أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - تأنيث الفقر














المزيد.....

تأنيث الفقر


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3726 - 2012 / 5 / 13 - 10:49
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يرصد علماء الاجتماع الظواهر الاجتماعية المختلفة ويعملون على دراستها، لثبر أغوارها، ومعرفة أسبابها، واقتراح الحلول لها. وفي الغرب لاحظ هؤلاء ارتفاع معدلات الفقر بين النساء مقارنة بمعدلاته بين الرجال. وبدأوا في دراسة تلك الظاهرة فاكتشفوا أن النساء أكثر عرضة للفقر من الرجال في الظروف المماثلة بنسبة تربو على ٣٠٪. وقد أطلقوا على تلك الظاهرة "تأنيث الفقر" وهو تعبير يوحي بما يقوم به المجتمع عامدًا متعمدًا (وإن كان بلا وعي) من إلحاق الفقر بالنساء وخصهن به من دون الرجال. وسيتضح لنا من ثنايا هذا العرض أن التسمية لم تأت من فراغ بل هي "اسم على مسمى" كما في التعبير الشائع. و"تأنيث الفقر" هي ظاهرة تنسحب على جميع المجتمعات البشرية في كافة أرجاء المعمورة، بحيث جاز أن نطلق عليها تعبير: الفقر امرأة، ولذا فقد عملت المجتمعات على محاربتها والقضاء عليها من خلال برامج مثل "تمكين المرأة" التي ترى فيها بعض المجتمعات البطريركية تهديدًا لسيطرتها التاريخية على النساء، وتعمل على محاربتها بدون التأني لمعرفة ما دعت إليه من مسببات.
وبدراسة أسباب ظاهرة "تأنيث الفقر" أرجعها علماء الاجتماع إلى سببين رئيسيين: أولهما، اتساع الفجوة في الدخول بين الجنسين، وثانيهما: ارتفاع عدد الأسر التي ترأسها نساء. فالتمييز المهني حسب نوع الجنس (الجندر) يخلق التفاوت في الأجور بين الجنسين، وذلك لأن الإناث محصورات في مهن تدفع أقل من المهن التي يهيمن عليها الذكور. ولم يتمكن الدارسون من تفسير تدني الأجور في المهن التي تهيمن عليها الإناث من خلال المهارة، والخبرة، والتعليم، والتدريب اللازم للقيام بتلك المهن. فأكثر من ثلث جميع النساء العاملات في المجال العام يقمن بأداء الأعمال الكتابية. كما أن ثاني أكبر قطاع تشتغل فيه النساء هو قطاع الخدمات: مثل خدمات الرعاية الصحية، والخدمات الغذائية، والشخصية وخاصة الخدمة المنزلية، وهو في العادة قطاع ذو أجور متدنية. وهكذا تنحصر النساء فيما بات يعرف "بجيتو الياقات الوردية" من الأعمال ذات الأجور المتدنية، بينما ينفرد الرجال بالأعمال التقنية والمهنية والتي تدر أجورًا مرتفعة.
وقد عرضت الدراسات الاجتماعية ثلاثة تفسيرات لتركز النساء في المهن ذات الأجور المتدنية وهي: دور التنشئة الاجتماعية، والتمييز في مكان العمل، والالتزامات العائلية. وتلعب التنشئة الاجتماعية دورًا حاسمًا في عزل النساء عن سوق العمل من خلال تشجيع الشابات على الانخراط في "مهن لينة" تتناسب مع الأدوار التقليدية للمرأة. فتُدفع النساء للعمل في قطاع الخدمات حيث تقمن بأدوار الرعاية - والتي هي امتداد طبيعي لأدوار الرعاية المنزلية التي تقوم بها النساء - أو تزين لهن مهن مثل التدريس والتمريض. بالإضافة إلى ذلك تواجه المرأة التمييز في بعض القطاعات مثل قطاعات الإنشاء والهندسة، والذي ينتج عنه التفضيل الانتقائي للرجال عن النساء. ويقيد الدور التقليدي للمرأة في الأسر خيارات المرأة المهنية، ويؤدي إلى تركز النساء في مهن هي أكثر توافقًا مع متطلبات تربية الأطفال والالتزامات العائلية التي ألقى المجتمع بها على كاهلها.
ونتيجة للخيارات العملية أثناء حياتهن المهنية تعيش النساء في فقر نسبي مقارنة بالرجال في جميع مراحل حياتهن. حيث تتلقى النساء معاشات أقل كثيرًا مما يتلقاه الرجال، مما يؤثر على مستوى حياتهن في الكبر، والرعاية الصحية المتاحة لهن عندما يكن في أشد الحاجة إليها. حيث يتمكن الرجال بفضل الدعم الذي يتلقونه من النساء من تعزيز مساراتهم المهنية، فيمضون ساعات أطول في العمل، مما يمكنهم من ارتقاء السلم الوظيفي بسهولة ويسر، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على دخولهم المالية، وقدرتهم على الادخار، وكذا معاشاتهم في الكبر.
وقد قارنت الدراسات أيضًا بين مستويات المعيشة والدخول للأسر التي يعولها الرجال، وبين الأسر التي تعولها النساء، ولوحظ التفاوت بينهما، فالآثار المالية السلبية للطلاق أكبر على النساء منها على الرجال. فعادة ما تمنح حضانة الأطفال للنساء عند الطلاق، ويتفاوت الإسهام المادي للأبوين لرعاية الأطفال تفاوتًا بينًا، حيث تتلقى المطلقة في الأغلب دعمًا ماليًا منخفضًا، وبشكل غير منتظم من والد أطفالها. ومن أجل دخول سوق العمل والمنافسة فيه بكفاءة تحتاج المرأة إلى رعاية نهارية للأطفال بأسعار معقولة، وهو ما لا يتوفر عادة. وينتج عن كل هذا تدني المستوى المعيشي للزوجة (السابقة) والأطفال، مقارنة بالمستوى المعيشي للزوج، حتى وإن انخرط في تكوين عائلة جديدة. ولذا فقد بدأت بعض البلدان في تنفيذ سياسات لتطبيق دعم الأطفال من أجل تشجيع الآباء على المشاركة في دعم أبنائهم، وبالتالي الحد من الفقر في الأسر التي ترأسها النساء. ومن تلك السياسات استقطاع مبلغ الدعم المحدد من قبل المحكمة لصالح الأم الحاضنة، بل إن بعض البلدان ترفض تجديد رخصة القيادة للأب المتهرب من دفع نفقة أطفاله.
وهكذا وجدت الدراسات أن "تأنيث الفقر" مشكلة حقيقية لها جذور ضاربة في أعماق الفكر البطريركي الذي يشجع النساء على الاعتماد ماليًا على الرجال، بدون النظر إلى العواقب الوخيمة لذلك مع تغير الظروف الموضوعية. وعملت الأمم على إيجاد حلول ناجعة لتلك الظاهرة المؤسفة والحد من انتشارها على مستوى العالم. ولذا فقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة على ضرورة تمكين المرأة والحد من تهميشها، وذلك لأن تمكين المرأة ينعكس إيجابيًا على الأسر وبالتالي على المجتمع كافة.



#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسكات
- المرأة المصرية وصياغة الدستور
- النساء والانتخابات
- حواء والتاريخ النسائي
- اللغة والحط من شأن الأنثى والأنوثة والأنثوي في الثقافة المعا ...
- عمل المرأة ليس ترفًا
- برنامج -دائرة الستة أشخاص-: للحد من العنف المجتمعي
- عفت عبدالكريم والرسائل الملتبسة في مسرحية مدرسة المشاعبين
- الإعلان وتكريس المفاهيم التقليدية
- النظام الأبوي والدولة الجديدة


المزيد.....




- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - تأنيث الفقر