|
عشر سنوات عجاف
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 3725 - 2012 / 5 / 12 - 19:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخطأ يجر الى الخطيئة ، والخطيئة تجر الى الهلاك ، ونحن العرب قد هلكنا ، لأننا لم نتبع الأسس المنطقية في التغيير . فدخلنا في دوامة الاحتمالات ، وأصبحنا عرضة للتدخل الأجنبي ، الذي لا يؤدي الى الخير بالمجل. التغيير الى الأفضل ، مطلوب ،وهو سنة الحياة ، وعلينا عدم اغفاله ، لكن لا بد من اتباع المعطيات السليمة ، لأن المخرجات تعتمد على المدخلات ، بمعنى أنه في حال كانت البدايات صحيحة وسليمة ، فلا بد وأن تكون النهايات كذلك ، وإن حصل شذوذ فمؤقت ولا يجوز تعميمه. ما يجري في الوطن العربي من محاولات تغيير ، متأخر كثيرا ، ومع ذلك فهو مطلوب ، ولكنه يفتقر للأسس المنطقية ،اذ لا معارضات حقيقية تتبع مناهج ولديها برامج التغيير ، بل هي هياكل وهمية ، وإن تحدثنا عن معارضات الداخل فهي مدجنة وتابعة للأنظمة ، حتى لو هتفت بشعارات معادية للنظام . أما في حال وجودها في الخارج ،فهي متصهينة ومتأمركة أو متفرنسة ، وبالتالي فانها لن تعمل حسب النهج الصحيح ، وانما ستنفذ أجندة النظام وتعطل حركة الجماهير، كما ان المعارضة الخارجية ستسلم البلاد ومقدراتها للأجنبي في حال زوال النظام بالاستعانة بهذا الأجنبي . هذا ما حصل في العراق وليبيا ويخطط له في سوريا ، بغض النظر عن موقفنا من هذه الأنظمة سواء كنا مؤيدين لها أم لنا انتقادات على مسلكياتها. عشر سنوات عجاف بانتظار العالم العربي الذي هيء له أنه يعيش " ربيعا" وأن هذا " الربيع" سيزهر ويثمر ، ويكون الموسم خيرا ،لكن واقع الحال يقول غير ذلك ، فما يحدث في العالم العربي ليس ربيعا ، بل خريف تغشاه رياح السموم، ولا يفهم من ذلك أنني مع الأنظمة الديكتاتورية ، لكني ادعو لاتباع أسس التغيير الثوري ، وعدم طلب النجدة من الخارج ، لأن الشعب الذي يعجز عن تحرير نفسه ، لا يستحق الحرية. التحضير للتغيير الثوري يطول ، بسبب وعورة الطريق وما فيها من أشواك ، لكن عملية التغيير لن تطول لأن قادة التغيير حسموا أمرهم مبكرا ، ووضعوا برنامجهم وإشتغلوا عليه ، وأسسوا بنيانهم في مجتمعهم ، وأنجزوا اختراقاتهم المؤثرة في بنية النظام ، ولذلك فان مرحلة التغيير لن تستغرق وقتا ، وإن طالت المواجهات . لذلك أقول أن ما يجري في الوطن العربي ليس ربيعا ، بل مؤامرة تقضي بتعطيل الأمة جمعاء وإفقارها رغم ما لديها من امكانيات ، فالدول الفقيرة أصلا ستتعمق مشكلاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، فيما تجد الدول الغنية نفسها في ورطة ما بعدها ورطة، لأن " مشغل العرائس" سيفرض عليها عمليات تمويل ما يطلق اعادة اعمار الدول الفقيرة ، وكل ذلك لأن هذه الدول أسهمت بطريقة أو بأخرى بالعبث الجاري . واستنادا الى كل ما تقدم ، فان ما يجري في الوطن العربي رغم ضرورته وأهميته ، ليس رغبة داخلية ، بل هو أجندة خارجية عنوانها ، " مشروع الشرق الأوسط الجديد " أو الكبير لا فرق والذي يشمل المساحة الممتدة من غزة حتى الباكستان مرورا بالدول العربية بطبيعة الحال وتركيا وايران وأفغانستان ، لتقسيم المقسم أصلا و " رصف " هذه المنطقة بكانتونات اثنية وعرقية يكون العرب فيها أقلية غير مهابة ، وتصبح هذه الكانتونات مربوطة في وتد بتل الربيع " تل أبيب". لست متشائما ولا سوداويا ، لكني أقرأ الواقع المعاش في دول التغيير ، فالوضع في تونس لم يستقر ، وما نزال نرقب الصراع بين الاسلاميين والعلمانيين ، وكذلك ليبيا التى تنحدر باتجاه التقسيم الى ثلاث ولايات والمحروسة مصر التي ما يزال نهج مبارك المخلوع يحوم فوقها ، أما في سوريا فشلال الدم ما يزال متسارعا. التغيير الثوري مكسب ، لكننا خسرنا في التغييرات الثلاثة الماضية، لأنها لم تكن تغييرات ثورية مخطط لها جيدا وأولى خسائرنا أن الاسلاميين بكافة تشكيلاتهم ، خذلونا بالخروج عن رغباتنا المتمثلة بمقاتلة اسرائيل ، اذا رأينا شيخ النهضة في تونس الغنوشي يغازل يهود في " الايباك" بواشنطن بالقول أن تونس لا تعادي اسرائيل، كما أن اسلاميي ليبيا تحالفوا مع اسرائيل وكذلك اسلاميو مصر الذين تهافتوا على إرضاء كل من أمركيا واسرائيل وغضوا الطرف عن معاهدة كامب ديفيد . ولا نغفل دعوات بعض قادة المعارضة في سوريا بأنهم سيرفعون علم اسرائيل فوق دمشق ان عاجلا أو آجلا. النار ستواصل التهام البيدر العربي الجاف لعشر سنوات قادمة واسرائيل ستكون في مأمن رغم أنها لم تكن مهددة من قبل، وستنجح في إنجاز يهوديتها، وربما قامت بتهجير غالبية الفلسطينيين منها والابقاء على أقلية قليلة كضيوف غير مرغوب فيهم ، ولكن وجودهم ضروري للقيام بالأعمال التى لا يقبل اليهودي القيام بها كالكناسة على سبيل المثال ، كما ستقدم على تهويد مدينة القدس بالكامل وهدم المسجد الأقصى المبارك واقامة الهايكل المزعوم مكانه. لن يتوقف الحراك المصطنع ذو الصبغة الغربية ، وسيسمر سفك دماء الشباب ابعربي لنتساوى في نهاية المطاف مع الغرب العجوز ، لأننا مجتمعات فتية وهم غير ذلك ، وهذا في علم السياسة له معنى ، كما أن ثرواتنا ستؤول بالكامل الى الغرب نظرا ل " وقوفه " الى جانبنا ، وسيتكفل باعادة الاعمار، وسترتفع فاتورة ثمن قلم الرصاص على سبيل المثال من عشرة قروش الى عشرة دولارات ولن تجد من يعترض ، ناهيك عن صفقات الأسلحة وغالبيتها وهمية لكن فواتيرها وعمولاتها المرتفعة حقيقية، وعندها سنجد الغرب يتحدث عن نهضة في اقتصاده في حين نشكو نحن العرب من الفقر .
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسرى الفلسطينيون وفروا الأجواء المناسبة للآخرين كي يتحركوا
...
-
هزائم العرب الخارجية - وانتصاراتهم - الداخلية؟!
-
الربيع العربي ...نبوؤة روبيرت فيسك1997
-
معركة الأمعاء الخاوية ..ماذا أعددنا لها؟
-
- الربيع العربي - يلغي -العقد الاجتماعي- بين -الدولة- و- الم
...
-
الأسلحة والجوع في أفريقيا .. من المسؤول؟
-
المواطنة الحقة ..أساس الاستقرار والازدهار
-
-الربيع العربي- .انحراف المسار!
-
-العرب المسيحيون-..ليسوا حصان طروادة
-
الفلسطينيون ..اللجوء مستمر !
-
فيلتمان...ماكين..ليفي.. وليبرمان .. أيقونات حريتنا ...وا حسر
...
-
حال العرب لا يسر..لماذا؟
-
هزيمة اسرائيل بالتراكم
-
غراس ..اذ يقتحم عش الدبابير وينتصر للحق
-
فيروز ..ألف معذرة
-
الغيتو والجدر..هل تحمي ساكنيها؟
-
اعادة اعمار العرب..أنعم الله عليكم
-
التلمود هو العائق امام اعتناق اليهود للمسيحية
المزيد.....
-
ما مدى تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على المستهلكين
...
-
تصعيد إسرائيلي في جنين وغزة واستئناف مفاوضات المرحلة الثانية
...
-
مقررة أممية: فظائع إسرائيل بحق فلسطينيات غزة -إبادة جماعية ل
...
-
حزب الله يحدد 23 فبراير موعدا لتشييع نصرالله وصفي الدين معا
...
-
رئيس كولومبيا: سياسات ترامب فاشية
-
خبير عسكري يكشف سر زيارة زيارة نتنياهو لواشنطن
-
ترامب: لدينا مناقشات مخطط لها مع أوكرانيا وروسيا
-
المهاجم الدولي الجزائري أمين غويري يدعم هجوم مرسيليا
-
المكسيك ترفض البيان الأميركي وترامب يقر بتداعيات الرسوم الجم
...
-
تدشين معبد هندوسي ضخم في جنوب أفريقيا
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|