محمد عبد القادر الفار
كاتب
(Mohammad Abdel Qader Alfar)
الحوار المتمدن-العدد: 3731 - 2012 / 5 / 18 - 00:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
. . .
لما كان "النظام" طريقة لتهذيب الحقيقة وكأنها غير مهذبة، أو كأن التهذيب شرط لتقبلها، كان من الطبيعي أن تنشأ وتحت وطأة النظام نفسه ردة فعل تعيد الاعتبار للحقيقة، شيء من الصعلكة الجامحة التي هي مع كل جموحها ردة فعل "مهذبة" كونها رغم حساسيتها النقدية المفرطة للترتيب الموجود، غير معنية بدخول صراع تناحري يؤجل الحقيقة، حجتها الشرعية هي الحقيقة الغائبة أبدا، والرفق المطلوب أبدا، والحب الدائم أبدا ،وإذا كانت -ردة الفعل- في تجاوبها مع ما هو موجود هنالك "مهذبة"، فهي وقحة بحب، تحتقر تهذيبها الذي لا غنى عنه،و تتمرد على ما هنالك بتجاهله وعمل كل ما يتصور النظام أنه تمكن من أن يكون عائقا في وجهه
تبطل النظام دون أن تتحداه، وتنهي فاعليته دون أن تصارعه، بالحقيقة والحب تتكيف، وبهما تتمرد
ومن هنا انطلق الصوفي المتمرد، دون أن يعرف نفسه أو يثقلها بالوصف، هو ببساطة الشاهد المحب العاذر المشتهي، هو المتجرد دون تكلف، هو الذي يتذكر أنه وراء كل شيء، وراء كل حادث أو صراع أو غاية أو صورة، مساحات شاسعة من اللا شيء، لذا لا يجد صعوبة في أن يتقبل كل شيء، و أن يبدأ من جديد في كل لحظة
هو ذلك الذي يعيش مع تناقضاته، يتمرد عليها بقبولها، يثور بالاستسلام للجبرية مع الشهادة الساخرة عليها .. تمرد على المصير وتكيف معه
حياده تجاه نفسه، مقابل بابه المفتوح أبدا للملذات والموصد أمام الأوجاع
فتوره تجاه العالم، مع كل هذا التعاطف مع الآخرين
هو المحب وإن كره ... المتقلب كيفما اتفق .. المعتذر كثيرا ... الفاتر وإن أبدى الاهتمام ... خمرته لا تسكر ولا تعربد.. بل يخوض بها خروج نفسه إلى الخارج .. وحشيشه لا يغيبه ولا يفسد حضوره... بل يخوض به دخول نفسه إلى الداخل...
هو الشاهد أبدا ... لا ليصدر الأحكام ولا للمعرفة ولا للعبرة... هو المحايد تجاه نفسه، الساخر من ضآلتها إذا ما شعر لصوفيته أنه الكل، المتعالي على ضآلتها بالحلم، إذا ما ألح عليه تمرده
هو الذي إذا رأى أن شيئا ما قد غلب، اشتاق إلى نقيضه
هو الذي يجد في الاحتيال على النظام تحديا أكبر له من إسقاطه
هو الذي يستسلم لأعتى شهواته بلا ذنب ولأنبل ساعاته بلا رضا عن النفس
وهو الذي لا يهتم لكونه كذلك، إنه أنت حين تعيش كل شيء تمليه عليك اللحظة، لذا أحبك لأنك أنا و هم، أيها الأنت
أليس كل واحد من السبعة مليارات، على الأقل، هو ذلك الأنت
يتبع
http://1ofamany.wordpress.com
#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)
Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟