أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالرحمن النعيمي - الاصلاح والتجاذبات بين القوى المتصارعة















المزيد.....


الاصلاح والتجاذبات بين القوى المتصارعة


عبدالرحمن النعيمي

الحوار المتمدن-العدد: 1092 - 2005 / 1 / 28 - 12:16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


من المفيد ان نتطلع الى المشهد العام في البحرين، حيث يتحدث الجميع عن ضرورة الاصلاح الشامل، وكل يراه من زاويته الخاصة. فالسلطة تقوم بمجموعة من الاجراءات التي تحيطها بهالة كبيرة من الدعاية الداخلية والخارجية وتتسقط كل كلمة ترد من هذا الرئيس او ذاك الزائر اذا اشاد بها، وتعتبر ما تقوم به قمة الاصلاح السياسي، بينما يعتبرها المعارضون التفافاً على المطالب الاصلاحية التي رفعتها الحركة الوطنية وتقوية لمواقع كبار افراد الاسرة الحاكمة. ويتقدم سمو ولي العهد بمشروع الاصلاح الاقتصادي الذي يرتكز على اصلاح بقية البنود الاقتصادية والتعليمية، فيجد كثرة من الاصوات المعارضة أو المؤيدة له. كما نحتاج الى اصلاح آخر في السلطة القضائية حيث لا يقل الخلل والتخلف في القضاء عن الاشكالية التي نعاني منها في بقية القطاعات، خاصة في ظل تحالف بعض القوى السياسية الاسلامية مع رجالات الحكم في هذه السلطة.

وقد يقول البعض بأنكم ـ ايها المقاطعون ـ لا يعجبكم العجب، ولا يعجبكم ما وصلنا اليها من اصلاحات، وتريدون القفز مرة واحدة الى مراحل متقدمة، وتريدون تحقيق ما عجزتم عن تحقيقه في فترة قانون امن الدولة .. ولا تضعون ايديكم مع ايدي المصلحين في الحكم!! ولا ترون الخطر الذي يمثله التيار الاسلامي وخاصة السلفي على الحريات العامة والشخصية بالاضافة الى محاربته للكثير من النشاطات السياحية التي تدر على البلاد والعباد الكثير من الخيرات!!

وبالتالي فان الرؤية الموضوعية لما جرى وما يجب ان تكون عليه الامور ضروري في هذه المرحلة ونحن نرى التسابق والهرولة الى انتخابات 2006 وكأن المجلس القادم سيحقق ما عجز المجلس الحالي عن تحقيقه اذا بقي الدستور دون تعديلات جوهرية!!.

لابد من الاعتراف في البداية بالتطور الكبير الذي حصل في البلاد خلال العقود المنصرمة، منذ الطفرة النفطية في السبعينات من القرن المنصرم، والامكانيات المادية الكبيرة التي توفرت للحكومة لتحقيق ثورة في البنية التحتية وكان بالامكان (لو توفرت رؤية استراتيجية للدور الذي يمكن للبحرين ان تلعبه في منظومة مجلس التعاون او المنظومة الخليجية) تحقيق قفزة اقتصادية واجتماعية كبيرة، في الوقت الذي لا ننكر انها اقامت جملة من المشاريع الاقتصادية المالية التي شكلت معلماً من معالم التطور في البلاد، بل وخلال السنوات الاخيرة بعد تولي جلالة الملك مقاليد السلطة من الغاء قانون امن الدولة الى العفو العام واتساع هامش الحريات للقوى السياسية والمجتمعية. ورغم كل ذلك فاننا مطالبون ان تكون لدينا مقاييس للحكم على الاشياء، مقياس داخلي يتعلق بمطالب الناس ومقياس خارجي يتعلق بسرعة تطور العالم من حولنا وموقعنا في الخارطة السياسية العالمية.

فالمقياس الاول حددته جملة من التحركات الشعبية على امتداد القرن المنصرم، التي طالبت بالاصلاحات في مختلف جوانب الحياة في البلاد، بدءاً من سن دستور عقدي الى المشاركة الشعبية في صنع القرار عبر مجلس نيابي كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، واطلاق الحريات العامة والمساواة بين المواطنين بالغاء كافة اشكال التمييز والتفرقة، وتحقيق العدالة الاجتماعية المتضمنة حق المواطن في العمل والسكن والحياة الحرة الكريمة.

والمقياس الآخر هو ما وصل اليه عالمنا من متغيرات كبيرة ، خاصة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية (حيث كان الخلل الاساسي فيها الحقوق السياسية للمواطن وانعدام الديمقراطية رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الاحزاب الشيوعية والعمالية الحاكمة لتحقيق قفزات في الاوضاع الاقتصادية وتحقيق الكثير من احتياجات المواطنين ضمن رؤية تقدمية للعدالة والمساواة بين بني البشر) والمتغيرات العالمية العاصفة (الاتحاد الاوربي في الاول من مايو 2004، والدستور الاوربي المرتكز على الديمقراطية اساساً) وسرعة الاحداث في عالمنا حيث تندفع كافة الشعوب نحو الديمقراطية وايجاد حلول لمشاكلها تشرك فيها كافة القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وبرزت قوى اجتماعية كثيرة تختلف عن سابقتها في تصديها للعولمة المتوحشة، وبرزت ثورة المعلومات والاتصالات التي تكشف عبر ادواتها ما وصل اليه العالم واجزائه من تطور وتقدم أو تأخر، وبالتالي جعلت اساليب الرقابة والحجر على الافكار مسخرة حقيقية لا يعرفها القائمون على الرقابة الاعلامية في وزارتنا العتيدة، مما جعل المسافة بيننا وبين الآخرين تكبر .. ولا شك ان هذه المسافة كبيرة وشاسعة بين العالم المتقدم وبين الانظمة العربية التي تسير سير السلحفاة في غالبية البلدان العربية، بينما تسير البحرين بسرعة الدراجة العادية، وبالتالي فاننا نتقدم في بعض النواحي على الدول العربية التي تسير بسرعة السلحافة لكننا نبتعد أكثر فاكثر عن منجزات الشعوب الديمقراطية اذا استمر حالنا على ما نحو عليه، بل قد يزداد تخلفنا، بحيث يبدو ما كان اصلاحاً في العام 2001 نسياً منسياً أمام ما يجب ان نكون عليه في العام 2005 وما بعده.



العيد واشكالياته

يردد الكثيرون بأنه لا يمكن مطالبة الحكم بالديمقراطية اذا لم تكن المعارضة ديمقراطية، في علاقاتها مع بعضها البعض وعلاقتها مع المختلفين معها، بل وعلاقاتها مع اعضائها وانصارها..

كما لا يمكن مطالبة الحكم بالغاء التمييز الطائفي اذا كانت قوى المجتمع مصرة على ممارسة التمييز الطائفي في سلوكها اليومي وفي علاقاتها مع بعضها وخاصة في المناسبات الوطنية والدينية.

ولعل من المؤلم والمدمي للقلب ان يكون كثرة من رجال الدين سبباً في تفرقة المواطنين ولا يكونون عاملاً فعالاً في توحيدهم والتقريب بينهم، حيث تبرز مصداقية التوحد او الحرص على الاختلاف في المناسبات الدينية وخاصة الاعياد.

فلماذا يكون لدينا عيدان؟ احدهما للسنة والثاني للشيعة… خاصة وان عيد الاضحى تحدده المملكة العربية السعودية التي تحتضن بيت الله الحرام ، وتتحكم بتحديد يوم الوقفة وعيد الاضحى.. واذا افترضنا جدلاً بأن حساب المملكة السعودية يختلف عن حساب الفلكيين، لكن الحجاج ملتزمون (سنة وشيعة خوارج وزيديين وغيرهم من المذاهب الاسلامية) بأن يؤدوا فرائض الحج كما يحددها الحكم هناك.. فلماذا يصر رجال الدين لدينا بالتمييز بين الشيعة والسنة في هذه المناسبة.. ويحرمون الناس من الاحتفال المشترك والزيارات المشتركة، بكل ما يفرزه هذا الاختلاف من ندوب في قلوب الناس وحسرة وألم سمعناها ونحن نمر على المجالس يوم العيد، فيتألم الاخوة الوطنيون حيث يرون المجتمع وقد انقسم الى مجتمعيَن !! ومن المؤسف ان الناس عاجزة عن تحدي هذا الموقف الخاطئ لرجال الدين.. وباستجابتهم لهذا الموقف الخاطئ لرجال الدين يضعفون موقفهم السياسي. ويبرهن السياسيون انهم عاجزون عن توحيد الشعب، فالعيد ليس مناسبة دينية بحته، بل هي مناسبة سياسية في جوهرها، حيث يلتقي المسلمون من سائر انحاء العالم للتشاور وتبادل الراي والبحث في مشاكلهم..

ويبدو اننا سنكون عاجزين في مناسبات اخرى عن توحيد شعبنا، ففي كل عيد نتحدث عن الوحدة الوطنية وخطر الاختلاف على المناسبة السعيدة.. وفي كل مرة يبرهن رجال الدين تمسكهم بالخلافات الشكلية وعجزهم الفاضح عن التقريب بين بعضهم البعض.. وتؤكد الانظمة الحاكمة أنها قادرة على استثمار الدين في صراعاتها السياسية وتجر الناس وراءها.. وتعكس خلافاتها على الناس وافراحهم.. وتفرق بين قلوبهم وبالتالي تضعف من لحمتهم الوطنية والقومية والروحية.

الا ان من المؤسف ان النخب السياسية (وخاصة الاسلاميين المتنورين) تقف متفرجة عاجزة عن الفعل والوقوف في وجه قوى التمييز والتفرقة بين ابناء الشعب الواحد، من رجال الدين، حيث يمكننا ان نرى الموقف الحيادي للسلطة في عيد الاضحى (وقد يفسرها البعض بأنه انحياز لهذه الدولة او تلك في عيد الفطر)، فلا يجب الخضوع لأمزجة رجال الدين في اشاعة الفرح بين الناس، بل يجب المكاشفة والتأكيد على الوحدة وضرورة نبذ هذه المواقف الخاطئة.. وليس مهماً بالنسبة لنا ان يكون الموقف السعودي خاطئاً او صائباً، فالناس مجبرة على العيد المحدد يومه سعودياً، وبالتالي فان علينا ان نقرب القلوب ونبتعد عن التمييز الطائفي في الاحتفال باعيادنا الاسلامية.

ان السلطة التي تعتمد التمييز الطائفي حجر الاساس في سياستها لاضعاف الحركة الشعبية تطرب من هذا الموقف الخاطئ لرجال الدين.. والموقف التابع للمواطنين في هذه المناسبة السعيدة الحزينة.. وكلما انقسم الشارع في هذه المناسبات كلما اطمأن الطائفيون بأنهم بخير وان الوطن لن يتعافى.. وأن كل موقف سياسي سيغلف طائفياً.. وبالتالي لا خوف على برامج السلطة سواء في المسالة الدستورية او المطالب الشعبية حول مشكلة البطالة او البيوت الآيلة للسقوط او الخدمات التي تقدم للمواطنين او غيرها.. فحيث التفكير ينصب على حقوق الطائفة قبل حقوق الوطن والمواطن، فان من الطبيعي ان يكون الضعف بادياً في الجسم الشعبي.. حيث يترحم الناس على ايام الهيئة.. بل ايام عبدالناصر التي استنهضت طاقات الامة .. ونحن نترحم عليه في ذكرى ميلاده (18 يناير) في مرحلة نهضت فيها الشعوب وباتت القيادات التاريخية اقل تأثيراً من المراحل التاريخية السابقة حيث ان دخول الناس بوعي في التاريخ وصناعته لهم سيضعف ولا شك دور الافراد مهما كانوا عظماء سياسيين او رجال دين.. فالوحدة الاوربية تخلقها شعوب متمسكة بالديمقراطية تسقط هذا القائد، وتبعد رجل الدين، وتضع في سدة الحكم قائداً اكثر تعبيراً عن مصالحها.

واذا كان بعض رجال الدين لهم مصلحة في التمييز الطائفي.. ويتوهمون بأنهم ينطلقون من موقف فكري .. فاننا لا نرى في هذا الموقف الفكري الا اساسه السياسي التاريخي أي في الصراعات الكبيرة التي شهدها تاريخنا العربي الاسلامي على السلطة السياسية.. فالصراع هو الذي افرز كثرة من الاختلافات اللاحقة بما في ذلك اقامة الشعائر .. ويمكننا أن نقارن حال المسلمين فى المرحلة النبوية والراشدية، وحالهم بعد ذلك.. حيث تطلب الصراع معرفة بعضهم البعض حتى في مظاهر العبادة (ونشير هنا الى كيفية الصلاة عند اخوتنا الاباضيين الذين لا يتورع الواحد من الالتفاف ورائه اذا سمع ادنى حركة فقد يكون العدو وراءه)!!



التحدي الكبير أمام التحالف الرباعي

اذا كان رجال الدين لهم مصلحة في التمييز والتفرقة الطائفية.. حيث يرى كل منهم أن الحقيقة تقف الى جانبه.. وان الآخر على خطأ .. فان الحركة السياسية مطالبة ان تتوقف امام هذا الخلل الكبير في الوضع الشعبي.

ويبدو ان هذا التحدي يتركز على التحالف الرباعي الذي اراد ان يكون معبراً عن مصالح كل الشعب في المسالة الدستورية، وأنه لا يدافع عن مصالح الشيعة فقط، رغم الاتهامات الكثيرة والكبيرة التي كيلت له,.. وبالتالي يبرهن بأنه يتمسك بكل ما يوحد الناس.. وانه مع وحدة شعب البحرين اذا لم نقل مع وحدة الامة العربية او وحدة المسلمين التي لا يمكن تحقيقها الا في مخيلة البعض (وسيقول البعض وايضاً الوحدة العربية التي لن تتحقق الا في مخيلة القوميين الحالمين بأمة عربية واحدة من المحيط الى الخليج).

سيطرب البعض لهذا القول العلني.. ويقولون بالامس سمعنا عن المشاكل بين العمل الاسلامي والوفاق الاسلامية على قضية الخمسين الالف دينار.. وسمعنا عن استشارية الوفاق التي تريد المشاركة.. واليوم نسمع عن الانتقادات حول العيد وعدم التوحد فيه.. ويجدون في ذلك برهاناً على التصدع ورفع الراية البيضاء والسير في دبر مشاريع السلطة من قبل القوى المتحالفة في التجمع الرباعي!

وقد يحمل هذا الظن بعض الصحة امام التجاذبات والصراعات التي تعيشها الحركة السياسية، وتعيشها البلاد بشكل عام.. لكن من المهم تنمية الوعي الديمقراطي وسط صفوف المعارضة بالدرجة الاساسية.. وتنمية استعدادها لسماع المختلف معها بالدرجة الاساسية، فقد يكون لدى الآخر كلام كثير نتعلم منه..

لابد من التأكيد على القواسم الاساسية التي تجمع قوى المعارضة السياسية، وخاصة التحالف الرباعي.. حيث ان الناس يعرفون ان هناك تباينات كثيرة وكبيرة، سياسية محلية وعربية ودولية، لكننا نؤكد على احترام وجهات نظر بعضنا البعض في كافة المسائل الخارجية (رغم ان عقليتنا غير الديمقراطية تتمنى باستمرار ان نكون قلباً واحداً على فلسطين والعراق وايران وغيرها من قضايا العرب والمسلمين)، ولدينا تباينات في الكثير من القضايا المحلية، ولا نفتش في القلوب عن الاسباب الكامنة وراء هذا الموقف السياسي او ذلك. لكننا متفقون على ان الوطن للجميع.. وان المواطنين متساوون .. وان هناك حقوقاً دستورية نص عليها دستور 1973 وميثاق العمل الوطني جرى الاخلال الكبير بها الى الدرجة التي لم يعد الدستور الجديد تعديلاً للدستور القديم، بل نسفاً له، ولم يعد البرلمان الحالي قادراً على التشريع والرقابة الحقيقية … بل بات في (التوش) في سلم السلطات المنصوص عليها دستورياً!!

لكننا ـ ويجب الاعتراف ـ لم نتمكن من تسخير كل الامكانيات لترجمة هذه القناعات في كل موقع.. وخاصة في قضية التمييز بين المواطنين.. بل يمكن القول بأن الحركة السياسية في بلادنا ، وهناك عشرات الشواهد، تسعى ليكون عناصرها متحكمين في هذا الموقع او ذاك، وخاصة الاتجاهات الاسلامية سواء في التعليم او الاعلام (ويمكنكم القاء نظرة على طبيعة الرقابة التي يقوم بها المفتشون في البريد والاعلام على الكتب)، او القضاء او غيره.. وبالتالي فان مطالبة الحكومة بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب لا تترجمه القوى السياسية بشكل صحيح.. بل ان بعض القوى السياسية (ناهيك عن النواب) يقومون بدور مضحك في الوساطة لتشغيل فلان من جماعتنا وحرمان الآخرين من الفرص!!

لم يكن توجه المعارضة بالدرجة الاساسية توعية المواطنين بخطورة التمييز الطائفي والتسامح (حيث يصب البعض جام غضبه على المتجنسين الذين عاشوا سنوات طويلة في البحرين من الاخوة اليمنين او غيرهم، متوهماً ان هذا الموقف سيحل مشكلة التجنيس السياسي الذي تقوم به الحكومة)، وبالتالي اعطاء كل قضية بعدها الوطني وليس بعدها الطائفي (عندما استغربت عقد ندوة العاطلين عن العمل في جامع الصادق، وما يمكن أن تثيره من لفتة طائفية، رد علي احد الاخوة الاعزاء: وهل يوجد عاطلين غير شيعة!!)، بل ان انتشار الحركة السياسية المعارضة وسط قطاعات شعبية كبيرة يؤهلها ان تحارب النزعة الطائفية بالتأكيد على ضرورة الكفاءة قبل الهوية الطائفية في كافة المواقع من العمل..

وبالرغم من كل هذه الاشكاليات.. والتي ارى ان الحديث العلني عنها ضروري وعدم الخوف من التصدع.. فعندما تكون كل الخلافات تحت الشمس.. لن يبقى منها الا ما يجب التخلص منه.. اما ما يعبر عن ضيق وتذمر آني.. فسيزول بسرعة.. وليفرح كل من يرى في هذه الظواهر كوارث.. بينما نرى فيها ظاهرة ايجابية اذا احسنا ادارة الاختلافات والصراعات بين اطراف العمل الشعبي، السياسي والاجتماعي، وحولنا السلبي الى ايجابي في علاقتنا السياسية.

وبالتالي فاننا لا نرى خطراً في الحديث عن المقاطعة او المشاركة في انتخابات 2006، او تشكيل لجان برلمانية في هذه الجمعية المقاطعة او تلك، كما لا نرى خطراً في النقد الشديد الموجه الينا، والذي نشكر باستمرار من يوجهه، حيث نتعلم منه أكثر مما نتعلم ممن يمدحنا، ونؤكد بأن هناك حاجة ماسة الى التأكيد على القواسم، وحشد المزيد من الامكانيات الشعبية حول المسالة الدستورية، لأنها القضية الاساسية بالنسبة للنشطاء السياسيين المخلصين لوطنهم ولتاريخ شعبهم والذين يدركون ان الدستور وثيقة تاريخية لا يجب تعديلها الا ضمن الاسس التي تم الاتفاق عليها، واي انتهاك لهذا الاتفاق يعرض العلاقة بين الشعب والاسرة الحاكمة الى التوتر الذي لا يريده أي مخلص في هذه الديار.. ولذا فاننا نشد على ايدي كل الاخوة في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدستوري الثاني، متمنين ان يتسع صدر الحكم للملاحظات الجوهرية التي اشارت اليها المعارضة.. ولا يكون الشغل الشاغل هو سحب المزيد من المعارضين نحو خانة المشاركة او عزل المقاطعين.. فالقضية أكبر من المشاركة والمقاطعة.. انها تتعلق بالتطور الدستوري والحقوقي للبلاد.. وبجدية او عدم جدية النظام في مشروعه الاصلاحي.. وعندما يكون جوهر تحرك الحكم هو الالتفاف على المطالب الشعبية وعلى الصيغة الصحيحة للاصلاح في الميدان السياسي، فان كافة الخطوات التي سيقدم عليها في الميادين الاخرى ستكون مرهونة بتفكير التحايل او الالتفاف .. وسنجد ان التشوه يسود كل برامج الاصلاح القضائي او الاقتصادي او التعليمي او غيره.. وسيكون التعديل الوزاري ـ كالاصلاح السياسي ـ سحب بساط من تحت هذا او ذاك من كبار المسؤوليين وكأننا في مباراة ننتظر نتيجتها عام 2006 كما قيل لنا بأن هناك تعديلاً شاملاً في العام القادم!! وبالتالي فان هذه التعديلات لا تقدم وقد تؤخر في القضايا الكبرى التي يريد الناس من الحكم ان يتقدم فيها..



طبقة تعبر عن الارباك والطموح المجتمعي

منذ فترة ونحن نراقب مسعى التجار للحضور السياسي.. لقد انزعج البعض من مقاطعة جمعية العمل الوطني الديمقراطي والتجمع القومي للانتخابات النيابية.. وتحالفتا مع التيار الاسلامي الشيعي المعارض.. ورفضتا المشاركة في المجلس النيابي العتيد.. وتركتاه لممثلي التيارات الاسلامية ليتقدموا بمشاريع عدم الاختلاط في الجامعة، ومنع الخمر، والسياحة، وتشكيل هيئة للامر بالمعروف والنهي عن المنكر (ولا ندرى ان كانت ستقتصر على أعضاء البرلمان حيث ان هناك الكثير من المنكر في البرلمان.. والكثير مما يتوجب اصلاحه وخاصة التعديلات الدستورية التي لا يراها بعض النواب الاسلاميين ضرورة للامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ارتكب بحق الدستور العقدي.. وسكتوا عن المكارم والهبات والتصرف بالمال العام يمنة ويسرة، بالاضافة الى الهبات التي قيل انها قدمت للوزراء المقالين … ويبدو اننا بحاجة ماسة الى تفسير المنكر.. وليس فقط تفسير الارهاب!!!)



طبقة تعبر عن الارباك السياسي الذي يسود البلاد.

فحيث يتوق الجميع الى الاستقرار والتقدم، وحيث يرى التجار المنطقة المحيطة بنا تتقدم بسرعة صاروخية في المجال الاقتصادي، ليس بسبب الثروة الغازية، وانما بسبب التفكير الجديد الذي نراه في قطر والامارات، وحيث ينافس الكبار الصغار حتى في سوق السمك والمصايد وغيرها، ناهيك عن الاراضي والعقارات وتملك كثرة من الشركات (نتوجه بالتعزية لمن خسر ارضاً او جزيرة في تايلند من جراء الزلازل الذي سبب الكوارث في جنوب شرق آسيا)، فالتململ يسود صفوفهم، ويريدون ان يلعبوا دوراً في الحياة الاقتصادية والسياسية، ولسان حالهم يقول اللهم حررنا من هيمنة الدولة المحتكرة للكثير من النشاطات الاقتصادية، والتي تخصص لصالح الكبار منها..

لكن التململ التجاري ليس الا جزءاً من التململ الشعبي الذي يريد المزيد من الحريات في كافة الميادين، هذا التململ والخوف الذي يسود الطبقة الوسطى التي لا تخفي رياءها وتملقها لارباب النظام في الوقت الذي تشتم وتلعن البيروقراطية والفساد المتفشي في اروقة الدولة، والخوف من القوانين التي قد تضعف من اوضاعهم المالية وحرياتهم الشخصية..

وبالتالي فان التجار مطالبون بمطالبة الحكومة لأن تحد من هيمنتها على الثروة العامة والمشاريع الكبرى وان يكون للقطاع الخاص دوره في الاستشارات سواء لتشكيل الحكومة او لوضع القوانين المتعلقة بمستقبل البلاد الاقتصادي.. ولعل النهج الذي يسير عليه ولي العهد مؤشر ايجابي لخلق حراك واسع في البلاد حول ما يجب ان يكون عليه مستقبل سوق العمل والاقتصاد والتعليم والتدريب .. لكن التجار مطالبون ان تكون قلوبهم على ابناء البلاد وعلى الوطن قبل ان تكون على جيوبهم.. وبالتالي يعلبون دوراً في تشغيل المواطنين والتقليل من الاعتماد على العمالة الاجنبية، وان يعملوا بعقلية اشراك المستخدمين في صنع القرار .. وتقديم المزيد من الحوافز لهم.. فالاخطار التي تهدد التجار في البحرين كبيرة، ليس اقلها صغر السوق المحلية وارتفاع الاسعار التي تجعل المواطن يهرب الى السوق السعودي او دبي لشراء بضائعه، وانما ايضاً ان العولمة تعني سحق العاجزين عن التطور في أي ميدان يعمل فيه، وخاصة الاقتصاد.

واذا كان دور التجار والصناعيين في بلادنا تحف به الكثير من المخاطر، من المتعصبين من رجال الدين، الى المزاحمة الخليجية الكبيرة الى (الهوامير) الذي يريدون الحصول على اسهم لهم في كل صغيرة وكبيرة، فان الاستفادة من تجربة الصناعيين والتجار في البلدان المتقدمة قد يقدم بعض المخارج لهم.



#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكافحة الفساد وحقوق الانسان ومجلس التعاون الخليجي!!
- معركة الفلوجة ومدلولات حرب الابادة الاميركية في العراق
- مسؤولية الحركة السياسية ورجال الدين والقيادة السياسية والموا ...
- ولي عهد البحرين يعلق جسر الإنذار
- مؤسسات المجتمع المدني ومساهماتها في صنع القرار
- مساهمة في الحوار حول تحرير سوق العمل
- خطط لتحرير سوق العمل في البحرين
- هل يشعل البحر إشكالية جديدة في البحرين؟
- عائدات النفط المتصاعدة وترابطها مع الإصلاح السياسي
- معتقلو دول مجلس التعاون في الأجندة الأمريكية
- الإعلام ودوره في مرحلة الإصلاح والحوار الوطني
- من أين نبدأ بالإصلاح؟
- حوار مع النعيمي في المشاهد السياسي
- أهمية بناء الكادر للحركة السياسية


المزيد.....




- الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر ...
- لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع ...
- -حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم ...
- هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
- فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون ...
- ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن ...
- محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالرحمن النعيمي - الاصلاح والتجاذبات بين القوى المتصارعة