عبدالله عامر
الحوار المتمدن-العدد: 3725 - 2012 / 5 / 12 - 23:29
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الله
اشكاليه العقل فى إثبات الوجود الإلهى من عدمه
لم ابحث في الكتب ولا في محركات البحث لاجد نتيجه تروي ظمأي وتشفي سقمي مثلما بحثت عن تلك الكلمه . من هو الله العزيز الحكيم الجبار المتجل المتعال ؟ من هو ذلك الكون اللامرئي الذي يتهافت علي عبادته المتهافتون وتقوم له الدنيا ولا تقعد ويدق باسمه طبول الحرب وتراق باسمه الدماء وباسمه تحقن . من هو الله الذي تقسم باسمه ابناء ادم الي مسلمين ومسيحيين وبوذيين ويهود وكنفوشيوسيين وعبده للنار وما الي الي ذلك من العدد اللامتناهي من الملل والنحل القديم منها والمحدث من تلك التي ظهرت علي وجه الارض وادعي كل حزب انه علي حق وبينه من امره, بل وتقسمت ايضا هذه الملل وتلك النحل الي طوائف وتقسمت الطوائف الي طرق كل في كفاح مستمر الي اللانهايه يبتغي رضاه وينأي بنفسه عن ادعاء سخطه وغضبه. هل هو تلك القوه التي تستشعرها اذا ما ذكر اسمه علي اسماعك او ترنم اللسان بذكره منتفضا لعرقله لسانك في اللام المضعفه قلبك انقباضا وانبساطا خوفا وطمعا , او هو تلك الذات العاقله التي امن بها المومنون وبلت في عبادتها اجساد المحسنين , أو هو ذلك اللاشيئ الذي انكره وجحده عقلاء الملحدين.
إن ما يعاني منه الانسان بشان الله منذ ان ترك اول البشر حضره الهه ليسكن الارض يمثل اكبر معاناه لاقاها هذا الجنس البشري طوال فتره وجوده القصيره علي هذا الكوكب , فكيف يمكن لابن الستين او السبعين ان يدرك هذا المعني الازلي اللامتناهي المتمثل في " الله " بل كيف يمكن لهذا العقل ادراك ما لا يخضع لمحسوساته ومدخلاته الخمس التي وكما قال الامام الغزالي انها " تعجز عن ادراك حقيقه ان الكواكب ليست كحجم الدينار " . اذا فرضنا جدلا ان شخصا قد ولد فاقد بصره فانه بالطبع لا تعني له كلمه الالوان شيئا ولو ان ذات الشخص نفسه ولد فاقد لسمعه ايضا فبالطبع سيكون الفرق بين الضوضاء واصوات العصافير المتلامس مع هفيف الشجر لا يعني له شيئا وذلك الشخص نفسه بالتبعه سيصاب بعدم القدره علي الكلام - لان اللغه تكتسب عن طريق سماعها اولا – وبالتالي لن يعني له الكلام شيئا . ولو استفحلت في جدليه الفرض وقلت ان ذات الشخص قد ولد مصابا بشلل تام في جميع اطرافه افقد خلاياه القدره علي الاحساس واللمس فانه حتما لن يعني له الفرق بين النار والزمهرير او الشوك والحرير شيئا . عقل هذا الشخص عجز عن تفسير كل هذه الرسائل المتعقله بالحواس لان الحواس مصابه وبالتالي العقل متوقف عن التفاعل في اطار وظيفته الكونيه وهي ارسال واستقبال المعلومات . وعلي هذا فان ذلك العقل الانساني المحكوم بحواس نسبيه قاصره هي مصدر معرفته قاصر ايضا عن ادراك حقيقه الله او حتي اثبات وجوده .
هل كل ماتراه الاعين حقيقه يصدقها العقل ويقرها ؟؟ , ساضرب مثالا لذلك , تصور انك تنظر الي احدي لوحات الخداع البصري من تلك التي تهيئ للعين انها تتحرك , هل سيقبل العقل هذا ام سيرفضه ؟ اي هل سيقبل العقل ان الدوائر تتحرك ام سيرفض هذا الامر بالكليه ؟ الاجابه وببساطه هي ان عقل الانسان اقل من ان يقبل او يرفض هذا الامر بل سيظل عرضه للتشتيت والتشويش اذا لم ياتيه العلم بانها لا تتحرك وان هذه هي احدي صور الخداع البصري . وهكذا يبقي العقل البشري غير قادر علي تحديد حقائق الامور من زيفها .
بالعوده الي اشكاليه " الله " سنجد ان عقل الانسان في هذه المساله اقرب الي الالحاد منه الي الايمان وكأن خالق هذا العقل قد كتب المعاناه التي لاتنتهي عندما خلقه ليعرف حقيقه من لايراه ومن لا يستوعبه او بعباره اخري , إن كان مايري العقل بعينيه مشكوكا فيه ومشكوكا في صحته الي ان يثبته علم او تدحضه معرفه , فان كان هذا أمر المرئيات فما هو اذن امر الماورائيات من " الله والملائكه والرسل التي حجبت عنا زمكانياً والكتب التي تطعن بعضها بعضا بالتحريف والتلفيق والاديان التي تدعي كل منها الانفراد بالحقيقه وحدها وانها وحدها هي من استقت من الله منهجها "
وبالعوده الي العقل نجده بعد هذه الاشكاليات اللامتناهيه شاكا فيما يراه مجبرا علي الايمان بما لا يراه الامر الذي يدعو الي الالحاد, واستخدام كلمه الالحاد هنا اظنه غير دقيق لانه اذا وصف المرء نفسه بالملحد هذا يعني انه غير مومن والاصل ف الانسان حتي الملحدين هو الايمان والاقرار بالالحاد هنا هو اقرار بالرفض مع الايمان بالوجود الالهي اي انه مومن بان الله موجود ولكنه يرفض الانصياع له لان الفكره موجود في العقل وهو نفسه - اي الملحد - رفضها قولا ولكنها باقيه في العقل فعلا . كالعبد الابق من سيده الذي هرب من بيته يومن بان سيده حي ولكنه يرفض التواجد في بيته او العمل علي خدمته لذا فالوصف الدقيق للحاله التي سيكون عليها العقل عندها هي الايمان بان المومنين بوجود الله مخطئين .
ولكن ليس هذا هو نهايه المطاف لان العقل سيبقي مشكوكا فيه ايضا غير معتدا بما يصدر عنه لانه وبذلك قد انحصرت الحقائق فيما لا يراه ولا يدركه وانحصر مايراه في دائره الشك المحض الذي يحتاج الي علم يثبته وهذا العلم - إن توفر او تحقق- يجب ايضا اخضاعه للتجربه لانه حتما سيكون نتاج عقلي ويجب اخضاع نتائج التجربه للحواس والحواس الي العقل وبالتالي لن يعتد بالعلم لانه من العقل والي العقل وعندها فان البحث عن " الله " وحقيقته قد استحالت الي مستحيل لانه وقع فيما لا ندرك ولا نعلم ولا نعقل وان تعددت لاءاتي هنا كيما تعبر عن كم الابهام الذي يحيط عمليه ادراك الذات الالهيه او معرفه وجودها من عدمه فستكون غير مفيده وغير مجديه بالمره .
يقول الامام الغزالي ان الروح هي اصل الوصول الي معرفه الله لانها تستلهم من النور الالهي ما يفتح عليها ابواب المعرفه , والامام الغزالي هو احد اكبر المتصوفه في عصره وكلامه يعني ان المعرفه هي معرفه روحيه وليست عقليه ولكن لعل هذا يعقد المساله اكثر واكثر , فعندما اسال ما هو الله ؟ ومن هو الله ؟ واين هو الله ؟ فانني اسال عن من لا اعرف ولااري من لا اعرف ولا اري اي الروح وتتعقد المساله لانني سانتقل من السوال عن الله الي السوال عن الروح وان صح وجود هذه الروح فلعل كان لها اثرا في الانسان وحياته كالحواس والعقل ولكن هي ليست كذلك وبالتالي قد تكون شيئا معنويا اكسبه الامام مصطلحا ماديا وبالتالي تنصب المعرفه في باب المعارف العقليه التي ترجع الي الحواس وهكذا يصبح طريق الله من ناحيه الروح مسدود ليس لانها تعتمد علي الحواس كالعقل ولكنها كنه مجهول يفتقر الي القياس وبالتالي يستحيل التعرف علي حقيقته من عدمها .
بالعوده الي اصل المشكله نجد ان الامر انحصر في محاوله اثبات وجود الله كنتيجه لمقدمات اوليه وهذا غير صحيح . مادام العقل الانساني اكتسب هذا المفهوم "الله" علي جزئيته – اي جزئيه العقل – والمفهوم مفهوم كلي عن ماصدق غير مرئي وغير محسوس فبالتالي يحتاج الي موجد – اي موجد للمفهوم الكلي في العقل الانساني الجزئي –والعقل الانساني قاصر علي ايجاد هذا المفهوم الكلي , اذن فان الله اوجد نفسه في عقل الانسان كمفهوم كلي في عقل جزئي وبالتالي الله فكره بديهيه اولي لاقبلها مقدمه ولاهي نتيجه...اذن الله موجود .
عبدالله عامر
#عبدالله_عامر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟