أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - عسكرة الإيمان أم إيمان العسكرة - لماذا نحن متخلفون ( 5 )















المزيد.....

عسكرة الإيمان أم إيمان العسكرة - لماذا نحن متخلفون ( 5 )


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3723 - 2012 / 5 / 10 - 17:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- أمة لا تعرف السؤال .. تعيش فى قالبها فقط
سر تخلف ونكبة عالمنا العربى أننا أمة مستهلكة للحضارة والمدنية غير قادرة على المساهمة فى مسيرتها لأنها ببساطة أمة جواب لا نعرف كيف تنتج السؤال .. أمة تعودت على دفن السؤال ليتوقف الدماغ عن إنتاجه فيودعه لمثواه الأخير حيث قوالبنا الجاهزة المصمتة التى لا تتحمل إلا الأجوبة الجاهزة المقولبة الغير قابلة للتعديل والتبديل .

الإنسان لا تتكون معارفه إلا من خلال رصده للظواهر والأفكار التى أمامه لتترك فى ذهنه السؤال عن سبب الظاهرة أو الخلل الذى يعتريها فتدفعه للسؤال بحثاً عن تماسك الفكرة والمعلومة حتى تصبح مفردة فى وعيه وثقافته يبنى عليها بعد ذلك فكر وإبداع .
لا يصبح السؤال من باب السفسطة أو المشاغبة بل يمثل ثروة وثورة بالنسبة للإنسان فمن السؤال يكتشف الوجود ويتفهمه بإيجاد صيغة عقلية للتعاطى معه لتتشكل المعرفة والإدارك التى تكون ثروته فى الوجود ليمارس عليها أسئلة أخرى تكون بمثابة الثروة لإنتاج فكر ورؤية جديدة تتوائم مع تطوره الموضوعى .

ثقافتنا العربية الدينية لا تسمح لنا أن نسأل {لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} وعن أبي هريرة أن الرسول قال: ((ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه))
من هنا تتجذر فى ثقافتنا أن لا نقترب من السؤال ليتوقفنا البعض بالقول أن النهى يأتى عن الخوض بالسؤال فى الإيمان والإعتقاد وهنا نقول إذا لم يتوجه الإنسان بالسؤال فى معتقداته فأين يتم تفعيل السؤال ؟!!... كيف نقبل أن يبتعد السؤال عن أكبر حمولة وميديا فكرية ومنهجية تشكل ثقافة ووعى ووجدان الإنسان , فإذا كنا لا نسأل فيها ففيما نسأل ؟!! ,, إذا كان السؤال بهذه الخطورة والحظر فكيف يدرك المرء الطيب من الخبيث , وما الفرق بين الإيمان الصحيح والفاسد , وماحجة الإنسان الذى لم يسأل فى معتقداته طالما السؤال مُحرم .!!

عرض الزميل بسام البغدادى نص قانون أقره البرلمان الكويتي "يعاقب بالاعدام أو الحبس المؤبد كل من طعن علناً أو في مكان عام, أو في مكان يستطيع فيه سماعهُ أو رؤيته من كان في مكان عام عن طريق القول أو الصياح, أو الكتابة أو الرسم أو الصور أو أي وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر في الذات الالهية أو طعن في الرسول أو في عرضه و عرض زوجاته."
بالطبع قانون يأتى فى تأكيد منهج "لا تسأل" ونحو عسكرة الإيمان ناهياً الطعن والمساس بالذات الإلهية والرسول وزوجاته وهنا نقول أن النيل من شخصيات يحترمها ويقدرها جمهور المؤمنين بالسخرية والسب والإستهزاء أمر غير مقبول وغيرلائق , ولكن القانون يتناول فكرة الطعن أى أن مجرد إلقاء الأسئلة والتعاطى معها أمر مرفوض يستوجب الإعدام لتبقى منظومتنا الدينية مُصرة على رفض السؤال وتحصين الأفكار بأنيابها متماهية فى شرنقتها .. أن نجد فى القرن ال21 من يزال مُصرا على غلق باب السؤال ومناقشة الأفكار , فهل نتصور بعد ذلك اننا سنخرج من شرنقة التخلف أم نعيد إنتاجها بكل همة .. الأفكار الهشة لن يكون لها وجود بدون أنياب ومخالب .

من خضم هذا التراث نتعلم ألا نسأل لنجد أطفالنا بذكائهم يدركون الغضب الذى يحل بالأباء عندما يقتربون من أسئلة مُحرجة مُجلبة للإساءة والغضب فيتحاشون إطلاق السؤال فى هذا المضمار ليتجهوا إلى ما يرضيهم من ترديد الآيات والتراتيل كالببغاوات فهى تجلب الرضا والسرور .. لقد تعلم الأطفال أول درس فى الحياة وهو الإبتعاد عن دوائر الخطر وكيف تُؤكل الكتف .

بالطبع لا يمكن طمس السؤال من الإنسان إلا إذا فقد إنسانيته لتتحرك الأسئلة فى المدارات التى يريدونها ويحددون ملعبها , فلك أن تسأل فى إفرازات التراث , لك ان تطلب الفتوى أو شرح آيه عسيرة الفهم على أن تتقبلها وتكتفى بذلك ولا تقترب من الدوائر الحمراء .. أى أن تسأل فى إطار تأكيد وتأصيل وإستحلاب الفكرة فيما هو متاح من أسئلة .. تسأل فى المدارات المتاحة فقط , فهل هذا حرام أم حلال وهل هذا واجب وجائز أم لا فهذا هو المطلوب من السؤال , لنجد شباب يصنف على انه مثقف وأمل الأمة يسأل مثل هذه الأسئلة

س :أحضرت خروفا إلى بيتي لأذبحه في عيد الأضحى لكن الخروف أكل جزءا من جريدة أجنبية فهل لحمه حلال أم حرام؟
جواب : يا أخي المسلم عليك أن تتأكد من أن الجريدة التي أكلها الخروف ليس بها ما يمس بالذات الإلهية أو يسيء إلى ديننا الحنيف وبعدها توكل على الله وكل خروفك.!!

س : ماحكم لبس القبعه التي لها مظلة ( الكاب ) ؟
ج : لايجوز لبس القبعة ذات المظلة وذلك لأن فيها تشبه بالكفار .

س : ما شرعية دخول المرأة على الإنترنت
ج : لا يجوز تعامل المراة مع الإنترنت إلا فى وجود محرم بسبب خبث طوية المرأة , فلايجوز للمرأة فتح الانترنت الا بوجود محرم مدرك لعهر المرأة ومكرها .!

س : ما هو حكم الشطرنج في الإسلام خاصة إذا لم يشغل عن ذكر الله ؟!
ج : فإن اللعب بالشطرنج من الاشتغال الباطل الذي لا يجوز، ولم ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم إلا ما يدل على ذلك، فقد كان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: الشطرنج ميسر العجم. وقال أيضاً: لأن يمسّ أحدكم جمراً حتى يطفأ خير له من أن يمسّها !! ومرّ رضي الله عنه يوماً بقوم يلعبون الشطرنج فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟!، وسئل عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنه فقال: هو شر من النرد! وولي ابن عباس رضي الله عنهما مال يتيم، فوجد فيه شطرنجا فأحرقه، وقال أبو موسى الأشعري: لا يلعب بالشطرنج إلاّ خاطئ.وقال بحرمة اللعب بالشطرنج من الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، ومالك، وأحمد، وكان الإمام مالك يقول: لا خير في الشطرنج، فعلى هذا نقول: لا ينبغي للمسلم أن يلعب بالشطرنج، والواجب عليه اجتنابه، ونصح غيره باجتنابه، ونشر أقوال الصحابة والأئمة فيه.!

س : هل إذا تخيل شاب في مرحلة المراهقة امرأة وهو يمارس العادة السرية أنه يجامع هذه المرأة هل هذا يحرم عليه الزواج من ابنتها في حالة الرغبة في الزواج !!- هل تخيل امرأة أثناء ممارسة العادة السرية يحرم الزواج من ابنة هذه المرأة أي يعتبر تحريما بالمصاهرة أي يعتبر هذا التخيل زنا ؟!
ج : فاعلم أولا أنه لا يجوز لهذا الشاب الإقدام على ممارسة عادة الاستمناء فإنها محرمة وتترتب عليها من الأضرار كما لا يجوز لك أيضا تخيل مجامعة امرأة مطلقا، فإن ذلك من تمني المعصية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر في أنواع الزنا قوله: والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. رواه مسلم. .. ولكن لا يعتبر هذا الفعل بمجرده زنى يحرم به الزواج من ابنة هذه المرأة، فيجوز له الزواج من ابنتها إن لم يوجد مانع يمنعه من ذلك كالرضاع ونحوه.

س : ما حكم إهداء الزهور والورود
ج : ليس من هدي المسلمين على مر القرون إهداء الزهور الطبيعية أو المصنوعة للمرضى في المستشفيات، أو غيرها. . وإنما هذه عادة وافدة من بلاد الكفر، نقلها بعض المتأثرين بهم من ضعفاء الإيمان، والحقيقة أن هذه الزهور لا تنفع المزور ، بل هي محض تقليد وتشبيه بالكفار لاغير ، ومسخ للهوية الإسلامية الصافية. وبذلك فقد أُلقم أهل الشهوات بهذه الفتوى العظيمة حجراً، وفيها أيضا إنفاقٌ للمال في غير مستحقه ، وخشيةٌ مما تجر إليه من الإعتقاد الفاسد بهذه الزهور من أنها من أسباب الشفاء ,وبناء على ذلك: فلا يجوز التعامل بالزهور على الوجه المذكور ، بيعاً ، أو شراءً ، أو إهداء .!!

هذا قطرة من غيث الفتاوى والأسئلة التى تشغل بال الإنسان العربى .!! قد نرى الأسئلة مفرطة فى سذاجتها وتفاهتها لا تحتاج بالفعل للسؤال أو إنتظار جواب ..كما سنجد الإجابات أيضاً ليست أحسن حالا ً بل مغرقة فى التسطيح وضيق الأفق والتزمت .
هل يعقل أن هناك من يرتاب فى أكل لحم خروف تناول بعض قصاصات من صحف أجنبية !..فإذا كان السائل مجنونا ً فالمفروض أن يكون المُجيب عاقلا ً فلا يعقل أن يطلب منه فتح بطن الخروف ليستبين أن الكلمات لا تخوض فى الذات الإلهية أو تمس الدين.!!..أى انه يطالبه بأخذ عينات مما فى بطن الخروف ليذهب لمعمل لعله يسعفه فى كشف ما فى القصاصات صاحباً معه مترجماً بالطبع لأن الأمر من الأهمية بمكان فى تبيان اللحم كونه اصبح حلال أم حرام .!
وهذه السائلة عن شرعية دخول المرأة عالم الإنترنت ..لتكون الإجابة أقل سذاجة من صاحبة السؤال فلا يجوز إلا فى وجود محرم معها .!! ولامانع من أن يلقى المفتى فى وجهها لفظ قاس ينال من إنسانيتها كالمعتاد بأن المرأة خبيثة الطوية وذات عهر ومكر .

أما لعبة الشطرنج التى تمارس بشكل جميل ورائع وبرئ لإكساب المرء مهارات ذهنية وقعت هى الأخرى فى دائرة المحظور والتحريم ليصل المفتى فى تسطيح الفكرة إلى الحد أننا أمام أصنام !!.. وكأن المواطن العربى من البلاهة أن يعبد الفيل والحصان والطابية .!
تصبح قبعة ليس ذات معنى قضية حيوية مثارة وتجرى عليها مراسم التنفير كونها تتشبه بالكفار لنطرح ملاحظة بحجم السماء ألسنا نتعامل مع منتجات الكفار من الإبرة للسيارة والموبايل فإذا كان "الكاب" مفيد لنا ويحمينا من لفحة شمس فما المشكلة سوى اننا أمام ثقافة قديمة تحمل نبذ وكراهية الآخر فكراً وثقافة وعلماً ولا تجد سبيلها إلا فى الوقوف أمام تمظهر .!
لم تسلم الزهور الجميلة والتى تمنح الإنسان المتعة والراحة والجمال من دوائر البغض والإستياء لأنها تتشبه بممارسات الغرب الكافر وقد تثير الإعتقاد لدى المؤمنين بأنها من أسباب الشفاء وكأنه يتعامل مع أدمغة خالية من أى عقل .!

لستُ معنيا بالفعل بأصحاب هذه الفتاوى من فقهاء وشيوخ الذين يصدرون لنا رؤية لا تخلو من السذاجة والتسطيح والتحجر ولكن نكون معنيين برصد حال السائل العربى الذى يهتم بهكذا قضايا وأسئلة وكيف وصل به الحال أن يكون هكذا مستوى سؤاله وفضاءات إهتماماته !! ..فهل تتوقعون اننا نحبو نحو الحضارة والتقدم ؟!
نحن أمة لا تسأل إلا الأسئلة غبية ,فقد إغتالوا أسئلتنا الأولى وعبأوا عقولنا بإجابات جاهزة متقولبة ليعلموننا أن لا نسأل إلا فيما متاح لنا من أسئلة سخيفة حمقاء ليكون هكذا مستوى إهتماماتنا وفضاء تفكيرنا .

ولكن هل التراث يمنع الإنسان أن يسأل فى العلوم الطبيعية .. سيتشدق المؤمنون بأن التراث الدينى لا يمنع هذا الأمر بل ستجد الطيبون منهم يقولون بأن الدين يدعوا للعلم ولو فى الصين ونسوا أن العلم المذكور فى كل كتب التراث يعنى بالعلوم الدينية والفقهية .
هناك إشكالية أخرى فى تناول الدين للعلم المادى فهو لا يلفظه صراحة ولكنه يتوجس منه فالعلم يخضع للتراث بمعنى أن ما يتوافق مع الدين سيتم التهليل له ليسمونه الإعجاز وماهو إلا لوى للكلمات , أما ما يتناقض مع الدين وهو كثير فهنا العلم خاطئ وفاسد ومحل إرتياب كما صرح البعض بأن الشمس هى التى تدور حول الأرض التى تشبه قطعة عملة معدنية وليست ككرة كما نعلم ليصبح العلم هنا فاسد ومن إنتاج الملاحدة الملاعين .!

القضية أخطر من هذا فنحن تعلمنا أن السؤال مُجلب للإزعاج والغضب وإن العزوف عن السؤال هو شراء للراحة والسلام لتقتل فى الداخل الإنسانى ملكة الفضول والمعرفة والقدرة على النقد والرفض منذ البدء , فيضمر فينا السؤال لأننا تعلمنا الدرس الأول وهو الإبتعاد عن مفسدة السؤال وما سيجلبه فلا يهم بعد ذلك نوعية السؤال فقد أدركنا أنه يُزعج بينما التلقن بإجابات جاهزة وترديدها كالببغاوات مُجلب للإستحسان والتقدير والراحة , لتهيمن هذه المنظومة الفكرية الثقافية فى تعاطينا مع كافة أنماط تعاملاتنا ونحظى على منظومة تعليمية تتناول العلوم الطبيعية مُعتمدة على الحفظ والتلقين مُبتعدة عن السؤال ,وإذا وجدنا من يسأل فهو يسأل فى إطار كيفية تثبيت المعلومة وإقراراها غير مُعتنى بالتوقف أمامها ومعاينتها ونقدها وتطويرها ..فلم نعد نسأل فى كل مجال من مجالات حياتنا العملية ..نقدم أجوبة الأخرين ولا نقدم أسئلتنا .
هكذا صرنا وهكذا أصبحنا حيث البدايات كانت فى الطفولة عندما تم قهر السؤال و تعنيفه ثم الشحن بأجوبة جاهزة ومُعلبة لا تقبل السؤال ,ليموت السؤال فى داخلنا ونصبح أمة مُعلبة مُبرمجة بلا عقل ولا فكر .. أمة تستقبل الواقع كما هو ولا تسأل فيه بل تسأل أسئلتها الغبية .. أمة تعيش على أن تستهلك المدنية وليست الحضارة لأنها ببساطة لا تعرف مفرادتها بعد أن تم قبر السؤال وعسكرة الأفكار

-كيف يقولب الإنسان ... عسكرة الفكرة أم فكر العسكرة
بعد تخرجى من دراستى الجامعية عملت لمدة سنتين ونصف كضابط بالجيش المصرى لأقضى فترة الإعداد الأولى فى ظل ظروف حياة عسكرية صارمة وسط مخطط مدروس وممنهج لتحويل المرء من الحياة المدنية إلى الحياة العسكرية .
تقوم الحياة العسكرية على قتل ما فى داخل المرء من روح جدلية تسمح بالجدال والنقاش والتوقف والمعارضة فهى تتعمد أن تقهر هذه الأشياء وتسحقها ليحل محلها إلتزام حديدى لا يقبل بأى حال من الأحوال أى منحى نحو النقاش والجدل فتنفيذ الأوامر بدون تفكير ولا مناقشة هو المبتغى , ويكون سبيل العسكرية للوصول لذلك هى ممارسة تقاليد وأداء متزمت كالطوابير وطريقة الوقوف والمشى مما كان يثير إستيائنا من صرامتها وعدم جدواها مما دفع البعض للتعليق سخرية : هل بهذه الطوابير السخيفة سنحارب إسرائيل

بالطبع ليست بهذه الطوابير المملة والمشيات المتشنجة ولا أداء تحية العلم سوف يكتسب الجندى القدرة على محاربة العدو ,وللحقيقة أن كل جيوش العالم تتعامل بهكذا ممارسات فى تدريب المستجدين ولكننا نتفوق نحن العرب فى أننا عسكرنا أفكارنا ... فمن صاغ هذه الأشياء التى نراها ديكورية وممنهجة بهذه الطريقة فتبدو لنا أنها ساذجة بلا معنى هو من الذكاء الفطن !! فهو يعلم ان الوقوف والتحرك فى الطوابير بصرامة لن يصبح الجندى بعدها مقاتلاً ولكن هو النهج الأساسى لإعداد مقاتل قادر على تنفيذ أى أمر يؤمر به ,فهو يريد أن يقولب الجندى ويبرمجه فى شكل حركى معين راصداً أن يحقق درجة عالية من الإلتزام وتنفيذ الأوامر بدون تفكير ولا مناقشة , فالهدف الأساسى من ممارسة فعل حركي كالطوابير هو التعود على الإنصياع التام له بدون أن يتأمله أو يفكر فيه أو يسأل عنه بل يمارسه مُبرمجا كالآلة ليتم عزل الدماغ عن الفكر والسؤال بحيث يسهل بعد ذلك الإنصياع لتنفيذ أى أمر يُطلب منه بعد ذلك , فهكذا تصاغ فكرة العسكرية لتنتج فى النهاية إنسان مُبرمج على الفعل والعمل .

المنظومة العسكرية إكتسبت هذه الرؤية فى قولبة الإنسان من الفكر الإنسانى الدينى , فالأديان والمعتقدات سبقت النظم العسكرية لذلك فهى رائدة فكر القولبة فعندما يصل الإنسان إلى ممارسة أفعال وحركات مادية نمطية كالصلاة بدون أن تستوقفه حركاته وأدائه فهنا يكون قد تم شل الدماغ عن التفكير والوعى ليكون سهلاً بعد ذلك تمرير حمولات لا بأس بها من الخرافة .

تحرص الأديان والمعتقدات على أن يُمارس تابعيها الصلوات والطقوس وتحدد وفقا لرؤيتها الخاصة شكل وصور تلك الممارسات وكأن الإله الإفتراضى مهتم بعدد الركعات وتلك الكلمات المصاحبة لها فيزعجه الإنتقاص أو الزيادة من الركعات والسجدات لندخل فى منهجية عسكرة الإيمان أى القدرة على تقبل الفكرة وأدائها ببمرجة بدون سؤال أو نقاش أو تفكير فى جدواها أو معناها ومن هنا يُصنع القالب ويعيش الإيمان .

لن ندرك السبيل نحو التقدم والتحضر بدون أن نطلق السؤال بدون خوف أو وجل فالسؤال ثروة وثورة يفتح الآفاق نحو الحرية والتحرر والفكر والإبداع عازفين فى الوقت نفسه عن تحصين أى فكرة وعسكرتها .

دمتم بخير .
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو تطوير الفكرة الإلهية ! - خربشة عقل على جدران الخرافة وال ...
- ليس هوساً جنسياً بل الشذوذ بعينه - الدين عندما ينتهك إنسانيت ...
- إشكالية النص والواقع -الأديان بشرية الهوى والهوية (4)
- خمسة قرود - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (22)
- الإسلام السياسى يعيد إنتاج النظام ومن كنف نفس الطبقة .
- الشيطان يعتزل - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (15)
- هكذا يؤمنون - تأملات وخواطر فى الله والدين والإنسان (16)
- الطبيعة تنحت وترسم الآلهة - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (21)
- أيهما الإسلام أفيدونا ؟!- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (34)
- الإيمان إيجاد معنى لوجود بلا معنى -لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ...
- ثقافة التشرنق والتحفز - لماذا نحن متخلفون ( 4 )
- المنطق الدينى بين الهشاشة والسذاجة والهراء - خربشة عقل على ج ...
- البحث عن قضية إهتمام - الله مهتماً - لماذا يؤمنون وكيف يعتقد ...
- المرأة العربية بين جمود الثقافة والتراث وهيمنة مجتمع ذكورى
- الأديان بشرية الهوى والهوية -خيالات إنسان قديم (3)
- ثقافتنا ومعارفنا البائسة بين التلقين والقولبة - لماذا نحن مت ...
- حكمت المحكمة - يُقتل المسلم بكافر ! (4)
- عذراً لا أريد أن أكون إلهاً - خربشة عقل على جدران الخرافة وا ...
- مَخدعون و مُخادعون - كيف يؤمنون ولماذا يعتقدون (18)
- حصاد عام على إنتفاضة المصريين فى 25 يناير


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - عسكرة الإيمان أم إيمان العسكرة - لماذا نحن متخلفون ( 5 )