|
الدولة القاصرة . . و الآفاق !
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 3736 - 2012 / 5 / 23 - 20:11
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
و تسمى ايضاً (دولة دول*) . . ففي الوقت الذي ناضل فيه العراقيون بكل اطيافهم القومية و الدينية و الفكرية، رجالاً و نساءً ضد الدكتاتورية الفردية و قدّموا الغالي و النفيس في سبيل قيام بديل ديمقراطي تعددي على اساس دولة المؤسسات . . سقطت الدكتاتورية و بدأت عملية سياسية انجبت حكومات حملت اسماءً متنوعة، من المشاركة و المحاصصة و الى الشراكة . . في واقع حال هدّأ النفوس بالآمال بدايةً ، رغم انواع المحن. و يرى مراقبون و وكالات انباء محايدة، بأنه رغم ماتحقق في مجالات قياساً بزمان الدكتاتورية البائد و رغم جهود بُذلت و تُبذل من اجل دولة مؤسسات حقيقية . . فإن ماحصل و يحصل و رغم الآلام و الجهود هو ليس اكثر من تحوّل دولة الحزب الواحد الى (دولة الاحزاب ـ الواحدة ـ) و (دولة دول)، التي الغت حكم الدكتاتورية لكنها لم تنه مفرداتها و منطقها و آليات عملها في الواقع القائم . . و لم تأتِ ببدائل على اساس برامج الأحزاب التي ناضلت بها لأسقاط الدكتاتورية و ايّدتها الجماهير . . و اليوم و بعد مرور اكثر من تسع سنوات، يتساءل كثيرون و هم يعيشون في دولة ذات دستور جرى التصويت عليه و لكن لا يجري الالتزام باسسه و بروح مواده، بل و يُنتهك و تعلّق مواد مصيرية منه بسهولة لتكون في طيّ النسيان في خضم احداث تجري و اخرى تُفتعل . . يتساءلون عن حقيقة ما يجري بعيدا عن شخصنة المشاكل . . هل عاد العراق الى حكم الصراع الصفوي ـ العثماني ؟ و حكم الامارات و الكيانات المتصارعة المحميّة من الخارج ؟. . ام هل نُسيت العولمة و قوى التحديث العالمية ؟ ام ان ما يجري هو تطبيق لها عبّر عنه مشروع " بيكر ـ هاملتون " الستراتيجي اواخر عام 2006 الداعي الى التفاعل و التاقلم مع الواقع الاقليمي الجاري بصراعاته في الشرق الاوسط و الخليج و تلبّسه، لتحقيق الأهداف الستراتيجية للقوة العظمى و لتقليل نفقات الادارة الأميركية، و ادىّ الى توافق سياسي اميركي ـ ايراني لايعرف مداه و لاسقفه بخصوص نقاط ملتهبة في المنطقة ؟ ام هو تطوير لذلك المشروع و تطبيقات له . . بان تترك الادارة الاميركية صراعات المنطقة منفلتة، لإستنزاف اقطابها بعضهم لبعض في فتن طائفية و دينية و عرقية سريعة العدوى و الالتهاب، مقابل احتفاظها بمواقع ستراتيجية في الامن و الطاقة ؟ ام ان ما يجري يرتبط بتغيّر الستراتيجية العسكرية الأميركية التي قلّصت عقود الافراد في قوات المارينز الاميركية بحدود الـ 14 % ، بعد ان صارت الماكنة الحربية العظمى تعتمد على " طائرات بلا طيّار" في تحقيق الاهداف العسكرية، وفق وسائل الاعلام و وكالات الأنباء الأميركية و الغربية. و يرى خبراء و سياسيون و علماء اجتماع، ان العراقيين ان استطاعوا توحيد كلمتهم و تقبّل احدهم الآخر و تعايش مع آلامه و آماله . . قادرون ان يكونوا هم القطب المؤثر في المنطقة بثروات بلادهم و طاقاتها البشرية و العلمية و الثقافية و الحضارية، القطب الذي تنشده شعوب المنطقة و قواها و اديانها و مذاهبها لقوة مثاله و قدراته، بدلا من ان يكون قطبا تُهدر طاقاته و طاقات ابنائه على مذبح المنافع الانانية لفئات متنفذة تستفيد من استمرار الصراعات الطائفية و الدينية و العرقية . . في خضم صراع مرير تعمل دول عظمى و اقليمية و كيانات متنفذة على اعاقة " التوحيد و تقبّل الآخر" بكل السبل، حفاظاً على مصالحها و على المصالح الانانية لتلك الفئات المتنفذة من الطبقة السياسية الحاكمة، بما فيها من يركبهم هوس الزعامة بأي ثمن، و لايبالون ان بقي العراق و ابنائه باطيافهم تابعين و اذلاّء في بلد ممزق يتناهشه كبار قراصنة العالم و المنطقة برؤيتهم للعالم بعينهم الواحدة . . سواء كانت ديناً ام طائفةً او قومية . . او نفطاً و يورانيوم. و يحذّرون من ان الصراعات العراقية ـ العراقية دخلت و تدخل اكثر على محاور دولية خطيرة . . . بعيدة عن احلامٍ تُغنّى و آمالٍ تطرب لها النفوس، رغم اشاعتها للأمل الضروري لكل تغيير. و انه لمن الضروري ان لايغيب عن البال ان قوّة اي مكوّن عراقي تتضاعف فعلاً بالتضامن و التآخي مع المكوّنات العراقية الأخرى على الاسس الدستورية التي صُوّت لها . . من اجل تحرر كل مكوّن من قيود خارجية تحاول تقييده، و من اجل السير على طريق تكوين قدرة البلاد بمكوناتها على مواجهة التحديات الدولية و الإقليمية و توافقاتها و صراعاتها سواء كانت مؤقتة او دائمة، لضمان حقوق البلاد و شعبها بعربه و كرده و كلّ اطيافه، و من اجل رفاهها و تطورها الاجتماعي و خاصة اوسع فئاته الكادحة من شغيلة اليد و الفكر باطيافهم. و فيما يرى سياسيون و خبراء فائدة تقبّل الاطراف آلية حكم دستوري تقوم على اساس برامج "ائتلاف حكم" و "ائتلاف معارضة" ـ كما تنجح تجربة البرلمان الكوردستاني العراقي كنموذج ـ انسجاماً مع التطورات العالمية وآليات قواها الاقتصادية و حكوماتها . . يرى آخرون ان آلية حكم توافق القوى العراقية و فق برنامج سياسي و نظام عمل حكومي على اساس دستور لاتزال صحيّة، لتجاوز فتن دينية و طائفية لاترحم و لقطع الطريق على احتمالات تواصل اشعالها في المرحلة الراهنة، و بسبب استمرار وجود احزاب على اساس ديني و طائفي رغم التحولات الجارية في قسم منها نحو تشكيل احزاب سياسية . . بشرط تجاوز نظام المحاصصة الطائفية الجامد و اعتماد النزاهة و الكفاءة لصالح المصلحة الوطنية للجميع، و بشرط الالتزام بفقرات الدستور، و قطع الطريق على التلاعب بها او عليها بالمتاجرة بـ (المقدس) و (المصلحة العامة) او بالإدّعاء المنافق بـ (الأخلاق) . . التي صارت معروفة جهاتها و غاياتها و نتائجها . بدلاً من استمرار دولة مؤسسات قاصرة اختلطت فيها السياسة، بالدين و المذهب و اساءت سلوكيات المتنفذين لهما، دولة غُيّبت فيها الشفافية و صار لايعرف فيها ما يجري و ما يتفّق و يُختلف عليه . . و لايعرف فيها اين يقع الحق و مع من في الواقع المعاش، و ليس فيما يُسطّر و ينظّر به على الورق . . و كأنها استمرار بواجهة جديدة للدكتاتورية السابقة تقسّمت على ورثة .
23 / 5 / 2012 ، مهند البراك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) تستقوي كياناتها المتنفذة بدول كبرى او اقليمية كما تشير معظم وكالات الانباء المحايدة .
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السلاح و . . ثقافة التعددية و الحلول السلمية !
-
مخاطر فكرة وحدة فورية مع ايران !
-
31 آذار، -طريق الشعب- و العولمة !
-
نوروز . . و ازمة الحكومة العراقية
-
عودة الى (القائد الضرورة) ام ماذا ؟
-
8 آذار . . المرأة و - الربيع -
-
الربيع العربي و (الفوضى الخلاقة) !
-
قضية شعب و ليس مُكوّن !
-
بلادنا و الصراع العنيف بين مشروعين !
-
من اجل مواجهة الصراع الخطير المهدد !
-
عن مفهوم الأكثرية . . و التوافق
-
الانسحاب الاميركي و قضيتنا الوطنية !
-
- الربيع- و الشباب . . اليسار و - المتمدن - 3
-
- الربيع- و الشباب . . اليسار و - المتمدن - 2
-
- الربيع- و الشباب . . اليسار و - المتمدن - 1
-
عندما ينبح الفساد مستهتراً بالقيَمْ !
-
ازمة الحكومة . . سوق بيع الأطفال !
-
ربيع المنطقة و روحها الحيّة 3
-
ربيع المنطقة و روحها الحيّة 2
-
ربيع المنطقة و روحها الحيّة 1
المزيد.....
-
شون -ديدي- كومز يواجه ضحيتين أخريين في لائحة اتهامه
-
ترامب يتحدث عن السبب في حادث اصطدام الطائرتين في واشنطن
-
رئيس الوزراء العراقي يعلن القبض على قتلة المرجع الديني محمد
...
-
معبر رفح: متى تخرج أول دفعة من الجرحى من غزة ومن سيدير المعب
...
-
أول ظهور لتوأم باندا نادر في حديقة حيوان في برلين يثير إعجاب
...
-
هل خطط المحافظين في ألمانيا بشأن الهجرة قانونية؟
-
هل -يستعين- ميرتس بأصوات البديل مجددا؟
-
استعدادات لفتح معبر رفح ونتنياهو يهدد باستئناف القتال مع حما
...
-
إسرائيل تنفذ ضربات على مواقع لحزب الله في لبنان وتقول إنها م
...
-
-الويب تون-.. قصص مصورة نشأت في كوريا الجنوبية وتتطلع لغزو ا
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|