إيلي الزين
الحوار المتمدن-العدد: 3718 - 2012 / 5 / 5 - 18:49
المحور:
الادب والفن
وما إن غفا جَميع سكّان الأودية، وصعدت أنفاسُهم تَهيم في مَمَرّات السماء، حتّى ثقلتُ كالغصن، أنفض مآسي الأيّام من عَينَيّ اللتين تغربان عن وجهي زمناً طويلاً، ولا تعودان إليه إلاّ فارغتين من كلّ شيء. غريب أنا في أرض الموعد! لا أحد يعلم أنّنِي الفتَى الضائع يبحث عن أمّه بين القبور الليلية. كم أنت مسكين يا ابن كورة الجدريين!
هذا فتاك بعيد عنك يا إيلان! تلك هي العيون لا تسكنها الأحلام! تلك لَحظاتي أزرعها في اسمك الأصفر ولا تنبُت. كم أغنّيك يا امرأتي! كم أغنّي اسمك ليغفو ثَمرة بطنك، يا الاسم الذي يوقظني في الصباح... يؤرقني في اندثاري، ويُسكنني سهاداً تلو سهاد!
أينك يا أسطورة الأجيال الآتية من الشرق العتيق؟ صمت النعش أنت، وعويل الثكالى! في كلّ زاوية صوتك والصمت الثقيل!
يا أمّ أدمعي الساقطة على قدمي الناصري، تبعثين فيَّ كلَّ مساءٍ موسيقى تُرقص ملائكةً سكنت قلب طفلك الهارب من أحشائك! تفجّرين فِيّ صمتاً ينحتُنِي حجراً يقف حوله الغارقون في تأويلات النص الحزين، وتكتبين على أصداء وجهي تاريخاً من الهزائم!
وهذا المساء، أسمعك تشهقين رياحاً تَهجر الأرض، فتيبس الدروب، وفي أهدابِها سَمَكٌ عاقر، ودرهم مكسور. أَسْمَعُكِ تضحكين من نرغال، من طفلك المكسور على شفتيه. يا ثدي الكون إلاّ لِجائع إليك يَخور!
آه إيلان! يا قِبلة القدس العفيف، والحجر الأسمر يلثمه المقعدون على كراسي الزمن! أينك يا ضفدعة الصيف الأسود؟! هلاّ تصمتين فأُسمعَك أغنيتي الشجيّة! أغنية رسَمَتها عيون صحراوية تَنِزُّ وَجَعاً ثخيناً، وحُلماً جهيضاً وغروباً لم يندمل! هلاّ تَموتين يا ميلاد الكون في أدمعي! أيتها الراقصة على طاولة الآهات المعتّقة. أينك أيتها الصفعة الحمراء التي انطفأت على صفحة وجهي المرتَمي بين أحضان العجائز؟!
أبْحَث عنك يا امرأتي في نفخة الله على تَماثيل الطين والخزف. ألتفتُ خلفي، أراقب آثار أقدامي الهاربة من ذاتِها، علّنِي أجدك تتفتّقين من الرمال الباردة!
لكنّني أضعتك يا زرقة السماء في وهج الظهيرة. ما للّيل يسألني؟! يُخبرك عني؟! يتمتم؟! يصمت؟! يصيح: "وُلدتَ يا شَقِيَّ الروح من رحم المحبّة ميتاً!"
#إيلي_الزين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟