وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 3738 - 2012 / 5 / 25 - 16:11
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
استعرضنا في مقالات متتابعة وبايجاز شديد كتاب الباحث والمفكر والكاتب شاكر النابلسي (المال والهلال – الموانع والدوافع الاقتصادية لظهور الاسلام ) , ط1 – 2002 –دار الساقي بيروت وكالتالي :
1 – مال العرب قبل الاسلام
2 - الموانع الاقتصادية لظهور الاسلام
3 – الربا في الاسلام
4 – الفتح بدلا من التجارة
وسنتعرف في هذا المقال على بعض من الاسباب في تخلف المجتمعات العربية – الاسلامية كما استعرضها شاكر النابلسي وقمنا بالتعليق عليها .
1 – ان الحضارة العربية الاسلامية هي الحضارة الوحيدة في التاريخ التي ارتبطت بالدين . ان علم الاقتصاد والمال ينتسب الى علم الرياضيات مع ربط تام بواقع الحياة الاقتصادية . بينما الاسلام يقوم على ثوابت الهية لاتتغير .وكانت الثقافة الاسلامية هي الوحيدة التي امتلكت بعمق مفهوم الله , جاعلة من هذا المفهوم النهاية الوحيدة للحقيقة .ان عقائد الدين ثابتة لاتتغير , بينما قوانين الاقتصاد متغيرة ,وربط الثوابت بالمتغيرات هو اعاقة للمتغيرات من ان تاخذ حركتها الطبيعية في الحياة .
2 – لم ينظر الفقهاء المسلمون الى ان القوانين الاقتصادية التي وضعت في الشريعة الاسلامية انما كانت تنبع من حقائق ذلك العصر الاقتصادية .
ان الفقه الاسلامي لم يجري اي تغييرات تذكر على القوانين والانظمة الاقتصادية التي وضعت في ظل مملكة القران الكبرى لزمان ومكان كانا موجودين قبل خمسة عشر قرنا .
3 – لقد ظل الاقتصاد الاسلامي ,نتيجة لخضوعه لثوابت القاموس الديني الاقتصادي , منغلقا على التطورات الاقتصادية العالمية المتغيرة حسب تغير السوق , والسلع والعرض والطلب , وتوسع التجارة العالمية . مما سبب تقلصا في التطبيق الاقتصادي حتى في اكثر الدول الاسلامية تطبيقا للشريعة الاسلامية .
4 – لقد حدث انفصال واضح بين سلوك الدولة العربية – الاسلامية الحديثة الاقتصادي والتي كانت تتبع النظام المصرفي الغربي , وبين سلوك جزء من المجتمع الذي تمسك افراده بالثوابت الاقتصادية الاسلامية فاودعوا اموالهم بالبنوك الربوية من دون ان ياخذوا عليها فوائد بنكية , باعتبار ان الفائدة البنكية تعتبر ربا حراما .
وكانت النتيجة ان استفادت البنوك من هذه الاموال الطائلة عندما اودعتها في الغرب ,وتقاضت عليها فوائد بنكية شكلت مبالغ طائلة . علما ان البنوك المسماة اسلامية لاربوية لاتخلو معاملاتها من الفائدة الربوية . حيث تختلط اموالها باموال البنوك الربوية الغربية اثناء التبادلات المالية العالمية في الايداع والسحب .
وناخذ جانبا اخر من الربا في المصارف المدعوة بالاسلامية في العراق ,فالبنك المركزي العراقي كان يعطي فائدة على الودائع الثابتة بمقدار عشرين بالمئة . وهكذا تستطيع المصارف اللاربوية والمسماة اسلامية من اعطاء نسبة ارباح لعملائها تصل الى عشرة بالمئة وتحتفظ بباقي نسبة الارباح لنفسها وهي تمثل الربا في الاسلام .
5 – يرى بعض المؤرخين ان الحضارة العربية الاسلامية قد شاخت بسرعة . وان سبب هذه الشيخوخة المبكرة يعود الى ارتباط هذه الحضارة ومنها الاقتصاد بدين له ثوابته التي لاتتغير , بينما القوانين الاقتصادية متغيرة دائما وهكذ ا وقف الدين عائقا امام النمو الطبيعي للاقتصاد وفق القوانين الاقتصادية السائدة .
6 – ان اعتماد الدولة العربية الاسلامية على مال الفتوحات ,جعل اقتصاد الدولة الاسلامية اقتصادا غير منتج ولاينميه المجتمع ولا يطوره الافراد ,بقدر ما هو اقتصاد دولة مهيمنة هي التي تقبض وهي التي تصرف , وهي التي تضع يدها على ( مال الله ), او ما كان يسمى ( بيت المال ) . وتصرف منه بلا رقيب ولا حسيب .وهكذا تحولت هذه الدولة خلال ربع قرن الى اقطاعية قريشية – اموية .وبالنتيجة قد عاد المجتمع الى ماكان عليه قبل الاسلام ,فانقسم المجتمع الى طبقتين , طبقة ثرية جدا ,وطبقة معدمة وفقيرة جدا .
7 – لقد كانت اراضي الامصار المفتوحة ملكا للدولة . وعندما اصبح الخليفة هو خليفة رسول الله والمتحدث باسم الله ,اصبح المال مال الخليفة . ومن هنا اجتمعت سلطة الحكم بسلطة المال وبسلطة رجل الدين وانتجت الاستبداد الديني والسياسي واحتكار السلطة وتوريثها . وانتتجت مجتمعات مقموعة ,لايسمع لها صوت . وبالتالي ادى ذلك الى زيادة الفساد والافساد والى توقف عجلة تنمية المجتمعات وهيمنة الدين والغيبيات على المجتمع .
8 – توقف الاجتهاد في الدين . وتم قمع حرية البحث والفكر والفلسفة وتبني مذهب واحد للدولة الاسلامية , وقمع باقي المذاهب .
9 – ان سياسة الفتوحات ادت الى جعل كل الشعوب غير الاسلامية هي دار حرب تجب مقاتلتهم واحتلال اراضيهم وبلدانهم واسلمتها , واعتبار غير المسلمين كفرة ,وبالتالي انتجت الفتوحات بعد وفاة محمد انغلاقا على الذات وشعورا بالنرجسية وبتفوق العرب المسلمين والتمسك بالماضي وبالخرافة وبالاسطورة ,وعدم النظر الى الواقع والمستقبل .
10 – ان هيمنة الدين على الحياة , جعل الانسان العربي المسلم يؤمن بالاساطير والخرافات , وتحول بسبب الفتوحات الى انسان اتكالي ,يريد من الدولة ان تطعمه وتوفر له العمل والحماية وهو جالس في بيته .وبذلك اصبح الانسان العربي – المسلم غير منتج وفقد الابداع في العمل وهو يريد من الحاكم والدولة ان يفكرا بدلا عنه .وهذا يفسر في بعض الجوانب اسباب فوز الاسلامويين في الانتخابات الاخيرة في كثير من بلداننا .
12 –انتجت الفتوحات سياسة الكراهية للاخرين ( تؤخذ الدنيا غلابا ),,’ (يدفعون عن يد وهم صاغرون ) .وانتجت الانفصال التام ,فاصبح المسلم يشعر بانه شعب الله المختار , والاخرين كفرة تجب مقاتلتهم .
13 – انتج هذا الموقف من الحضارة الغربية ومن الاخرين تناقضا ,فهم كفرة ودار حرب , وبنفس الوقت نجد العربي المسلم يستورد جميع المنتجات التي تصنعها بلاد الكفار ويقوم بالسياحة اليها ووضع امواله في بنوكها ويطلب اللجوء السياسي والانساني اليها ويحصل على الجنسية الاجنبية , ومع ذلك يسميهم كفرة ولاتجب مؤاكلتهم . في حين انه ممنوع من ممارسة شعائره الاسلامية في بلاده !!!
ان دخول العرب – المسلمين في ميدان الحضارة يستلزم فصل الدين عن فلسفة الحكم والدولة , والقبول بالقوانين الوضعية وبحق الاختلاف وحرية البحث والحوار مع الاخرين , والقبول بالتعددية الفكرية والسياسية .
ان قراءة نقدية وعقلانية للفكر الاسلامي , تشكل ضرورة لتطوير المجتمعات العربية الاسلامية .
وبالتالي يستلزم من المسلمين دراسة نقدية تحليلية للسردية الاسلامية وعزل الخرافي والاسطوري منها .وتبيان الشذوذ في بعض الروايات والاحاديث التي تتعارض مع رسالة ونبوة محمد بن عبدالله وتبين التاثيرات القرشية والاموية اللاحقة والتاثيرات المذهبية اللاحقة والتي لم تكن موجودة في الاسلام الاول .
يكتب الباحث الدكتور سليمان بشير في كتابه (مقدمة في التاريخ الاخر – نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية ) , ط1 – 2012 – دار الجمل – بغداد وبيروت :
(الواقع انه لايوجد دليل تاريخي او اثري ملموس على وجود الاسلام قبل فترة عبد الملك بن مروان . فاقدم المساجد والنقوش والاثار النقدية والاشارات المتفرقة في اوراق البردي تعود الى تلك الفترة .وحتى القران لايشذ عن هذه القاعدة ... ) .
على المودة نلتقيكم ...
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟