|
ديكتاتورية البروليتاريا والديموقراطية الاشتراكية - الجزء الثالث
الاممية الرابعة
الحوار المتمدن-العدد: 1099 - 2005 / 2 / 4 - 11:54
المحور:
الارشيف الماركسي
7) لا غنى عن موقف واضح من الديموقراطية الإشتراكية لأجل كسب العمال إلى الثورة الإشتراكية وديكتاتورية البروليتاريا.
يمثل اليوم الدفاع عن برنامج ديموقراطية اشتراكية لا لبس فيه جزءا لا غنى عنه من النضال ضد القيادات الإصلاحية التي تسعى إلى ترسيخ أوهام ديموقراطية بورجوازية بين عمال البلدان الإمبريالية. كما أنه ضروري للنضال ضد الأوهام المؤيدة للرأسمالية و المسبقات المعادية للسوفييتات بين مختلف الشرائح المستاءة والمعارضة بالدول العمالية المتبقرطة خلال النضال لأجل الثورة السياسية بهذه البلدان.
إن التجربة التاريخية الكارثية للفاشية ولأنظمة ديكتاتورية بورجوازية رجعية أخرى بالبلدان الرأسمالية من جهة، وتجربة الأنظمة البيروقراطية بالصين والاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية وغيرها من جهة أخرى، قد أثارتا لدى الطبقة العاملة بالبلدان الإمبريالية والدول العمالية المتبقرطة حذرا شديدا من كل نظام للحزب الواحد ومن كل تقليص للحقوق الديموقراطية بعد إطاحة الرأسمالية.
إذا كان الماركسيون الثوريون سيحدثون أدنى انطباع بأن حريات العمال الديموقراطية في ظل ديكتاتورية البروليتاريا –بما فيه حرية انتقاد الحكومة ووجود أحزاب وصحافة معارضتين- ستكون أقل مما هي في الديموقراطية البورجوازية، فإن النضال لكسر الهيمنة الإيديولوجية لناشري الأوهام البرلمانية في الحركة العمالية سيغدو صعبا للغاية أو حتى محكوما مسبقا بالفشل. إن أي تردد أو لبس تبديه الطليعة الثورية في هذا الصدد ليس من شأنه إلا مساعدة خدام البورجوازية الليبرالية الإصلاحيين على تقسيم البروليتاريا وحرف قطاع هام من الطبقة نحو الدفاع عن مؤسسات الدولة البرجوازية بمبرر ضمان الحريات الديموقراطية.
ثمة أنصار حجة مفادها أن كل ما سبق لا ينطبق سوى على البلدان التي يمثل الأجراء أغلبية سكانها النشيطين. صحيح أنه حيثما توجد أغلبية واسعة من صغار منتجي البضائع، تضع هكذا موازين قوى اجتماعية عوائق موضوعية على طريق ازدهار ديموقراطية اشتراكية وتساهم في ظواهر تبقرط الدول العمالية القائمة.
بقدر ما ينجذب حاليا عدد متنام من الدول شبه المستعمرة إلى سيرورة تصنيع جزئي، بقدر ما يكون للبروليتاريا فيها منذ اليوم وزن نسبي ضمن السكان النشيطين يفوق ما كان للبروليتاريا الروسية عام 1917 أو الصينية عام 1949. وستكسب هذه البروليتاريا بسرعة، من خلال تجربتها الخاصة في النضال، مستويات وعي وتنظيم ذاتي ستضع على جدول الأعمال إنشاء أجهزة دولة من النمط السوفياتي منذ بداية أزمة ثورية (مثال الشيلي سبق أن أوضح ذلك). بهذا المعنى و بقدر انطباقه لاسيما على الثورة السياسية بالدول العمالية المتبقرطة، يمثل برنامج الأممية الرابعة لأجل ديموقراطية مجالس العمال كقاعدة للسلطة البروليتارية، برنامجا كونيا للثورة العالمية يطابق أساسا طبيعة الطبقة العاملة الإجتماعية وحاجاتها التاريخية وطريقة تفكيرها. وهو ليس "ترفا" خاصا بعمال "البلدان الأكثر غنى" رغم أن تطبيقه قد يشهد بعض التقليص في البلدان ذات الوزن العمالي المحدود جدا.
على نفس المنوال يجب التمييز نظريا وبوضوح بين مؤسسات الديموقراطية البرلمانية البورجوازية –المزدهرة أساسا بالبلدان الإمبريالية المستفيدة من استغلال مضاعف لملايين فلاحي وعمال البلدان المستعمرة وشبه مستعمرة والتابعة ومن إلغاء العنيف لأبسط حقوقهم الديموقراطية- ومؤسسات الديموقراطية البروليتارية بما فيها أجنتها في المجتمع البورجوازي الناتجة عن النضالات والتضحيات وانتصارات التنظيم الذاتي وارتقاء البروليتاريا نفسها إلى مختلف مستويات الوعي الطبقي. حكم التاريخ على الأولى وستختفي بينما ستتسع الثانية وتنمو على نحو لم يسبق له مثيل خلال الثورة الإشتراكية العالمية وكل مرحلة بناء عالم اشتراكي. ومن الجلي أن الإشتغال السليم للديموقراطية الإشتراكية يفترض تعميم حد أدنى من الثقافة وتصنيع المجتمع. فالظروف الإجتماعية التي تبقي قسما كبيرا من السكان الكادحين أميين ليس من شأنها إلا أن تسهل إنحطاطا بيروقراطيا لأشكال السلطة. وهذا يفسر تأكيد لينين في كتاباته الأخيرة على رفع مستوى الجماهير الثقافي. إن حملات محو الأمية المنجزة في كوبا و نيكاراغوا مثالية في هذا المجال.
من جهة أخرى، يمكن في مرحلة أولى ألا تعتمد ديكتاتورية البروليتاريا بالبلدان المتأخرة التمثيل النسبي لمختلف أقسام السكان. فبإمكانها أن تختار صراحة منح امتياز لتمثيل الطبقة العاملة خاصة بالنسبة لتمثيل الفلاحين، كما فعل دستور روسيا لعام 1918.
8) لماذا لم ينجز برنامج الديموقراطية الإشتراكية هذا على نحو واسع لحد الآن؟
ليس تعريف تصوراتنا لديكتاتورية البروليتاريا "معياريا". بل هو برنامجي جوهريا. وهو بهذا المعنى، كباقي المواقف البرنامجية الماركسية، ليس سوى تعبيرا واعيا عن ميل تاريخي موضوعي أي عن اندفاع البروليتاريا الغريزي في شروط أزمة ثورية. يؤكد التاريخ بألق أنه، إنطلاقا من كمونة باريس حتى الإنفجارات الثورية للسنوات الأخيرة مرورا بتجارب الثورات الروسية عام 1905 وعام 1917 والثورة الألمانية والنمساوية عامي 1918-1919 والثورة الهنغارية عام 1919 والأزمة الثورية الإيطالية عامي 1919-1920 والثورة الإسبانية عام 1936 والثورة الصينية أعوام 1925-1927 والعديد من الإضرابات العامة في بلدان لا تحصى في كافة القارات بما فيها بلدان مستعمرة وشبه مستعمرة عديدة، أبرز العمال فعلا ميلهم إلى التنظيم الذاتي المعمم بإنشاء مجالس عمالية أو هيئات شبيهة. إننا على قناعة تامة بأن هذا الميل التاريخي، الذي فهمه ماركس ولينين و تروتسكي وروزا لوكسمبورغ بعمق وعبروا عنه برنامجيا، سيزدهر خلال الثورات الحالية والمقبلة أكثر مما في ثورات سابقة.
تجري معارضة هذه الملاحظة بكون الثورات الإشتراكية الظافرة أفضت لحد الآن إلى أنظمة سياسية تمارس فيها السلطة أقليات، أي حزب واحد أو حتى الجهاز القائد لهذا الحزب وليس الجماهير الكادحة بمجملها.
إننا نرفض كل تصور يرى أن التأخر في إرساء متين ودائم لسلطة مجالس العمال (التي وجدت خلال سنوات بروسيا السوفياتية رغم التزويرات "التاريخية" للبيروقراطية) يعود بنحو ما إلى عجز البروليتاريا الفطري عن ممارسة السلطة السياسية والاقتصادية وإلى ضعفها الملازم، أو إلى ميل حتمي لديها إلى تفويض ممارسة السلطة إلى أقلية ذات امتيازات. أقل ما يمكن أن يقال هو إن هكذا خلاصة سابقة للأوان تاريخيا كما كان سابقا لأوانه أن يستخلص من تجارب الثورات البورجوازية الأولى عجز البورجوازية الفطري عن الحكم بواسطة الاقتراع العام.
يجب بالعكس عزو السبب الأساسي، الذي جعل سلطة مجالس العمال تبقى لحد الآن استثناء وليس قاعدة في الدول العمالية القائمة، إلى ما كان للبروليتاريا من وزن محدود في قيام هذه الدول وكذا إلى الضعف والإنهاك اللاحق للبروليتاريا السوفييتية في ما بين 1917 و1923.
إن تفاعل جملة عوامل تاريخية (تأخر روسيا والهزائم الأولى للثورة العمالية وما نتج عنها من انعزال الثورة في روسيا –صعود البيروقراطية السوفييتية إلى الحكم المطلق- سيطرتها على الأممية الشيوعية- العواقب المتراكمة لهزائم سببتها إلى حد بعيد تلك السيطرة- غياب قيادة ثورية بديلة لدى البروليتاريا العالمية- قدرة الأجهزة التقليدية على الحد من الصعود الجديد وضبطه في نهاية الحرب العالمية الثانية وتركز صعود الثورة العالمية مذاك في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة وكونها اكتست أساسا شكل حرب ثورية مديدة بالقرية وتحت قيادات متأثرة بالأيديولوجية الستالينية) سيرورة أفضت إلى مرحلة برزت فيها دول عمالية جديدة بوزن ضعيف جدا للبروليتاريا خلال ولادتها وفي غياب أشكال نضال وتنظيم خاصة بالبرولتاريا.
فضلا على أن ضعف وزن الطبقة العاملة النسبي في مجتمعات كالصين وفيتنام وخصوصية ما واجهته ديكتاتورية البروليتاريا من مشاكل (بداية تصنيع، بداية نمو إنتاجية العمل الزراعي، ندرة وتأخر فاقا ما شهدته روسيا) خلقا عوائق ذاتية إضافية على طريق الديموقراطية الإشتراكية.
كانت ديكتاتورية البروليتاريا، نتيجة تفاعل هذه العوامل، بيروقراطية منذ ولادتها في هذه البلدان، ولم تمارس بها الطبقة العاملة السلطة السياسية مباشرة.
إلا أنه في المرحلة الحالية أصبح وزن البروليتاريا في سيرورة الثورة العالمية الفعلية أكبر بكثير مما كان في مرحلة 1945-1968 وذلك بعد توطد البروليتاريا نوعيا في جملة دول عمالية وبلدان شبه مصنعة رأسمالية تابعة وصعود النضالات الثورية الجديد الذي يرمز إليه ماي 1968 في فرنسا والثورة البرتغالية في 1974-1976 وصعود الثورة السياسية بالبلدان العمالية المتبقرطة (تشيكوسلوفاكيا وبولونيا).
وهذا ما تؤكده بكيفية مثيرة عودة ظهور الإضرابات العامة والانتفاضات الجماهيرية بالمدن وأجهزة التنظيم الذاتي في أهم الإنفجارات الثورية في السنوات الأخيرة، ليس فقط في الشيلي أو البرتغال بل أيضا في إيران وبولونيا ونيكاراغوا. وفي نفس الوقت وبعد مرحلة تأخر فيها الوعي بالضرورة عن الواقع، استوعبت قطاعات من البروليتاريا العالمية الآن طبيعة الحقيقية للستالينية (لم يكن الأمر كذلك في 1936 أو 1945) وترفض بقوة "نماذج" من "ديكتاتورية البروليتاريا" شبيهة بالإتحاد السوفياتي. ولا ينطبق هذا على بعض البلدان الإمبريالية وحسب بل على أوروبا الشرقية والصيــن والبرازيل، الخ. لا يعبر برنامجنا لديكتاتورية البروليتاريا لا عن "معايير مجردة" ولا عن أوهام طوباوية، بل عن ميل تاريخي حقيقي تأكد الآن بقوة متنامية بعد أن كان أزاحته النتائج الموضوعية والذاتية لعقدين من هزائم الثورة العالمية.
وأخيرا نرفض أيضا حجة أن سلطة مجالس العمال غير قابلة للتطبيق طالما بقيت الإمبريالية، أي ما دامت مشاكل دفاع الثورة البروليتارية الظافرة عن نفسها وتوسعها العالمي مشاكل مركزية لديكتاتورية البروليتاريا. إننا بالعكس مقتنعون أن ديموقراطية مجالس العمال توطد قدرة الدفاع الذاتي لدى الدولة العمالية وقدرة جذبها لعمال البلدان الرأسمالية أي أنها تسهل النضال ضد الإمبريالية ولأجل امتداد الثورة عالميا.
9) جوابا على العقائد الجامدة ذات الأصل الستاليني:
كانت ومازالت إيديولوجية البيروقراطيات الحاكمة برغماتية (نفعية) أساسا. بيد أن عددا من النظريات والعقائد الجامدة تدعم هذه الإيديولوجية وتحظى بانسجام داخلي بتعارض مع الماركسية الثورية.
إن إيديولوجيا البيروقراطية (فكرتها الأساسية هي هيمنة حزب واحد يعمل باسم الطبقة العاملة) يمكن تأليفها كما يلي رغم أنها غير مصاغة دوما بوضوح:
1- يحتكر الحزب القائد (أو حتى "نواته القائدة" : "اللجنة المركزية اللينينية") أرقى درجات الوعي السياسي، لا بل حتى المعارف العلمية في مجال العلوم الإجتماعية. وهو بذلك يحظى بعصمة مضمونة (تستنتج منها غالبا خلاصات لاهوتية مفادها استحالة منح نفس حقوق النشر للخطأ كما للصواب).
2- الطبقة العاملة، وبدرجة أكبر الجماهير الكادحة بمجملها، متأخرة جدا سياسيا ورازحة تحت تأثير الإيديولوجية البورجوازية والبورجوازية الصغيرة وميالة أكثر إلى تفضيل امتيازات مادية آنية على مصالحها التاريخية، وهذا لا يتيح من وجهة نظر "مصالح الإشتراكية" قبول ممارسة مباشرة للسلطة من طرف مجالس عمالية منتخبة ديموقراطيا. ستستتبع إقامة ديكتاتورية بروليتارية حقيقية خطر عدد متنام من قرارات ضارة وحتى "مضادة موضوعيا للثورة" تفتح الطريق لعودة الرأسمالية أو في أفضل الحالات ستضر وتعوق سيرورة بناء الإشتراكية.
3- لهذا السبب لا يمكن أن يمارس ديكتاتورية البروليتاريا غير "حزب البروليتاريا القائد" أو بتعبير أفضل ديكتاتورية البروليتاريا هي ديكتاتورية الحزب سواء بما هو ممثل لطبقة عاملة سلبية أساسا أو بالإرتكاز النشيط على النضال الطبقي الجماهيري، لكن مع اعتبار البروليتاريا غير جديرة أو عاجزة عن ممارسة سلطة الدولة مباشرة بواسطة أجهزة سلطة ذات طابع مؤسسي.
4- بما أن هذا الحزب دون سواه هو ممثل مصالح الطبقة العاملة التي تعتبر منسجمة في جميع الأوضاع وإزاء جميع المشاكل، فإن على "الحزب القائد" نفسه أن يكون مونوليتيا Monolithique [2]]. وآنذاك يغدو حتما كل تيار معارض، بشكل أو بآخر، انعكاسا لضغط طبقة معادية لمصالح البروليتاريا (الصراع بين خطين هو دوما صراع بين البروليتاريا والبورجوازية حسب الماويين الستالينيين). ويفضي هذا التصور منطقيا إلى رقابة الحزب الأحادية على كافة دوائر الحياة الإجتماعية. يجب إرساء رقابة الحزب المباشرة على كافة قطاعات "المجتمع المدني".
5- ثمة فرضية أخرى خلف هذا التصور وهي اشتداد الصراع الطبقي خلال سيرورة بناء الاشتراكية (رغم أن هذه الفرضية لا تؤدي حتما إلى نفس الخلاصات إن هي لم ترفق بالمقدمات السابقة) ويستخلص من هذه الفرضية أن خطر إعادة الرأسمالية قد يكون متناميا حتى بعد أمد طويل من إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وهذا بمعزل عن مستوى تطور قوى الإنتاج. ويتم تقديم خطر إعادة الرأسمالية كنتيجة آلية لانتصار الإيديولوجيا البورجوازية في هذا أو ذاك من المجالات الإجتماعية أو السياسية أو الثقافية أو حتى العلمية. ونظرا لما ينسب هكذا من قوة جبارة للأفكار البورجوازية، يصبح قمع من يعتبر مروجا لها نتيجة منطقية لهذا التحليل.
كل هذه المقدمات والفرضيات ليست علمية من وجهة نظر الماركسية عموما ولا يمكن الدفاع عنها على ضوء التجربة التاريخية الحقيقية لصراع الطبقات خلال وبعد إطاحة السلطة الرأسمالية بالإتحاد السوفياتي وببلدان أخرى. وتأكد مرارا عديدة أنها ضارة بالدفاع عن مصالح البروليتاريا الطبقية وتمثل عوائق في النضال الفعال ضد البورجوازية وأيديولوجيتها. وبما أنها أصبحت عقائد جامدة مقبولة من قرابة كل الأحزاب الشيوعية في عهد ستالين وتحظى بانسجام داخلي لا شك فيه (يعكس المصالح المادية للبيروقراطية بما هي شريحة اجتماعية ودفاععها عن ديكتاتوريتها)، فإنها مذاك لم تخضع أبدا، بصراحة وشمولية، للنقد أو الرفض من قبل أي حزب شيوعي. وما زالت بقايا هذه المفاهيم، جزئيا على الأقل، موجودة في إيديولوجيا العديد من قادة وكوادر الأحزاب الشيوعية والأحزاب الإشتراكية أي بيروقراطية الحركة العمالية. ومازالت تستعمل كدخيرة مفاهيم لتبرير مختلف أشكال تضييق الحقوق الديموقراطية للجماهير الكادحة.
تجدر الإشارة إلى أن منظمات أخرى غير مستوحية للستالينية في هذا المضمار تطور مفاهيم شبيهة تبرر ممارسة مماثلة جزئيا في صفوفها. لذا يلزم التأكيد أن هذا مناقض تماما لتعاليم لينين و تروتسكي إن لن نقل ماركس و إنجلس وحركتنا التاريخية. إن دحضا واضحا ومتناسقا لهذه التصورات ولما ينتج عنها من ممارسات أمر لا غنى عنه للدفاع عن برنامجنا حول الديموقراطية الإشتراكية .
أولا: فكرة طبقة عاملة منسجمة ممثلة حصرا بحزب واحد هي فكرة تناقض كل التجربة التاريخية وكل تحليل ماركسي ومادي لنمو البروليتاريا المعاصرة وتطورها الملموسين سواء في ظل الرأسمالية أو بعد إطاحتها. وأقصى ما يمكن الدفاع عنه هو أن الحزب الثوري الطليعي يمثل وحده، على المستوى البرنامجي، المصالح التاريخية للبروليتاريا على المدى البعيد ومصالحها الطبقية الإجمالية الآنية مقابل المصالح القطاعية والخاصة والقومية والجهوية ومصالح المجموعات المؤهلة وذات الإمتيازات، الخ. لكن عندئذ سيضيف كل تحليل ديالكتيكي مادي، عكس تحليل آلي مثالي، أن فوز هذا الحزب بقيادة غالبية العمال السياسية هو وحده الذي يتيح الحديث عن تطابق بين المصالح الطبقية الآنية والتاريخية من شأنه الحد من مخاطر الأخطاء في تفسير هذه المصالح. ثم إن هذا لا يستبعد بتاتا إمكان ارتكاب هذا الحزب للأخطاء في مسائل خاصة.
في الواقع ثمة داخل الطبقة العاملة تراتب فعلي ومحدد موضوعيا. كما أن ثمة، على أي حال، توتر بين النضال من أجل مصالح الحركة العمالية الآنية والنضال من أجل مصالحها التاريخية (مثلا بعد الظفر بالسلطة: التناقض بين الإستهلاك الآني و التوظيفات على المدى البعيد). هذه التناقضات المنغرسة في ارث التطور المتفاوت للمجتمع البورجوازي، هي التي تمثل بالضبط إحدى أهم المسوغات النظرية لطليعة ثورية، مقابل فكرة "اتحاد" يضم بلا قيد ولا شرط جميع الأجراء في منظمة واحدة. بيد أن هذا يستتبع بدوره الاعتراف بأن أحزابا مختلفة، بتوجهات مختلفة ومناهج مختلفة في تناول الصراع الطبقي بين رأس المال والعمل والعلاقات بين أهداف الحركة العمالية الآنية وأهدافها التاريخية، قد تظهر وهي ظهرت بالفعل داخل الطبقة العاملة ومثلت قطاعات منها (ولو مصالح قطاعية صرف، أو ضغوط إيديولوجية من الطبقات المعادية، الخ.) كما لا يمكن استبعاد أن تظهر أحزاب ثورية عديدة في بلد واحد حيث لم تسوّ خلافاتها بإندماجات قبل الثورة، مما يستدعي ضرورة السعي إلى تكوين جبهة من هذه الأحزاب، تكون متراصة إلى هذا الحد أو ذاك وتعمل لتحديد مشترك لسياستها.
في المقام الثاني: يحظى حزب ثوري ذو حياة داخلية ديموقراطية بميزة كبيرة في مجال التحليل الصائب للتطور الإقتصادي و الإجتماعي والسياسي، وفي مجال الصياغة الصائبة للإجابات التكتيكية والإستراتيجية على هذا التطور، بفعل اعتماده على الإشتراكية العلمية –الماركسية- التي تؤلف وتعمم مجمل ما سلف من تجارب النضال الطبقي. إن قاعدة انطلاق الصياغة السياسية الجارية هذه، تجعل الحزب الثوري أقل ميلا من أي اتجاه آخر بالحركة العمالية أو أي قطاع غير منظم من الطبقة العاملة إلى بلوغ خلاصات خاطئة وتعميمات سابقة لأوانها وردود فعل أحادية الجانب وانطباعية إزاء تطورات غير مرتقبة والتنازل للضغط الإيديولوجي والسياسي للقوى الطبقية المعادية وعقد مساومات سياسية لا مبدئية، الخ.
لكن ليس ثمة حزب معصوم. كما تنعدم قيادات حزبية أو أغلبيات حزبية أو "لجان مركزية لينينية" أو أفراد حزبيون يتحلون بالعصمة. ليس البرنامج الماركسي أبدا برنامجا تاما قطعيا. ولا يوجد وضع جديد قابل للتحليل كليا حسب سوابق تاريخية. يخضع الواقع الإجتماعي لتغيرات دائمة. وبانتظام تحدث تغيرات جديدة غير مرتقبة إبان المنعطفات التاريخية. لم يتمكن ماركس وإنجلز من تحليل ظاهرة الإمبريالية التي لم تنتشر كليا إلا بعد وفاة إنجلز، ولم يتنبأ البلاشفة بتأخر الثورة البروليتارية في البلدان الإمبريالية المتقدمة. ولم تدمج النظرية اللينينية حول ديكتاتورية البروليتاريا الإنحطاط البيروقراطي لأول دولة عمالية، ولم يتنبأ تروتسكي بظهور دول عمالية –وإن مشوهة بيروقراطيا- من جراء نضالات جماهيرية ثورية لم تقدها قيادات ماركسية ثورية بعد الحرب العالمية الثانية (يوغوسلافيا-الصين-الفيتنام). ولا يمكن اكتشاف جواب كامل وجاهز لظواهر جديدة في المؤلفات الكلاسيكية أو في البرنامج القائم.
وستبرز مشاكل جديدة خلال بناء الإشتراكية، مشاكل لا يمنح عنها البرنامج الماركسي الثوري غير إطار مرجعي عام وليس قط مصدرا آليا لإجابات صائبة. يتطلب النضال لأجل إجابات صائبة على هذه المشاكل تفاعلا دائما بين تحليل ونقاش نظري وسياسي وممارسة طبقية ثورية وتبقى الكلمة الأخيرة للتجربة العملية.
إن كل تقييد لحرية النقاش النظري والسياسي مفض إلى تقليص النشاط السياسي الجماهيري الحر للبروليتاريا، أي كل تضييق للديموقراطية الإشتراكية، يمثل في هذه الشروط عائقا لتمكن الحزب الثوري نفسه من وضع خط سياسي صائب لذا فهو ليس خاطئا نظريا فحسب بل أيضا غير فعال عمليا وضار من وجهة نظر التقدم على طريق بناء الإشتراكية.
إن إحدى أخطر عواقب منظومة الحزب الواحد المونوليتي Monolithique وغياب تعددية سياسية (أحزاب وتيارات ومجموعات) وتضييق إداري لحرية النقاش الإيديولوجي والسياسي، هي إعاقة هذه المنظومة لإصلاح سريع للأخطاء التي قد ترتكبها حكومة دولة عمالية. إن أخطاءها، مثل التي ترتكبها أغلبية الطبقة العاملة وفئاتها وتجمعاتها السياسية المختلفة، حتمية إلى حد كبير خلال سيرورة بناء مجتمع اشتراكي لا طبقي. إلا أنه يمكن تصحيح هذه الأخطاء بسرعة في مناخ نقاش سياسي حر واستعمال قوى المعارضة بحرية لوسائل الإعلام الجماهيري، واهتمام والتزام سياسيين على نطاق كبير لدى الجماهير الواسعة ورقابة هذه الجماهير على نشاط الحكومة والدولة في كافة المستويات.
إن غياب كل هذه المصححات، في منظومة حزب واحد مونوليتي، يجعل تصويب أخطاء خطيرة أمرا أشد صعوبة. إن عصمة الحزب، هذه العقيدة الجامدة التي يرتكز عليها النظام الستاليني، هي نفسها ستؤخر إلى أبعد حد الإعتراف بالأخطاء (تمنح مكافأة كبيرة للبحث عن تبريرات ذاتية أو كباش محرقة) وكذا شأن تصحيحات للخط ولو ضمنية. إن الأكلاف الموضوعية لهكذا منظومة، سواء من خسائر اقتصادية وتضحيات غير مجدية، أي ممكن تجنيها موضوعيا، أو من هزائم سياسية أمام الأعداء الطبقيين أو تيه وإحباط سياسيين للبروليتاريا، هي أكلاف باهظة للغاية كما دل تاريخ الإتحاد السوفياتي منذ 1928. ونكتفي بمثال واحد: كانت كيفية تمسك ستالين وأنصاره بسياسة زراعية خاطئة (بما فيها تفاصيل مثل سعر شراء بعض المواد الزراعية)، بعد ما سبب التجميع القسري من كارثة يمكن تفسيرها بالمصالح الإجتماعية الخاصة بالبيروقراطية، سببا لمصيبة حقيقية في تموين الشعب السوفياتي مدة تفوق جيلا. وما زالت آثارها السلبية ماثلة حاليا أي بعد نصف قرن. لو جرى بالإتحاد السوفياتي نقاش سياسي حول حلول بديلة للمشاكل الزراعية لاستحال وقوع مثل تلك الكارثة.
في المقام الثالث: اعتبار أن تقليص حقوق البروليتاريا الديموقراطية قد يسهل، بأي حال من الأحوال، "تربية" تدريجية لجماهير عمالية متأخرة هو بكل جلاء فكرة عبثية. لا يمكن تعلم السباحة مع البقاء خارج الماء. وما من وسيلة لدى الجماهير ترفع مستوى وعيها السياسي سوى الإنخراط في النشاط السياسي والتعلم من تجربة هكذا نشاط. ولا توجد وسائل أخرى لتعلم تفادي الأخطاء غير امتلاك حق ارتكابها على أي حال. إن المسبقات الأبوية حول الطابع المزعوم ل"تأخر" الجماهير إنما تموه، عموما، تخوفا من نشاط الجماهير ذي طابع محافظ بورجوازي صغير، وهو تخوف لا صلة له بالماركسية الثورية. إن لدى البيروقراطية خوف قاتل من الديموقراطية الإشتراكية، ليس لأسباب "برنامجية" بل لتعارض شكل الحكومة هذا مع امتيازاتها المادية إن لم نقل سلطتها. إن كل تقليص لنشاط الجماهير السياسي، بذريعة أنها قد تفرط في ارتكاب الأخطاء، لن ينتج إلا خمولا سياسيا متزايدا بين العمال أي بالضبط تلك الحالة التي بررت زعما ذلك التقليص.
في المقام الرابع: في شروط تشريك معمم إلى هذا الحد أو ذاك لوسائل الإنتاج وللنتاج الإجتماعي الفائض، يؤدي كل احتكار بعيد المدى لممارسة السلطة السياسية من جانب أقلية (وإن كانت حزبا ثوريا له منطلقات ثورية بروليتارية حقيقية) إلى خطر تقوية ميولات موضوعية نحو التبقرط. إن من يسيطر على إدارة الدولة في هكذا شروط اقتصادية-اجتماعية يسيطر من جراء ذلك على النتاج الإجتماعي الفائض وعلى توزيعه. وبما أن التفاوتات الإقتصادية ستدوم في البداية، لا سيما في دول عمالية متأخرة إقتصاديا، فقد يصبح ذلك مصدر إفساد ونمو إمتيازات مادية وتمايز إجتماعي. "إن عملية الإستيلاء على السلطة لا تغير موقف البروليتاريا تجاه الطبقات الأخرى فقط، ولكنها تغير كذلك في الوقت نفسه تركيب البروليتاريا الداخلي وتصبح ممارسة السلطة مقصورة على مجموعة اجتماعية معينة تحاول دائبة حل "مسألتها" الإجتماعية الخاصة بها، بمقدار ما ترى جسامة مهمتها" (تروتسكي: الثورة المعذورة). ثمة إذن حاجة موضوعية إلى رقابة حقيقية على سيرورة اتخاذ القرار وذلك من جانب البروليتاريا بما هي طبقة، مع إمكانات لا محدودة لفضح الفوضى والتبذير والتملك اللاشرعي وإساءة استعمال الموارد الإقتصادية على كافة المستويات بما فيها أعلاها. لكن يستحيل وجود هكذا رقابة ديموقراطية جماهيرية دون وجود تيارات ومجموعات وأحزاب معارضة تحضى بكامل حرية العمل والدعاوة والتحريض وبحق مطلق في استعمال وسائل الإعلام الجماهيرية، وهذا طالما لم تنخرط في النضال المسلح لإطاحة سلطة العمال.
كما ستشهد مرحلة الإنتقال من الرأسمالية إلى الإشتراكية، بل وحتى الطور الأول من الشيوعية (طور الإشتراكية)، استمرارا حتميا لأشكال تقسيم للعمل وكذا لأشكال تنظيم للعمل و لسيرورة العمل موروثة كليا أو جزئيا عن الرأسمالية ولا تتيح نموا كاملا وشاملا لكافة قدرات كل المنتجين الخلاقة. ولا يمكن إبطال مفعول ذلك بالتربية والتوجيه المذهبي والوعظ الأخلاقي أو بحملات "نقد جماهيري" دورية كما يزعم الماويون، ولا حتى بسبل مخادعة كأن يعمل الأطر يوما في الأسبوع عملا يدويا. قد تصبح هذه العقبات الموضوعية، في طريق انبثاق تدريجي لعلاقات إنتاج اشتراكية بالفعل، مصادرة قوية لامتيازات مادية. ولا يوجد سبيل لتفادي هذا الأمر غير ممارسة جماهير المنتجين (في المقام الأول الأكثر عرضة للإستغلال: العمال اليدويون ) للسلطة السياسية و الإجتماعية الحقيقية على كل فئة لها امتيازات "وظيفية". ويمثل تقليص يوم العمل جذريا والديموقراطية السوفييتية الأوسع وإتاحة رفع مستوى كل العمال الثقافي بسرعة شروطا أساسية لبلوغ هذا الهدف.
ولكي يحتمي الحزب الثوري من الأخطار المهنية للسلطة عليه أن يرفض مراكمة أعضائه لوظائف سلطة الدولة ومسؤوليات قيادية بالحزب.
إن الشروط الحالية ، التي تجعل مهمة الحفاظ على الديموقراطية البروليتارية وتطويرها صعبة للغاية، ستتغير نوعيا إذا حدثت إحدى التطورات الحالية:
1- ثورة اشتراكية في واحد أو أكثر من البلدان الرأسمالية الصناعية الأكثر تقدما. فهكذا ثورة ستعطي دفعا قويا للنضال لأجل الحقوق الديموقراطية عبر العالم وستتيح فورا إمكان إنماء الإنتاجية على نطاق واسع مستبعدة النقصان الذي يشكل قاعدة أساسية لتوطيد النزعة البيروقراطية الطفيلية كما شرحنا أعلاه.
2- إن ثورة سياسية بالبلدان العمالية المشوهة أو المنحطة بيروقراطيا، لاسيما بالإتحاد السوفياتي أو الصين الشعبية، ستفضي هي الأخرى إلى صعود للديموقراطية البروليتارية مع مضاعفات عالمية هائلة ومع إنهاء وجود الفئة البيروقراطية وتصورها عن "بناء الإشتراكية في بلد واحد".
إن هكذا ثورة سياسية ستتيح تخطيطا اقتصاديا مشتركا لكافة الدول العمالية، وهذا ما يضمن قفزة للإنتاجية تساعد على إزالة القاعدة الإقتصادية للنزعة البيروقراطية الطفيلية حتى قبل حدوث الثورات الإشتراكية في البلدان الرأسمالية المتقدمة صناعيا.
وأخيرا، صحيح أنه ليس ثمة ترابط ولا تزامن آليان بين إزالة سلطة الدولة البرجوازية والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج من جهة وإختفاء الإمتيازات في مجال الثروة الخاصة والإرث الثقافي والتأثير الإيديولوجي من جهة أخرى، هذا بصرف النظر عن إخفاء كل عناصر الإنتاج البضاعي. فلأمد طويل بعد إسقاط سلطة البورجوازية وإلغاء الملكية الرأسمالية، ستستمر بقايا إنتاج بضاعي صغير وعناصر اقتصاد نقدي في خلق الإطار الذي يسمح بانطلاق جديد للتراكم البدائي للرأسمال، لا سيما إذا كان مستوى تطور القوى المنتجة غير كاف لضمان ظهور وتوطيد آلي لعلاقات إنتاج إشتراكية فعلا. كما ستبقى في هكذا شروط عناصر تفاوت اقتصادي واجتماعي. ولأمد طويل بعد فقدان البورجوازية لمواقعها، بما هي طبقة سائدة اقتصاديا وسياسيا، سيبقى تأثير الإيديولوجيا والأخلاق والعادات والقيم الثقافية البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في دوائر واسعة نسبيا من الحياة الإجتماعية وفي فئات واسعة من المجتمع.
لكن لا يصح بتاتا أن يستنتج من هذا الواقع الأكيد (الذي هو أحد الدواعي الرئيسية لضرورة إمساك البروليتاريا بسلطة الدولة لتفادي تحول"جزر التأثير البورجوازي" تلك إلى قواعد لإعادة الرأسمالية) أن القمع الإداري للإيديولوجية البورجوازية شرط لازم لبناء المجتمع الإشتراكي. على العكس تثبت التجربة التاريخية انعداما مطلقا لفعالية الصراعات الإدارية ضد الإيديولوجيات الرجعية البورجوازية والبورجوازية الصغيرة. بل في الواقع تفضي تلك الأساليب إلى توطيد سيطرة هذه الإيديولوجيات في المدى البعيد. وتجرد جماهير البروليتاريا الواسعة من سلاحها الإيديولوجي أمام هذه الإيديولوجيات نظرا لنقص تجربة النقاشات السياسية والإيديولوجية الحقيقية ولنقص مصداقية "عقائد الدولة" الرسمية.
تكمن الوسيلة الوحيدة الفعالة لإزالة تأثير هذه الإيديولوجيات على جماهير العمال في:
1- نزع ملكية المطابع والراديو وقنوات التلفزة (شأن وسائل الإنتاج الكبرى). أي تحرير نشر الأفكار على نطاق جماهيري من السيطرة المادية لرأس المال الكبير.
2- خلق الشروط الإجتماعية التي تزيل لهذه الإيديولوجيات الجذور المادية لإعادة إنتاجها.
3- خوض نضال لا هوادة فيه ضد هذه الإيديولوجيات في مجال الإيديولوجيا والسياسة نفسها. لكن لن ينجح هذا النضال كليا إلا في شروط نقاش ومواجهة مفتوحين أي حرة المدافعين عن الإيديولوجيات الرجعية في الدفاع عن أفكارهم وفي شروط التعددية الثقافية والإيديولوجية طالما لم ينتقلوا إلى العمل العنيف ضد سلطة العمال.
4- وحدهم فاقدو الثقة في تفوق الأفكار الماركسية والمادية وفي البروليتاريا والجماهير الكادحة يمكن أن يخشوا مواجهة إيديولوجية علانية مع الإيديولوجيات البورجوازية والبورجوازية الصغيرة في ظل ديكتاتورية البروليتاريا،لما تكون البورجوازية منزوعة السلاح والملكية وحين يصل أعضاؤها إلى وسائل الإعلام حسب عددهم فقط وليس حسب ثروتهم. فلا سبب للتخوف من مواجهة دائمة وحرة وصريحة بين أفكارهم و أفكارنا. إن هذه المواجهة هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن للبروليتاريا أن تتثقف بها إيديولوجيا وتتحرر بنجاح من نفوذ الأفكار البورجوازية والبورجوازية الصغيرة. وبذلك سيتأكد كليا تفوق الماركسية.
إن منح أي احتكار للماركسية (دون الحديث عن تأويل خاص للماركسية) في المجال الإيديولوجي الثقافي بوسائل الدولة الإدارية والقمعية لن يؤدي إلا إلى تقهقر الماركسية نفسها من علم نقدي وثوري وسلاح لتحرر البروليتاريا وبناء مجتمع لا طبقي إلى شكل لعقيدة دولة أو دين دولة عقيم وكريه. هذا جلي اليوم في الإتحاد السوفياتي حيث يُخفي الإحتكار الممنوح ل"الماركسية الرسمية" العجز عن الخلق في كل المجالات.
لا يمكن أن تزهر الماركسية، هذا الفكر النقدي بامتياز، إلا في مناخ النقاش الكلي والشامل والمواجهة الدائمة مع تيارات فكرية أخرى أي في مناخ تعددية أيديولوجية وثقافية كاملة وشاملة. "يحتاج الحزب إلى العلم الإشتراكي، وهذا العلم لا يحيى دون حرية الحركة" (إنجلز، رسالة إلى بيبل).
عن موقع جريدة المناضل-ة www.al-mounadhil-a.info
#الاممية_الرابعة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ديكتاتورية البروليتاريا والديموقراطية الإشتراكية - الجزء الث
...
-
ديكتاتورية البروليتاريا والديموقراطية الإشتراكية - الجزء الأ
...
-
انهيار «الشيوعية» في الاتحاد السوفياتي
-
دور الأممية الرابعة ومهامها
-
اتفاق واشنطن
-
البرنامج الانتقالي: احتضار الرأسمالية ومهام الأممية الرابعة
...
-
البرنامح الإنتقالي: احتضار الرأسمالية ومهام الأممية الرابعة
...
-
البرنامج الانتقالي: احتضار الرأسمالية ومهام الأممية الرابعة
...
-
الأممية الرابعة: أربعون سنة بعد تأسيسها ـ إرنست ماندل
-
لماذا لا غنى عن منظمة أممية؟ ـ ارنست ماندل
-
اشـتـراكـيـة أو هـمـجـيـة على عتبة القرن الواحد والعشرين- بي
...
-
من أجل انبعاث الروح الأممية ـ نداء صادر عن الأممية الرابعة
-
إرنست ماندل: المفكر الماركسي، المناضل الثوري والقائد الأممي
-
الثوريون والانتخابات
-
موضوعات حول بنية الأحزاب الشيوعية وأساليبها وعملها
-
تقويم لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
-
تروتسكي ولينين هل من خلاف ؟
-
مكانة النظرية في الحزب الثوري
-
انتفاضة ماي (أيار) 1968 في فرنسا
-
ملف دروس الثورة الصينية
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|