|
حمدين صباحي معادلة الهزيمة - الانتصار
أحمد زكارنه
الحوار المتمدن-العدد: 3744 - 2012 / 5 / 31 - 10:27
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
المثير فيما افرزته نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية واقعية وتأثيراً، هو الدفع بمهزومين إلى الجولة الثانية، وفائز واحد في كافة الجولات والأقطار العربية معاً، ذلك حينما افرزت بعد طول غياب، زعيما ملهماً لا للمصريين وحدهم ولكن لكل العرب، مثلَّ بثورته السياسية صوت الجماهير العريضة من المحيط إلى الخليج وربما مرورا بأدغال أفريقيا وشمالها المغاربي، وهو الأمر الذي كان ينقص الثورة العربية الحديثة أو ما يسمى بـ « الربيع العربي». وبعيداً عن العواطف التي تملأ صدور شباب الأمل العربي القادم، كما تملأ صدور كتائب الإخوان الالكترونية بالعكس تماماً، فإن صباحي نعم قد يكون خسر السباق الانتخابي، ولكنه فاز بما هو أعمق وأرسخ كثيراً من الجلوس على سدة حكم كبرى الدول العربية، حينما فاز بحب وإيمان الملايين من العرب والمسلمين حول العالم، باعتباره زعيماً عربياً وحدوياً موحداً حتى للفرقاء، رغم أن مئات الآلآف من هؤلاء ربما لا يعرفونه شخصياً، ولكنهم خبروه فعلاً لا قولاً. حمدين صباحي ليس اسماً ظهر في غفلة من التاريخ كما يحاول البعض توصيفه، وإنما صباحي الذي حاورته ذات يوم عبر أثير الإذاعة الفلسطينية « صوت فلسطين ، فيما كان النظام السابق في قمة تجبره، كان متوقداً بالأمل، يراوده حلم الوحدة العربية الذي كنا نراه بعيداً، ويراه هو قريباً، كان مصمماً على عبور اللحظة، دون حتى التفكير في كابوس الغد ونتائجه التي ذاق مرارتها كثيراً على مدى أربعين عاماً لم يخلف فيها للثورة ميعاداً، وهو يقود مرة انتفاضة للفلاحين، وأخرى للعمال، ليعتقل بدل المرة سبع عشرة مرة أُهين ونكل به فيها بشراسة ثبّتت إيمانه بقضيته، فتحمل وصمد ولم ينكسر، ليثبت لنفسه أولاً وللآخرين ثانياً ولوطنه ثالثاً ورابعاً وعاشراً، أنه رجل صاحب قضية مستعد لتحمل تكاليفها، إلى أن أكسبته تجربته النضالية، قدرات اضافية رشحته بقوة كي يصبح الأكثر قرباً من توصيف رجل الدولة والثورة في آن، وهذا كله رصيد لا يمكن اغفاله لصالح القول إنه ظاهرة مفاجئة. هذا هو حمدين صباحي نفسه الذي فاجأ الجميع بعد صدور النتائج الأولية، ليثبت للمرة الألف أنه أحد ابرز الرجال المحترمين من قوائم المرشحين، حين اعلن بشكل لا لبس فيه، أنه يحترم النتائج التي افرزتها الانتخابات الرئاسية، رغم عدم فوزه بسدة الحكم، ورغم كل الشكوك التي تحوم حولها، وتحديداً فيما يخص قضية شراء الأصوات التي يتهم فيها كلا المهزومين الصاعدين إلى الجولة الثانية « شفيق ومرسي، ولكنه لن يوظف هذا الفوز بالكتلة التصويتة الكبيرة للحصول على مكاسب شخصية من طراز القبول بمنصب نائب الرئيس، ويعود هذا الاحترام لنفسه أولاً ولمنتخبيه ثانياً، ربما لانه أكثر المدركين بأنه الفائز الوحيد والحقيقي في هذه التجربة النضالية، التي جذبت نحوه الملايين من القوة الناعمة في مصر والاقليم، فضلاً عما زرعته من أمل في صدور مئات الالآف من منتسبي حزب الكنبة المصري والعربي معاً. ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع، هو ارتفاع هاجس الخوف المركب بين « الانقضاض والاستحواذ «، الذي يسيطر على العديد من المصريين والعرب، جراء انحصار جولة الاعادة بين مرشحين أفضلهما سيئ بالنسبة للسواد الأعظم من الجماهير.. هو خوف من امكانية الانقضاض على الثورة في حال فوز « أحمد شفيق « مرشح المجلس العسكري أو الفلول كما يحلو للبعض توصيفه، ومن جهة أخرى هو خوف من الاستحواذ على الدولة في حال فوز محمد مرسي مرشح التيار الإخواني الذي فشل فشلاً ذريعاً في اقناع المصريين تحت قبة البرلمان، رغم علو سقف التنازلات المجانية التي قدمها للمجلس العسكري والغرب معاً، ما تسبب في خسارته ما يتجاوز نسبة ال 50% من اجمالي الكتلة التصويتة التي حصل عليها هذا التيار قبل أربعة أشهر في الانتخابات البرلمانية. ولكن القراءة الموضوعية لتداعيات الماراثون الرئاسي في مصر، تقول إن نتائجه إنما اسقطت العديد من الاقنعة عن بعض الوجوه والاسماء ممن تاجر ولا يزال يتاجر بدماء الشهداء، فضلاً عن كونها تشير بشكل واضح وجلي، إلى أن عقارب ساعة الخوف والهوان لن تعود للوراء، كما أن عقارب ساعة الحلم لن تعرف معنى الثبات أو الصمت مرة أخرى. فصعود نجم أفقر المرشحين تمويلاً، بكل هذه الكتلة التصويتة الممارسة والمتابعة من المصريين والعرب في آن، إن دلت فهي تدل على أن المصريين العروبيين بطبعهم وطبيعتهم، ومن ورائهم ملايين العرب، قد حزموا اختيارهم مرة واحدة وربما لعقود قادمة من الزمن، للاصطفاف وراء زعيم عربي ملهم بعد طول غياب، هو بلا منازع حمدين صباحي الذي لم يسعفه التزوير ليصبح رئيساً لكل العرب، ولكن حب الجماهير العربية العريضة، أكسبه لقباً استحقه وبجدارة، هو لقب « حلم الأمة «، وهنا تتجلى معادلة الهزيمة الانتصار.
#أحمد_زكارنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأربعاء الأخير..
-
فكّر بغيرك
-
الوطن بشيقل.. وكل العرب ببلاش!!
-
خطبة الوداع أم جماع الوداع
-
ابن الهلاك...
-
فلسطين الجزء المتاح
-
مجانية الحرية
-
خضر عدنان التجارة والموضة..
-
لكل قاعدة استثناء
-
الانفلاس الأمني وحزب الكنبة
-
نحو حوار وطني ثقافي
-
بين أن تكون مش داري أو تكون أحمد داري
-
الأرض بتتكلم عبري
-
الهوية الإسرائيلية، قسراً أم انتماءً؟!
-
بعيداً عن الحدود، قريباً من السقوط
-
الربيع العربي.. خريف موعود
-
ثورة النص، نص
-
فوازير الحرّيّة في الدّروب الحلزونيّة
-
وسائل شيطانية لا إعلامية
-
يدان وطوقٌ واستدارة..
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|