|
هل أن الله حفظ القرآن فعلا؟
مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 3733 - 2012 / 5 / 20 - 21:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يقول القرآن: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ. 15: 9 بعض مفسري القرآن مثل ابن كثير يقولون بأن هذا الذكر المحفوظ هو القرآن. وبالرغم من اختلافي معهم في هذا الأمر، إلا أنني سوف أجاري رأيهم هذا متتبعاً هذا المنطق إلى نتيجته الطبيعية. يصف القرآن نفسه بأنه محفوظ وخال من التحريف قائلاً: لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ. 41: 42 أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا. 4: 82 في نفس الوقت يؤمن أغلب المسلمين بأن القرآن يتهم كلام الله المنزل في الكتب السابقة للقرآن (التوراة، الزبور، الإنجيل) بأنها محرفة: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ... 5: 41 أيضاً 3: 78 و 2: 79 و 4: 46 و 5: 13 مع ذلك يأمر القرآن المسلمين بالأيمان بما أنزل من قبله من الكتب: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. 2: 285 قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. 3: 84 هذه الكتب المنزلة قبل القرآن هي التوراة، الزبور (مزامير داود)، الإنجيل: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ... 5: 44 ولَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ. 21: 105 وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ. 5: 46 لنلخص مزاعم المسلمين التي طرحناها حتى الآن: 1- القرآن محفوظ. 2- الكتب المنزلة قبل القرآن هي التوراة والزبور والإنجيل. وهي الكتب التي تشكل جزء كبير من الكتاب المقدس. 3- التوراة والزبور والإنجيل والقرآن كلهم كلام الله بحسب أيمان المسلمين. 4- كلام الله لا يبدل. 5- الكتب المنزلة قبل القرآن محرفة. 6- يجب على المسلم الأيمان بالكتب المنزلة قبل القرآن على أنها وحي من الله. مع هذا فعلى المسلم أن يثق فقط بأن القرآن وحده هو المحفوظ بعكس الكتب السابقة له، ولهذا عليه أن يتبع القرآن فقط. يجب علينا أن نحلل هذا المنطق باستعمال العقل وليس بالمشاعر الدينية ولا من خلال يقيننا بالنصوص الدينية: 1- التوراة، الزبور، الإنجيل، القرآن كلهم كلام الله. 2- التوراة، الزبور، الإنجيل محرفون. 3- القرآن وحده هو المحفوظ. نتيجة منطقية أولى: بعض كلام الله محرف. نتيجة منطقية ثانية: بعض كلام الله محفوظ. من خلال التعميم المسبق نستطيع أن نبني الجدليات الآتية: مقدمة كبرى: بعض كلام الله محرف. مقدمة صغرى: القرآن كلام الله. نتيجة: القرآن يمكن أن يحرف. أو مقدمة كبرى: بعض كلام الله محفوظ. مقدمة صغرى: التوراة، الزبور، الإنجيل كلام الله. نتيجة: التوراة، الزبور، الإنجيل يمكن أن يحفظوا. المشكلة الرئيسية: بما أن الله قد سمح للبشر الضعفاء بتحريف الكلام الموحى في الكتب المنزلة قبل القرآن، فإن هذا يقودنا إلى الاستنتاجات التالية: 1- الله آله ضعيف، لم يقدر أن يحمي كلامه المنزل. وهو يزداد قوة وقدرة على مر الزمان، بدليل قدرته الآن على حفظ كلامه الأخير ألا وهو القرآن. 2- الله لا يهتم بنا، فهو يترك البشر ينساقون إلى الضلال بسبب أيمانهم بكتب محرفة، التي ظنوا أنه قادر على حفظها لأنها كلامه. وفوق هذا فإن الله يعاقبهم بنار جهنم لأيمانهم بهذه الكتب المحرفة واتباعها. هذا يقودنا إلى استنتاج بأن الله غير عادل. في ضوء ما سبق كيف يمكن لنا أن نتأكد بأن القرآن محفوظ وغير محرف؟ كيف نثق بأن الله لم يفشل هذه المرة أيضاً في حفظ كلامه المنزل في القرآن؟ أو لم يفشل من قبل (بسبب ضعفه أو عدم اكتراثه) في حماية وحفظ كلامه المنزل في الكتب السابقة للقرآن؟ ربما أحتاج الله إلى إرسال كتاب خامس كي يصحح ما حرفه البشر في القرآن! ماذا عن كتب البهائيين المقدسة؟ أو ليس من الممكن أن تكون هي الكتب الأخيرة المصححة لتحريف القرآن؟ ربما يجب علينا أتباعها، أو أتباع غيرها! كيف نقدر أن نثق في أن لا مبدل لكلمات الله إذا أمنا بأن الكتب السابقة للقرآن قد حرفت؟ يا أعزائي المسلمين عليكم أن تنتقوا موقفاً من المواقف الآتية كي تتبعوه: 1- القرآن محفوظ، والكتب السابقة له محرفة. مما ينتج عنه بأن الله أما ضعيف أو غير مكترث أو ظالم. هذا التفسير الوحيد الذي يسمح بمثل هذا الاعتقاد، لأن الله قد سمح للبشر بتحريف كلامه في الكتب السابقة للقرآن. 2- القرآن محرف مثل الكتب السابقة له. إذا يجب عليكم أن لا تقرءوه لأنكم لا تقرءون الكتب السابقة له التي تعتقدون بأنها محرفة. أو يجب أذن أن تقرءوا هذه الكتب السابقة المحرفة كما تقرءون القرآن المحرف. 3- القرآن محفوظ والكتب السابقة له محفوظة أيضاً. هذا يعني بأن عليكم أن تقرءوا هذه الكتب السابقة للقرآن لأنها محفوظة. 4- القرآن محرف والكتب السابقة له محفوظة. إذا من الطبيعي أن تتوقفوا عن قراءة القرآن وتقرءوا هذه الكتب المحفوظة. لحظة من فضلك، أنا لم انته بعد. لو أنك اخترت الاختيار رقم 3، فهناك مشكلة أخرى. فالقرآن يتناقض مع الكتب السابقة له تناقضاً واضحاً. ولأن الله ليس بآله تشويش وفوضى، فإن القرآن لابد من أن يكون وحي مزيف لأنه يتناقض مع الكتب التي سبقته. لو لم تعجبك هذه الخيارات، فقل لي إذا: ما هو الخطأ في أطروحتي السابقة. لو أنك لم تقبل مقدماتي ورفضت نتائجي، فأني أدعوك إلى أن: أثبت لي بأن القرآن محفوظ. يجب عليك أن تثبت هذا بالاستدلال العقلي وليس باقتباس القرآن، لأن تكرار المزاعم ليس بدليل. ولا تحاول أن تثبت لي بأن الكتب السابقة للقرآن محرفة، لأن هذا ليس إثباتا على أن القرآن محفوظ غير محرف. أيضاً لا تحاول أن تثبت لي هذا بمزاعم الإعجاز العلمي المزيف الذي يدعي المسلمون بأنه في القرآن. كل ما أريدك أن تفعله، هو أن تحل المشكلة المنطقية السابق ذكرها. أرني بطريقة عقلية ومنطقية كيف يمكن أن تزعم كمسلم بأن القرآن محفوظ مع اعتقادك بأن الكتب السابقة له محرفة، وكيف أن هذا ليس إهانة لعدل الله وقدرته.
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل إنسان أكثر إنسانية
-
تجارة الدين في العالم العربي
-
بين الإسرائيليات والأدب الفرنسي
-
تهافت الشيوخ في إسلام الشروخ
-
كيف يكون الدين أصل كل فساد
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|