أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - الرؤية البانورامية و تعدد الأصوات في -على ضفاف البحيرة - لمصطفى لغتيري















المزيد.....

الرؤية البانورامية و تعدد الأصوات في -على ضفاف البحيرة - لمصطفى لغتيري


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3744 - 2012 / 5 / 31 - 00:33
المحور: الادب والفن
    


الرؤية البانورامية و تعدد الأصوات في "على ضفاف البحيرة " لمصطفى لغتيري
الأستاذة نجية جنة
خريجة كلية الآداب بالدارالبيضاء
أدب إنجليزي

تختلف رواية " على ضفاف البحيرة" اختلافا بينا عن باقي روايات الاستاذ مصطفى لغتيري ، فالتكنيك الجديد الذي أستعمله الكاتب يمكنه أن ينفي عنها صفة الروايةبمفهومها التقليدي المتعارف عليه،
لقد اعتمد فيها على التبويب ،موظفا ما يمكن تسميته "تعدد الأصوات" إذ أن كل فصل تحكيه شخصية مختلفة من خلال وجهة نظرها الخاصة، وهذا التبويب هو أيضا اتخذ منحى مختلفا عن التجزيء المتداول في الروايات ، وهذا ما يحفزني على تسميتها مجموعة أو سلسلة قصصية ، وهذا هذا أمر غير مستغرب عن لغتيري ، الذي كتب في القصة القصيرة والأقصوصة قبل أن يكتب في الرواية ، فهذه السلسلة تتكاثف وتنساب لتصب عند نهاية واحدة ، نهاية مأساوية لكل الشخوص ، وحتى للقاريء الذي سوف يدفعه الكاتب بأسلوبه المشوق لانتظار النهاية بكل لهفة وشوق ولو أنه كانت لديه إرهاصات بما سيقع . لأن الكاتب بأسلوبه السهل المعتاد وبلغته المصقولة والتي استقت من الشعر كل معانيه الفياضة وأحاسيسه الجياشة جعل من الرواية شعرا ينساب مع انسياب الرحلة ، ليصل بالقارئ إلى نهاية درامية بكل المقاييس.

إن عنوان "على ضفاف البحيرة" لا يمكنها إلا أن توحي بالهدوء و الجمال و الخضرة
و الراحة النفسية ، ولكن تداعيات السرد ستجر القارئ للإصطدام بنهاية مريرة .فكل شخصية تنفرد بحكي جزء يخصها ويكمل شخصيتها ، أو يوضح رؤياها أو ماضيها أو المنتظر منها ، ومن هنا يمكن للقارئ أن يكتفي بقراءة جزء من الرواية فتغنيه عن باقي الأجزاء، كما يمكنه قراءتها من الوسط أو من الأخير، فأحداث كل جزء متكاملة ، تمتع القارئ وتجعله يغوص في الواقع ، فهي حكايات واقعية ،اعتمدت على بانوراما من كل جزء عاشه الكاتب في طفولته أوشبابه أو لحظته الآنية .

في الجزء الأول نتعرف على محسن المهندس المعماري الذي نلحظ أنه بدأ يتماثل للشفاء من هم وألم ألما به ، بدأ يستنهض همته ويحاول نسيان ما فات أو يتخلص من ذنب أثقل كاهله ، يشير إلى أحداث مريرة ويدع القارئ في شوق لمعرفتها فيما بعد ،يأتي الصباح في ص 5 ومعه يرمز الكاتب لحياة جديدة سيبدؤها محسن "اخترقني صحو مفاجئ، أحسست معه بحيوية وصفاء ذهن افتقدتهما منذ زمن بعيد ...انتصب القرار أمامي ، ...فلم أجهد نفسي في دفعه أو تأجيله إلى وقت آخر. هكذا قررت أن أبدأ من جديد ....ما حدث قد حدث ، ...مهما تألمت أو حزنت ...أبدا لن أستطيع إعادة عقارب الزمن إلى الخلف ...هذا الإحساس بالذنب ، الذي استسلمت له زمنا طويلا ، و هذه اللاجدوى التي عشت في كنفها لا فائدة منها.."
ويتخذ الكاتب من الحمام و الغسل رمزين دالين تعبيرا عن اغتسال محسن من إحساسه بالذنب الذي أثقل كاهله لفترة طويلة في ص 7 : "تركت الماء يرشني للحظات من الزمن كانت كافية لتشعرني بمدى التحول الذي أقدم عليه ..." إنها مرحلة انتقالية يعيشها بطلنا تنقله معها اغنية فيروز الراقية .
ويتوالى حكي محسن ويتحدث عن حادث مفاجئ هو السبب في تغيير مجرى حياته . ويعود للماضي الجميل بنجاحاته المتواصلة رفقة أسرته السعيدة و التي تتكون من شمس الابنة التي كانت تنير حياته كالشمس ، وأسماء الزوجة المحبوبة التي كانت تسمو به في عالمها الجميل يقول في ص 10: " حين يخالجني كلل ما أو تعب ، كان يكفيني أن أتسلل إلى غرفة شمس فأراها ....كان ذلك كافيا ليشع في قلبي وذهني نور متلألئ وهاج يطيح بكل ما علق بالنفس من تردد أو كلل ." ولكنه يذكر القارئ مرة أخرى بأن كل شيء كان سرابا في ص 11
" كل ذلك هوى ، تحطم في لحظة مجنونة " ويتعرف القاريء أنه تعرض الى حادثة رفقة أسرته ونجا منها لوحده . وقد قرر الآن ان يستنهض همته ويخرج من حزنه وسيكون عمله الملجأ الوحيد له لأن به سيخلد ذكرى حبيبتيه في ص 13 يقول " لا أدري كيف استقر في ذهني أن أستثمر في تصميمي الموعود طبيعة المنطقة التي شهدت الحادثة.... هناك في أعماق جبال الاطلس .لابد أن يحمل التصميم بصمة من المنطقة وبذلك سأكون قد خلدت المنطقة التي أحبتها شمس ..."

هذه الرواية تختلف كليا عن سابقاتها عند الأستاذ لغتيري ، فكما سبق وقلت فهي بانوراما ، تأخذك من إلى أماكن وعوالم مختلفة في نفس الوقت ، تنتقل من سحر البادية نواحي الجديدة وأزمور إلى ربوع الأطلس ، ومن أحداث تاريخية إبان الاستعمار و المقاومة في قبائل زيان بقيادة موحى اوحمو في الأطلس المتوسط إلى فضاءات البادية لمنطقة اشتوكة و دكالة نواحي مدينة الجديدة وأزمور وعادات السكان وحياتهم الاجتماعية والاقتصادية ، وذلك على لسان شمس حيث تسرد لنا ذكريات والدها المحببة لديه ولديها . في ص18 يصف ولهه بالسوق الاسبوعي " من بعيد تظهر أولى الخيام فتبتهج النفس بوصول وشيك ... ويبدو الفرح أكثر على سحن الأطفال وحركاتهم ..." ومن خلال الرحلة يأخذنا الكاتب بوصفه الدقيق لبانوراما المناطق و الذي يبدأ من سهل تادلة بحيث يستعرض لوحات طبيعية بكل ما تزخر به من غطاء نباتي وتضاريس وبحيرات وسدود.....لتنتهي عند مدينة خنيفرة بجبالها الشاهقة وطبيعتها الخلابة حيث يقول في ص 21 : " لم تري شيئا بعد، انتظري حتى نتوغل في الجبال " وبموازاة الوصف الجذاب للطبيعة يتطرق الكاتب ليعري الواقع البئيس للمنطقة بحيث تعاني من الهشاشة و الفقر المدقع وانتشار الدعارة بشكل ملفت للنظر في الصفحة 73: "لم يمض كثير من الزمن حتى وجدنا نفسينا في مدخل مدينة عين اللوح .....كأنها مدينة مهجورة.بعض النساء الملثمات يطللن من الأبواب المواربة.....يترقبن ظهور زبون ما ليقتنصنه ..."

إن تسلسل الأجزاء والأحداث في الرواية تأخذ طابع الكر والفر ، بحيث يتراجع الكاتب عبر الذكريات ، ليعود الى اللحظة الآنية عند محسن ، فيصف من خلاله بانوراما جديدة تختلف كليا عما رأيناه أثناء الرحلة ، ينقلنا إلى شاطيء عين الذئاب بالدار البيضاء بكل أجوائه ، ورغم محاولاته لنسيان الماضي يظل قابعا في قلبه بكل ثقله يقول في ص 27
" تسلل نسيم خفيف من ثنايا المحيط ....فأشعرني بكثير من الانتعاش .في تلك الأثناء دخلت المقهى فتاة تكاد تكون في عمر شمس ...لابد والحالة هذه أن تتسلل شمس مرة أخرى إلى ذهني " فالكاتب هنا لا يستطيع أن يتخلص من ذكرياته الجميلة والمحزنة في آن واحد ، وهذا التناص القائم بين الماضي و الحاضر يزيد أحداث الرواية حدة ، فبين اليأس و الضمور يعيش محسن حالة الاحباط الشديد ، ولكنه يحاول استعادة ذاته و التعايش مع الأمل . فالأحداث هنا شبيهة بأحداث قصة سينمائية درامية بكل امتياز ، تعتمد على تداعيات تأملية بإيقاع سريع ، ورغم اختزاله وايجازه فهو يتسم بالعمق وبعد النظر. وتتوالى الأجزاء العشرة كلها على نفس المنوال لتوضح حالة نفسية أو لتصف بانوراما طبيعية أو وضعية اجتماعية واقتصادية أو وقائع تاريخية والتي أصر الكاتب على تكرارها في أكثر من جزء من الرواية وأظن هذا كان مقصودا لديه فكأنه يصر على إيصالها للقاريء و ترسيخها في ذهنه بحيث يتطرق لها في ص16 " لقد سجلوا بدمائهم ملاحم بطولية على صفحات التاريخ ....وحين نالت البلاد استقلالها اهملت الدولة منطقتهم..." ثم يعود في ص 49 " ذكرنا باعتزاز قبائل زيان التي ابلت البلاء الحسن في مواجهة الفرنسيين ....تحدثنا عن القائد موحى اوحمو الزياني الذي سجل في صفحات التاريح ملحمته الحربية في معركة لهري ..." فالكاتب يرى أن هذه الوقائع التاريخية لم يوفها التاريخ حقها لذلك أصر على الشدو بها بكل فخر واعتزاز على لسان اكثر من شخصية . كما يخص الحالة الاجتماعية للمنطقة باسهاب مفصل ، يتحدث عن الفقر المدقع للساكنة ، وعن الاهمال الذي طالها ، وعن تفشي مرض الغدة الدرقية الذي تعاني منه نسوة المنطقة . كل هذا إلى جانب روعة الطبيعة التي تزخر بها المنطقة ، بحيث يصف الغابة الكثيفة و المتنوعة الاشجار ، وتعدد البحيرات الطبيعية ، كما يصف توافذ السياح ومعرفتهم الجيدة للمنطقة ، كما انه يتطرق لوصف حياة الرحل الكرماء الطيبون بخيامهم السوداء و الذين يعانون من شظف العيش والاهمال.يقول في ص 83 على لسان شمس : "لاحظت الانشراح علا وجوههن ...فتقدمت أكثر ...حاولت أن اتبادل معهن بعض الحديث لكنني لم أفلح ....فاكتفيت بالتقاط صور للخيمة و للأدوات التي يستعملنها ..." ثم في ص86 " تناولنا طعام الغذاء البسيط الذي بدا لي أحسن وجبة تناولتها في حياتي...كان وداعهم لي جميعا مؤثرا...هذه الاسرة التي تحيا في ظروف ،قدرت أنها شديدة الصعوبة ، خاصة خلال فصل الشتاء القاسي."


ولكي يضفي طابع الواقعية على وصفه يوظف صاحب المقهى وهو ابن المنطقة ليصف الوضعية المزرية للمنطقة ولساكنتها وحالتهم الاجتماعية
و الاقتصادية ، وبالموازاة مع ذلك يستمر الكاتب في وصف الجمال الخلاب للمنطقة . وكل ذلك بأسلوب غلب عليه الطابع الشعري .ويأتي الجزء الأخير ليستفيق القارئ على كارثة حقيقية تجعله يعيش حالة نفسية شبيهة ببطل الرواية



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأديب عبد الغفور خوى يكتب الرواية كي لا يموت
- جريدة السياسة الكويتية:- رقصة العنكبوت - للمغربي مصطفى لغتير ...
- السخرية أسلوبا لفضح تناقضات المجتمع في رواية -ابن السماء- لم ...
- -أسلاك شائكة- رواية جديدة لمصطفى لغتيري. الفصل الاول..
- جزء من رواية -ليلة إفريقية- لمصطفى لغتيري
- الفصل الأول من رواية -على ضفاف البحيرة- لمصطفى لغتيري
- العلام يرد على رسالة لغتيري المفتوحة
- رسالة مفتوحة إلى الناقد عبد الرحيم العلام.
- لطيفة الشابي شاعرة رومانسية من توزر مدينة أبي القاسم الشابي
- من أجل إنقاذ اتحاد كتاب المغرب.
- هشام ناجح صوت جديد في الرواية المغربية
- أحمد بوزفور و قصة القصة.
- الناقد التونسي عبدالدائم السلامي يمنطق اللامعقول في الرواية ...
- الشاعرة التونسية السيدة نصري تنسج قصائدها على إيقاع المزامير ...
- القاص المغربي عبدالغفور خوى يصدر الطبعة الثانية لمجموعته الق ...
- صديقتي لا تحزني
- المرأة المتمردة في - وحي ذاكرة الليل - للأديبة العراقية رحاب ...
- بلاغة الإضمار في-تلك الحياة -للقاص المصري شريف عابدين
- نص اتفاقية تعاون وتواصل بين اتحاد كتاب المغرب واتحاد الكتاب ...
- حفل توقيع اتفاقية تعاون وتواصل بين اتحاد كتاب المغرب واتحاد ...


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - الرؤية البانورامية و تعدد الأصوات في -على ضفاف البحيرة - لمصطفى لغتيري