نهار حسب الله
الحوار المتمدن-العدد: 3733 - 2012 / 5 / 20 - 22:45
المحور:
الادب والفن
أمي عانس!
لا أعرف كيف ولدتني أمي من دون رجل...
كبرت واحتشد السؤال في فكري.. صار يشكل جيشاً من التناقضات، وأساطير من الاسئلة..
افكر دائماً عن امكانية تشابه حالتي بنبي الله (عيسى ابن مريم) (ع)، ولكن صفعة قوية كانت تغير مسار السؤال، لان زمن الانبياء انتهى، وبات جزءً من الارشيف.
نمت الفكرة في داخلي وصارت عقدة تتطلب الحل.
يستحيل أن يكون الرب استحدثني نبياً في هذا الزمان، كما يستحيل ان تكون أمي عاهرة لان مؤهلاتها الجسدية والجمالية لا تدل على ذلك، كما استبعد ان اكون لقيطاً أيضاً لأني كنت احس بالدفء في أحضانها.
بقيت اشعر بالنقص وهو الامر الذي اضطرني الى استدراك امي واحراجها ببضع تساؤلات، إلى ان صارحتني قائلة:
- افتقدت احساس الرجل طوال حياتي، بعد ليلة واحدة قضيتها مع والدك الذي قتله الجوع وخلفك.
أنا مازلت عانساً حتى اللحظة، وانت لست أول من يلده الجوع والحرمان.
لكنهم!
في أوطاننا فقط..
تُعالج الشعوب من أمراضها بالدعاء، لكن لسعة دبوس إذا لمستهم فتلك مصيبة تتطلب عناية مركزة وسفرة طبية عجولة لاوربا للاستجمام والاسترخاء..
في اوطاننا فقط..
تُعالج ازمات البطالة والجوع بالسكوت والصبر، لكن سوق البورصة اذا مس أسهمهم فذلك هو البلاء..
في اوطاننا..
كل امهاتنا عوانس وعواقر.. إلا نسائهم حسناوات وولادات.
في أوطاننا..
يشتكي الهم على الهم.. وتبكي الدموع على عيون بكتها بعد ان مات قانون الضعفاء..
في غيبوبات نومنا.. تاهت الفروقات بين الاحلام والكوابيس.
حلم او كابوس بالرخاء.. والحكم بالسواء.. وبلد بلا فقراء!.
رموز البكاء
نبكي بالصلاة والدعاء، نبكي تضرعاً وخشوعاً، نبكي على تغريد البلابل المذبوحة في صباحاتنا، نبكي من دون الحاجة الى عزف العود والشجن، نَبكي حينما نشتاق.. والشوق لا يختلف عن الشوك كثيراً، كلاهما يحمل ألماً لا يطاق..
نعم.. نبكي بحرقة مجهولة الاسباب، وواجب علينا إدمان البكاء..
نُقبل أقدام الضحك باذلال وتوسل عله يمر بنا لحظة وإن كانت عجولة، نمني أنفسنا بالضحك، فنضحك على انفسنا، من ثم نخاف من اسناننا وقهقهاتنا، نرتعد من ابتساماتنا، فندمع آسفين يتلبسنا الخجل على ما اقترفنا..
لنعود الى تنهيداتنا ودموعنا التي رضعناها من أثداء امهاتنا ولم نفطم منها الى يومنا هذا.
#نهار_حسب_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟