وليد حماد
الحوار المتمدن-العدد: 3739 - 2012 / 5 / 26 - 02:51
المحور:
الادب والفن
كانت هي أبنة مزارع فقير تعيش في مخيم ,شرقية بكل شيء تملكه من رأسها حتى أخمص قدميها ,وهو كان أبن المدينة الأنيق بثيابه وبساعة يده التي يرتديها أينما ذهب وبعطره
حتى بملامحه ايضا, فكيف يلتقيا وهي كنسمة هواء شرقية منعشة صافية ,وهو غربي الهوا واللون والرائحة ؟.!!, لقد ترابيا مع بعضهما منذ كان أطفال صغار منذ كان الرمل يزحف
على ثيابهما ويعودا في المساء كُلاً إلى بيته و حُلمه ويرقدان سوياً ألا أن فارقهما القدر ورحل هو إلى المدينة وبقيت هي في المخيم , مضت الأيام ,وكبر الزمن بينهما والطفلة كبرت
وهي مازالت تنتظر لقائه على أحر من الجمر وأكثر ما كان يعينها على الانتظار وعداً قطعهُ لها قبل الرحيل وزهرة عمرها عشرين عاماً مازالت عالقة بين أوراق كتاب الجغرافيا الذي
نسيه معها يوم رحل من المخيم ,كانت تتذكر دوماَ كلماته حين كان يقول لها : سأرجع إليكِ يوماً حاملاً لكِ شهادة تخرجي وخاتم الزواج وطرحة وفستان أبيض يليقُ بكِ وسأبني لكِ بيتاً
صغيراً يضم كلانا معاً وسأزرع حوله الياسمين والنرجس والجوري الأحمر الذي تعشقين وسأجلس بالقرب منكِ لكي أنظر بعينيكِ طويلاً وأتلو ما تبقى لي من قصائد , كُلما كانت
تتذكر تلك الكلمات تغص بعينيها دمعة مجبورة وتمضي إلى غرفتها لكي تبكي وحيدة خوفاً من أن يراها أخوتها ,ركضت السنوات حولها وشاخت الأحلام والشابة نضجت وتفتحت
أكثر والأحلام بدأت تتبدد شيءٍ فشيء ,كثير من الرجال تقدموا لها منهم الدكتور والمهندس والطبيب ,وحجتها الوحيدة للرفض أنها لا تريد ترك أمها المريضة وحيدة ,تزوج أخوتها
وتوفي والدها ولحقت به أمها وهرمت جدائها السمراء واكتست بالون الأبيض وهي مازالت جالسة في نفس المكان الذي تركها فيه تنتظر اشارة منه ,فربما يعود إليها يوماً ما
,ومضت أيام قليلة حتى وصلتها رسالة من احد صديقتها القُدامى تُخبرها بانه أصبح لديه حفيدة تحمل أسمها ..!!!
#وليد_حماد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟