي ! الذي ارتبط أسمه بمثل شهير هو ( جحاش برازي ) ولا يمر يوم في بلدتنا الكبيرة دون أن يتردد مثله الشهير في عشرات البيوت أو أكثر ولو طبقنا الأساليب الحديثة في سبر الآراء على سكان البلدة فمن المؤكد بأننا سنجد المثل ( مثل جحا ش برازي) هو الأهم والأكثر استعمالاً في البيوت والحارات وهو الأكثر شعبية حتى عند كبار الملاكين والمزارعين حيث يتلذذ معظم أرباب الأسر شامتين بأبنائهم ومستصغرين بقدراتهم على القيام بأعمال مفيدة مادياً فجلد الأولاد بسياط الكلام هي عادة محببة عند الكبار .
- أنتم أيها الأولاد مثل جحاش برازي .
وبالمناسبة فإن برازي هو عمي ومن واجبي أن أقدم لكم بعضاً من سماته الفاخرة التي تجعلني أعتز به من بين سائر الناس لأن الدخول في قائمة المشهورين من الأمور الصعبة المنال ولا يقدر أي كان هكذا المرور بدون إمكانيات مبدعة .
عمي برازي يشبه إلى حد ما وزير نقل في البلدة الكبيرة فلديه ما يزيد عن عشرة جحاش وهذه ثروة عظيمة ولولاها ما اشتغلت الطاحونة الكبيرة في البلدة صحيح أنها تشبه في مظهرها الخارجي خرابه ولكنها في الداخل مصنع وهي وحيدة والسكان كثيرون والطاحونة لا تتوقف عن العمل ليلاً نهاراً لكي يستهلك الناس الخبز بشكل يومي إلا أثناء العُطِل وليس العُطَل فنحن في بلدتنا لا نعرف من العطلة إلا صلاة الجمعة .
عمي برازي قصير القامة جسمه مكور ورأسه مدور وقرعته لماعة وثوبه أبيض قصير تحت ركبته بشبر يحضن نعليه في زناره الذي هو حزام جلدي وحصالة نقود في نفس الوقت .
إنه لا يحتاج لنعليه في التراب والوحل والحصى يضطر أحياناً لانتعالهما عند وجود زجاج مكسر أو شظايا حديد، برادة أو مسامير.... أو مساطب إسمنتية تكون لافحة كالجمر من حر الصيف أو كالجليد من برد الشتاء أما الثوب الأبيض القصير فهو لا يتبدل طالما لم يتقطع في حادث مع الجحاش أو يرثى مع الزمن الطويل ونفس الأبيض يبقى أبيضاً سبحان الله أليس هذا أمر عجيب ؟ كيف يبقى الثوب أبيضاً ولا يحتاج إلى غسيل ! أحدهما حاول الإساءة إلى كرامة عمي بالقول.
- طبعاً البقع السوداء على ثوب عمك الأبيض لن تظهر أبداً لأنه يحمل أكياس الطحين الأبيض والطحين هو الذي يصبغ الثوب بل أنظر إلى وجه عمك تجده كذلك أبيضاً حتى حواجبه بيضاء
- ماذا أقول لهذا الفيلسوف ؟ ....ربما. ! سأكتفي بذلك .
إنني أخاف من الحوار مع هؤلاء الناس فلربما يسيئون أكثر من ذلك ويقلون من هيبة عمي برازي مشكلة النقل من وإلى بلدتنا والدروب إلى الطاحونة ليس لعمي برازي صاحب الجحاش العشرة أي ذنب فيها ولذلك يمل الناس من الانتظار فبعضهم يستغرق عدة أيام لنقل كيس طحين من بيته إلى الطاحونة وتخيلوا أن أحدهم يريد أيصال كيس طحينه الجاهز خلال يوم واحد علماً أن بيته يبعد عن الطاحونة مئات الأمتار وسط دروب مليئة بالطعوس والحفر .والجحش المجبر أحياناً من رجل واحدة أو رجلين يصعب عليه الإسراع لإيصال كيس الطحين ي الموعد المناسب.
حظيرة الجحاش معظمها مصاب أو معرض للكسر بين حين وآخر فالعناية والصيانة هي من الأعمال غير الهينة ولعلكم تحسبون مثل المهام سهلة ؟ ! يا حسرة حتى أن بعض الجحاش ينفلت زمامها وتشرد هاربة وهذه ليست المرة الوحيدة التي يفقد فيها عمي برازي جحشاً وإلى الأبد وخاصةً عندما لا يقوم بتحديد سواعدها بسلاسل الحديد .
كل عمل شاق لا بد أن تكون خسائره كبيرة بينما الناس لا يهمهم شيء سوى قضاء حاجاتهم تسليم كيس الدقيق واستلام كيس الطحين وكيفما كانت الظروف والأحوال وبينما عمي برازي يركض من مكان لآخر بحثاً عن جحاش تصلح للنقل وأحياناً وما أكثرها لا يجد حتى جحشاً واحداً وطلبات الزبائن المتراكمة تلح عليه إلحاحاً فلا تجعل له مجالاً للراحة .
يا إلهي ما أصعب ما يقوم به عمي برازي حتى وقعت الكارثة في الأخير...... يا ويلاه من الأخير قام أحد الجحاش الشديدة المراس برفس عمي في خاصرته اليمنى , ركلة صك أقوى من مطرقة حداد البلدة الكبيرة وتمزق كبده ومات عمي برازي ميتة الأبطال مخلفاً لعائلتنا العريقة مثلاً عربياً شهيراً وقد رثاه
جارنا رمضان الشعبان ,رفيق دربه الطويل : كان بطلا لا يكل ولا يمل,كان ( جحش شغل ) , كما رثاه خالي جمعة الخميس بعد موته بسنوات قائلاً :
لقد كان عمك صاحب المثل الشهير ينوي ختم حياته بالحج إلى بيت الله الحرام وإطلاق سراح جحاشه وراتداء ثوب أبيض طويل هذه المرة وبدون زنار لأنه سيبقى لابساً نعليه .
احمد مصارع
الرقه-2003
( صور من البلدة الكبير ه )



#احمد_مصارع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنون الأسمر
- سحقا لحضارة البلاستيك ..
- نوار سعيد ,هل من مزيد ؟
- الثورة بين الاصلاح والارهاب ؟
- هل الحزب الشيوعي العراقي .. شيوعي ؟
- جلاقه .. وليسلم العراق
- دعوة الى بعج السفينة ؟
- بين الصقور والحمائم هل تجرد العمائم ؟
- عقل معتاد وعقل خارق للعادة ؟
- الأ فلتحيا تشي غيفارا
- ثقافة السلطة وسلطة الثقافة ؟
- الشرق ولغز الثنائيات الجديدة ؟
- عود على بدء
- خطاب الرئيس بوش ونيران الحرية
- ثنائيات متعالية على الحياة
- المسلسل العربي , دراما بدون حياة أم ضدية مدنية ؟
- الليبرالية الجديدة والأبورغالية القديمة
- من لايعرفك يحرش الكلاب عليك
- السيناريو الأبيض والسيناريو الأسود
- عيد أب رحيم في تحطيم كل ماهو صنيم


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي ...
- جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن ...
- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...
- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد مصارع - ( جحاش برازي )