أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - عبدالخالق السامرائي بين النبلِ والخيال (١-٢)














المزيد.....

عبدالخالق السامرائي بين النبلِ والخيال (١-٢)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3730 - 2012 / 5 / 17 - 09:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ثنائيةُ المثقفِ النبيل وقوى العسكر الدموية ثنائيةٌ ضاربة الجذور وضارية الملامح في صعود رأسمالية الدولة الشمولية، ففيما يريد المثقف تحويل المجتمع اشتراكياً على أسس من (العدالة) تتوجه قوى العسكر إلى مشروعاتها الخاصة التي يتحكم فيها شخصٌ قيادي عنيف عادة.

هذه الدراما الصراعية تتكونُ بفضل انقلاباتِ النخب حيث تغدو دكتاتورية، فأسسُ المجتمع الليبرالي أو التحديثي ذي التطور شبه الديمقراطي تُزال، وتعتبرُ مسألة الإزالة أساسية فتلك النخبة قادت بـ (ثورتها) أو بانقلابها الذي سمتهُ ثورةً، فقطعتْ التطور موادَ شبه الديمقراطي المبثوثة في الحياة الشعبية أو لدى بعض المثقفين المتصفين بالنزاهة كما هو حال عبدالخالق السامرائي، الذين يمثلون رموزاً لتلك البذور النضالية الديمقراطية التي التبس عليها التطور.

وكما رأينا سابقاً العلاقة الملتبسة بين بوخارين وستالين، هي مثل هذه العلاقة بين السامرائي وصدام حسين، لكن كانت علاقةُ المثقف النزيهِ بالدكتاتور في التجربة الروسية أسبق، وقد وضعتْ التجربةُ الروسيةُ حجرَ الزواية لرأسماليةِ الدولة الشمولية (الرائدة) لبقية التجارب المماثلة.

ولكن عبدالخالق السامرائي لم يقرأ التجربةَ السابقة بهذا الشكل بل هو رآها خلاقةً مفيدةً صالحة كنموذج.

إن العناصر الفكرية والاجتماعية له جاءت من الوعي الديني الغائر، الوعي الرسالي، المتقشف، المضحي:

«يُكنى (أبودحام) وهي كلمة تُطلق على الرجل المتدين في اللهجة العراقية من عائلةٍ كريمة وفاضلة تحملُ قيماً نبيلة فوالده ينتمي إلى قبيلة الجبور».

إن غيابَ التطور الرأسمالي الطويل في القبائل والمدن الصغيرة ووجودَ ملكياتٍ مشتركة ومراع وتجذر القيم العشائرية التعاونية يؤدي إلى نموذج هذا الإنسان المتشبع بمشاعر العدالة وبنقلِ الناس إلى أشكال رفيعة من التطور العادل من دون تراب وصراعات الرأسمالية البغيضة!

وهي نماذجٌ كثيرة من تولستوي حتى هادي العلوي مواطن ومفكر من العراق نفسه الذي يعيشهُ عبدالخالق.

لكن انتقال العراق عبر انقلاب ١٩٦٨ البعثي وضع السلطة الدكتاتورية ضمن مجموعة عسكرية سياسية صغيرة، قادتْ صراعاتُها لوضع الحكم في يد رجل واحد، مثل التطور الروسي، لأنك حين تنشئ دولةً دكتاتورية فإن السلطة الجماعية تُلغى ويظهر المتحكم الأوحد حسب الآلية التي صنعتها الجماعة، وعبدالخالق من الذين ساهموا في إيجاد هذه الآلية.

لقد كانت تطوراتُهُ الفكرية والسياسية والشخصية خصبة:

(من أهم قادة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق. يعده كثيرٌ من البعثيين مفكرَ ومنظر الحزب في العراق وأحد مناضليه وشخصية قلَّ نظيرُها على مستوى البعثيين ويحظى باحترامهم. كان المسئول الحزبي للرئيس السابق صدام حسين في خمسينيات القرن الماضي)، (ألف العديدَ من الكتب وخصوصاً في الاشتراكية، عُرف بزهدهِ وتواضعه الشديد وعدم استغلاله لمنصبه وللسلطة لذلك لقب بدرويش الحزب).

قام السامرائي بنقلِ تصوراته القبلية التعاونية، إلى عالم الاشتراكية، وهذا لا ينفصل عن منظومة البعث الدينية حيث تُبعثُ الأمةُ من جذورِها، وتدخلُ في سلك الحداثة، موظفةً قيمَ دينها الفاضلة للانتقال إلى نظام العدالة الاشتراكي من دون المرور بالمرحلة (الرأسمالية القذرة).

إن منظومة التشكيلات والطبقات كلها تُلغى أمام الذات السياسة المسيطرة القادرة على القيام بالمعجزات والقفزات التاريخية، إضافةً إلى أن الحزب هو الآخر يصيرُ جوهراً نقياً، ويستطيع القيام بالجرائم السياسية والقفزات الكبرى التحولية من دون أن تتلوث يداه، أو تدخلهُ صراعاتُ الطبقات.

ومن هنا فإن عبدالخالق أمام غياب قراءة تاريخ الشرق وعبر خلق التعميمات المؤدلجة المضلّلة، يتحركُ على المسرح السياسي في الوطن والحزب على أرض زلقة تتصاعدُ صراعاتها.

صراعُ العسكرِ والمثقفين الحزبيين أصحاب النزاهة، لا يتراءى للسامرائي كصراع اجتماعي معبر عن دكتاتورية متصاعدة لرأسمالية الدولة، بل كصراعات شخصية رفاقية حول سبل التطور، فكلهم أنقياء، في حين أن الأمور مختلفة تماماً:

(بقي يدور(عبدالخالق) في نشاطه بعد تسلم السلطة عام ١٩٦٨ على محور الثقافة رافضاً بإصرار أن يحمل حقيبة وزارية متفرغاً لشؤون التنظيم الثقافي كما كان صدام حسين متفرغاً لشؤون مكتب العلاقات الخاصة بالاغتيالات فجمعَ الأولُ حوله مثقفين وشعراء ورجال سياسة ونال ثقتهم، وجمع الثاني حوله القادرين على النهوض بأعمال الاستجواب والتحقيق واستخدام حوض الاسيد).

هذا الاختلاف لم ينظر إليه السامرائي بوضوح، فلم يقف ضد القمع الوحشي الذي قام به الحزبُ لليسار وللقوى الديمقراطية العراقية، بل كان جزءًا منه، وبالتالي فهو لم يختلف كثيراً عن بوخارين ومأساته.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع قوتين في الانتخابات المصرية
- الشيخ يوسف القرضاوي والوعي بالديمقراطية (٢-٢)
- الشيخُ القرضاوي والوعي بالديمقراطية (١-٢)
- الإخوان المسلمون بين إعصارين
- صعودُ الاشتراكيين الديمقراطيين
- ألفُ ليلةٍ وليلة: السيرة السحريةُ (٣-٣)
- ألفُ ليلةٍ وليلة: السيرة السحرية (٢ - ٣)
- ألفُ ليلةٍ وليلة: السيرةُ السحريةُ (١٣)
- ميلاد سياسي فوضوي لشعوب عربية
- قضية حق أُريدَ بها باطلٌ
- مَن يخدمُ الاستعمار؟
- حمزةُ البهلوان وصراعُ العربِ والفرس
- ضد الفاشية وليس ضد الإسلام
- الثورة السورية والخذلانُ العربي والدولي
- المشروعُ الإيراني ينخرُ شعبَنا البحريني
- تطورُ الديمقراطيةِ مرهونٌ بهزيمةِ ولايةِ الفقيه
- الصراعُ غيرُ الخلاق
- مجددا حول السياسة الفاشية في إيران
- القوميات ورأسمالية الدولة
- لينين في محكمة التاريخ (٢-٢)


المزيد.....




- روسيا تبدأ محاكمة الصحفي إيفان غيرشكوفيتش بتهمة التجسس والول ...
- نائب مصري يهاجم مدبولي: هل يعلم أن قرار إغلاق المحال سبب مزي ...
- مدفيديف: القانون الدولي يجب أن يعكس توازن مصالح كافة الدول
- أولمرت يتهم نتنياهو بالخيانة
- إردوغان يتهم نتانياهو بالتخطيط لـ -كارثة- في لبنان
- لماذا فرضت المحكمة العليا الإسرائيلية على الحريديم الخدمة ال ...
- تواصل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة، وكتيبة جنين في الضفة ...
- واشنطن تواصل ضغوطها على إسرائيل لتجنب حرب مع حزب الله
- زيلينسكي يصادق على استحداث -قوات المسيّرات- في جيشه
- الاستخبارات التركية تعلن تحييد قيادي في -العمال الكردستاني- ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - عبدالخالق السامرائي بين النبلِ والخيال (١-٢)