سرمد السرمدي
الحوار المتمدن-العدد: 3729 - 2012 / 5 / 16 - 23:31
المحور:
الادب والفن
ثقافيا وبشكل عام قد تعرض النتاج العراقي كثيرا لمراحل تاريخ العراق المعاصر كجزء من معادلة تفاعل المثقف مع وقائع عصره في ظل ديمقراطية فتية, وقد توافر نتاج فني تحدث عن مجريات التظاهرات في ساحة التحرير وسط بغداد والتي أدت لإعلان دولة رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي مهلة المائة يوم, إلى آخره من التداعيات السياسية التي لسنا بصدد مناقشتها على وفق تجربة تاريخ يستدعي من النتائج والأسباب انتهاء مرحلة معينة لكي يتم الحكم عليها بشيء من التعقل المنحاز لموضوعية مفادها أن نظام الحكم في العراق تداخلت فيه الكثير من المراجعات السياسية من قبل الشعور الجمعي لهذا الشعب للدرجة التي نلمس فيها مثلا ذلك الحنين إلى أيام العهد الملكي رغم أن مأساة السحل والتنكيل والتمثيل بجثث العائلة المالكة في شوارع بغداد وقتها لم يقم بها مواطن لا يحمل الجنسية العراقية .
فكريا وبشكل خاص كمثال على هذا النتاج الفني العراقي, فقد اندرج عرض مسرحي ضمن فقرات احتفالية يوم المسرح العالمي التي أقامها قسم الفنون المسرحية التابع لكلية الفنون الجميلة التابعة بدورها لجامعة بابل في العراق, مسرحية ( الأمبراطور جونز عربيا ) من إخراج التدريسي أمير هشام الذي يعمل مع كادر القسم المذكور برئاسة الدكتور علي محمد هادي وتحت إدارة عميد الكلية الفنان الدكتور فاخر محمد على بناء جيل مثقف, يعي دور هذا الفن العالمي في مواجهة أمية ثقافية نالت من حاضر العراق اليوم بسبب التجهيل المتعمد الذي اتبع سابقا من قبل الأنظمة السياسية الشمولية الطابع, فلم يتمكن المسرح من أن يمارس دوره النقدي للواقع تحت خيمة مبدأ نفذ ثم ناقش, الا أن هذه المسرحية قيد النقاش في هذه السطور كانت تميل بشكل كبير إلى نقد الواقع السياسي العراقي الحالي بطريقة الفرض لا العرض, بل وقد ركزت على مبدأ الرفض القاطع للنظام السياسي الحالي وكل ما ترتب على تعريق مفردة الديمقراطية من تضحيات, حيث جاءت كلمة المسرحية واضحة للسمع مجسمة للبصر حينما توجه بطلها والذي يمثل دور الحاكم الجائر إلى الجمهور موجها نداءه للسماء وهو يلهث أنفاس حكمه الأخيرة تحت الضغط الشعبي العارم, داعيا راجيا أن تمنحه السماء مئة يوم أخرى يستمر فيها بالحكم من فوق عرشه المسلوب من الشعب, كأي دكتاتور, أن هذه النتيجة لم تأتي اجتهادا ولا قفزة ساقتها الصدفة أو بكونها لمسة أخيرة للعرض قد لا يتم التعامل معها بجدية بوصفها ارتجال من ممثل غلب عقلانيته الحماس أو أنها الهام حط على مخيلة المخرج في آخر ثواني ما قبل بدأ المسرحية, فقد تم الوصول إليها من خلال بنائية محكمة تداخلت فيها عناصر هذا العرض المسرحي للدرجة التي عزفت النشاز على الصعيد الفكري, فعادت بنا دون سابق دعوة إلى عهد التعبئة اللا محمودة العواقب, تلك الهمجية التي انتظمت ثلاثين سنة لتدفع بالروح والجسد العراقي نحو محرقة تلو مقبرة .
أكاديميا يقع هذا العرض ضمن سلسلة من العروض المسرحية التي تمثل أنموذجا للتخريب المنهجي بكل المقاييس العلمية, فالرأي القائل بأن السياق التربوي للدرس المسرحي لا يجب أن يلتزم بالقواعد أكثر منه التزاما بكسرها منتهجا التجريب غير آبه بخصوصية الدرس والدارس وقواعد الدراسة, يعد هذا الرأي إبداعا في صناعة المغالطة منطقيا, لأن طلبة كلية الفنون الجميلة يتمرسون على ما يقدم لهم من محاضرات عمل على تكريسها قياسا وتقويما العديد من اللجان ذات الخبرة والدراية, لتصل أخيرا لأيدي أساتذة متخصصين في مجالاتهم ليقوموا بتدريس هذه المواد الدراسية نظريا وعمليا, والحال لا يبشر بخير بعد مقارنة هذه العروض المسرحية بكل الجهد المبذول من المؤسسة التعليمية إزاء إعداد ذوي اختصاص يعول عليهم في بناء مستقبل اندرج تحت وصف المجهول أن لم يكن المعتم, فالطلبة اللذين يتمرسون هكذا نتاج مسرحي لن تقوم لهم قائمة على غير سياق الببغائية الإعلامي الطابع, والذي بدوره يرتكز للإثارة والتشويق على حساب التعقل والبناء, ويعد نهج التعقل اندر ما لاحظنا في هذا العرض المسرحي, وكأن هذه المسرحية تدفع إلى الحرب, ولم نعهد أن الرؤية الأكاديمية عالميا تجنح لغير السلم ولا كون هذه المؤسسات التعليمية راية تلعب بها رياح السياسة وليست سارية من فولاذ ترفع كل الرايات, تثبت في اشد الحقب ليلتف حولها المختلفون, ويسمعوا لرأي عالم ومتعلم .
فنيا لم يخدم المخرج اختيار المسرح الدائري مكانا لعرض هذه المسرحية من نواحي عدة أهمها تلك الاستهانة بفقر العناصر الفنية المتوافرة له, فقد تبين من خلال توزيع مجاميع الممثلين أن هنالك ارتجالا غير محسوب الأثر جماليا على اقل تقدير لتلك المساحات الضيقة التي تركت ما بين الممثلين والجمهور, فضلا عن ذلك أن هذه الخشبة الدائرية لم تتمكن من استيعاب كل ذلك التخبط الأدائي على مستوى الخطة الإخراجية, حيث تبنى المخرج مساحة الكواليس بوصفها الجانب الأيسر المحاذي لباب الدخول لقاعة المسرح الدائري, وافترش منضدة حطت عليها أجهزة التحكم بالصوت والضوء, مما حدا به واقفا مع منفذي الموسيقى والإضاءة المسرحية بين الجمهور, على الرغم من الوضوح الضارب بعمقه في تساؤلات باقي الجالسين من الجمهور, فكون التقنيين الجالسين بجانب المخرج أصبحوا من الجمهور في لحظة وفي الأخرى مسرحية داخل مسرحية كان يلجأ إليها نظر الجمهور حين يمل من تكرار معين لمقطع موسيقي أو ثبات غير مبرر للإضاءة شبه الميتة أو حتى تقنية انبعاث الدخان التي ارتكز جهازها وسط الخشبة الدائرية تقريبا لينفث بين حين وآخر موجها دخانه إلى الأعلى دون مزامنة ذات دلالة توحي بتقدم مجريات المسرحية دراميا بل هو منظر اعتاد الجمهور أن يمر عليه أمام محال كوي الملابس بالبخار, ذاك الجمهور الذي يزيح ببصره يمينا ويسارا حتى تعبت عيناه بحثا عن خيط ينتظر منه إكماله أو حتى السير عليه للوصول إلى بكرة مخرج الا أن هذه البكرة انفضت عن بكرة أبيها حين عجز المخرج عن الفصل ما بين تقنياته الإدارية لكل ما يجري أثناء العرض على مستوى الحركة لدرجة يمنع فيها تصادم مجاميع الممثلين فيما بينهم أثناء التنقل, وتلك التداخلات ما بين الصوت والضوء التي تنافرت فيما بينها وبين سياق لمسرحية عز على متابعها أن ينساق لغير رتابة جو عام أضحى سوادا تخترقه إضاءة خجولة لا تمت لواقع الحوارات المشوشة بصوت لذئاب قادمة من بعيد البعيد فأمسى المشهد حالكا لا يملك الناظر إليه إلا قراءة ملامح وجه الجمهور الذي يقابله أملا في مساندة رمزية إزاء ما ينبعث من رائحة عرق الممثلين التي كان بإمكان المخرج أن يتجاوزها كعقبة تواصلية لو لم يضغط بتلقين ممثليه تلك الحركات العنيفة تارة واللا معبرة عن شيء الا ذاك الجهد العضلي المبذول منهم سمعا وطاعة, وملامح هؤلاء الممثلين تقودنا من تخبط استثمار المكان المختنق بعبرة الظلام والعرق إلى تلك الشذرات الأدائية على صعيد التمثيل, والتي تمكن الجمهور من الإمساك بها بالكاد, فناهيك عن ذلك الزي العاري الذي تعودنا أن نراه حين لا نتوقع من مسرحية تنحى مخرجها عن قائمة المخرجين المسرحيين أملا في مكان له من بين قائمة يندرج تحتها مدربي الرقص الذي انتشر في العراق منذ فترة, ولعل اهم ما نريد البحث فيه حول هذه المسرحية من ناحية فنية هو مستويات ما تقدمه من صراع تعاضدت فيما بينها لتنتهي إلى سياق انحراف معرفي .
في الحديث عن مستوى الصراع الأول في هذه المسرحية, فقد تجسد في تضارب دلالات تقنية العرض المسرحي بشكل جعل من الموسيقى في الخلفية تنم عن توتر حاد لا يفتقر الا إلى تبرير استمراره بهذه الصيغة التي اجتمعت أخيرا لتؤسس خطابا مفاده أن هذا الطاغية معزول عن شعبه للدرجة التي بدأ يتخيل صرخات هذا الشعب بحقوقه ضد ما افترضه المخرج من ظلم الحقه الطاغية بهذا الشعب بأصوات الذئاب التي تعوي من بعيد قادمة لتنهش عرش الطاغية, بما ينحو بالدلالة منحى غير منطقي بالمرة, فمن ناحية هو طاغية ومن ناحية أخرى هو الشر المحدق بالشعب الذي بنفس الوقت جاء ممثلا بأصوات للذئاب, ولم تعد الرؤية واضحة عند قراءة هكذا خطاب مرتبك, حينما اقتربت الأصوات مقترنة بانعدام تام لدور الإضاءة المسرحية الا ما ندر من انخفاض وارتفاع ليعلن بدأ مشهد ونهاية آخر, أن التشكيل الذي اتخذته مجموعة الممثلين الذين يجسدون دور الشعب المغلوب على أمره لم تأتي بحل لهذا التضارب في خطاب المسرحية, فهم تارة فرحين وأخرى متعبين من شدة الحزن وبنفس الوقت لم يبدر منهم فعل سوى انتظار ما سيحدث للطاغية وكأنهم شعب متفرج, وكأن هنالك شعب آخر سيقود هذه الثورة التحررية ضد هذا الطاغية الذي يركب على ظهورهم كما تم أخيرا بتشكيلة أجساد الممثلين ضمن المجموعة, كذلك والحال لم تخرج لنا مجموعة أخرى لتجسد ذاك الشعب المنتظر, بقيت أزياء الممثلين في المجموعة على حالها دون تغير يذكر كما هو حال أداءها المنبطح, فهذه التشكيلات لم توحي بأكثر من سد فراغ يفترض به أن يكون مسرحا دائريا ولهذا صممت الحركات على شكل دوائر, من يسار إلى يمين وبالعكس, دون أي رادع قيمي لدلالة الاتجاه مع وجود فعل دون غيره, فتشابهت الحركات والتعبيرات لتقول أن هذه المجموعة تمثل شعبا ذو نمط موحد, دون اي وضوح لرابطة توحد تبرر هذا الخنوع المذل لأي شعب, فلا هم تابعين فرحين متحمسين لطاغيتهم, ولا هم مكبوتين قابعين تحت وطأة الأغلال, بل منتظرين لذاك الصوت الذئب أن يحررهم من طاغيتهم .
أما مستوى الصراع الثاني, فهنالك من الممثلين من أدى شخصية الحاكم الطاغية الذي انتهج ركوب شعبه كالحمير ليصل إلى السلطة ويتمسك بها, كذلك ذاك الذي ساعده في الوصول ومن ثم تم التخلي عنه, ويرتدي الطاغية قبعة الكاوبوي دلالة على كونه مسنودا من الغرب, اما الثاني فهو أصلع الرأس تقريبا, الا أن ما يجمعهما هو اللون الأسود الذي تتشح به أزياءهما, وليس واضحا أن كان هذا دلالة الشر ام الحزن ام الوقار الناجم عن تولي سدة الحكم, لكن الواضح من أزياءهم أن الطاغية متحفظ تقليدي يميني والمعارض يساري النزعة داعيا للتحرر ولو انه يوضح كونه مهتما بحصته في الحكم أكثر منه اهتماما بالحرية التي يدعوا بها للشعب المكبل, ويبادر الطاغية بالتعريف عن نفسه أو طغيانه على ما في الكلمة من دقة وصف افترضها أداء الممثل, حيث تماهت سمات الطغيان فيما بينها لنراه يعامل رفيقه بقسوة وهو يتنكر لأفضاله التي أدت لوصوله للحكم, وما بقي لرفيقه سوى الاستنكار والتهديد بأن يدفع الشعب إلى الثورة على هذا الطاغية كرد فعل لنكران الجميل السياسي .
عن المستوى الثالث للصراع, فقد جسدته شخصيتان تمثلت الأولى في شخصية الشر الذي يقود مجاميع الممثلين للبكاء واللطم في صراعه مع الخير القادم من المجهول والذي جسدته الشخصية الثانية التي تقود مجاميع الممثلين إلى الغناء والرقص, وهنا ينشب صراع بينهم على شكل عراك بالأيدي ينتهي بتحول الشر إلى خير, فينتهي الصراع, ومع أن الشخصية التي تمثل الشر هنا ترتدي الأسود وفي حركة منها تمتص دماء المجاميع بعد رقصة حزينة, الا أن شخصية الخير التي جاءت من عمق الجمهور لم تكن مبررة بقدر شخصية الشر, فهي لا تنتمي لهذا المجال المعرفي لدى مجموعة الممثلين, قفزت في المشهد من فراغ, فلم يكن فردا انتفض من بين افراد هذا الشعب المغدور, بل غريبا اقتنص فرصة للظهور وسط المشهد ليقود هذا الشعب في ثورة ضد الشر, وهنا انتهى مشهد الطاغية والرفيق الغاضب, وكأن هذا المشهد البديل مثل ظل ما حدث مسبقا بين طاغية ومعارض له, بأن جاء من نادت مبشرة به أصوات الذئاب من بعيد, ام كونه هو الذئب الذي كان يدفع بالشعب أن ينتفض من بعيد, الداعي للرقص والغناء, حيث تغير الجو العام بمجرد ان ظهرت شخصية الخير وسطه إلى موسيقى أكثر بهجة وإضاءة أكثر انفراجا من بين ثنايا حلكة المشهد الضوئي, حتى أن حركة مجاميع الممثلين لم تعد منحنية الظهر مغلوبة على أمرها بل راقصة مهللة في انتظام أهزوجة فرح شعبي, يقودها أيضا هذا المجهول, ولعل تقبل هكذا مجموعة مثلت شعبا مجروحا لكل أمل من الخارج لا تملك من الريبة ما يكفي لتنهض فكريا مكونة علامة استفهام واحدة حول غرابة موقف الغريب واستغراب موقف تقبلهم لما يحدث من غرائب على صعيد إيقاع مسرحية تغير بمجرد أن هل من بعيد عليهم دون اي دلالة تفسير لدوره في سياق العرض غير انه دعاهم للرقص لا اللطم, الفرح لا الحزن, وهكذا لم ينهي هذا الصراع على وفق مستواه تناقضات الصراع الأول تقنيا وتضارب الصراع الثاني دراميا بين شخصية الطاغية ورفيقه المستنكر .
المشهد المقدس المدنس, لم يكن خافيا أن هذه الشخصية المرتدية للسواد والتي تقود مجموعة الممثلين في حركات منظمة وسط المسرح الدائري في تراتب إيقاع حزين, كانت تمثل نقدا لاذعا لموكب عزاء إسلامي, طالما تم تحريمه وتجريم من يفكر بإقامته طوال ثلاثين سنة في ظل النظام الشمولي الحاكم سابقا في العراق, وعلى الرغم من أن هذه الشعائر حق مكفول إنسانيا لكل البشر على اختلاف مذاهبهم ورؤاهم الروحية لمعتقداتهم الدينية, الا أن النظام الشمولي لا يقبل في التجمهر حول قضية غير قضاياه منافس, ويخشى من كل ما يمكن أن يضعف قدرته على السيطرة من خلال غسيل الذمم, هذا وقد عرضت المسرحية مشهد العزاء بوصفه عبودية لا تحرر, وبكونه ذلة لا كرامة, وما زاد الطين بلة كون هذا المشهد رسم قائد المجموعة الذي يقود العزاء والذي يمثل شخصية الشر في مستوى الصراع الثالث, في ناحية يتوسط فيما بينه وبين من يقام له العزاء مجموعة الممثلين, فتتبعه مجموعة الممثلين في حركاته متصاحبة مع موسيقى صاخبة وعواء للذئاب, اما من يقام له العزاء فهو الشخصية التي دخلت بشكل غير محسوب الأثر دلاليا للدرجة التي تحرم هذا العرض المسرحي حتى من رصاصة الرحمة, فهذه الشخصية التي اريد لها أن تمثل قدسية معينة, كانت ترتدي بنطلونا اسود فقط, مكشوفة النصف الأعلى من جسدها, فترى علامات الصلب والتعذيب على جسدها, وتعبيرات وجه هذه الشخصية حزينة تبكي وهي تنادي بحركاتها إلى تلك المجاميع أن ينتبهوا إلى طريق الحق ويتركوا قائد موكب العزاء, ولكن هذه المجاميع لم تنتبه لها, فظلت تلتف حولهم حزينة باكية دون أن يمت لها عزاء أقيم لها بصلة, أن هذه الشخصية سواء مثلت أماما أو نبيا أو وليا صالحا أقيم له هذا العزاء افتراءا ورياء, على حسب ما تعرض المسرحية, لهي انتهاك خطير لحرمة الفكر الديني, ليس لما ذكر من حوادث المشهد فقط, بل وعلى الأخص ما لعبت من دور سلبي طوال المسرحية, فهي لم يكن لها دور على الإطلاق, في مستويات الصراع السالفة الذكر, وكأنها وجدت لكي يبكى عليها فقط, لكي يسمع عنها ولا يسمع منها, لكي ترى ولا يراها مجموعة الممثلين الذي يمثلون إيمانهم بها في ظل هذا المشهد المدنس لقدسية العبادة .
العديد من التساؤلات قد تثيرها هذه المسرحية لا بكونها عملا فنيا قابل للنقاش بل بكونها أنتجت من خلال مؤسسة تعليمية بالدرجة الأولى تخضع لرصانة منتجها كل المؤسسات الغير مرتبطة بوزارة وحكومة ودولة, فناهيك عن التخبط الفني والفكري الذي وقع فريسته هذا العرض المسرحي, إلا أن ما يهم الإشارة إليه هو هذا التجاهل المتعمد لأهمية فصل نظام التعليم عن الصراعات السياسية, فليس من المعقول أن تتهاوى كل الأسس الأكاديمية لفن المسرح للدرجة التي لا يقام لهذه المسرحية جلسة مناقشة نقدية يساهم فيها الأساتذة والطلبة ليتدارسوا موقع هذا النتاج الفني من بين سلسلة محاضراتهم وبحثهم العلمي ومن بين تأريخ الكلية والجامعة التي ينتمون إليها, فقد انتهت المسرحية بانتصار غير مفهوم لداعي الرقص القادم من بعيد على داعي البكاء القادم من بين مجاميع الممثلين, مع تجاهل تام لدور الشخصية المقدسة, أما وقد انتهى الصراع أخيرا بين الجمهور وهذه المسرحية, لم نفهم لحد الآن سبب اختيارها لتمثل كلمة المسرحيين بمناسبة يوم المسرح العالمي .
الكاتب
سرمد السرمدي
أكاديمي - مدرس مساعد - ماجستير- فنون مسرحية - كلية الفنون الجميلة - جامعة بابل - جمهورية العراق
#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟