|
الفنان -محمود أبو العباس-: مسرح بلا ناس مجرد خَرِبة..و شعب بلا مسرح معطوب الروح والمستقبل
جاسم العايف
الحوار المتمدن-العدد: 3744 - 2012 / 5 / 31 - 09:22
المحور:
الادب والفن
افتتح الدكتور"عباس الجميلي"، رئيس قسم المسرح في كلية الفنون بجامعة البصرة، جلسة الاحتفاء التي أقامها اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة ، على قاعة محمود عبد الوهاب، بالفنان "محمود أبو العباس" مرحباً بعودته لمدينته ووطنه بعد غربة دامت حوالي ثمانية عشر عاماً كان خلالها فاعلاً في الحركة –الثقافية أينما حل. وتحدث د. الجميلي: عن لقاءاته بالفنان" أبو العباس" المتكررة على البحر في أقصى بقعة بالشرق العربي وحلم الفنان "أبو العباس" الدائم في أن يخترق البحر والمسافة والزمن ليصل مدينته ووطنه، وهو ما حققه مؤخراً . وأضاف انه إذا قدم سيرة فنية كاملة للفنان "أبو العباس " فأنها قد تستغرق الجلسة كلها لكنه سيختصرها. وذكر:أن"أبو العباس" ممثل ومخرج وكاتب مسرحي ، ولد في البصرة عام 1956 وبدأ العمل المسرحي فيها عام 1971 ثم تخرج في كلية الفنون الجميلة / جامعة بغداد/ وحصل على درجة الماجستير في الإخراج المسرحي. وأضاف: الفنان " أبو العباس" كتب واخرج عدد من المسلسلات والسهرات الدرامية التلفزيونية وعمل مديرا للإنتاج ومخرجاً للبث التلفزيوني ، وسكرتير تحرير مجلة(كواليس) ومثل مع المخرجين إبراهيم جلال وبدري حسون فريد وسامي عبد الحميد وقاسم محمد وصلاح القصب والراحل د.عوني كرومي وعزيز خيون ومنتهى محمد رحيم وعواطف نعيم وغيرهم.ومثل في مسرحيات عدة أهمها " دائرة الفحم البغدادية" التي عرضت ليلة واحدة، زمن النظام السابق، في بغداد ثم منعت نهائياً .واخرج أكثر من تسعة عشر مسرحية ، منها مسرحيات للأطفال وبعض الاوبريتات وله مجموعة من البحوث والدراسات المنشورة والكتب المطبوعة. وأضاف د.الجميلي:الفنان"أبو العباس" شارك في اغلب المهرجانات الدولية والعربية والمحلية للمسرح والسينما ومنها قرطاج المسرحي / تونس/ والسينما العربية في باريس ومهرجان القاهرة الدولي و الأردن وايطاليا والسودان وأيام الشارقة المسرحية في الإمارات ومهرجان فيلادلفيا للمسرح الجامعي ، وترأس لجان التحكيم في بعض المهرجانات المسرحية العربية والدولية، وفاز بجائزة أفضل ممثل في العراق أعوام عدة وأفضل فنان عربي متميز بمهرجان الشارقة المسرحي الدولي أعوام 2001 /2006 /2007/2011 وحصل على جائزة التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج الدولي عام 2001 كما حصل على جائزة أفضل مخرج عراقي عام 1988 وقد أسس مهرجانات مسرحية في دبي والشارقة ، وبعض الورش المسرحية الخاصة بمسرح الطفل وأخرى في مدارس الإخراج الحديث. وأسس فرقة إبراهيم جلال المسرحية في بغداد وله تجارب عدة بـما يسمى(مسرح البساط) الذي يقدم عروضه في الساحات العامة مستفيدا من فضاء الهواء الطلق. وثمة مراكز وظيفية مرموقة تقلدها في دولة الإمارات العربية خاصة بالمسرح. ثم تحدث الفنان "محمود أبو العباس":الذي أبدى شكره وامتنانه على هذه الاستضافة و الحضور الكثيف والغني للمثقفين والفنانين في المدينة ، وأكد انه قد عاد بعد غربة طويلة مثمرة فنياً، وأنه قد غادر العراق، في التسعينيات مجبراً، بعد أن قدم موندراما(يا طيور)، في بغداد والبصرة، بعد علمه عن نية اعتقاله بسببها و سارع بالاختباء أولاً ، ثم تمكن من السفر ،وانه تم التحفظ عليه قبل مغادرته العراق مدة 48 ساعة في الحدود العراقية، لكنه تمكن من الإفلات ، وبقي ينتقل بين بلدان عربية وأجنبية وانه خلال عمله في الإمارات العربية المتحدة، ومع وجوده في بلد عربي مضياف وكريم، إلا أن روحه لم تستقر إلا في مدينته البصرة ووطنه العراق وان الغربة بمثابة استنفاد للطاقة الإنسانية ، ومع انه كان يتمتع بمركز رسمي هناك ، لكن ثمة مشكلة واجهته وهي تعدد اللغات واللهجات إذ انك ترى و تسمع في الشارع ما مجموعه 132 جنسية لكل منها لهجته الخاصة وهي وافدة للعمل فيه ، ومع انه فتح عينيه على مدينته البصرة التي أيضاً ثمة تعدد للهجات فيها كونها مدينة بحرية لكنها احتفظت بخصوصيتها التاريخية ، ومع كل ما حصل عليه هناك من حرية في العمل والنشاط الفني وتميز مهني و وظيفي والعمل في بنى تحتية متطورة فنياً و تقنياً، لكنه كان يحس بالغربة التي تقود للاغتراب الاجتماعي ، وانه في توجهاته ، بعد التغيير، كان يحس أن عليه واجباً اجتماعياً- فنياً يحتم عودته لخدمة الحركة المسرحية والفنية في البصرةالتي شهدت انطلاقته الأولى. وأكد انه يحاول أن يفعل شيئاً ما مع كل المعنيين بالحركة الثقافية و المسرحية والشباب بالذات في مدينته التي وصفها بالمنبع الذي لا حد لثرائه الجميل والخلاق والمتجدد . كما ذكر "أبو العباس" انه وخلال ترحله اكتشف إن المسرح في العراق والبصرة بالذات يملك كل عوامل التطور من الناحية البشرية الإبداعية الفعالة ، لكنه يفتقر إلى البنية التحتية المناسبة ، والعكس حاصل في البلدان الأخرى، وان في البصرة بيئة وطاقات مسرحية خصبة تاريخياً وراهناً ، لكن ثمة إهمال واضح لاستثمارها وفسح المجال لها والاهتمام بها، من قبل المؤسسات الرسمية ، واقترح على المسرحيين والفنانين بكل توجهاتهم الفكرية والفنية أن يستثمروا كل ما هو ممكن للوصول للناس وإعادة تقاليد الحركة الفنية- الثقافية التنويرية في المدينة. وعن بدايته ذكر انه أنخطف بالإعمال المسرحية التي كانت تعرض في المسرح المدرسي، وكذلك العروض المسرحية المتواصلة التي كانت تقدم في (قاعة التربية) بعد أواسط مرحلة الستينيات و تابع نشاطات جماعة "كتابات مسرحية" وعروضها المدهشة على حدائق نادي الفنون في البصرة ، و مع تقدمه في الدراسة الفنية واجه مشاكل جمة إلا انه استطاع أن يتخطاها من خلال إصراره الشخصي وبمساعدة أساتذة المسرح العراقي الكبار الذين يدين لهم بالفضل في حياته العملية - الفنية وهم من علمه واخذ بيده وفي المقدمة منهم قاسم محمد وسامي عبد الحميد وجعفر السعدي وبدري حسون فريد وجاسم العبودي وأساتذة أجلاء آخرون، وان عمله في "فرقة المسرح الحديث" مع الفنانين يوسف العاني وخليل شوقي وزينب وناهده الرماح زرع الثقة في نفسه كثيراً، و خلال دراسته الاكاديمة ثمة أساتذة عرب منحوه المعرفة بإخلاص وتفان. و تحدث الفنان "أبو العباس" عن الفضاءات المسرحية المتعددة التي وفرتها له تجربة الانتقال من بلد عربي إلى بلد أجنبي وملاحظته التشابه الغريب في المعوقات المسرحية في تلك البلدان مع تقدمها حضارياً، لكن ثمة فعالية للـ"مجتمع المدني" في تلك الدول وهو ما يمنع السلطات بقوة عند محاولة مساسها بتنوع المسرح أو السعي لكبح خطابه ، وهذا ما نحن بحاجة إليه وفي هذه المرحلة بالذات، لمواجهة كل مَنْ يرى أن المسرح من الممنوعات والمحرمات ، ما لم ينسجم مع توجهاته المغلقة والملفقة والتي لا تاريخ لها في الوجدان الشعبي الجمعي للعراق وشعبه الغني بكل أطيافه ومكوناته وثقافاتها المتعددة المتألقة تاريخياً. و أبدى الفنان " أبو العباس" تفاؤله خلال مشاهداته السريعة للحركة الثقافية والمسرحية في المدينة ، وبالذات حماس الشباب والشابات وتجمعاتهم الجدية مؤكداً انه لم يتوقع هذا عند غربته ، إذ ثمة تعتيم وانحياز إعلامي مقصود ضد التجربة الثقافية والحياتية العراقية الجديدة. كما تحدث الفنان " أبو العباس" عن الفضاءات المسرحية وتقنياتها التي يجب أن تستثمر منجزات الحداثة العالمية والحرية الإنسانية التي لا أسوار أو حدود لها عند توجهها للناس، مؤكداً : أن مسرحاً بلا ناس مجرد خَرِبة.. وأي شعب بلا مسرح..شعب جريح ، معطوبة روحه وتوجهاته المدنية وحتى مستقبله .وأضاف: لا يمكن لأي سلطة أو جماعة ما ، مهما كانت توجهاتها ومراكزها الراهنة ، أن تدجن وتنكل ، حالياً و مستقبلاً بالإرث الحضاري - الجمالي للبصرة وروحها العراقية الغنية بمبدعيها وتراثهم الثقافي- الفني.وعقب عدد من الحاضرين على أطروحات الفنان "أبو العباس" مرحبين بقدومه ومبدين استعدادهم للتعاون معه في مجال الحركة المسرحية في المدينة لإعادة روحها التنويرية المدنية المعروفة من خلال التجدد والحداثة والعصرنة التي تجتاح العالم و التفاعل معها اجتماعياً و ثقافياً وفنياً.
#جاسم_العايف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشاعر مهدي محمد علي: شجرة مثمرة..ومنجز غمرته الظلال
-
الفريد سمعان.. شهادة عن زمن مضى
-
مقهى أدباء البصرة: يستعيد الفنان والمفكر- محمود صبري- و و- و
...
-
في الأول من أيار :دعوة لتأسيس مركز بحثي- علمي مستقل- يعنى ب(
...
-
في مقهى أدباء البصرة:معرض للفنان-عبد الصاحب الركابي-وفلم للم
...
-
ملاحظة لابد منها عن موضوع نشر ته وكتب عنه الاستاذ محمد سعيد
...
-
مقهى (الدَّكة) في البصرة:..فضاء ثقافي..وزمن سبعيني(1-4)
-
رسالة الى:
-
حول الملتقى الثاني لقصيدة النثر في البصرة..
-
(أوراق جبلية) لزهير الجزائري:..تجربة ذاتية وكوابيس
-
جماليات المسرح..بين الانثروبولجيا الوصفية والعلوم الآثارية
-
قصيدة النثر وإنتاج المعنى
-
عبد الكريم كاصد يحاور القاصين:.. محمود عبد الوهاب ومحمد خضير
...
-
عبد الكريم كاصد يحاور القاصين:..محمود عبد الوهاب ومحمد خضير(
...
-
دعوة ( وزارة الثقافة) لطبع بعض مؤلفات الشاعر الفقيد (مهدي مح
...
-
الشاعر مهدي محمد علي:.. المنجز المغدور
-
تجليات الواقع العراقي الراهن(2)
-
تجليات الواقع العراقي الراهن
-
(البصرة.. جنة البستان) للشاعر مهدي محمد علي.. وإشكالات التجن
...
-
حصاد المكان...!؟ (3 - 3 )
المزيد.....
-
قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل
...
-
ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية
...
-
حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
-
عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار
...
-
قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح
...
-
الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه
...
-
تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
-
مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة
...
-
دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
-
وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|