أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - بين الإسرائيليات والأدب الفرنسي














المزيد.....


بين الإسرائيليات والأدب الفرنسي


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 3731 - 2012 / 5 / 18 - 00:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من الممتع أن تستمع لنصائح الغير، خاصة أولئك الذين يعتقدون – بينهم وبين أنفسهم – أنهم يمسكون بزمام الأمور. من الممتع أن تستمع إلى حديثهم والأمتع أن ترى وترصد طريقة كلامهم وكيفية تحركهم وكل تلك الحركات التي يأتونها وهم يتكلمون.

سبب هذا الحديث كلام جرى بيني وبين أحد الزملاء الأكبر مني سنا. كان ذلك عندما وجدني بإحدى المقاهي التي أرتادها بصدد قراءة كتاب عن الأدب الفرنسي المعاصر كنت اقتنيته قبل أقل من نصف ساعة. طلب مني بكل أدب أن أريه الكتاب، ثم أخذ في تقليبه كأنه ثوب يريد أن يشتريه، ثم فتحه وتصفحه متوقفا في عديد المرات لإلقاء نظرة على محتوى الصفحة التي تحت أنظاره.

"كتاب قوي هذا!" قال وهو يواصل جولته الإستطلاعية. لم أفهم قوله فهما كاملا وأردت أن أسأله عن المعنى الذي يرمي إليه وعن سبب استعمال وصف مشتق من القوة في مناسبة كهذه، لكنه واصل حديثه قائلا: "فعلا، هذا كتاب قوي. لكن يجب أن تحذر من الإنسياق معه". سألته: "الإنسياق مع ماذا؟ أين يكمن الخطر في كتاب يتحدث عن الأدب الفرنسي؟" فأجاب: "هناك الكثير من اليهود في هذا الكتاب." قلت: "وأين العيب في ذلك؟ فرنسا بلد يجمع كل الجنسيات وكل الأديان والأدب الفرنسي ليس أقل رحابة منها. ثم هناك من اليهود من تحصل على جائزة نوبل للآداب وغيرها..." فأجاب: "لكن هنا يكمن الخطر... يجب أن لا تنساق مع أقوالهم وأفكارهم. بالنسبة لنا نحن كعرب، هذا يمثل أكبر خطر، لأنه يصيب العقل." تنحنح في مقعده قليلا ثم واصل: "يجب أن لا تقرأ كل شيء بسذاجة. فكر في كل كلمة تمر أمامك. اليهودي في كل مكان، هذا صحيح، لكن لا يجب أن يكونوا داخل عقولنا وتفكيرنا. يجب أن تمنعهم من الدخول إليك." رمى بنظره إلى السقف، كأنه يستلهمه ثم التفت إلي: "هناك ما يسمى الإسرائيليات، وهذا أكبر خطر أردت أن أحذرك منه... هذا موجود منذ قرون ويتمثل في تحريف وإزاحة كلام الله المنزل في القرآن عن معناه الأصلي والحقيقي... مثلا، عندما يقول القرآن..."
التفت إلى النادل الذي كان واقفا عند عتبة المقهى وناديته واستويت واقفا أتحسس جيوبي باحثا عن النقود. نقدته ثمن قهوتي التي لم أكن قد انتهيت من شربها واعتذرت من زميلي مختلقا كذبة – بيضاء أو بنفسجية، لا يهم – مفادها أني على موعد مع صديق لي بعد دقائق وأنه موعد هام لا يمكنني التخلف عنه، ثم تركته وخرجت.

من الممتع أن تستمع لنصائح الغير، خاصة عندما يكونون حديثي التوبة مثل زميلي هذا. ماذا يهمني من الإسرائيليات ومن الله واليهود والقرآن والتحريف...؟ كل ما يهمني هو هذا الكتاب الذي يتطرق إلى مواضيع أدبية وفكرية تتعلق بالأدب الفرنسي، لا أكثر ولا أقل... ثم من قال أن للعرب مكان في داخلي حتى ينصحني هذا الأحمق بعدم الإنسياق لكلام وأفكار اليهود؟ هذا لا يعني بالطبع أني أميل إلى اليهود. كل ما في الأمر أن تفكيري مكتمل، جاهز، لا يحتاج إلى زيادات من أي نوع في الوقت الحاضر. في العشرينات من عمره، يكون الإنسان هش التفكير، سريع الإنسياق، لكن من النادر أن تجد رجلا في الثلاثينات بهذه الصفات – ولا أتحدث هنا عن الحمقى والحمقاوات لأن الحماقة بطبيعتها لا ترتبط بعمر معين ومحدد. لست مع العرب ولست مع اليهود، فأنا أنتمي إلى صنف يوجد في المابين، عدم الإنحياز شعاري واللادين ديانتي وليقتتل الباقون حتى الفناء!

من الممتع أن تستمع لنصائح الغير، لكن يجب أن تقتلهم قبل أن ينتهي كلامهم... فتوزيع النصائح دليل على الحماقة والحماقة وباء سريع العدوى، أكثر خطرا وأشد فتكا من الإيدز وأبناء عمه...



#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهافت الشيوخ في إسلام الشروخ
- كيف يكون الدين أصل كل فساد


المزيد.....




- 24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل ...
- قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با ...
- قائد الثورة الاسلامية:غزة الصغيرة ستتغلب على قوة عسكرية عظمى ...
- المشاركون في المسابقة الدولية للقرآن الكريم يلتقون قائد الثو ...
- استهداف ممتلكات ليهود في أستراليا برسوم غرافيتي
- مكتبة المسجد الأقصى.. كنوز علمية تروي تاريخ الأمة
- مصر.. حديث رجل دين عن الجيش المصري و-تهجير غزة- يشعل تفاعلا ...
- غواتيمالا تعتقل زعيما في طائفة يهودية بتهمة الاتجار بالبشر
- أمين عام الجهادالاسلامي زياد نخالة ونائبه يستقبلان المحررين ...
- أجهزة أمن السلطة تحاصر منزلا في محيط جامع التوحيد بمدينة طوب ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - بين الإسرائيليات والأدب الفرنسي