أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الحضارة سقوطها ونهضتها















المزيد.....

الحضارة سقوطها ونهضتها


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3727 - 2012 / 5 / 14 - 10:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كيف تسقط الحضارة وكيف تموت وكيف تعود بعض الحضارات للظهور؟ وهل الفسق والفجور نستطيع اليوم أن نقول عنهما بأنهما سبب سقوط الحضارات؟أم أن هنالك أسبابا أخرى؟ أم أن الفسق والفساد سببا من عدة أسباب؟يبدو أن كل حضارة لها طريقة منفردة في الظهور وفي السقوط وليس من الضروري أن يكون سبب سقوط الحضارة الرومانية سببا وخبرا وحيدا لسقوط كل الحضارات,فسقراط اعتبرته أثينا هو وفلسفته وكثرة جدله مدعاة رئيسية لإفساد الشباب وخروجهم عن الطاعة لذلك تحمل سبب سقوط الحضارة الأثينية,وترك الدين الإسلامي أو التهاون في تطبيق أحكام شرعه يعتبره غالبية المسلمين سببا لسقوط حضارتهم العربية الإسلامية,وهنالك رأي آخر يقول بأن تمسكنا اليوم بالدين الإسلامي هو سبب سقوطنا وتخلفنا,الآراء كثيرة وأغلبها صحيحة وليس من الضروري الوقوف على سببٍ واحد من بين كل الأسباب,واليهود اعتبروا أن انغماس سليمان الملك في الشهوات مع النساء الكنعانيات هو سبب سقوط حضارتهم بينما يرى خبراء فنيين سبباً آخر لسقوط مملكة داود وسليمان وهو ظهور حضارات أخرى أقوى من مملكة داود وسليمان,وكما يموت كل إنسان بمرض مختلف عن كل الناس تموت الحضارات بنفس الطريقة حيث تحتفظ كل حضارة بأسباب موتها.

والذي اعتبره القرآن فسقا وفجورا لسقوط المدينة أو الحضارة يُعتبر عند حضارة أخرى سببا في النهوض,فكثيرٌ من الحضارات أو الدول قامت على الفسق والفجور والتجارة بلحوم النساء البيضاء والسمراء,وإذاً ماذا عن أحزاب الرفاهية وتحقيق الرفاه والدفاع عن حقوق الإنسان!ماذا نستطيع أن نسمي الرفاهية وحقوق الإنسان؟إننا اليوم نسميها حرية شخصية وتعددية فكرية وحقا من حقوق الإنسان وهذا كله متعلق بدراسة علم الأخلاق حيث تختلف الأخلاق من مجتمع إلى مجتمع باختلاف المعايير ووزنها.

و بعض مؤسسي نظريات علم الاجتماع لم يعطوا للحضارة فرصة أخرى لتعيش بعد سقوطها أو لإعادة إحيائها مثلما فعل(أوزفولد شبنجلر) ومثلما فعل القرآن حيث يحكم القرآن وشبنجلر على الحضارة التي يغضب الله عليها بالموت الأبدي,وهنا نجد شبنجلر اصدر حكما مطابقاً لحكم القرآن بالموت الدائم على الحضارات التي كانت انبراطوريات ثم ماتت نهائيا وذهبت في طريق اللاعودة ولكنه لم يقف على نفس السبب والطريقة التي تموتُ فيها الحضارة,وارتكاب الفسق بأمرٍ من الله هو الطريقة المثلى عند الله في إسقاط الحضارة باعتبارها طريقة الله في تحويل الحضارة إلى نار مستعرة ومن ثم إلى رماد لا يشتعل أبداً ,وقال(شبنلجر)بأن الحضارة التي تضمحل وتموت تذوبُ شعوبها بعد ذلك في حضارة أخرى أقدر منها على العيش والاستمرار,وعلى النقيض من ذلك أكد (آرنولد توينبي) على أن الحضارة التي تسقط قد تعود من جديد وذلك في كتابه(دراسة التاريخ) سنة 1936م حيث تجد الحضارة البائدة الوسيلة والظروف المناسبة لإعادة إحيائها من جديد أو لإعادة نموها كما تعود الحياة للأزهار البرية والأشجار بعد أن تموت في فصل الصيف وينشف عودها الأخضر,إذ من الملاحظ أن عودة فصل الشتاء وسقوط الأمطار يعيد للنباتات الميتة عودها الأخضر اليانع.

وهذا كله على عكس ما يقوله القرآن في سورة الإسراء والمعراج حيث أن الله يسلط الفاسدين والفاسقين على القرية أو المدينة على اعتبار أنها حضارة ليدمرها تدميرا كاملا في الآية التي تقرؤونها أمامكم: الإسراء 16" وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً"

وهنا سؤال يطرح نفسه إذ كيف الله يخلق الفاسدين والفاسقين ويسلطهم على الحضارة ومن ثم يعاقبهم على فسقهم وفجورهم؟كيف يأمر الله بالفسق؟هنا أحكام كلها متناقضة تناقضا تاما.

والقرآن يجعل ارتكاب الفسق والفساد سببا في انهيار الحضارة كما يقول ابن خلدون إذ أن الجيل الأول يبني الحضارة ويتعب في بنائها ويعيش حياة التقشف والوقوف على الضروريات أما الجيل الثاني من نفس الحضارة فإنه يرتكب الترف ويمارسه بكل أشكاله وألوانه ليأت بعد ذلك جيل ثالث يجد فيه الحضارة قد ماتت وتلاشت فيضيع الجيل الثالث في الفسق وينغمر به إلى أذنيه وركبتيه ومن ثم يموت وتموت معه الحضارة كما حدث ذلك مع دولة المرابطين في الأندلس وهنالك أمثلة أخرى على ذلك كثيرة.

وهنالك أيضا حضارات ماتت وعادت من جديد لتظهر على سطح الماء وهنالك حضارات ماتت ولم تعد تظهر أو لم تعد تطفو على سطح الماء,وهنالك امبراطوريات قد سقطت بسبب تفشي الجوع حيث قام الفقراء والمعذبين في الأرض بثورة أطاحت بملوكهم وبإنبرطوريتهم

والمهم في الموضوع ليس سقوط الحضارة ولكن المهم هو كيف تسقط الحضارة ! فهل تسقط بالفسق وبالترف؟ أم تسقط بسبب ظهور حضارة أخرى مناسبة للبيئة الحديثة؟ أم أنها تسقط بسبب الجوع هذا سؤال محير جدا وبحاجة إلى كثيرٍ من الدراسة ولا نملك عليه إجابة أخرى غير التي قلناها على اعتبار أن كل حضارة لها طريقة منفردة في النمو والازدهار والموت والتلاشي,ودعونا هنا نتوقف على نظرة القرآن للحضارة التي تسقط جراء ارتكاب أهلها الفسق وهنا يجب علينا أن نكون شديدي الملاحظة في استعمالنا لكلمة الفسق,فما وصفه القرآن على أنه فسق قد لا يكون في لغتنا فسقا لأن مدلول الكلمة في هذا العصر يختلف عن مدلولها في العصور الغابرة,والمعنى من ذلك والقصد واضح ومفهوم وهو أن الفسق ليس فسقا وإنما هو رفاهية,وهنالك أحزاب سياسية تطالب بتحقيق الرفاهية لشعوبها وتسعى إلى تحسين الظروف المعيشية وإلى تحقيق المتعة في الحياة حيث تغدو الرفاهية مطلبا جماهيريا,وما يصفه القرآن بالفسق اليوم لا يعتبرُ فسقا بل يعتبر احتراما للحرية الشخصية إذ كل إنسان يستطيع أن يمارس حقوقه المدنية والشرعية في ظل دولة ومؤسسات مجتمع مدني تكفل له حريته وتكفل له ممارسة ما يشتهيه حتى لو كان (مثليا جنسيا) وهذا لا يعتبرُ فسقا ولا فجورا, يجب أن نكون حذرين جدا من مناقشة بعض الكلمات التي يستخدمها أغلبية الناس استخداما خاطئا.

وكما يزدهر بعض الناس من خلال فسقهم وفجورهم كما يموت بعض الناس ويسقطون بسبب ارتكابهم للفسق وللفجور,وبعض الحضارات تنغمر بالرفاهية وتموت بسببها كما يموت بعض الناس بالشبع الزائد,وكما ينهض بعض الناس بسبب فقرهم وجوعهم كما يسقط بعض الناس بسبب فقرهم وجوعهم ..وكما يموت بعض الناس في حوادث السير وبالأمراض كما تموت الحضارات بأسبابٍ أخرى متعددة,كما قال المتنبي:تعددتُ الأسبابُ والموت واحد.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لم يحج اليهود إلى الكعبة؟
- سيميائية اللغة
- عيد ميلادي أنا وكلماتي
- صعب تقليدي
- ثلاثُ أسئلة,السؤال الأول
- بشار بن برد شهيد الحرية
- نكاح الوداع الأخير
- طفولة الإنسان الطويلة
- بين الأخلاق والتكنولوجيا
- دموعنا
- التحول إلى الديانة اليهودية
- دعاء النبي عن العلم الذي لا ينفع
- يا ليت أنني لم أتثقف
- عندي معلومات خطيرة
- أمة كلها دجل
- هكذا أنا
- الله والعتال والبغل
- القطة تعرف الحلال والحرام
- الخنزير حيوان نافع للبيئة
- أنواع العقول


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الحضارة سقوطها ونهضتها