|
الفارق خمسة ملايين فقط
ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 3732 - 2012 / 5 / 19 - 22:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما نُصدم يختل توازننا وتعجز لغتنا ونبحث بسرعة عن مفردات توازي مستوى الصدمة وقد يجبرنا البحث السريع عن المفردات الى الخروج من سياق الاعتدال والعقلانية حتى نضطر مثلا لإستخدام مصطلح مثل (شعب كوترة) والكوترة تعني بيع السلعة بدون وزن وعلى شكل (أكوام) تثير النظر وطبعا من دون التدقيق في السلعة نفسها ويلجأ التجار وخاصة البقالين للـ(الكوترة) عندما تكسد عندهم بضاعة ما وربما أصابها التلف فيضطرون للترويج لها بهذه الطريقة. نحن (شعب كوترة) لأن الفارق بعدد نفوسنا بين وزارتي التخطيط والتجارة يبلغ بضعة ملايين، حيث يقول وزير التخطيط علي الشكري لوكالة كل العراق إن أرقام وزارته تكشف إن عدد نفوس العراق يقارب [31,644,446] مواطن (32 مليون تقريبا) بينما بلغ تعداد وزارة التجارة (البطاقة التموينية) في نفس الفترة [37] مليون مواطن، وبدون تدقيق في (كسور المليون) يكون الفارق هو خمسة ملايين مواطن، وهناك عدد كبير من دول العالم يبلغ عدد سكانها مثل هذا الرقم وحتى أقل، وتقريبا يساوي هذا الرقم سكان دول الخليج العربية بإستثناء السعودية، تصوروا بإننا في حسبة بسيطة نختلف على خمسة ملايين مواطن فقط لاغير، هل هم موجودون فعلا أم لا؟، يذكرنا هذا الرقم بآلاف الموظفين الوهميين في مختلف مؤسسات البلاد وفي مقدمتها الاجهزة الامنية، تصوروا إننا نخوض حربا ضد الارهاب مثلا بآلاف الجنود الوهميين؟، ما قيمة الاستحقاقات المالية المترتبة لهؤلاء الخمسة ملايين مهما كانت حصة العراقي ضئيلة من ثروة البلاد؟، والاخطر ما هو تأثيرهم السياسي؟!، فخمسة ملايين مواطن تعني خمسين مقعدا في مجلس النواب حيث لكل مئة ألف مواطن مقعد والقوى السياسية تصر على إعتماد إحصاءات البطاقة التموينية في الانتخابات، ولمن يدلي هؤلاء الملايين بأصواتهم؟، كم يأخذون من حصة المواطنين من نزر الخدمات اليسير، هل تم تسجيلهم في دوائر الرعاية الاجتماعية وشبكة الحماية، ربما حصلوا على وظائف، الخمسة ملايين هم شعب شقيق للعراقيين بل إننا وهم نشكل توأما سياميا، لكنهم عبء ثقيل رغم علاقة الأخوة التي تجمعنا. وزير التخطيط أعلنها صراحة بأن الـ(37) مليون هو رقم خاطئ وإن التجارة تعتبر أرقام التخطيط (32 مليون تقريبا) هي الادق، الوزير يكشف أيضا إن "السبب الاساس في إختلاف الارقام يعود لعدم إجراء التعداد العام للسكان" (إنتهى كلام الوزير)، وهو التعداد الذي صدر حكم قضائي يلزم الحكومة بإجرائه ولكن من باب إحترام أحكام القضاء ولأننا دولة قانون لم يتم تنفيذ الحكم القضائي، الوزير يقول أيضا إنه "لا نهضة للعراق مبنية على اساس علمي مدروس دون احصاءات علمية صحيحة لان اجراء التعداد العام للسكان سيحل كل المشاكل التي لها علاقة بالموازنات المالية وعدد ممثلي كل محافظة في مجالس المحافظات وفي مجلس النواب وكذلك الخطط المستقبلية والعمليات التنموية ونسبة الفقر وما الى ذلك"، ويصدمنا الوزير بالقول إن التعداد لن يجرى لأنه بدون تخصيصات مالية رغم إن هذه التخصيصات كانت موجودة في موازنة العام السابق ولم تنفق ولكنها أيضا لم يتم تدويرها عن تعمد رغم الوعود بتدويرها وبالتالي فقد تم الامر (بفعل فاعل مصر) ولا نعلم لأي ممارسة أو مؤتمر إستعراضي تم تحويل الاموال، فالاستعراض السياسي أهم من (نهضة العراق) وقد يقول أحد المنتفعين بوجود الملايين الخمسة ضاحكا (يانهضة ياعلاوي). كانت الحكومة تقول لنا إن عدم إجراء التعداد يعود الى المشاكل في المناطق المتنازع عليها وما يمكن أن تثيره من قلاقل خاصة مع ما أشيع من تهديدات ورغم إن هذا العذر يتناقض مع حديث الحكومة عن سيطرتها على مقاليد البلاد وفرضها للقانون وإن العراق هو الاكثر إستقرارا بين دول المنطقة، فإننا صدقنا بحسن نية أو لأننا شعب (كوترة) ما قالته الحكومة، لكن تبين إن الارقام الحكومية أنشأت شعبا آخر، ربما هو الذي يقصده الساسة العراقيون حين يتحدثون عن (الشعب وأمنه ومصالحه) وأن هذا الشعب الورقي هو الشعب الذي يعلن يوميا للحكومة رضاه عن عملها، وبالتالي فإن عدم إجراء التعداد كان يهدف لإبقاء الخمسة ملايين على قيد الحياة رغم إنهم غير موجودين أصلا. وبما إننا شعب كوترة، فكذلك الحال مع الارقام المتعلقة بالايتام والارامل والفقراء والاميين وضحايا الارهاب والمهجرين وحتى الموازنة المالية التي لاحسابات ختامية لها منذ سنوات، وبالتالي فنفطنا كوترة والعقود التي يتم الحديث عن توقيعها والمشاريع التي تنفذ كلها تقيم (بمقياس الكوترة). مرت تصريحات الوزير علي الشكري دون إهتمام رسمي أو شعبي وهذا تأكيد على سيادة (مقياس الكوترة) سواء في عقل الشعب أو الدولة.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهرجان التصعيد
-
مصارعة سياسية حرة
-
نفط ويأس وحلقات الفشل
-
الاتفاقية العجيبة
-
العراق والكويت: الزيارات مقابل الالتزامات
-
خطاب الأزمة
-
حملات تضليل
-
عندما تذكروا الهيئات
-
تجاهل 9/4
-
كثير من الصمت الغريب
-
فصول الفوضى والهزال
-
العراق والاشتباك الاقليمي
-
المواطن المشجع
-
إعتذار المرزوقي وما بعده
-
إعتقال الهاشمي وإقالة المطلك
-
جبال المال السائب
-
إنفراج بغداد والرياض
-
حكاية أمنية للنسيان
-
معركة مستمرة بعربات آشورية مزيفة
-
تفجير التفجير
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|