أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - النهايات المنطقيـــة















المزيد.....

النهايات المنطقيـــة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1095 - 2005 / 1 / 31 - 11:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وأخيرا أسدل الستار على فصل آخر حزين, وكئيب من حياتنا المليئة بالمزريات والمأساويات والإنكسارات الكبار بدون مراسم وداعية, ومراث حزينة باكية, وطقوس دفن ووداع, وبدون مصافحات و"هارد لكات" للجميع, لأن الجميع خاسر كبير ومندحر مرير. وانتصرت فقط تقاليد الإنعزال وفلسفات الإقصاء وإيديولوجيات التخشب والإختباء والإنزواء, وحافظنا بذلك -والحمد لله - على تراثنا "الثري" في الحوارات التي لم تكن يوما ما صنعتنا وشغلتنا ومن تقاليدنا التي نحافظ عيها ونتغنى بها في نشرات الإستهبال ,ويدعو البعض للحفاظ عليها ويشد عليها بنواجذه وأظافره الحادة والطويلة. وبقيت الأصابع على الزناد, والنفوس غليانة, والقلوب مليانة .ولكن لايسعني وبصدق وفي نفس الوقت إلا أن أصفق وأشكر الغريمين الكريمين على المحاولة البائسة اليتيمة ,حتى الآن, ولا سيما إذا كان يكتنفها صدق في النوايا, فشلت في تحريه وتلمسه أحيانا, وأن يكون بداية لتأسيس حوارات عامة صحية أكبر, وفض للإشتباكات ونزع للفتائل وتهدئة للخواطر, والنفوس المشحونات المكتنزات بالغضب والحقد والإحباط.

واعتراني في أحايين كثيرة شعور بالصدمة والخيبة إذا كانت فعلا هذه هي "المرآة" التي سنواجه بها الألفيات القادمات والحضارات المتتابعات الطاغيات,لما رأيته - واعذروني- من تجن وابتذال,كما أحسست في مراحل معينة بأننا في كهوف وأقبية االهمجيات البدائيات وبواطن الوديان الغوار,ولسنا في الواحات الجميلات الرائعات والحديقات النضراوات, التي ولدت وأنتجت وصدرت الحضارات والأبجديات للعالم قاطبة ودون مبالغات ومزايدات.

نهاية منطقية, ولكنها بالطبع غير سعيدة ومؤلمة لفنتازيا غير تقليدية, وغير مسلية, وإن كانت مدهشة في بدايتها, هي تلك التي انتهت بين الرجلين المتمترسين كل في واد قصي وناء وبعيد عن الآخر ,ويغني على ليلاه. تكشف أول ما تكشف عقم الحوارات بين الجميع, وعدم اتقاننا الكلي للغة الحوار الحضارية والتشنج المتعصب الأسود الذي أصاب الجميع منذ انتاج ثقافة الإستئصال والتكفير, وتداعياتها الدموية المريرة حيث لا وجود إلا لفكر واحد ورأي واحد طاغ ماحق ساحق هو ما جعل جميع حواراتنا مستحيلة وغير قابلة للإستمرار . والسؤال المهم هنا هل ستتنتهي كل الحوارات المستقبلية بنفس الطريقة المأساوية ولا مجال للحوار والنقاش أبدا؟أرجو ألا يكون هناك جواب واحد سلبي فقط لهذا السؤال.وأن هذا هو الدرس الوحيد المستقى والمستحلب من هذه المنازلات العبثيات؟وإذا كان الجواب بنعم فعلينا أن نشد أمتعتنا وننسحب من التاريخ إلى المكبات والجحور والأوكار حيث المكان المناسب لهكذا بشر وناس. وقد أثبت رفض أي كان لسماع الآخر وتفهمه له, عدم اتقاننا للغة النقاش برغم انتشار الحضانات والروضات ومعاهد تعليم اللغات وحتى لغة "البانتو مايم"Pantomime الإيمائية التي تستخدم أحيانا للصم والبكم والطرشان.وهل سيبقى الحوار بالفؤوس والبلطات والرفس واللبط والمناطحات والفلقات والخوازيق والهروات والشتائم والسباب هو اللغة الوحيدة التي نتقنها ونمارسها وبكل أسف بعد أن تخلى عنها المتوحشون في الغابات؟أرجوأيضا ألا يكون هذا هو واقع الحال.

وإن أي حوار مستقبلي ولو بعد ألف سنة ستكون هذه نتيجته وهذا مآله وبكل ألم وحرقة وحسرة طالما أن الآخر هو لاشيء وهو صفر على الشمال وساقط من الحسابات والإعتبارات, وهذا هو سبب نشوء الصراع منذ البداية , حيث لم تتم مجادلة أحد بالتي هي أحسن كما هو مطلوب وكما أمر الله سبحانه وتعالى وجاء في رسالاته السماويات, وكان الإحتكام إلى قوالب وفتاوى جاهزة وموروثة مقدسة أتى بها أناس عاديون , وليس رسل سماويون أو آيات بينات محكمات ,فسروا التعاليم والنصوص السماوية وفقا لرغبات سياسيةوسلطوية, وإرضاء لحكام متعطشين للسلطة, في يوم من الأيام, أكثر من تفسير ديني وابتغاء لوجه الله .وكان الدين الأصلي وتعاليمه السمحاء بعيدين تماما في غالب الأحيان. ومن سلط أصلا أولئك المتعطشون للموت, ومصاصوالدماء, وتجارالموت, للتحدث باسم الله الرحمن الرحيم الرؤوف الودود اللطيف العادل السلام, وتوزيع الناس بين الجنة والنار ,والتعدي على, وممارسة حقوق الله؟ وأستغفر الله من كل ذنب عظيم وكفر بواح .

ولذلك فالنتيجة المنطقية والحتمية لهذه ا لحوارات في النهاية هي الأبواب المغلقة والسواتر والحواجز والمحرمات والتابوهات التي شلت العقل ووضعته في هذه الحالة المزرية من الإنغلاق والأغلال والإحكام.وطالما تسلح الجميع بهذه الثقافة وهذه المنطلقات فلا حاجة أبدا لأية حوارات وعلينا أن نبقى نصرخ في الهواء لنصبح يهود التاريخ في الصحراء كما قال الشاعر البصري الرائع الحزين. ولطالما أن المنطلقات التي اقلع منها النقاش كانت جامدة ومتخشبة ولا يوجد أرضية مشتركة يؤسس عليها في الإنطلاق بإي حوار كما هو المعروف في أدبيات المفاوضات حيث ينطلق الجميع من أرضيات مشتركة فيها مصلحة للجميع, قبل التركيز على الخلافات, فيما كان الجميع هنا كل يعزف معزوفته الخاصة المعجب بها ويفند كل الأنغام الصادرة من الآخر ويعتبرها لحنا نشاز, ليقدم لنا وصلته الحوارية المليئة بما "لذ وطاب" من الرؤى الشخصية والتجربة الذاتية الخاصة. وقد نحا البعض ,وهو الأخطر في هذا الموضوع برمته ,المنحى التعميمي الجماعي الشمولي في تعاطيه مع المسألة, وهو الأكثر إيلاما من أي شيء,ولم يحقق أي تقدم في هذا الإطار, متناسيا أن المد الشمولي الكاسح لم يرحم أحدا بعينه, وهذه نقطة العيب الأكبر في جانب من هذا النزال ,تماما كما فعل تسونامي بفقراء آسيا على اختلاف مذاهبهم وأديانهم, وانتمائهم, وأغنياء الغرب السواح على حد سواء, دون التمييز بين أي منهم, وفي هذا طغيان جارف, وحقد, وغلو, وظلم لاتقترفه سوى القوى الغاشمة الطاغية الباغية من أمثال تسونامي الفاجر الهادر ,والتسوناميات الأخرى التي كتبت عنها مطولا,وهنا مربط الفرس والحكمة من الطوفان. وهذه النقطة بالذات لايريد أحد أن يفهمها ,وهي السبب في الرئيسي ,على ما أرى ,في وصول كل الحوارت إلى هذا الأنفاق المسدودات هذا إذا كان هنا أصلا أنفاقا ومهما ضاقت للعبور إلى ضفاف الخلاص. وكل واحد كان يحاول انتزاع شرعية مرفوضة ومفقودة سلفا وفي نفس الوقت أو وقبول من الآخر الرافض تماما بناء على تخيلات وأوهام واعتبارات وثقافات موروثة و"مشرشة" في العقل والقلب والوجدان, لاذنب لأي منهما في تلبسها وتقمصها ,والدفاع عنها, لسبب بسيط ,وهو أن لا يد للإنسان في تقرير مصيره وأقداره ولونه ودينه وعقيدته ,وحتى اسمه, ومكان عيشه في أحيان كثيرة.والشيء الذي لايريد أن يتعلمه أحد في هذه الحياة ,ماذنب البوذي ,أو الوثني,أو عبدة الأبقار والشياطين والنار,أواليهودي ,أو المسلم بأطيافه المختلفة ,لو ولد في هذا المكان أو ذاك أو تلك القبيلة أو العشيرة أو الأثنية ؟ وهل كان لأحد حق الخيار أصلا في وجوده هنا أو هناك؟وهل ميزة وتفرد ,أوعيب,و نقص وجود الإنسان في هذه الطائفة أو تلك؟وأن ذلك هو تقدير العزيز الحكيم في آيات محكمات وما علينا إلا أن نمتثل ونسلم بمشيئته ورغبته وحكمته في هذا التنوع والإثراء إن كنا فعلا مؤمنين؟ وإن الإنسان نتاج لظروفه وبيئته وتربيته. والله ورسوله,وللعلم, لم يبشرا سوى عشرة في الجنة والنجاة. وكم كنت أشعر بالشفقة, وعلى الجميع, دوما لهذه الأسباب في الذات الذي جعل التفاهم مستحيلا وبعيد المنال.

ولقد تابعت مسلسل الحوارات هذا منذ البداية متمنيا له وبصدق النجاح ,وإن كنت أتوقع له سلفا الفشل المريع في نقطة ما, وعلى ما انتهى إليه ,وهذا ليس تشفيا وشماتة,ولكن ,وللأسف مرة أخرى, هذا هو واقع الحال نتيجة للمعطيات الموجودة والمعروفة. ولكن ,وأيضا دائما ,حبذا لو صار جزءا من حوار وطني شامل يكتب له النجاح, بين جميع الفرقاء قائم على الإحترام المتبادل وتفهم الآخر, وحقه في أن يكون, ويعيش حياته بالطريقة التي يرتضيها,وألا نعود إلى قرقعة السلاح وصليل السيوف كونها الموروث الوحيد في هذه الثقافة التي يؤسفني وصمها بالسوداء,ولايوجد فيها غالب أو مغلوب أو بريء ومذنب على الإطلاق ,وبحسب رأيي الخاص فالجميع ضحايا وخاسرون ومهزومون بكل المقاييس والإعتبارات,وليس هناك من فالح ومنتصر مغوار,وإذا فشلنا في التعايش كبشر ومخلوقات آدميات جنبا إلى جنب.وأرجو فعلا أن يتمتع الجميع بالقدرة علىالحوار ولو كان هناك خاسرون في مرحلة ما ,فإنهم لن يكونوا خاسرين دائما,,وهذا هو سبب ما وصل إليه الحوار الأصلي اولا في اجترار الماضي الأليم الذي كان نتيجة ظروف قاهرة ولت بمعظمها ,وهناك معطيات وأوضاع جديدة علينا جميعا التكيف معها والإنطلاق منها.ورأينا ,ونرى الآن, كيف يجلس الجميع ويتناقشوا وأصبحوا أحبابا وفي دولة واحدة بعد قرون من الهمجيات والحروب والسجالات التي لم يكسر أي طرف شوكة الآخر فيها ويجبره على العبودية والتبعية والطاعة والولاء.وهاهي ماثلة ومتاحة للعيان. أفلا تبصرون وتتعقلون ياأولي الألباب؟

لنبحث عن الأرضيات المشتركة والمصلحة العامة وفلسفة العيش المشترك وتذوق, ولو لمرة واحدة, روعة الحوار الإنساني ليصبح محللا وحلالا عليكم بعد ذلك بعد أن كان منكرا ومحرما من زمان, والتطلع للمستقبل الواعد للجميع,قبل البحث عن الآثام والعيوب والأخطاء والتكفير والتشهير العنصري التأثيمي والإثني والطائفي الإجرامي والدوران في نفس الحلقات المفرغات,واجترار الماضي الأليم أو البحث عن الثأر والإنتقام لأن العنف والدم لن يولد سوى العنف والدم في متوالية ماراثونية لايعلم أحد حدود مضمارها ومتى وأين تتوقف, وعلى الجميع الإعتراف بالأخطاء- إن وقعت - ونقد الذات وعدم تبني فلسفة التفرد والعصمة الرعناء ,وإيمان الجميع بحق الجميع بالحياة واحترام حقه وخصوصيته ودون طغيان أحد على الآخر, أو فرض طريقة الحياة التي يراها مناسبة على الآخرين ويعتقد ,بغباء ,أنها الصحيحة والوحيدة لفرضها على العباد.

أنه التعايش والتفاهم والحوار والسلم الذي لابد منه في لنهاية وللجميع.

نضال نعيسة كاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البؤســـــاء
- الجحيــــم الموجــــود
- الصدمـــة والرعب
- توم وجيري.........للبالغين سياسيا فقط
- أهل الذمة السياسية
- تسوناميا العظمــــى
- عاصفة الصحــــراء
- بريسترويكا إعلاميــــة
- شهـــود الــزور
- 2-العولمـــة الجامحــــة
- 1-العولمـــة الجامحـــة
- قوانين الطــوارئ العقلية
- خذوا الكذبة من أفواه السياسيين
- اللعب علــى الحبال
- الفضيحـــة
- حـــزب المواطنــــة
- حتمـــية التعايــش
- يــوم الحســـاب
- الحمـــد لله عا السلامة
- الإبستيمولوجيا الإرتقائية


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - النهايات المنطقيـــة