|
أما آن الأوان لرفع التحفظات عن السيداو..؟
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 3751 - 2012 / 6 / 7 - 14:19
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
فرض التطور الذي وصلت إليه المرأة في جميع أصقاع العالم وضعاً قانونياً دولياً ناظماً لضرورة مساواتها مع الرجل في ظل وصولها لمراتب علمية ووظيفية أهلتها للقيام بذات الأعمال والأدوار المنوطة بالرجل. فكان أن جاءت اتفاقية السيداو التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعرضتها للتوقيع والتصديق وذلك في 18/12/1979 على يبدأ التنفيذ بتاريخ 3/9/1981 والهدف من تلك الاتفاقية وصول المرأة لحقوقها المدنية والقانونية وسواها من حقوق حجبتها وتحجبها عنها الأعراف الاجتماعية مترافقة مع تمييز قانوني واضح وصارخ في العديد من البلدان، لاسيما الإسلامية منها والعربية. وقد انضمت سورية للاتفاقية وصادقت عليها بالمرسوم رقم/330/ تاريخ 25/9/2002 لكن مع التحفّظ على أهم المواد التي تدعم حقوق المرأة، وتعزز ضرورة مساواتها مع الرجل لاسيما في القوانين والتشريعات التي تعجُّ بتمييز واضح وفاضح. وبذلك أُفرغت الاتفاقية من هدفها الأساسي، واعتُبرت تلك التحفّظات شكلاً آخر من أشكال التمييز ضدّ المرأة لأنها تعمّق وتُكرّس التمييز القائم أصلاً، إضافة إلى أنها بمثابة عدم التوقيع والتصديق لاسيما في المادة الثانية التي تُعتبر روح الاتفاقية ومغزاها. هنا كان لا بد للجمعيات النسوية والناشطات/ ـين من تكثيف الجهود والمطالبة الحثيثة برفع تلك التحفظات من أجل الوصول إلى الهدف الرئيسي من الاتفاقية. أما المواد التي تحفّظت عليها سوريا هي على النحو التالي: المادة/2/ والتي ضمت خمس فقرات(أ، ب،ج، د، هـ، و، ز) نصّت جميعها على إلغاء أي تمييز دستوري أو قانوني أو تشريعي قد يكرّس أي ممارسة تمييزية ضد المرأة. المادة 9/ الفقرة الثانية: " تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما " والتي تتعارض مع المادة الثالثة من قانون الجنسية السوري القائم على حق الدم والإقليم فيما يتعلق بمنح الجنسية، والذي حصره القانون عندنا بدم الرجل السوري فقط. المادة 15/ الفقرة الرابعة: تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم. والتي تم التحفّظ عليها لأنها تسمح للمرأة باختيار محل سكنها وإقامتها على حد سواء مع الرجل، وهذا ما يتعارض مع المادة/70/ من قانون الأحوال الشخصية التي تُجبر الزوجة على السفر مع زوجها إلا إذا اشترط في العقد غير ذلك، أو وجد القاضي مانعاً من السفر. إضافة إلى تعارضها مع تلك الأعراف الاجتماعية التي ترى المرأة ظلاً وتابعاً للرجل في كل حالات صلتها به. المادة/16/ والتي يهمني أن أوردها مفصّلة باعتبارها تتعلق بقضايا الزواج والأسرة، كما تبيّن ضرورة وجود قانون أسرة يلائم المتغيّرات الحاصلة على وضع الأسرة الحديثة: 1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة: ج - نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه. د - نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول. و - نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأعراف، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول. ز - نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل. 2- لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً. من خلال التحفّظ على بعض فقرات هذه المادة، يتضح أن المجتمع وبعض القوانين والتشريعات ترى أن لا حق للمرأة سوى بالإنجاب فقط كونه حق بيولوجي فرضته طبيعتها الأنثوية الخارجة عن إرادة المشرعين وقوانينهم، أما بخصوص أي حق إنساني آخر مرتبط بالطفل الذي أنجبته فهو رهن وجودها وتبعيتها أساساً للرجل، فهي لا يحق لها لا في الطلاق ولا حتى في حال وفاة الأب الاحتفاظ بهذا الطفل إلاّ وفق أصول تُلغي من خلالها وجودها الإنساني بعيداً عن أيّ ارتباط(الزواج مثلاً) وذلك دون حقها في الوصاية عليه، رغم أنها أحق الناس بتلك الوصاية من خلال أمومتها وعلاقتها الطبيعية والتربوية بذلك الطفل. أما التحفّظ على المادة 29: فقرة/1/ فهو مستثنى من مطالبتنا برفع تلك التحفّظات باعتباره من صلاحيات السلطة السياسية في البلد. إن هذه التحفظات تنسجم بشكل مباشر مع قانون الأحوال الشخصية السوري الذي ما زلنا نسعى جاهدين لتغييره بما ينسجم مع وضع المرأة السورية الراهن كعاملة خارج البيت، وكذلك مع وضع الأسرة التي طرأت عليها تبدلات وتغيّرات تفترض وجود قانون خاص بها يحمي حقوق جميع أفرادها بما فيهم الرجل الذي لم يعد بمفرده قادراً على القيام بجميع الواجبات والمسؤوليات التي كان يحملها سابقاً كتأسيس مسكن الزوجية، وتأمين المهر الذي فاق اليوم بارتفاعه كل حدٍّ معقول، إضافة إلى مهمته الأساسية على مدى العمر وهي تأمين لقمة العيش لأسرته مع تأمين مستقبل الأبناء منفرداً حسب العرف والتقليد الاجتماعي والشرعي. إن مطالبتنا بإلغاء التحفظات على اتفاقية إلغاء جميع أنواع التمييز ضد المرأة تحمل في طياتها مطالبة مشروعة بتعديل جميع مواد القوانين والتشريعات التي تحمل تمييزا ضد المرأة(قانون الأحوال الشخصية، العقوبات والجنسية) ولكن، إن استمر الوضع على ما هو عليه من رفض رفع تلك التحفّظات، وتجاهل كل التغييرات التي ذكرناها، لا يمكننا إلاّ الشعور بخيبة الأمل، وبأن المشرّع والحكومة مصرين على بقاء المرأة رهينة عقلية ذكورية تسعى دوماً لعودة المرأة إلى داخل أسوار الحرملك، وبقاء وجودها رهنٌ طبيعتها الأنثوية المفضية إلى الإنجاب وإمتاع الرجل. إضافة إلى أن بقاء تلك التحفّظات يُعتبر انتقاصاً من حقوق المواطنة لدى المرأة، كما هو تناقض مع الدستور الذي ساوى بين المواطنين جميعاً في الحقوق والواجبات.
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤشر خطير على وضع المرأة السورية تراجع تمثيلها في البرلمان ع
...
-
الاغتصاب الزوجي.. أشد فتكاً بالمرأة.
-
إلى متى تبقى الكوتا طريق المرأة للعمل السياسي.؟
-
دور المرأة في تطوير وتنمية موارد الأسرة
-
الأم العاملة.. رحلة عمل دؤوب وعطاء لا ينتهي.
-
عيد المرأة.. وتحديات الدستور
-
المرأة العربية في ظل المتغيّرات الجارية
-
عيد الحب... في زمن الكراهية والدم
-
المخدرات... سعادة زائفة تغتال الشباب
-
حقاً هي خطوات نوعية خطيرة.!!!! فصل النساء في سورية ظاهرة متز
...
-
بجدارة وكفاءة... المرأة السورية تحمل وزر الظروف والأزمات
-
لنتفهمهم قليلاً... إنهم حقيقة فاعلون
-
قوى اليسار... وقفة مع الذات
-
نصف مليون سوري كل عام والمحاولات لا تزال هزيلة
-
من أجل مجتمع معافى... عيادات حديثة لفحوص ما قبل الزواج
-
الإرشاد النفسي والاجتماعي ضرورة يفرضها الواقع.
-
مشروع تمكين المرأة الريفية بين الواقع والطموح
-
في ظل الإصلاحات الجارية... أين استحقاق المرأة السورية
-
تعديل قانون الجنسية للسوريات... هل سيخضع لمعايير مزدوجة...؟
-
قانون الأسرة ضرورة يفرضها الواقع.
المزيد.....
-
نجل ولي عهد النرويج متهم بارتكاب اغتصاب ثان بعد أيام من اتها
...
-
انحرفت واستقرت فوق منزل.. شاهد كيف أنقذت سيارة BMW امرأة من
...
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|