أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم البهرزي - سقوطُ المدينةِ القديمة














المزيد.....

سقوطُ المدينةِ القديمة


ابراهيم البهرزي

الحوار المتمدن-العدد: 3738 - 2012 / 5 / 25 - 16:37
المحور: الادب والفن
    


سقوطُ المدينةِ القديمة

أبنةُ شيخِ التجّارِ تجلسُ على الناصية ِ, يمرُّ الصباغ ُالسكران ُ ويدسُّ الفرشاةَ بينَ افخاذها , احمرَ او اسودَ لونُ الدُهان ِ ,
لن يُغيّرَ من الواقعةِ شيئاُ , فبعدَ قليل ٍ سيَمرُّ شاعرٌ شعبيٌّ يلهو بمنخرهِ ويتغزل ُبها , والناصيةُ يحاذيها نهرٌ عجوزٌ
يسكر ُعلى ضفافه ِاللوطيّون َ وقدامى الشيوعيين َوالبعثيينَ , وسَيمرُّ شرطيٌّ من اجلافِ الريفِ بلحيةٍ نابتة ٍ للتوِّ ,
يطردُ الصبّاغَ والشاعرَ الشعبيَّ ويأمرُ قدامى الحزبيينَ واحداثَ المناويكِ بالعودة ِالى البيت ِ قبلَ اوان ِمنعِ التجوّلِ ,
ليتجَوّلَ الليلَ كلّه ُ في مفاصلِ ابنة ِ شيخ ِ التجّار ..


وفي الصباح ِ
يَلتهمُ الكبّة َالمحشوّة َ بامعاء ِالبقرِ الفاطسِ الخارجونَ توّاً من المساجدِ وعماّل ُالتنظيفِ الذين َلا ينظفونَ مؤخّراتهم
ومُثقفوا المقاهي الذينَ لا يكفّون َعن المزاحِ

السَمجِ المشفوعِ بالهتافِ القديمِ نفسه , بادّعاءات النضالِ التي ترذرذ من اسنانهم الُمثلمة ِ بَصلاً ورجيعَ روثِ البقرِ
في الامعاءِ الفاسدةِ , وبعَد قليلٍ سَيمرُّ الشيخُ او السيّدُ ليقفوا مرتبكينَ جَلالاً لحَذلقتهِ اللغويّةِ , ومن ثمَّ يمرُّ حديثُ الذكرى
فيتذكر الاجنّة ُ رفقتهم في ارحام ِالامّهاتِ المسكيناتِ ويمرُّ اللصُّ جميلا ً ضحوكاً بين صفوفِ المحتفلينَ باعيادِ الشعبِ ...


في الظهيرة ِ
حيث ُتطوف ُ الشياطينُ خببا ًفي الازقةِّ العتيقةِ يفتحُ المعَلمُ المتقاعدُ كتابا ً ويجلسُ على دَكةِ العتبةِ وحينَّ تمرُّ صَبيّة َجاره ِالسمراءَ لترمي القمامةَ في راسِ الزقاقِ يفتعلُ معها حديثَ القمامة ِ, تطيلُ الاصغاءَ للعَم ِّوهو يمدُّ اصبعينِ
لاغيرَ عبرَ فتحةِ بنطاله ِ, وبعدَ قليلٍ يمرُّ غلامَهُ البندنيجيِّ فيصرفها ويؤجلُ لحظته ُ ساعياً الى الفرن ِ,حيثُ ظهيرةَ
الافران ِ مفروشةً باكياسِ الطحينِ والشياطين ِ والفتى البندنيجيُّ ُّ لايريقُ لمُعلمهِ كاساً على ترابٍ , وحتى حين َ
تجيء الوالدة ُالرؤوم ُ بسفرطاسِ الغدوةِ , حتى حينَ ترى مُعلّمَ الحيِّ لاهثاً معروقا ً على اكتافِ وليدها فانَّ التحيّة َ
واجبةٌ وما بينَ اولاد المَحلّة ِ يبقى العَرْضُ واحداً ..



عَصرا ً
حيثُ وقتَ الوجاهة ِ, يستحمُّ الجميعُ بماءِ النهرِ العجوزِ ذاتهُ , المفاسدُ كلها تذهبُ في الرغوة ِ, فليسَ سوى
احاديثُ الامجادِ :
ناكحُ الاخت ِ يُسبّحُ لاخيها
ناكحُ الامِّ يرشُّ البخورَ لابنها
ناكحُ الزوجةِ يؤاخي زوجَها
ناكحُ الابنة يفاخر ُبابيها
ويطوف ُفي المكانِ رحمانُ الرفقة ِ , مملكة ٌفاضلةٌ تتمايلُ طرباً قربَ ضفافِ النهر ِ, الشرطيُّ القديم ُنفسهُ
يرفع ُرايةَ السلامِ على المدينةِ , فأنْ انت َ تضحكُ يا اخي وانا ضحكت ُ فلا جريمة َ ستتركُ اثراً في سَراويلنا ..
وهل تتربصُ الاعين ُجسداً سُربلتْ جُناباته ِ بضحوكِ الثيابْ ؟



وعندَ الغروب ِ
قرابة َان يطلقَ الآسُ اشذاءهُ , يدخلُ الغامضونَ معرضَ الوجوه ِالمخروعةِ , في الحقيقة ِهم ليسوا غامضينَ
بقدرِ ما هُم متغامضين َ, نظاراتٌ سود ٌ معَ اوّلِ الغروبِ ,حقائبَ مُعلقة ٌفي الاكتافِ , كتبٌ مضمومة ٌعلى الخصورِ
كما الانساتِ الوجلاتِ ورؤوسٌ لا تستقرُّ على كتفين ِ,احقادٌ مكتومة ٌ تحت عيونٍ فارغة ٍ , وبعدها يضطربُ الزاغُ ,
رفرفاتُ مذبوحينَ وعواء ٌمختلطٌ وسُخريات ٌمُصطَنعات ٌ, هكذا تنتنُ الفاكهةُ ايها البقال ُ الغبيّ , فجة ًوذاتِ نزيز ٍ,
متراكمة ً على عَطنها , يخفُّ المرهقونَ من كدِّ النهارِ سراعاً لمنازلهم , وهم يحتفلونَ بجيفة ِنهاراتهم الكسلى
مزاحاً شبيها ً بزنا المحارم ِ...


الليل ُ
باقصى سُكونهِ , شرفُ هذهِ المدينة ِالوحيد ُ, سُمعتها النائمة ُ في المقابرِ المحيطة ِ بالمدينة ِ , يطلقُ النار َعلى ذكرياتِ
المُسوخ ِ , على التماثيل ِالتي يقيمونها تحتَ ظل ِّالغبارِ , تلكَ الوجوه ُ المتقيحّةُ بسمومِ الادعياءِ , وهي تصدح ُفي غيرِ
زمانها , وتطوفُ مُتعجبة ً, في غيرِ مكانها , وتضحك ُ تياّهة ً بمديح ِاشباهها , تلكَ الاخطاءُ الوطنية ُ, وهيَ تداومُ على كسرِ
ذراع الوطن ِ, ذلك الذي لن يجدَ مدينة ًيعودُ اليها , غيرَ هذه المدن الجديدة بمسوخها , بالماعز ِالراقصِ رعونة ً
على اوابدِ الحقول ِ, بالفطائس ِ التي تغني وتفتعلُ الذكرى وتجترحُ مستقبلا ً من السفاهةِ وخفّةِ المغزى ..

24-5-2012



#ابراهيم_البهرزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كُركيٌّ عادَ منَ الجبالِ
- هذا غبارَهُم ...أينَ حدائقنا ؟
- قاطعُ التذاكر الاعمى
- ألعصا والغراب
- أِطار ٌ لصورَتها
- الوضوءُ بعدَ صلاةٍ أخيرة
- وِفقاً للتقويم ِ الشخصي
- وداعا محمد ابراهيم نُقد..آخر القادة لشيوعيين التاريخيين
- أجلسُ على قارعةِ الطريقِ مبتسماً وأمدُّ يدي
- ذاتَ دفترٍ عتيق
- حقولُ العوسَج
- أنا ......كأمرأة
- قصائد ٌ من منصّةٍ مائله
- قصائد ٌ من شارعِ السينما
- اربعة نصوصٍ غاضبة ٍ جدا
- من اناشيد ظهيرة ٍ قائظة
- 8 شباط 2012
- قصائد ألماشي بلا دروب
- قصائد ُ كل َّ يوم..
- مقدمة ٌ صحيحة ٌ لأحساسَين ِِفاسدَيْنِ..


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم البهرزي - سقوطُ المدينةِ القديمة