|
العادات والأعراف الإجتماعية تساهم في ترسيخ ظاهرة العنف ضد المرأة
سناء يعقوب
الحوار المتمدن-العدد: 1095 - 2005 / 1 / 31 - 11:48
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
المرأة تمثل لدى البعض رمزاً لابد من قهره.. لغة القبضة قد تتلاشى عن جسد المرأة لكنها تبقى في روحها وقلبها تشرين- تحقيق سناء يعقوب: قالت: هل العنف فقط، هو الأذى الجسدي الذي قد يلحقه رجل بامرأة، هل الكدمات التي تلون جسد زوجة أو أخت أو ابنة، هي فقط مايطلق عليها العنف؟!! وأي عنف واستهتار بمشاعر المرأة، عندما تذوب حباً برجل أوهمها لبعض الوقت أنه الفارس المغوار، وزين لها السموات والأرض، بورد وحنان وحب لم تكن تحلم به، لتفاجأ يوماً أن الحب لم يكن حباً، وأن الحنان كان وهماً وأنه كان «بياع كلام»!!.
موضوعنا قد يطول الكثير من البيوت والمجتمعات، وشئنا أم أبينا، فإن الكثير من العلاقات الأسرية وماتتعرض له المرأة سواء كان الأذى الجسدي أو النفسي، فإنه موجود سواء اعترفنا أم لم نعترف، لدينا بعض الحالات من الكثير من الحالات المتألمة وبصمت فلنتابع:
** حلو الكلام
تقول إحداهن: أمضيت معه سنوات كثيرة من عمري، بدأ حياته الزوجية بمعسول الكلام، وبعدها بوقت قصير، تغير وأصبح ذلك الجبار الذي لايجد وسيلة للاقناع والمناقشة سوى يده وكل مايطوله ليصبغ جسدي ويلونه بألوان مختلفة، بدلاً من أن يكون اليد الحانية التي تربت عليّ.
وتقول فتاة: أعيش في بيت لارحمة فيه، فكل فرد منهم يريد ان ينتقم من المجتمع، فيصب جام غضبه على جسدي، فالأب يتحكم والأخ يتحكم، وحتى الخال والعم فأين المفرّ!!
** ماذا عن عنف المرأة!!
قد يقول الكثيرون، لماذا تطلقون دائماً عبارات جاهزة مثل عنف الرجل ضد المرأة، وتخلخل العلاقات الأسرية فكم من رجل يعاني من عنف المرأة تجاهه، وهنا أقول وبتجرد: نعم هناك الكثير من النساء العنيفات في المجتمع، لكن من الذي أوصلهن الى هذه المرحلة، وهل تتمنى فعلاً أي سيدة ان تمد يدها لتضرب أو تجرح أي رجل من دون سبب، فالمرأة وبكل حالاتها، كتلة متقدة من الحنان سواء كانت أماً أم زوجة أو ابنة أو حبيبة، ولا أعتقد أنها تنتظر أقل من الحنان والاحترام والحب.
** إغتصاب أم إكراه
قالتها وبخجل، أشعر أنه يعاملني كأي فتاة شارع، وأنا هنا لن أتحدث عن ضربه وتوبيخه لي أمام الناس، بل سأتحدث عن العلاقة الخاصة، التي يمكن ان تربط بين أي زوجين، والتي من المفترض أن تكون مقدسة، فما بالكم بزوج أشعر أنه يغتصبني في كل مرة ويهين أنوثتي وكرامتي، ويذبحني من الوريد الى الوريد، عندما يطلب مني أمام أولادي وأمام الناس أن أسبقه الى الغرفة لرغبة في نفسه، ويطلبها بشيء من الدناءة، بل إنه يمضي الى أكثر من ذلك ليقول لي: واذا لم تلبي رغبتي، فلن يكون لك مصروف، واذا تجرأت يوماً لأقول: إنني مرهقة، فإن نصيبي من الضرب والشتائم لاحدود له، الى ان يتدخل الجيران ويخلصوني من بين يديه،!! أليس هذا أشد حالات القهر النفسي، الذي يمكن ان تتعرض له المرأة، فأنا أحس بجرح كبير في نفسي، لايمكن ان تمحوه الأيام ولكنني أعيش في واقع أليم، ان تركته فلا مكان أذهب إليه!!
** رحل ولم يعد
سيدة لديها أطفال أربعة، تركها زوجها منذ سنوات عديدة، وهي لاتعرف عنه شيئاً، تركها لتواجه قدراً لايرحم، وأطفالاً يحتاجون لقمة العيش، وهي تكافح وتعمل لتطعم أطفالها، بالرغم من أن صحتها لاتساعدها، وحتى لاتمد يدها لانسان، وتقول إنها محتاجة، وتتساءل: ماذا يمكن ان نطلق تسمية على حالتها؟!!
** الميراث والمجتمع الذكوري
تقول فتاة أنها أصبحت بنظر أهلها والمجتمع شاذة وغير سوية فقط لأنها طالبت بحقها من الميراث، فأينما ذهبت تجد الحقد والكره وسوء المعاملة، حيث تتعرض للضرب والشتائم، وأصبحت وصمة عار للأسرة.. وتقول: تجرأت في هذا المجتمع الذكوري لأطالب بحقي، فأنا أريد ضمان مستقبلي ولكن أهلي بعاداتهم، وتقاليدهم البالية، أنكروا علي هذا الحق، مع أن الدين الاسلامي نصت آياته الكريمة على حق المرأة في الميراث، وبالرغم من ذلك اصبحت ابنة عاقة، لا أهل لها ولا إخوة،فهل هذه هي العلاقات الأسرية الصحيحة!!
** العنف ولحظة الإنفجار
يذكر الدكتور نوفل نوفل ابراهيم دكتوراه في أصول التربية ودكتوراه في الدراسات الاسلامية، ان المجتمعات مازالت تعاني من ظاهرة العنف الممارس ضد المرأة، هذا العنف الذي يأخذ أنواعاً متعددة منها العنف الجسدي، والعنف الجنسي، والاقتصادي، واللفظي والسياسي، والأسري والعنف الديني ولكن أشدها وأخطرها العنف النفسي.. فالعنف تعريفاً هو ذلك الشكل من الممارسة والتسلط الذي يقوم به رجل أو مجموعة من الرجال، على المرأة أو مجموعة من النساء سواء في الحياة الخاصة أو الحياة العامة، والذي يهدف في النهاية إلى الحط من كرامتهن واهانتهن و اذلالهن، واظهارهن بمظهر الدونية، ثم بعد ذلك قهرهن اقتصادياً.
الاختصاصية الاجتماعية هيفاء الزبري تقول: ان القهر الذي تعيشه المرأة متناسب مع القهر الذي يعيشه الرجل، بمعنى آخر هناك علاقة طردية بين مايتعرض له الرجل من قهر وبين مايفرغه من قهر في علاقته مع زوجته أو أخته أو ابنته أو حتى أمه، فالعنف هو تفريغ للتوتر والغليان الداخلي، وانه وسيلة في يد الانسان للافلات من مأزقه كونه السلاح الأخير لإعادة شيء من الاعتبار المفقود في الذات.
وليس المقصود بالعنف فقط هو سلوك الضرب بل بأنواعه الجسدية والمعنوية كلها، والعنف المستتر بمحاولات السخرية والتحقير.
** لماذا العنف؟!!
يؤكد الدكتور ابراهيم ان العادات والاعراف الاجتماعية الموروثة لها الدور الأكبر في تفشي هذه الظاهرة وترسيخها، واظهار الرجل بمظهر الرادع وثمة عامل مهم لتفشي هذه الظاهرة وهو تغليب عادات المجتمع على شرع الله والابتعاد عنه بحجة ان الناس يفعلون هذا!! مع العلم ان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال بحق معاملة الرجل للمرأة (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).. ومن الأسباب المهمة أيضاً تدخل أحد الوالدين في شؤون الأولاد الأزواج، ولاسيما الأم في شؤون ولدها، وتعليمه وتحريضه على زوجته، وهنا يجب أن نشير وبصراحة الى ان المرأة هي نفسها تحب العنف ضد بنات جنسها، والدليل ان أغلب الخلافات الزوجية ومظاهر العنف من جراء تدخل الأم بين الزوج وزوجته.. وهناك أيضاً العامل الاقتصادي الذي يحاول الرجل من خلاله إرغام المرأة على التنازل عن حقوقها المالية، وإلا كان مصيرها الضرب والشتم والطلاق والحرمان من الأولاد، وفي بعض الأحيان، يرغم الرجال نساءهن على امتهان الدعارة للحصول على المال الوفير، وهنا يتجلى العنف الجنسي.. أما الاختصاصية هيفاء فترى ان العنف الموجه ضد المرأة يأخذ أشكالاً متعددة، فقد يكون عنفاً اقتصادياً في خضوع المرأة للرجل كونه المتحكم بمصيرها المالي، ويحدث أيضاً في بعض الحالات التي تكون فيها المرأة عاملة وفهي لاتمسك بالأجر الذي تتقاضاه نتيجة لعملها سوى المدة التي تستغرقها للوصول الى البيت عائدة من عملها، وبعدها يصبح هذا الأجر في يد الرجل.
أما العنف الجسدي فهو حين يلجأ الرجل الى لغة القبضة، والصفع على وجه وجسد المرأة، وقد تأخذ وقتاً طويلاً حتى تختفي ظاهرياً، ولكنها لاتختفي أبداً من روح وقلب هذه المرأة، وقد يكون من أخطر اشكال العنف، العنف الجنسي الذي يعتبر اغتصاباً حتى في حالة حصوله بين رجل وزوجته، ونقصد بهذا قيام الرجل بإجبار زوجته على معاشرته جنسياً دون رضى ورغبة منها، وفي ذهنه فكرة واحدة هي أنه يملك الحق في فعل مايريد بها وقتما يشاء.
أما العنف الأسري ضد الفتيات غير المتزوجات فهو يتمثل في العنف النفسي، والتحرشات الجنسية، والعنف الجسدي والاهانات اللفظية والنفسية، وحرمان من التعليم والعمل، وتعزز الثقافة المجتمعية السائدة أن قضايا العنف الأسرية، هي قضايا عائلية خاصة ولاينبغي التدخل بها، وهذه تعتبر عقبة في التصدي للمشكلة، وحتى الاحصائيات تظل غير دقيقة بسبب عدم بوح معظم النساء اللاتي يتعرضن للضرب بهذا في ظل ثقافة الصمت التي تسود في مجتمعنا، وإزاء المفاهيم الاجتماعية التي تركز على لوم الضحية وتحميلها مسؤولية ما وقع عليها من عنف.
** أين المفر!!
ويبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للنساء التخلص من هذا الواقع أو مجابهته؟
يقول الدكتور نوفل ابراهيم: يصل معظم النساء في النهاية الى فكرة (مكره أخاك لابطل) فإذا ماأرادت المرأة التخلص من ظاهرة العنف من تلك الذئاب البشرية، فإنها إما أن تلجأ للصمت والتحمل وما أصعب ذلك، أو طلب الطلاق، أو الهروب ودخول معترك حياة التشرد والرذيلة والعنف من قبل الآخرين، وضياع الأولاد والأسرة.. أو تلجأ المرأة لإبعاد شبح العنف عنها، بالتنازل عن مهرها، لترضي زوجها وأمه في كثير من الأحيان، وفيما يخص علاج هذه المشكلة والتي أقول من الصعب حلها، اذا لم يكن هناك وعي حقيقي، ولابد من أسس للحوار والتفاهم المبني على قاعدة التساوي والعدل والمسؤولية.
حول هذه المسألة ذكرت الاختصاصية الاجتماعية هيفاء الزبري ان للزوجات طرقهن ووسائلهن الخاصة للتعبير عن غضبهن من أزواجهن، ولاسيما عند شعورهن بالاهمال العاطفي، غير أن كثيراً منهن لايعبرن عن هذا بشكل صريح ومباشر، بل يلجأن الى اختلاق أسباب تحول حياة الرجل الى جحيم، من ملاحقات ومتابعات في كل صغيرة وكبيرة بحجة الحب والغيرة والرغبة في الامتلاك، وقد يكون هذا بالإكثار من الطلبات التي ترهق الرجل في محاولة لسجن الرجل وامتلاكه ووضعه بالقفص.
** وبعد..
هل فعلاً أصبح جسد المرأة يمثل لدى المجتمع رمزاً لابد من قهره، فالعنف قد يأخذ اشكالاً متعددة ضد المرأة، وقد يخلق لديها حالة نفسيه، وردة فعل قد تكون متأخرة أحياناً، وقد تكون مباشرة في أوقات أخرى، ولكن حين تحين لها الفرصة المناسبة يكون رد فعلها كبيراً وشاملاً، فالعنف يولد العنف فلا نعتقد ان أي امرأة قد تقابل الحب والحنان والمعاملة الطيبة بالعنف والصراخ، فاحذروا أيها الرجال فإن المرأة قد تتحول الى بركان مشتعل لاتهدأ ثورته أبداً!! فهل هذا فعلاً ماتريدونه؟!!
#سناء_يعقوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-إسرائيل- تتهم بابا الفاتيكان بازدواجية المعايير اثر تنديده
...
-
عائشة الدبس للجزيرة: المرأة السورية سيكون لها دور مهم في سور
...
-
مين اللي سرق الجزمة.. استمتع بأجمل اغاني الاطفال على قناة ون
...
-
“بسهولة وعبر موقع الوكالة الوطنية للتشغيل”… خطوات وشروط التس
...
-
الشرع يرفض الجدل بشأن طلبه من امرأة تغطية شعرها قبل التقاط ص
...
-
-عزل النساء- في دمشق.. مشهد يشعل الغضب ويثير الجدل
-
سجلي الـــآن .. رابط رسمي للتقديم في منحة المرأة الماكثة في
...
-
طريقة التسجيل في منحة المرأة العاملة في السعودية .. عبر المو
...
-
سوريا.. إدارة الشؤون السياسية تخصص مكتبا لشؤون المرأة يعنى ب
...
-
تعيين أول امرأة في الإدارة السورية الجديدة
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|