|
حوار مع جمال الشقصي
عزيزة رحموني
الحوار المتمدن-العدد: 3750 - 2012 / 6 / 6 - 16:12
المحور:
الادب والفن
• جمال الشقصي شاعر صحفي وناقد انطباعي ، قلم وارف لمبدع عربي حرفه صهيل روح تحتفي بالحياة و تقبض جمرها بين أصابع الكلمات كيْ تتوقّد الجهات الأربع في القلب...في هذا الحوار نتلقّى نبضه لأنه فتح لنا شرايين صفائه لنَسْبح الى نغسه، لنتابع: • جمال المبدع لو سألناه أن يفتح لنا حدائق قلبه..ما الذي ستبوح لنا به حياضه؟
لا شيء يذكر سوى أنني سعيد لبقائي المقبول في قلب أمي وبمنتهى الحب، على الرغم من شقاوتي ومزاجيتي التي لن يسعني الوقت لتفسير فوضويتها وأنا أشارف على دخول أربعيني المجهولة بعد سنوات قليلة إن أحيانا الرب بإذنه.
متى تكون السذاجة قيْدا والحماقات الذاتية حديدا؟
الأولى باختيارنا العفوي لمن نحب، متجاوزين ديمومة العلاقة.. راضخين بإمكانية استدامتها ولو في صدفة على طاولة مقهى، والثانية بجهلنا سوءات من نحب رغم وضوحها التام أمام مرآنا. إننا أقدر الناس على فرض القيود وأكثرنا تأوهاً حين تؤلمنا سلاسل السجان، وما هذا السجان إلا نحن يوم أن قبّلنا وهلة الوهم الأولى بلا استدراك أو استشراف لما سيحل بعد من أحداث ووقائع، وبالسذاجة والحماقة لن نفك خيوط السراب التي تشابكت والتفت حول خاصرة المصير.
الفقر ِنسبي و الغنى كذلك كيف تُعربهما ماضيا و مضارعا ؟
إن كانت الإشارة بالسؤال إلى جمال على مستوىً شخصي فأنا لست بفقير ولست بالغني في آن، إذ أنني كلما علَت قامة أسوار المنازل بِتّ أكثر النّاس حاجة لسلالم الخشب كي أتنصّت وأتلصّص على صوت رغيف الأمهات في أفران الفجر داخل تلك الأسوار، وكلما انهدّت وانهارت الأطيان حملنا الماء لإعادة عجين صلصالها ولم نحمل الماء لإخماد الحرائق. إن الفقر والغنى اللذان عايَشْتهما على مستوى الثّوب والرّغيف والنّعْل المبتور أو العِطر الباذخ المترف.. إنهما بلا فوارق حين يتعلّق الأمر ببقاء الذات على موقفها الحُر وقناعتها الماجدة في ظِل اختلاط المفاهيم في وعاء لغة الماديات.
متى يمتهن، جمال، الصدق و التّلقاء ؟ و متى يقف تحت أقواس كذبة؟
مثلي مثل أغلب العروبيون العابرين على رغيف الحياة، أمتهن الصدق أمام كِسرة رغيف الكرامة، تماماً كما ( جان فالجان ) أو كما ذقن ٍ شاكَت شعيراته في أزقتنا الشعوبية. أما أقواس الكذب فأنا مفطوم بينها مذ كتبت الآدمية أنني عربي حسب التدوين والتاريخ، وأنا الأفاق المرائي بمجرد أن اقتضى التزامن بـ حقيقة أن لا ذات تتحرر باسمي عن كلس تدويننا المشبوه وهو يطوق خاصرة الشمس وبأصغر خرقة ٍ لغربال. سأتوقف في هذا السؤال أكثر أمام مفردة التلقائية كجزئية تعنيني بكثير أمام ضخامة الهالة الأدبية أو المعرفية التي تسببت في مثل هذا اللقاء، فتحت سقف الصحراء نعمة كبرى تتجسد في مقدرة اكتشاف النجوم ومواقعها ومن غير حاجة مسابر أو مناظير، وفوق رمل البيد تتشكل جغرافية السيف والفرس والقرطاس، وما دون هذه التلقائية ـ حسب وجهة نظري الشخصية المتواضعة - لا يعدو إلا حضارة مفتعلة، حضارة لا تفرق بين ربطة عنق الموظف وما بين خطوة (شكري) الحافية على جسد لغة الرواية.
هل يعترف لنا جمال متى ُيحبّ و متى يكره؟
وهل ثمة اعتراف ظاهر بخوافي المحبين ومعاني الكارهين؟ إننا كلما ارتكبنا الخطيئة وشعرنا بأساها سارعنا إلى رف ٍ مُغبرّ عليه الذكر الحكيم أيمن المحراب، إلا أننا كلما مارسنا الخطايا بارتياح صرنا محلّ الغبار المتراكم على الذكر المبين، ذلك أن لا شعور ذنب ٍ يوخز قلوبنا البتة. لا أجد أن ثمة زمن يمقدوره التحكيم على ظواهر وخوافي الحب والكره أكثر عن موعد زفرة الروح الأخيرة.
متى يكتبنا الشعر حياة موازية ؟
الشعر بيتي داخل البيت، وثوبي فوق الثوب، والشعر وجهي في القلب وقلبي على الوجه. إنه الذي يكتبني في كل حيّ ومطار، ويحولني كيفما أرادت معانيه من قروي تلطخه أطيان الفلاح لرجل ينمق ربطة عنقه في قلب المدينة. متى ما ارتأى الشاعر أن إرثه من التجريب هو خلاص الشعر تمكن من بناء حياة ٍ واحدة لا فرق فيها بين اسمه في شهادة الميلاد ومسماه كشاعر بشهادة العالم.
البعض يعتبر القصيدة النثرية شعرا منحرفا متمردا، ما موقف جمال من أشكال الشعر العربي و متى يتحرر النقاش من هذا الإشكال حول الشعر من شكله إلى مضمونه لدى المبدعين أنفسهم ؟
إن شعراءنا الأوائل من العرب والذين هم سادة القالب الكلاسيكي الثابت كثوابت الطبيعة من حولهم كانوا حسب السيَر التاريخية والتدوين قد التمسوا شيئاً كثيراً من أساطير الأولين في أشعارهم، وأثبتت الدراسات والتراجم والمقاربات التاريخية حضور صوت الأسطورة الإغريقية ( للمثال لا الحصر) في كثير من مواقع الشعر الجاهلي، فلماذا سكب الجاهليون معلقاتهم وقصائدهم في قالب شكلي واحد ومتناسخ على الرغم من أن الأسطورة لم تكتب على شطرين متقابلين؟ لو أن الشكل هو الحل الذي يريحنا من مشاكلة الإبداع في الشعر لاكتست الكعبة بأكثر عن ١٠٠ معلقة على أقل تقدير. مشكلتنا اليوم أن أكثر ما نقرأه من شعر ٍ إما أنه للتقليد أو أنه لاغتصاب الشعر سواء جاء بناؤه نثراً أو بشعر التفعيلة، أم أنه جاء على طبيعته العربية القديمة المتوارثة.
هل يُؤَرّقُك اجتياز امتحان الزمن و ترْك وَشْم على صخرة الأيام التي تُدحرجنا إلى الجهة الأخرى؟
من غير شكّ هو أكثر ما يؤرّقني وهو الحلم في الوقت نفسه. أدعو الله أن يعينني على كسب الصلح والسّلام مع كل من التقيتهم فوق وجه البسيطة، وأن يسخر لي القارئ الذي يدخلني مدن الشعر الفاضلة حتى ولو بعد مليون عام من الآن!
هناك دائما ذريعة للتوّقف عن الكتابة للتأمل في الكون حولنا على ضوء معطيات قد تكون جمالية او نقدية تستجد على ساحة الإبداع، هل يمارس جمال بعض الرّقابة على نفسه؟ هل يمارس الّنقد الذاتي بحثا عن تأويلات أو معان فاتته ساعة البوح ؟
بطبيعة حالي أنا مهتم بالنقد وقراءاته ودراساته أكثر من اهتمامي بقراءة أو كتابة الشعر. وهنا لابد لي من أن أكشف لك بعض الجوانب التي قد تخفى عليك ِ كونك وصلت ِ باتجاه الخليج قادمة من محيطنا المغربي الذي نُكِنّ له كل الحُبّ على مستوى المكان وعلى صعيد شعبه الطيب. إن سيرتي الذاتية المتواضعة صَنّفتني مع الأيام كشاعر وصحفي وناقد انطباعي، فأنا رجل مهتم بقراءة التاريخ كونه تخصصي الأكاديمي الجامعي وهو في الوقت نفسه متعتي اللا محدودة كمطلع أو قارئ. فكتابة الشعر لا تغريني أكثر من متعة اكتشاف أغوارها، وبطبيعة الحال فإن هذه الأغوار دائماً ما تكون معتمة دامسة الظلام، وما من مشعل قادر نوره على البقاء مضيئاً في تلك العتمة المبهرة سوى مشعل الاطلاع والقراءة واكتشاف المعارف. إن التوقف عن الكتابة حالة مستديمة لديّ مذ أن اكتشفت أن القراءة هي الأرض الصلبة لبقاء قصيدة وإن كانت يتيمة لملايين السنون.
القارئ العربي كسول في متابعة الإبداع ، هل نُصَنفه في خانة المتلقي السالب او ننعته بالنفور من استهلاك المعرفة ؟
حتى وإن أعفيته من كل التهم فإن الدراسات والإحصاءات العالمية التي تجريها أكبر المراصد والمراكز العالمية المهتمة بالنشر وتسويق الكتاب ستكون قيداً حول رقبتي!
كلمة أخيرة ؟
لقد تم الالتفات لي من قبل صحفية وناشطة إعلامية جاءت من المغرب تحاورني في خيام جزيرة العرب، بينما يجلس أكثر أصدقائي من أهل الصحافة والإعلام إلى جواري في الخيمة نفسها، ولكنهم لم يلقوا تحية السلام عليّ منذ أكثر من ١٥ عاما! فكيف لي لا أقول شكراً لهذا الكرم، وكيف لي لا أستعد منذ اللحظة لمحاولة رد هذا الجميل الجم؟ ............. اجرتِ الحوار: عزيزة رحموني من المغرب.
#عزيزة_رحموني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار مع الشاعرة جولييت انطونيوس
-
حوار مع الشاعرة ريحانة بشير
-
حوار مع المبدع العراقي وجدان عبد العزيز
المزيد.....
-
-بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
-
سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي
...
-
لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
-
مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م
...
-
رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
-
وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث
...
-
وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه
...
-
تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل
...
-
تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون
...
-
محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|