أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الحوار مع الشيطان















المزيد.....

الحوار مع الشيطان


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3723 - 2012 / 5 / 10 - 22:32
المحور: كتابات ساخرة
    


لا شك أن الاستماع إلى الشيطان قد يدفع الإنسان للكذب والكذب كما يقولون بلا قدمين ولا يستطيع الوقوف طويلا أمام الحقيقة. من المتوقع أن يبذل الإنسان المؤمن قصارى جهده حتى لا يقع فى حفرة الكذب. عن صفوان بن سليم أنه قال : "قيل لرسول الله صلى الله علـيه وسـلم : أيكون المؤمن جبانا فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن بخيلا فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن كذابا فقال لا". وفى ظنى فإن الشيطان يتغلب على الإنسان الذى بات غير قادر على الصمود أمامه بصرف النظر عن تدينه أو خبرته فى الحياة. لعل المواقف التى أسردها سوف تبين كيف يظل الشيطان لاهثا ليقودنا إلى ارتكاب الكذب.

الموقف الأول
قبل سفرى إلى القاهرة علمت أن رجلا ملتحيا رأى أن أنفه فى حاجة إلى جراحة تجميلية فذهب يستشير رفاقه عن الآراء الفقهية فى هذا الشأن فقيل له إن الفتاوى كلها تتجه نحو تحريم مثل هذا العمل. لم يستطع الرجل تحمل الآلام النفسية التى تنتابه كلما رأى انفه فى المرأة، فقرر أن يجرى العملية مهما كانت النتائج وبالفعل تحقق له ما أراد حين توجه إلى مستشفى تخصصى حيث أجرى العملية وخرج تحت جنح الظلام وحرص على ألا يبوح بالأمر لأحد. وقد وجده الشيطان محتارا منهارا فقرر أن يجرى معه الحوار التالى:
الشيطان: هل تعتقد أن هذا السر سيظل سرا إلى الأبد؟
الرجل: طبعا لأنه لم يرانى أحد، حتى أقاربى لا يعرفون عن الأمر شيئا.
الشيطان: هذا صحيح ولكن هل حقا تعتقد أن هذه الضمادة سوف تظل طويلا حول انفك ووجهك أم أنك سوف تلقيها بعيدا حين تختفى آثار العملية التى أجريت لتجميل انفك؟
الرجل: بالطبع سوف تزال الضمادة بمجرد أن يندمل الجراح.
الشيطان: عندئذ سوف يكتشف أصدقاؤك وأقاربك وزملاؤك أنك قمت بعمل يغضب الله وربما سوف يغضب أعضاء حزبك فيجردوك من كل المناصب التى حصلت عليها.
الرجل: والله لم أفكر فى كل ذلك. وما العمل؟ وهل لديك مخرج من هذه الأزمة التى تلوح فى الأفق؟
الشيطان: بسيطة... تستطيع أن تدعى انك تعرضت للاعتداء والسرقة وأن اللصوص لم يكتفوا بالاستيلاء على نقودك بل كسروا انفك.
صدق الرجل كلام الشيطان وأعلن عبر شاشات الفضائيات أن لصوصا تعرضوا له فى الطريق واستولوا على أمواله وأحدثوا به إصابات فى الأنف والوجه. لسوء حظ الرجل ولحسن حظنا فقد تصادف أن شاهد الأطباء الجراحون الرجل وهو يدلى بهذه التصريحات، فهرعوا إلى النيابة لإبلاغها أن كلام الرجل يخلو من الصدق وأن الضمادات التى تلتف حول وجهه هى فى الواقع تتعلق بالجراحة التى أجراها فى المستشفى. حاول الرجل تكذيب الأطباء على اعتبار أنهم مأجورون لتشويه سمعته غير أن الحقيقة سرعان ما تبينت ليعترف الرجل بأن تأثير البنج دفعه إلى اختلاق هذه الواقعة.

الموقف الثانى
مطار أسوان يوم 26 ابريل الماضى.... رجل فى العقد السادس من العمر ويستعد للصعود إلى الطائرة يتحدث فى المحمول. من الواضح أن الطرف الآخر قد سأله عن مكان تواجده، فرد عليه أنه عند المحكمة. لم اصدق أذناى معتقدا أن أزيز الطائرات ربما أثرت سلبا على قدرة السمع ثم فجأة وجدت الرجل يجرى مكالمة مع شخص آخر قائلا: إن فلانا سألنى عن مكانى فقلت له إننى فى المحكمة، فلم أكن ارغب فى إعطائه أية معلومات حول سفرى. من المؤكد أن الشيطان حاور الرجل وحرضه على الكذب المتعمد.

الموقف الثالث
بعد وصولى إلى القاهرة استقللت مينى باص حيث سمعت شابا يتحدث فى التليفون مع زميل له فى العمل قائلا: لقد تركت موقع العمل وفى الطريق إلى المنزل وإذا سألك أحد عنى فقل له إننى فى مكان قريب. وهنا أيضا اشتم رائحة الشيطان الذى كان يجلس بجوار الشاب حيث أجرى معه الحوار التالى:
الشيطان: هل تعتقد أن أحدا لن يكتشف غيابك؟
الشاب: لا اعتقد ذلك لأن أحدا لم يرانى، لقد خرجت متسللا من الباب الخلفى.
الشيطان: لكن أليس من الممكن أن يمر مسئول فيسأل عنك وإذا لم يجدك فقد يسبب لك مشاكل عديدة أو يحيلك للتحقيق ويعتبرك تركت العمل قبل الموعد المقرر.
الشاب: وما العمل؟
الشيطان: عليك بالاتصال بأحد زملائك لتخبره انك تركت العمل وغادرت الموقع وعليه أن يكذب فى حالة مرور مسئول من المسئولين.

الموقف الأخير
وفور وصول إلى المنزل جلست متابعا أحوال البلاد، فوجدت شيخا كبيرا يتحدث قائلا إن والدته لا تحمل أية جنسية أخرى سوى المصرية وأن أعضاء اللجنة الذين قرروا استبعاده من الانتخابات الرئاسية بدعوى أن والدته تحمل جنسية أخرى قد زوروا هذه الأوراق التى لا تعنى شيئا. لم يتردد الشيخ فى مناشدة أنصاره أن يعتصموا فى الميادين حتى تتراجع اللجنة عن قرارها. لعل الرجل يعرف كل الحقائق التى تتعلق بوالدته المغفور لها ولو كانت والدته على قيد الحياة لما أنكرت الحقيقة. وفى ظنى فإن عدم معرفة الرجل يعنى أنه قطع صلة الرحم مع والدته وهذا مستبعد لأن الرجل ظل يؤكد أنه على يقين أن الوالدة لم تحمل جنسية أجنبية. وهنا أيضا لعب الشيطان دورا واضحا فى توجيه الرجل. لعل الشيطان حاوره وتغلب عليه. ولنتخيل الحوار التالى بين الرجل والشيطان:
الرجل: من الواضح أن الأوراق الرسمية التى صدرت عن جهات رسمية صحيحة ولو كانت والدتى تحمل كارت الإقامة الدائمة لأخرجتها لأثبت أنها لا تحمل سوى الجنسية المصرية.
الشيطان: إياك أن تعترف بذلك. هل نسيت أنك وقعت على أوراق رسمية تؤكد فيها أن والدتك لا تحمل أية جنسية أخرى.
الرجل: نعم أتذكر أننى فعلت ذلك ولكن ماذا افعل، فأنا غير قادر على إثبات أنها لم تحمل هذه الجنسية اللعينة ولم تخرج أختى لمناصرتى لأنها بالطبع تعرف كل الحقائق.
الشيطان: من الأفضل أنك تستمر فى الإنكار حتى تعيدك اللجنة إلى قائمة المرشحين ويجب أن تستغل فرصة أن لك الكثير من المريدين والمحبين وهم على استعداد لعمل أى شىء من أجلك. يا ليتك تدعوهم للاعتصام بمقر اللجنة حتى تستجيب اللجنة وإذا لم تستجب فعليهم الاعتصام بميدان التحرير وإذا لم تستجب فعليهم التوجه إلى ميدان العباسية.
الرجل: أخشى أن يتعرضوا لقوات الجيش وأن يقع الكثير من الضحايا بسببى وعندئذ ربما سوف أتهم بالتحريض ضد مؤسسات الدولة.
الشيطان: لا تخشى من ذلك، فإذا رأيت أن الأمور قد تفاقمت فادعوهم للعودة إلى ميدان التحرير وأعلن أنك غير مسئول عن المتواجدين فى العباسية.

هذه المواقف الأربعة تبين لنا أننا مقبلون على فترات صعبة تتطلب الكثير من الجهد لإعادة بناء الإنسان المصرى الذى فقد الكثير من القيم والأخلاقيات التى كانت تحكم تصرفاته فى الماضى البعيد. من الواضح أن النظام البائد قد نجح فى تدمير الإنسان من الداخل وجعله يتقمص أكثر من شخصية حيث بات لا يعرف الفرق بين الثواب والخطأ ولا يستطيع أن يميز بين الصدق والكذب. لقد أصبح الإنسان أنانيا وصار يتبنى الشعار الميكيافيللى "الغاية تبرر الوسيلة"، فهو لا يهتم إلا بمصالحه وأهدافه الشخصية والتى يسعى لتحقيقها بكل السبل.




#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع المجالس فى مصر
- ما الذى يحافظ على الكيان النوبى؟
- مصير السودانين بعد الانفصال
- الأقباط وقوة التحمل عبر التاريخ
- المصريون بين الفسيخ والتفسخ
- أنصاف الثورات مقابر للشعوب
- كابوس الانتخابات
- شائعات وزحام حول مقعد الرئيس فى مصر
- حالة الفوضى تسود مصر
- ملامح نجاح الثورات العربية: الثورة المصرية نموذجا
- من ذكريات ثورة 25 يناير
- كابوس النفاق والتملق
- ثورة المرؤوسين فى مصر
- دستور يا أسيادنا والبرلمان الاخواطنى فى مصر
- زلازل مصر واليابان
- طلاب الثورة وثورة الطلاب
- أساليب التضليل لتشويه الثورة الشعبية
- ثورات العرب فى القرن الحادى والعشرين
- ثورة الانترنت فى مصر
- لا للتعصب .. لا للعنف .. لا للإرهاب


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - الحوار مع الشيطان